هاشم عبدالرحمن الوادعي

في زمنٍ تُحاول فيه قوى الاستكبار العالمي طمس إرادة الشعوب، يعلو صوت اليمني الحر كالرعد، مُرددًا: “نحن من نحاصر إسرائيل، ونحن من نرفع راية الحق بوجه الطغيان”. إنها رسالة فخرٍ بجذورٍ ضاربة في الإيمان، وإصرارٍ على تحرير الإرادة من أغلال التبعية، وتذكيرٌ للعالم بأن اليمن، رغم جراحه، يَحمِل في قلبه يقينًا بأن النصر حليفُ من يتولى الله ويستند إلى عونه القاهر.

جهاد  اليمنيين: حصارٌ لإسرائيل وفشلٌ لأمريكا
لا تُقاس قوة الشعوب بعدد أسلحتها، بل بإرادتها التي تحطم جبروت المستكبرين. فبينما تُعلن أمريكا فشلها في فرض هيمنتها على المنطقة، يكتب اليمنيون بسواعدهم ملحمةً ناجحةً في مواجهة المشروع الصهيوني، مؤكدين أن ضرباتهم ليست مجرد ردود فعل، بل إستراتيجية مواجهة قائمة على حكمةٍ تُدرك أن “كيد الشيطان كان ضعيفًا”. إنها معادلةٌ تثبت أن الحق، مهما طال الظلم، لا يُقهَر حين يكون سلاحه الإيمان.

بين راية الشرف وحبال الشيطان: معركة القيم
يقف اليمني اليوم في خندقٍ مختلفٍ جذريًا عن خصومه؛ فهو يحمل راية الشرف مُتوشحًا بقيم العدالة والدفاع عن المظلومين، بينما يتشبث خصومه بحبال الشيطان، ممثلةً في دعم الصهاينة وإجرامهم ضد غزة. فكما جاء في القرآن الكريم: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ (النساء: 76). إنها معركةٌ بين نور الحق وظلام الباطل، وبين من يستند إلى معونة الله القاهرة، ومن يركض وراء أوهام القوة الزائلة.

غزة في القلب: دعمٌ لا يتزعزع
لا عجب أن يكون دعم غزة عنوانًا بارزًا في خطاب اليمني؛ فالقضية الفلسطينية ليست مجرد صراعٍ على أرض، بل هي اختبارٌ لإنسانية الأمم. فاليمن، الذي ذاق مرارة الظلم، يرفض أن يقف صامتًا أمام جراح إخوانه في غزة، بينما تقف دولُُ تدعي “التحضر” سندًا للاحتلال. هذا الموقف ليس تفاخرًا، بل هو التزامٌ بأخلاقيات الجهاد والمقاومة التي تُعلي قيمة الإنسان فوق كل اعتبار.

رأسٌ يناطح السحاب: سرّ العزة اليمنية
حقٌ لكل يمنيٍ أن يرفع رأسه عاليًا؛ فكرامته مستمدةٌ من إيمانه بأنه “عبد لله” وحده، لا يُخضع هامته لطاغوت. إنها عزةٌ تُولد من اليقين بأن القوة الحقيقية ليست في ترسانة الأسلحة، بل في القلب الذي لا يخشى إلا الله. فبينما يعيش الآخرون في رعبٍ من تقلبات التحالفات السياسية، ينعم اليمني بالطمأنينة التي يُغرسها الإيمان في روحه: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾.

ختامًا:
اليمني الحر ليس مجرد شعار؛ إنه هويةُ شعبٍ يُعلّم العالم أن الحق لا يُورث، بل يُنتزع بإرادة لا تعرف الانكسار. فليبتسم اليمني، وليُطلّ برأسه نحو السحاب، فالأمة التي تتوكّل على الله وتُقاتل في سبيله، لا بُدّ أن تُمزّق ظلام الظلم بشمس الحريّة. وإن طال الليل، ففجر النصر آتٍ بإذن الله، لأن حساب الأبطال ليس بأيدي البشر، بل بيد مالك السماوات والأرض.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

عين الشيطان على الدولار الأمريكي

 

 

 

بدر بن علي بن سعيد الهادي

 

 

 

منذ عقود، تسعى إسرائيل، بدعم أمريكي وغربي، إلى تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى” الممتد من النيل إلى الفرات. واليوم، نشهد تسارعًا غير مسبوق في خطوات الاحتلال نحو تنفيذ هذا المشروع، لكن لماذا الآن تحديدًا؟ ولماذا باتت المواجهة مع الدول العربية أكثر شراسة؟ الحقيقة أن إسرائيل لا تتحرك فقط بدافع التوسع، بل بدافع الخوف من انهيارها الداخلي، حيث تواجه أزمة سياسية تهدد وجودها.
في 7 أكتوبر 2023، نفذت حماس عملية عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن سرعان ما تحولت هذه العملية إلى فرصة ذهبية لإسرائيل لتنفيذ خططها الجيوسياسية:

كيف تمكنت المقاومة الفلسطينية من اختراق أكثر الحدود تحصينًا دون مقاومة إسرائيلية حقيقية؟ لماذا جاء رد الفعل الإسرائيلي الأول بقصف المستوطنات الإسرائيلية قبل التركيز على غزة؟ لماذا سارعت واشنطن ولندن إلى تقديم دعم عسكري غير مسبوق؟
كل ذلك يشير إلى أن إسرائيل لم تُفاجأ بالهجوم؛ بل ربما سمحت به أو استغلته لتبرير إبادة غزة وتهجير أهلها نحو مصر أو الأردن، كخطوة أولى لضم القطاع إلى أراضيها.
إسرائيل ليست في وضع مستقر؛ بل تعاني من صراعات داخلية تهدد كيانها؛ حيث الصدام بين التيارات السياسية يزداد حدة، خاصة بين اليمين المتطرف واليسار، وبين العلمانيين والمتدينين، وحتى داخل الجيش الإسرائيلي، هناك تصدعات وانقسامات خطيرة.
لذلك، تحاول القيادة الإسرائيلية الهروب إلى الأمام من خلال:
• مواصلة إشعال حرب واسعة ضد غزة ولبنان وسوريا، لإشغال الإسرائيليين عن خلافاتهم الداخلية.
• استخدام الحرب كذريعة لفرض حالة الطوارئ ومنع تفكك المجتمع الإسرائيلي.
• توجيه الغضب الشعبي نحو “العدو الخارجي” بدلًا من التركيز على فشل الحكومة.
• تحقيق انتصار عسكري يرسخ سلطة اليمين المتطرف ويمنع أي تغيير سياسي داخلي.
بعبارة أخرى، إسرائيل تسابق الزمن، لأن انهيارها من الداخل قد يصبح واقعًا قريبًا إن لم تحقق مكاسب توسعية الآن.
وبعد أن أنهكت سوريا والعراق وليبيا، جاء الدور على مصر؛ حيث نقرأ تصريحات متزايدة من مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين تُظهر أن الاحتلال يسعى إلى:
• إضعاف الجيش المصري عبر استدراجه إلى معركة استنزاف.
• إجبار مصر على استقبال اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، مما يتيح لإسرائيل قصف المنطقة المصرية بحجة “محاربة الإرهاب”.
• إيجاد مبرر لتدخل أمريكي-إسرائيلي مباشر لضرب قدرات الجيش المصري.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد تم استخدامها مسبقًا في سوريا والعراق وليبيا، والآن يتم تطبيقها على مصر.
واشنطن - عين الشيطان - تدرك أن أي قوة عربية قادرة على مواجهة إسرائيل يجب تحييدها قبل أن تصبح تهديدًا حقيقيًا. لذلك، يتم تنفيذ خطة تقوم على:
• تفكيك الجيوش العربية القوية (كما حدث مع العراق وسوريا وليبيا).
• إشغال الشعوب العربية بالأزمات الاقتصادية والداخلية، حتى لا تتمكن من دعم فلسطين أو مقاومة الهيمنة الأمريكية.
• تحويل الصراع في الشرق الأوسط من صراع عربي-إسرائيلي إلى صراع عربي-عربي وطائفي.
والعين الموجودة على الدولار الأمريكي، والمعروفة بـ”عين العناية الإلهية”، ليست مجرد رمز عابر، إنها تمثل الهيمنة الأمريكية الصهيونية على العالم من خلال الدولار، الذي يُستخدم كسلاح اقتصادي لتركيع الدول.
الولايات المتحدة، عبر سيطرتها على النظام المالي العالمي، تستطيع فرض عقوبات وتجويع الشعوب وإشعال الثورات. والدول التي تحاول الفكاك من هذه الهيمنة، مثل روسيا والصين وبعض الدول العربية، تُحارَب بكل الوسائل الممكنة.
لذلك، فإن خطة إسقاط الدول العربية لا تعتمد فقط على القوة العسكرية؛ بل أيضًا على الحرب الاقتصادية؛ حيث يتم:
• إبقاء الدول العربية معتمدة على الدولار؛ مما يسهل التحكم في اقتصاداتها.
• خلق أزمات اقتصادية تؤدي إلى احتجاجات وفوضى داخلية.
• إغراق الدول بالديون والقروض المشروطة التي تُستخدم كأداة ابتزاز سياسي.
لذا يجب على القيادات العربية إدراك أن المخطط أضحى واضحًا؛ فالمعركة ليست عسكرية فقط.. بل معركة وجودية، معركة بين الإسلام والكفر.
وإسرائيل وأمريكا تدركان أن المنطقة تمر بمرحلة حاسمة، وأن أي تغيير في ميزان القوى قد يعني انهيار المشروع الصهيوني، لذا، يسعون لتسريع مخططاتهم قبل فوات الأوان، لكن إذا وعينا هذه اللعبة، وأدركنا أن الحرب ليست فقط ضد غزة؛ بل ضد جمهورية مصر العربية وبعدها الخليج العربي والمنطقة بأكملها، فسنكون قادرين على إفشال المشروع الصهيوني وإنقاذ الأمة من مؤامرة كبرى تهدف إلى محو سيادتها واستعباد شعوبها.
إسرائيل اليوم ليست في موقع قوة؛ بل في موقع ضعف يجعلها أكثر شراسة، الدعم الأمريكي اللامحدود ليس دليلًا على الاستقرار؛ بل على الخوف من انهيار إسرائيل من الداخل. لذلك، تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تصفية أي تهديد محتمل قبل أن يصبح واقعًا.
وإذا لم تتحرك الدول العربية بحذر، فقد تجد نفسها أمام سيناريو مُشابه لما حدث في العراق وسوريا وليبيا؛ حيث تم تدمير الجيوش وخلق فراغ استراتيجي مكّن إسرائيل وأمريكا من فرض سيطرتهما.
لكن الوعي هو السلاح الأهم.. ومن يقرأ التاريخ بوعي، يدرك أن مشروع إسرائيل الكبرى لن يتحقق إلا إذا استسلمنا له.

 

مقالات مشابهة

  • اليمن يحسم المعركة .. انكسار أمريكي وتصدّع صهيوني في وجه الصمود اليمني
  • خالد الجندي: هذه الأيام تغيظ الشيطان وتجعله يبكي
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • السيد القائد والشعب اليمني.. آيةٌ من آيات الاصطفاء الإلهي
  • شيخ الأزهر يعزي الطبيبة آلاء النجار في استشهاد أبنائها التسعة: جرائم الاحتلال لن تُطفئ جذوة الحق
  • كاتبة إسرائيلية: الدولة التي تتخلى عن مختطفيها لدى حماس ليست بلدي
  • في يمن الصمود:قصص نجاح على طريق ثورة تحقيق الاكتفاء الذاتي على هدى الله
  • أمين عام حزب الله: اليمن قدم نموذجا في الصمود أمام العدوان الأمريكي والاسرائيلي
  • عين الشيطان على الدولار الأمريكي
  • الأردن والقدس.. 79 عامًا من الاستقلال و104 أعوام من الوصاية والثبات على الحق