أسلحة الفتك .. إسرائيل تحوّل غزة ساحة لتجربة أسلحتها المحرمة
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
الثورة / متابعات
منذ أكثر من عام ونصف، يعيش سكان قطاع غزة في جحيم يومي تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يتردد في استخدام أسلحة ذات فتكٍ غير مسبوق.
وفي وقت يلتزم فيه العالم الصمت المطبق، يُسحق المدنيون الفلسطينيون تحت أطنان من المتفجرات المحرّمة دوليًا، ليشكلوا ضحايا حرب تُرتكب على مرأى ومسمع من الجميع.
في هذا الشريط الساحلي الصغير والمكتظ بالسكان، تحوّلت الحياة إلى سلسلة من المجازر المتنقلة، حيث يتعرض الأهالي لموت متنوع الأشكال: حرقًا، وقصفًا، وتجويعًا، ومرضًا، وبردًا، وأمام الاستخدام المتكرر لأسلحة توصف بأنها “غير تقليدية”، تُسجل حالات فريدة من نوعها، مثل تبخر الأجساد أو تحولها إلى رماد لا يترك أثرًا، وهو ما يؤكد – وفق مختصين – استعمال أسلحة حرارية وكيميائية.
صور مأساوية بلا رد فعل
في أحد أبرز المشاهد، اشتعل جسد الصحفي أحمد منصور على الهواء مباشرة إثر استهدافه بصواريخ إسرائيلية، وبقي يصرخ من الألم حتى أسلم الروح في اليوم التالي.
وفي حادثة مشابهة، تمزقت أجساد عشرات المدنيين وتحولت إلى أشلاء متناثرة بعد استهداف مركز إيواء شرقي غزة، دون أن يتحرك ضمير المجتمع الدولي.
مدير وحدة الإسعاف في الخدمات الطبية فارس عفانة، أوضح أن الأسلحة المستخدمة تحمل شظايا عالية الاختراق، تسبب تشوهات كبيرة وتحول الضحايا إلى أشلاء، في مشاهد تفوق الوصف.
وأشار إلى وجود حالات شهداء بلا رؤوس وأجساد متفحمة بالكامل، نتيجة صواريخ تملك تأثيرًا حراريًا وتفاعليًا على الجلد والأنسجة.
قنابل فراغية وانفجارات مدمرة
من بين الأسلحة التي تشير التقارير إلى استخدامها، القنابل الفراغية، التي تُعد من أشد المتفجرات فتكًا.
وتعمل هذه القنابل عبر إطلاق سحابة من جزيئات الوقود في الهواء ثم إشعالها، ما ينتج موجة ضغط وحرارة تصل إلى 3000 درجة مئوية.
وتسبب انفجارًا قاتلًا في أماكن مغلقة، ما يجعلها محرّمة بموجب القانون الدولي الإنساني.
وكشفت تحقيقات صحفية، منها ما نشره الكاتب “توماس نيوديك” في موقع The War Zone، عن صور لطائرات أباتشي إسرائيلية محملة بذخائر ذات شرائط حمراء، ما يشير إلى كونها صواريخ “هيلفاير” من الطراز الفراغي “AGM-114N”، أثارت هذه الصور موجة من الانتقادات، ما دفع جيش الاحتلال لاحقًا إلى حذفها.
تقنيات فتاكة جديدة
كما تفيد تقارير أخرى باستخدام جيش الاحتلال ما يُعرف بـ”المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة”، وهي متفجرات ذات طابع تدميري عالٍ داخل نطاق محدود، لكنها قاتلة للغاية، خاصة عند استخدامها في الأحياء السكنية المكتظة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الأسلحة المستخدمة في غزة، مع التركيز على الأسلحة الحرارية التي قد تكون وراء ظواهر تبخّر الجثث.
وأشار إلى شهادات موثقة ومعلومات جمعها ميدانيًا، تكشف عن مجازر تُرتكب بأسلحة تصنف ضمن المحظورات الدولية.
وبينما يتواصل القصف الإسرائيلي المكثف، تبقى التساؤلات مفتوحة حول دور المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية في حماية المدنيين، وإخضاع مرتكبي جرائم الحرب للمحاسبة بموجب القانون الدولي.
انتهاك صارخ للقانون الدولي
ويحظر القانون الدولي استخدام الأسلحة الحرارية ضد المدنيين، خاصة في المناطق السكنية.
وتنص كل من اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و1907م، واتفاقيات جنيف لعام 1949م، على ضرورة حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
كما يُعد استخدام هذه الأسلحة ضد الأبرياء جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ورغم كل ذلك، لا تزال غزة تدفع الثمن يوميًا، بينما العالم يتفرج، والأسلحة المحرّمة تحصد أرواحًا بريئة في صمتٍ مخجل.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
شهادات للجزيرة نت تكشف استخدام إسرائيل للمساعدات فخا للإسقاط الأمني في غزة
غزة- لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل مراكز المساعدات الأميركية التي استحدثتها في 27 مايو/أيار الماضي إلى مصايد لقتل الفلسطينيين الباحثين عمّا يسد جوعهم، بل تحاول استغلالها كأدوات ابتزاز أمني، واتخذت منها مقرات لإسقاط الشبان في وحل العمالة (العمل كجواسيس)، وتقديم معلومات أمنية عن الأماكن والأشخاص المحيطين بهم.
وحصلت الجزيرة نت على شهادات خاصة ومعلومات ميدانية، تكشف تورط جيش الاحتلال باستخدام التجويع وحاجة سكان قطاع غزة للغذاء مقابل فتح باب التعامل معه، مما يبرز الأسباب الحقيقية وراء الإصرار الإسرائيلي على الاستمرار بعمل مراكز المساعدات، التي تحولت إلى واجهة للموت، وتخفي خلفها محاولات الإسقاط الأمني.
جهود استخباريةتظهر المعلومات الميدانية وتحركات أجهزة المخابرات الإسرائيلية محاولات حثيثة لتجنيد فلسطينيين من داخل قطاع غزة لتقديم معلومات أمنية لصالح جيش الاحتلال.
بدا هذا واضحا عندما أرسلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قبل عدة أشهر رسائل نصية عشوائية عبر الهواتف المحمولة تقدم فيها المساعدة لمن يود مغادرة غزة، وحددت فيها مواعيد لمقابلة ضباط المخابرات داخل موقع "نتساريم" وسط قطاع غزة.
ورصدت الجزيرة نت حينها استجابة حالات محدودة جدا لتلك الرسائل، حيث أظهرت المصادر الأمنية أن ضباط المخابرات قدموا وجبة غذاء وسجائر لمن ترددوا عليهم، وتركزت أسئلتهم في ذلك الوقت عن أماكن يقطنون في محيطها، وطلبوا معلومات عن بعض قيادات المقاومة، وانتهت المقابلات بوعود بإعادة التواصل معهم في وقت لاحق.
وأعقبت تلك المحاولات، التي لم تجد صدى لدى سكان غزة، إعلان الجيش الإسرائيلي استحداث آلية توزيع مساعدات جديدة بعيدة عن المؤسسات الدولية العاملة في القطاع، وذلك من خلال "مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية، والتي حددت 3 مراكز توزيع فقط، منها اثنان غربي محافظة رفح، وثالث قرب مفترق "نتساريم" وسط قطاع غزة.
إعلانويغيب عن المؤسسة الأميركية الإسرائيلية أي آليات عمل واضحة، حيث تقدم مساعدات محدودة جدا لا تكفي لأكثر من مليوني فلسطيني، ولا يوجد لديها بيانات عن سكان قطاع غزة، مما حولها إلى أماكن لتجميع المجوّعين بشكل عشوائي ومن ثم إطلاق النار عليهم.
وتغلق قوات الاحتلال معابر غزة التجارية منذ مطلع مارس/آذار الماضي، وتمنع دخول أي من المواد الغذائية، مما اضطر عدد كبير من الفلسطينيين للتوجه لمراكز المساعدات بحثا عن الطعام.
وبحسب آخر إحصائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 516 فلسطينيا خلال محاولتهم الحصول على الغذاء من مراكز المساعدات، وأصابت 3799 آخرين، وفقدت آثار 39 شخصا.
ووثقت الجزيرة نت شهادات عدد من الشبان الذين يترددون على مراكز التوزيع الأميركية بشكل منتظم، ومراقبتهم ما وصفوه بالسلوك الغريب للجيش الإسرائيلي الذي يفرض سيطرته على مناطق المساعدات.
ويشير الشاب "م. د" إلى أن المؤسسة الأميركية تحدد الساعة الثانية فجرا موعدا لفتح مركزها المقام على مفترق نتساريم وسط قطاع غزة، مما يضطره للمبيت على مقربة منه علّه يعود بطعام لأطفاله.
ويقول "في العادة ينير الجيش الإسرائيلي المنطقة، لكننا نتفاجأ بتعمده إطفاء الإنارة قبل السماح لنا بالتقدم تجاه المكان الذي يضع فيه المساعدات، وتتحول المنطقة إلى ظلام دامس، ومن ثم يبدأ بإطلاق نيرانه وقذائفه المدفعية تجاه تجمعات المواطنين مما يؤدي لاستشهاد وإصابة العشرات يوميا".
ويوضح الشاب أنه فور إعادة تشغيل الإنارة، يبدأ المئات بالهرولة تجاه المساعدات، لكن الغريب في الأمر أنهم يتفاجؤون -قبل وصولهم- بخروج بعض الشبان من المكان محملين بالكثير من المواد الغذائية.
ويثير الشاب التساؤل عن كيفية وصول هؤلاء الشبان إلى المكان قبل الجميع؟ وهل سمح لهم جيش الاحتلال بالدخول عبر طرق التفافية؟ أم أنهم كانوا موجودين داخل الموقع العسكري من قبل؟
واستمعت الجزيرة نت لعشرات الشهادات المتشابهة، التي تثبت وجود جهد استخباري إسرائيلي لإسقاط عدد من الشبان الفلسطينيين في وحل العمالة، ويعزز ذلك نص الرسائل التي بعثها الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية عبر الهواتف المحمولة، جاء فيها "بدك (تريد) معلومات للوصول للمساعدات؟ رقم آمن ومجاني ********* معك طول الـ24 ساعة".
وترجح الشهادات الميدانية أن الجيش الإسرائيلي اتخذ من مراكز توزيع المساعدات غطاء لدس وتوجيه متعاونين معه على الأرض، ونشرهم بين المواطنين دون أن يشعر أحد بتحركات غريبة.
متابعة أمنية
وتتابع الأجهزة الأمنية الفلسطينية المعلومات الواردة من داخل مراكز توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية، حيث أكد مصدر أمني بغزة أنها لم تعد مصايد موت وأفخاخا لقتل المواطنين المجوَّعين فقط، وإنما تحولت إلى مخاطر أمنية فادحة.
وشدد المصدر الأمني -في حديثه للجزيرة نت- على أن لديهم معطيات ومؤشرات قوية تفيد بأن الاحتلال يستخدم هذه المراكز كمصيدة مزدوجة، فمن جهة يُوهم العالم بأنه يُسهم في الجانب الإنساني، ومن جهة أخرى يستغلها في عمليات إسقاط أمني واختراق اجتماعي، مستغلا حاجة الناس ورغبتهم في الحصول على الغذاء، في واحدة من أبشع صور الابتزاز السياسي والإنساني.
ويضيف المصدر "أصبحت المراكز الأميركية أداة خطيرة بيد الاحتلال الإسرائيلي، يُوظفها في سياق أجنداته الأمنية والاستخبارية، وتُدار بطريقة أمنية مشبوهة ومميتة تُثير علامات استفهام كبيرة، بدءا من أماكن توزيعها المختارة بدقة في مناطق مكشوفة أمنيا، ومرورا بالفوضى المصطنعة التي تُحيط بها، ووصولا إلى رصد تحركات المواطنين ومراقبة وجوههم وهواتفهم تحت غطاء توزيع المساعدات".
وحذر المصدر الأمني من خطورة تلك المراكز على النسيج المجتمعي والأمن الوطني، لأن المساعدات الحقيقية لا تُوزع من فوهة بندقية، ولا تُمرر عبر غرف التنصت.
إعلانونبه إلى أن الأجهزة الأمنية تتابع هذا الملف بدقة، وجدد دعوته للمجتمع الدولي لتحمّل "مسؤوليته الأخلاقية في وقف هذه الانتهاكات السافرة، والعمل على توفير ممرات إنسانية آمنة، توصل المساعدات بكرامة، بعيدا عن التوظيف الاستخباري القذر".