بحث الآليات والرؤى اللازمة لتفعيل مديرية صناعة حماة للنهوض بالقطاع الصناعي في المحافظة
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
حماة-سانا
بحث معاون وزير الاقتصاد والصناعة للشؤون الصناعية المهندس محمد ياسين حورية، خلال اجتماعه مع المعنيين في مديرية صناعة حماة، اليوم الآليات والرؤى والبرامج اللازمة لإعادة هيكلة المديرية، وتفعيلها، بما يخدم النهوض بالقطاع الصناعي بعد غياب دورها خلال عهد النظام البائد.
وركز الاجتماع على تحديد الخطوات والإجراءات الكفيلة بإعادة تصحيح مسارها ،كجهة قادرة على القيام بمهامها وصلاحياتها المنوطة بها، وصولاً إلى إرساء وبناء قطاع صناعي متطور وصناعة تدعم الاقتصاد الوطني وتنافس المنتجات الأجنبية.
وأكد المهندس حورية أن لدى الوزارة خطة مستقبلية للارتقاء بالصناعة الوطنية، بما يليق بسمعتها وموقعها المحلي والدولي، وحالياً يتم إعداد دراسة دقيقة ومفصلة لشركات الوزارة الـ 107 لتحديد جدواها الاقتصادية وإمكانية تشغيلها مجدداً أو طرحها للاستثمار، وبين أن معظمها خاسر ومترهل، ومتهالك، والبعض منها مدمر بفعل اعتداءات النظام المجرم، وتعاني من البطالة المقنعة.
بدوره مدير صناعة حماة محمد الحسن قدم عرضاً عن الواقع الصناعي في المحافظة والموقع الذي تشغله على خارطة الإنتاج الصناعي في سوريا، ولا سيما أن القطاع الخاص بحماة رائد في عدد من الصناعات كالزيوت، والألبان والأجبان، والأحذية والتي تعود للقطاع الخاص، ولفت إلى ضرورة إعادة هيكلة الشركات والمعامل الصناعية المرخصة على السجلات فقط دون وجودها على أرض الواقع.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
شمال الباطنة.. نقطة تحول في عين الاقتصاد
هند الحمدانية
في شمال الباطنة؛ حيث يتكئ الجبل على البحر، وتغفو الموانئ على ضفاف الأسواق القديمة، تكتسب الحكايات الاقتصادية طابعا مختلفًا؛ إذ لا تبنى الفرص هنا صدفة، ولا تزدهر المشاريع بمعزلٍ عن مؤسساتها بل تنمو على ضوء تكامل الأدوار واتساق الرؤية بين القطاع الخاص والجهات الحكومية ورواد الحُلُم.
خرجت شمال الباطنة من عباءة التكرار، لتصوغ لنفسها حضورًا مستقلًا، وعقلًا تنفيذيًا وصوتًا اقتصاديًا ينمو على أرض الواقع، وحين ننظر إليها من هذا المنظور، لا نراها جغرافيا فحسب؛ بل نراها فكرة تتطور، ومكانًا بدأ يُفكِّر.
لا نكتب هنا لنُغنِّي للمحافظة، أو نُصفِّق لها بقدر ما ينبغي أن نُفكِّر معها، وأن نُمعن فيما فعلت، وفيما يمكن أن تفعل، فكل رقم اقتصادي لا يعني شيئًا ما لم نفك رموزه، وكل مشروع لا يُثمر وعيًا جَمعِيًا بالتحول هو مشروع مؤجل الأثر.
حين سجلت شمال الباطنة نموًا بلغ 16% في ناتجها المحلي خلال عام واحد، من 3.7 إلى 4.3 مليار ريال عماني، لم يكن ذلك مجرد قفزة رقمية؛ بل كان صوتًا يخرج من الأرض ليقول: "أنا هنا"، هذا النمو لم يكن نموًا عشوائيًا؛ بل نتاج عمل فكري واستراتيجي بدا من رؤية واضحة قادها فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بالمحافظة، برئاسة المهندس سعيد بن علي العبري الذي لم يتعامل مع منصبه كمنصة بروتوكولية؛ بل كمختبر اقتصادي يعيد فيه قراءة الممكن، ويضع خطوطا واضحةً لتحويل الممكن إلى واقع.
ويتكامل هذا الحراك مع سعادة محمد بن سليمان الكندي، محافظ شمال الباطنة، الذي يشكل بحضوره وتفاعله عنصر قيادة متجدد، يدير خيوط العمل الحكومي والاقتصادي بتوازن لافت، حريص على احتضان المبادرات والمشاريع التنموية التي تعزز مكانة المحافظة كبوابة اقتصادية استراتيجية لعُمان، مؤكدا في لقاءاته أهمية التكامل بين مكتب المحافظ وغرفة التجارة والقطاع الخاص، في صياغة المشهد الاقتصادي للمحافظة.
نُقرأُ بيانات الاستثمار فنجد أمامنا ما يشبه شهادة ميلاد جديدة للمحافظة: 27 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة في ميناء صحار والمنطقة الحرة، 77 فرصة استثمارية قُدرت قيمتها ب 914 مليون ريال عماني، و4622 شركة جديدة سُجلت خلال عامين، وهنا يتفتق وعي ريادة الأعمال، لا عند الكبار فقط؛ بل عند الذين قرروا أن يبدأوا ويكونوا جزءًا فاعلًا من اقتصاد المحافظة.
التحول هنا لا يُقاس بالمال فقط؛ بل بالأثر الذي بدأت تَضخُّه المحافظة في شرايين السلطنة؛ فشمال الباطنة بمينائها.. بمنطقتها الحرة.. بطرقها وموانئها، لم تنتظر القرار المركزي كي تتحرك؛ بل بَنَتْ لنفسها سردية محلية تستمد قوتها من واقع المحافظة وإمكانياتها، لكنها ورغم كل ما أنجزته، لا تزال تسير على حافة سؤال كبير: هل النمو الذي نحققه اليوم، هو ذاته التنمية التي نطمح إليها غدًا؟
هنا يجب أن نُفرِّق بين النمو بوصفه توسعًا كميًا، والتنمية بوصفها تحولًا نوعيًا، فالنمو قد يحدث بالاستثمار وبالبناء وبالأرقام، أما التنمية فتحتاج إلى ما هو أعمق: تحتاج إلى إشراك الإنسان قبل إشراك المال، إلى أن تصبح القرارات الاقتصادية انعكاسا لحاجة الناس لا فقط لعروض المستثمرين.
إن الحديث عن شمال الباطنة لا يكتمل دون الحديث عن الفجوة الصامتة بين الولايات، فالمحافظة - بما فيها من ولايات كبرى كصحار- لا تتحرك كلها بالوتيرة ذاتها، هناك ولايات تسبق وأخرى تلهث، وهناك تركيز للفرص في محاور دون أخرى، وهذه في الحقيقة ليست ملاحظة عابرة؛ بل تنبيه عقلاني يقول: إن عدالة التوزيع ليست ترفًا؛ بل شرطًا أخلاقيًا في فهم التنمية.
وهنا تظهر الحاجة إلى منهج تنموي أكثر ذكاءً، لا يُراعي الجغرافيا فحسب؛ بل يتفهم الفروق بين المجتمعات المحلية، ويصمم لكل ولاية نموذجًا اقتصاديا خاصا بها، انطلاقا من مزاياها لا نسخا لتجارب المحافظات، فيمكن للولايات الساحلية أن تستثمر في الصناعات البحرية، وللداخلية أن تقود مشروعات زراعية وتقنية، وللشريط الجبلي أن يحتضن السياحة البيئية وسياحة المغامرات.
وأظهرت الدراسات وجود أكثر من 77 فرصة موزعة على 8 قطاعات بالمحافظة، من الصناعة إلى الصحة، ومن الأمن الغذائي إلى الاقتصاد الدائري، ومع ذلك تبقى المسألة الأهم: كيف تتحول هذه الفرص إلى مشاريع فعلية لا تبقى معلقة في تقارير النوايا؟ لا بُد من بنية داعمة، لا أقصد فقط الطرق والقوانين؛ بل البنية الفكرية أيضًا: غرفة تجارة وصناعة فاعلة لا تنتظر، مجتمع أعمال لا يكتفي، إعلام اقتصادي يُواكب ولا يُهندس الصورة، ومنصة معرفية تمكن الشباب من فهم منطق السوق والابتكار فيه، ومن الضروري أيضًا الإقرار بحاجة هذه المحافظة إلى مركز دائم للمؤتمرات، لا كتحفة معمارية فحسب؛ بل كبنية ذهنية تؤسس لحوار اقتصادي مستمر.
لقد تميزت غرفة تجارة وصناعة عُمان فرع شمال الباطنة، بخروجها من الدور التقليدي إلى فاعل استراتيجي يُعيد تشكيل العلاقات بين السوق والمجتمع والسلطة، فلقد نظمت أكثر من 88 فعالية ومبادرة خلال عامين، استقبلت وفودًا، وأرسلت وفودًا، بنت شراكات، ورعت أفكارًا ولقاءات عدة. وفي خضم هذا الحراك لم يكن التركيز فقط على الصناعة؛ بل شمل أيضًا قطاعات الثقافة والسياحة والخدمات، فالمحافظة التي تبلغ نسبة إشغال فنادقها 43.5% لا تنقصها الجاذبية؛ بل تحتاج إلى أدوات لترويجها وصناعة منتج سياحي متكامل، وهذا ما ظهر جليًا في منتديات مثل "آفاق الإعمار" و"ملتقى شمال الباطنة السياحي"، اللذين ناقشا ليس فقط الاستثمار؛ بل فلسفة التعامل مع المكان ككائن حي.
من جهة أخرى، فإن طرح مشاريع بقيمة 115 مليون ريال في منتدى صحار للاستثمار والتوقيع على 14 اتفاقية، ليس إلا بداية الطريق، فالثقة التي بُنيت لا تقاس فقط بما وُقع؛ بل بمدى استدامة هذه المشاريع، وارتباطهما بسوق العمل، وفتحها لباب التوظيف أمام أبناء المحافظة الذي يتزايد عددهم عامًا بعد عام.
وحين ننظر إلى تفاصيل المساهمة في الناتج المحلي، نجد أن القطاع الصناعي ساهم بـ1.9 مليار ريال، والزراعة بـ0.45 مليار ريال، والتجارة والخدمات اللوجستية بـ1.1 مليار ريال، ما يدُل على تنوع القاعدة الاقتصادية، لكننا بحاجة الآن إلى ما هو أكثر: إلى الانتقال من مرحلة الاستيعاب إلى مرحلة التأثير.
شمال الباطنة لم تعد محافظة على الخريطة؛ بل أصبحت نقطة وعي في الخريطة الاقتصادية لسلطنة عمان، ما نحتاجه الآن ليس فقط التقدير؛ بل الاستمرار، لا التكرار؛ بل التكامل، غرفة التجارة ومكتب المحافظ والإعلاميون ورواد الأعمال، جميعهم يشكلون لوحة متكاملة لأرضٍ تعرف كيف تحافظ على تراثها، وتمضي نحو مستقبل اقتصادي متنوع، لا يُرهق أحلام الشباب، ولا يُقيد طموح المبدعين.
رابط مختصر