مخاوف من التلوث المائي بدرعا في ظل غياب الحلول
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
درعا- يشكو محمد أبو زرد من استمرار تلوث مياه الشرب في الحي الذي يقطنه بمدينة درعا (جنوبي سوريا) منذ سنة ونصف السنة، من دون حلول جذرية لمعالجة المشكلة.
وتعيش محافظة درعا منذ سنوات واقعا خدميا مترديا، لا سيما على صعيد الخدمات الطبية، حيث تفتقر المستشفيات والمراكز الصحية للحد الأدنى من المقومات، ويضطر ذوو المرضى لشراء الأدوية ومعدات الإسعافات الأولية على حسابهم الخاص.
ويوضح أبو زرد للجزيرة نت -وهو أحد سكان حي "شمال الخط" في درعا، البالغ عدد سكانه نحو 3 آلاف نسمة- أنهم يعانون منذ أغسطس/آب 2023 من اختلاط مياه الشرب بمجاري الصرف الصحي، مما يشكل تهديدا مباشرا على صحتهم.
ورغم الجهود "المتواضعة" التي بذلتها الجهات المعنية ضمن الإمكانيات المتاحة، فإنها لم تفضِ إلى نتيجة حقيقية، حسب أبو زرد. ويقول إن الحل الجذري يكمن "في استبدال كامل لشبكة المياه، وهو أمر يتجاوز إمكانات مؤسسة المياه والصرف الصحي والبلدية".
ويضيف أن الحي شهد حالتَي تسمم خلال شهر واحد، وكان طفله (10 سنوات) أحد المصابين، وقد تدهورت حالته الصحية نتيجة إصابته بالتهاب الكبد، مما استدعى نقله لمستشفى خاص، في ظل غياب الكوادر الطبية المختصة في المستشفيات والمراكز الصحية العامة بالمحافظة.
وأكد أن عائلات عديدة اضطرت لمغادرة الحي والانتقال لمناطق أخرى، بعد عجز الجهات المسؤولة عن حل المشكلة التي باتت تهدد صحة مئات المواطنين.
ومثل أبو زرد، ذكر فاضل التركماني –أحد سكان الحي أيضا- أن الأهالي فقدوا الثقة بمياه الشبكة الرئيسية، خاصة بعد وقوع حالتي تسمم نتيجة التلوث.
إعلانوأوضح للجزيرة نت أنهم باتوا يعتمدون على شراء مياه الآبار عبر الصهاريج، رغم التكلفة المرتفعة، إذ يبلغ سعر المتر المكعب الواحد (ألف لتر) نحو 40 ألف ليرة سورية (الدولار= 10 آلاف و600 ليرة). في حين تحتاج الأسرة الواحدة إلى ما لا يقل عن 10 أمتار مكعبة شهريا، أما مياه الشرب، فيتم تأمينها من خلال المياه المعبأة أو بجلبها من أحياء مجاورة بعبوات سعة 20 لترا.
وأصبحت هذه النفقات -وفق التركماني- "عبئا ثقيلا" على الأسر، خاصة في ظل انعدام فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة. ولفت إلى أن بعض العائلات، وأغلبهم من المستأجرين، غادرت الحي هربا من الواقع الخدمي المتدهور، بينما يواجه أصحاب المنازل صعوبة في بيع ممتلكاتهم والانتقال، نظرا لارتباطهم بالمكان الذي يحمل ذكرياتهم.
وفي السياق، كشف مصدر في "مؤسسة مياه درعا" -فضّل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت، عن أن مشكلة تلوث المياه بحي شمال الخط ليست جديدة، موضحا أن المؤسسة تملك دراسة وخطة متكاملة لإعادة تأهيل الشبكة بالكامل.
وقال إن "ضعف الإمكانيات الحكومية حالت دون تنفيذ هذه الخطة حتى الآن"، وأن الأمر يتطلب "تنسيقا" بين عدة جهات، من بينها البلدية ومؤسسة المياه والصرف الصحي والخدمات.
وأوضح أن المؤسسة تحركت "بشكل إسعافي" عقب تسمم أكثر من 30 شخصا من سكان الحي، حيث جرى الكشف عن مصدر التلوث وإصلاحه مؤقتا، غير أن "هذه الخطوة لم تلقَ رضا الأهالي، خاصة بعد تسجيل حالات تسمم جديدة بعد أيام فقط".
وتابع أن هذه الوقائع أكدت وجود "تسريبات متعددة" في الشبكة، مما يستدعي حلا جذريا باستبدالها كاملة، خاصة أنها تستخدم بشكل متواصل منذ قرابة 40 عاما.
بدوره، صرّح مصدر طبي –لم يكشف عن هويته- في مشفى درعا الوطني، أن المشفى استقبل أكثر من 30 إصابة بالتهاب الكبد خلال شهر أغسطس/آب 2023، بينهم أطفال حوِّلوا لمستشفيات خاصة بسبب ضعف الإمكانات المتوفرة.
إعلانوأضاف المصدر للجزيرة نت أن جميع الإصابات سُجّلت في حي شمال الخط، مما أثار شكوك الكادر الطبي حول وجود مشكلة صحية محددة بالمنطقة، "قبل أن تتأكد الشكوك بوصول عشرات حالات التسمم في اليوم التالي، بالتزامن مع تدفق مياه ملوثة للمنازل".
وأشار إلى أن حجم التلوث -هذه المرة- كان "كبيرا جدا" مقارنة بحوادث سابقة كانت "محدودة نسبيا"، مما استدعى تحركا سريعا لكشف مصدر التلوث.
وفي ظل هذا الوضع، تسعى الإدارة المحلية الجديدة لتحسين واقع الخدمات، رغم شح الإمكانيات، بيد أنها تصطدم بعوائق جسيمة، أبرزها البنية التحتية المتهالكة، وتفشي الفساد الإداري الذي خلَّفه نظام بشار الأسد في مفاصل المؤسسات الحكومية كافة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت شمال الخط
إقرأ أيضاً:
اتحاد العمال: أمن مصر المائي جزء لا يتجزأ من أمنها القومي
أكد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ومعه جموع العمال في كافة مواقع الإنتاج، أنه تابع ما أعلن مؤخرا عن قيام الجانب الإثيوبي بتوجيه دعوة لمصر لحضور مراسم افتتاح سد النهضة، ذلك المشروع الذي ارتبط على مدار السنوات الماضية بملف شديد الحساسية يتعلق بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل باعتبارها شريان الحياة الرئيسي للملايين من أبناء الشعب المصري.
وأضاف اتحاد العمال في بيان صادر عنه، أنه إذ يؤكد أن أمن مصر المائي جزء لا يتجزأ من أمنها القومي فإنه يجدد ثقته الكاملة في القيادة السياسية المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تعاملت مع هذا الملف بحكمة ومسؤولية في إطار احترام القانون الدولي، والحرص على تحقيق السلام والتنمية في القارة الأفريقية، دون الإخلال بحقوق الشعب المصري في مياه النيل.
وشدد الاتحاد العام على أن أية خطوات أحادية اتخذتها إثيوبيا دون اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد تمثل انتهاكا صريحا لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، وتقوض فرص الوصول إلى حلول عادلة تراعي مصالح جميع الأطراف.
وتابع البيان: إذ يشير الاتحاد العام إلى أن الدعوة لحضور مراسم الافتتاح لا تغير من واقع الخلاف القائم بشأن قواعد الملء والتشغيل، فإنه يؤكد أن السبيل الوحيد لضمان الحقوق والمصالح المشتركة هو التوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم.
وأكد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر دعمه الكامل والثابت لكافة التحركات التي تقوم بها الدولة المصرية دفاعا عن حقوقها المائية والتاريخية، ويرى أن وحدة الصف الوطني، والتفاف الشعب المصري حول قيادته، هما الضمان الحقيقي للحفاظ على مقدرات الوطن وصون مصالحه العليا.