سوريا تقرر سحب سفيريها لدى روسيا والسعودية
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
قرر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني نقل سفيري سوريا لدى كل من روسيا والمملكة العربية السعودية إلى الإدارة المركزية في دمشق، وذلك في أول إجراء تتخذه الحكومة الجديدة ضد الدبلوماسيين المحسوبين على نظام بشار الأسد المخلوع.
ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا"، الاثنين، عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله "أصدر معالي وزير الخارجية قرارا يقضي بنقل كلٍ من سفيري الجمهورية العربية السورية في روسيا وفي المملكة العربية السعودية إلى الإدارة المركزية" ويشمل القرار بشار الجعفري الذي يشغل مهام سفير سوريا لدى موسكو، وهو أحد الدبلوماسيين المعروفين بدعمهم الشديد لنظام الأسد في المحافل الدولية والدبلوماسية طوال سنوات الثورة السورية.
وتولى الجعفري قبل تعيينه في موسكو، عدة وظائف ومسؤوليات دبلوماسية في وزارة الخارجية السورية، وعمل في سفارات سوريا في عدة دول.
وأصبح مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة في نيويورك عام 2006، حيث قام بتمثيل نظام الأسد والدفاع عنه بشراسة لسنوات طويلة.
كما يشمل القرار أيمن سوسان الذي عينه الأسد سفيرا لسوريا في السعودية في كانون الثاني /يناير عام 2023، واستمر في عمله بعد سقوط النظام في كانون الأول /ديسمبر الماضي.
وشغل سوسان، الذي يرتبط بنظام الأسد المخلوع، مناصب قيادية بارزة في وزارة الخارجية قبل تعيينه في الرياض، بما في ذلك منصب نائب وزير الخارجية وسفير سوريا لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي.
وبحسب المصدر المسؤول، فإن قرار الشيباني "في إطار حركة التغييرات الدبلوماسية التي بدأت للتو"، لافتا إلى أنه سيتم "تسيير شؤون السفارتين عبر القائم بالأعمال ريثما يصدر رئيس الجمهورية التعيينات الرسمية كبدلاء في المنصبين خلال الفترة المقبلة".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
فوسفات سوريا: إعادة إحياء الاقتصاد عبر التصدير في عصر ما بعد الأسد
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، تسعى سوريا إلى إعادة بناء اقتصادها المنهك من خلال استثمار مواردها الطبيعية، وفي مقدمتها الفوسفات الذي يُعد أحد أهم الثروات الوطنية، باحتياطي يُقدر بنحو 1.8 إلى 2.1 مليار طن، مما يضعها ضمن أكبر 5 دول عالميًا في هذا المجال. وتبرز مرافئ اللاذقية وطرطوس محورا رئيسيا لتصدير هذه الثروة، بما يعزز دورها في دعم الاقتصاد المحلي وتنشيط التجارة الخارجية.
وتهدف الخطة الحكومية إلى تعظيم العائدات الاقتصادية من خلال تصدير كميات أكبر من الفوسفات بأسعار تنافسية، وإنهاء السيطرة الأجنبية -خصوصًا الروسية والإيرانية- على المناجم، وتطوير إدارة محلية شفافة. كما تشمل الخطة تخصيص جزء من الإنتاج لتغذية الصناعات المحلية، ولا سيما الأسمدة والمنتجات الفوسفاتية، إلى جانب تحسين البنية التحتية لتسهيل عمليات التصدير والامتثال للمعايير الدولية لتجاوز العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية القطاعات اللوجستية في دعم جهود إعادة الإعمار في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها سوريا. ويتولى مازن علوش (مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية) مسؤولية الإشراف على التواصل حول عمليات التصدير عبر مرفأي اللاذقية وطرطوس، حيث يعدان الشريان الرئيسي لتجارة الفوسفات.
تصاعد وتيرة التصدير وفتح أسواق جديدةوفي تصريح خاص لموقع الجزيرة نت، قدم علوش رؤية تفصيلية حول التقدم في تصدير الفوسفات، موضحًا كيف تساهم هذه العمليات في تعزيز الاقتصاد الوطني، مع التركيز على الخطط الحكومية لتوسيع الأسواق الدولية ورفع كفاءة العمليات اللوجستية.
وأكد أن صادرات الفوسفات تشهد نشاطًا متزايدًا ضمن خطة حكومية تهدف إلى توسيع التبادل التجاري وتحفيز الناتج المحلي. وأوضح أن هناك 5 شحنات تم تصديرها منذ استعادة السيطرة على المناجم، مع تحميل الشحنتين السادسة والسابعة حاليًا في مرفأ طرطوس، بإجمالي يبلغ نحو 40 ألف طن متجهة إلى رومانيا.
إعلانوأشار علوش إلى أن التحميل يتم بشكل متزامن من أجل رفع وتيرة التصدير، وتسريع العمليات التجارية، ضمن جهود دعم الاقتصاد الوطني.
وكشف أن الشحنات تم توجيهها إلى دول مثل رومانيا وتركيا وكازاخستان والهند، بموجب اتفاقيات رسمية، مع سعي حكومي حثيث لفتح أسواق جديدة.
كما أفاد أن الصادرات تجاوزت 140 ألف طن منذ بداية عام 2025، وذلك وفقًا للجاهزية اللوجستية لمرافئ التصدير وسلاسل النقل.
طموحات اقتصادية وخطط لزيادة الإنتاجوفي سياق جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، تبرز أهمية استثمار الموارد الطبيعية كمحرك رئيسي للتنمية الاقتصادية المستدامة.
وفي هذا الإطار، يقدم الدكتور أسامة قاضي (رئيس مركز "قاضي للاستشارات" الاقتصادية ومستشار بوزارة الاقتصاد السورية وأحد المسؤولين المشاركين في وضع السياسات الاقتصادية) رؤية إستراتيجية حول كيفية الاستفادة من ثروة الفوسفات لدعم الخزينة العامة.
وفي حديث خاص لموقع الجزيرة نت، استعرض قاضي التحديات التي واجهت القطاع خلال العقد الماضي، مع التركيز على الخطط الطموحة لزيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات الإقليمية والدولية، وتعزيز الصناعات المحلية المرتبطة بالفوسفات. وأكد أن الفوسفات يمثل مصدر دخل حيوي إذا استُثمر بشكل جيد، موضحًا أن احتياطي سوريا من هذه المادة، والمقدر بنحو 1.8 مليار طن، قد عانى من توقف شبه كامل للتصدير خلال السنوات الـ14 الماضية نتيجة الحرب وتدخلات خارجية.
وأضاف أن الإدارة الجديدة تعمل على طرح مناقصات دائمة لتسويق الفوسفات بشكل شفاف، مع بدء الشحن مجددًا من مرفأ طرطوس. وأوضح أن الإنتاج السنوي السابق بلغ حوالي 3.2 ملايين طن، لكن الحكومة تستهدف زيادته إلى 7 ملايين بحلول عام 2026، وربما يصل إلى 10 ملايين بحلول 2027، من خلال استخدام تكنولوجيا حديثة. وأشار إلى أن هذه الثروة ستكون عامل جذب مهمًا للمستثمرين الإقليميين والدوليين لتطوير صناعة الأسمدة وتحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي مع تصدير الفائض، شريطة ضمان الشفافية في إدارة العائدات والعقود الحكومية.
التحول نحو التصنيع المحلي والتنمية المستدامةفي خضم هذا السعي لتحويل الفوسفات من مجرد مورد طبيعي إلى عنصر فعّال في إستراتيجية التنمية المستدامة، تبرز الحاجة إلى رؤى اقتصادية متقدمة تتجاوز البُعد التقليدي للتصدير الخام، وتعتمد على مقاربات شمولية تدمج بين اعتبارات الإنتاج والتصنيع المحلي، والتحولات البيئية، والتمويل المستدام. فعلى الرغم من ضخامة الاحتياطي السوري من الفوسفات، والذي يُعد من الأكبر عالميًا، إلا أن العائدات الفعلية منه ظلت محدودة لعقود بسبب سوء الإدارة والفساد والتدخلات الخارجية في قطاع الثروات الطبيعية، خاصة من قبل شركاء غير سوريين استغلوا ظروف الحرب لبسط نفوذهم على مناجم تدمر وخنيفيس.
وتناول الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله، في تصريح خاص لموقع الجزيرة نت، الجوانب اللوجستية والمالية والاستثمارية للقطاع، مقدمًا اقتراحات مبتكرة لتطويره، من ضمنها دمج التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتطوير نماذج تمويل جديدة لجذب المستثمرين.
إعلانوأكد العبد الله أن الفوسفات يشكل ركيزة إستراتيجية لإنعاش الاقتصاد السوري في مرحلة إعادة الإعمار، لكنه شدد على ضرورة تبني نهج شامل يتجاوز مجرد التصدير الخام. وأوضح أن تحسين البنية التحتية للمناجم والموانئ، إلى جانب تطوير سلاسل التوريد المتكاملة، يُعد أولوية أساسية لضمان استدامة الإنتاج وتقليل التكاليف اللوجستية.
وأشار إلى أهمية الشراكات الدولية التي تركز على نقل التكنولوجيا المتقدمة لتطوير الصناعات التحويلية المحلية، مثل إنتاج الأسمدة عالية الجودة والمنتجات الكيميائية المشتقة من الفوسفات، مما يعزز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني ويقلل الاعتماد على تصدير المادة الخام. كما أكد أن الشفافية في إدارة العقود وتوزيع العائدات ستكون حاسمة لجذب استثمارات أجنبية طويلة الأجل، مقترحًا إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الإيرادات وضمان دخولها الكامل إلى الخزينة العامة.
وأضاف العبد الله أن اعتماد ممارسات استخراج مستدامة بيئيًا، مثل تقليل النفايات وإعادة تدوير المخلفات، سيُسهم في تحسين صورة سوريا في الأسواق العالمية، ويُظهر التزامها بالمعايير الدولية، مما يزيد من فرص الاندماج في الاقتصاد العالمي. وختم بالتأكيد على ضرورة إصلاح السياسات المالية والمصرفية، بما في ذلك إنشاء آليات تمويل مبتكرة، مثل صناديق استثمار مخصصة لقطاع الفوسفات، لتسهيل تدفق رؤوس الأموال، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع في الأسواق الدولية.