كيف يتعامل الشعب الياباني مع العالم؟
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
استعد اليابانيون للمشاركة والمساهمة لحضور فعاليات معرض "إكسبو 2025 أوساكا" المقام حاليا بمحافظة أوساكا الصناعية اليابانية، والذي سوف يستمر لمدة 6 أشهر كاملة؛ الأمر الذي يعطي الفرصة لجميع شعوب العالم أن يأتوا من مختلف أنحاء المعمورة للمشاركة في هذا الحدث الثقافي والإنساني والاقتصادي.
المعروف عن اليابانيين حبهم للثقافات العالمية؛ حيث هناك الملايين من السياح منهم يقومون سنويا بزيارات سياحية وثقافية إلى مختلف دول العالم للتعرف على عادات وثقافات شعوب العالم ومعرفة المزيد من المعلومات عن الدول والأماكن التي يزورنها. ولا شك أن الحدث المُقام في دولتهم سوف يعمل على تقليل عدد السياح المتوجهين إلى العالم هذا العام، باعتبار أنهم سيعطون الأولوية للسياحة الداخلية وزيارة معرض إكسبو الدولي لمشاهدة ثقافات وعادات الدول المشاركة في هذا الحدث والتي يبلغ عددها 160 دولة، ومن بينها سلطنة عُمان، والتي تنقل كلٌ منها بعض ما لديها من عادات وتراث وثقافة وطبيعة وموارد إلى هذا المعرض العالمي.
وبذلك فإن هذا الحدث سيعمل على تعزيز الحركة السياحية الداخلية باليابان، وسيعزز من الوضع الاقتصادي بالبلاد بجانب زيادة الناتج الإجمالي لها من خلال تعزيز إيرادات المؤسسات السياحية والفندقية وحركة الطيران الداخلي والمواصلات البرية والجوية بصفة عامة بجانب توفير آلاف فرص العمل لليابانيين خلال هذه الفترة القصيرة.
لقد زُرتُ هذه الدولة أربع مرات خلال السنوات الأربعين الماضية؛ بل عشتُ مع عائلة يابانية لمدة 4 أيام للتعرف على عاداتهم وثقافتهم، وكذلك هم كانوا توَّاقين لمعرفة المزيد من عاداتنا الإسلامية، وكان ذلك عام 1988؛ حيث لأول مرة أقمت مع اليابانيين في عائلة واحدة، لأتذوق الأطعمة الخاصة بهم، وأشرب الشاي الياباني الذي يتم إعداده بمراسم معينة، وأخرج معهم إلى معابدهم ومنتزهاتهم وأتعرف على عاداتهم في صلواتهم، بينما هم كان يراقبونني أيضًا وأنا أؤدي صلاة الفجر وأجلس على ركبتي وأرفع يدي للقنوت وأدعو ربي. هم كانوا خلسة يراقبوني وأنا أؤدي تلك الصلوات في الفترات المختلفة من اليوم، ومن ثم نجلس سويًا لتناول الوجبات.
إنهم شعب محترم في كل شيء، خاصة في تناول الطعام واحترام النعم التي مَنَّ عليهم الخالق سبحانه وتعالى؛ حيث يتناولون ما يسد به جوعهم دون أن يقوموا برمي الطعام الزائد في سلة المهملات، وذلك بسبب حرصهم على عدم إبقاء أي شيء في صحونهم؛ حيث آخر حبة من الرز يتم تناولها عند اليابانيين ليس من قلة الطعام، ولكن حرصهم على النعمة، وهذا ما يفتخرون به، في الوقت الذي نرى أنها عادة إسلامية أصيلة؛ حيث يأمرنا الله سبحانه في القرآن الكريم بضرورة عدم التبذير والإسراف في الأكل والشرب. وبذلك يتفق اليابانيون مع المسلمين بضرورة الحرص على عدم التبذير. وهناك عادات كثيرة يشترك هؤلاء القوم معنا فيها تتعلق باحترام الكبير والعطف على الصغير وإنجاز العمل في الوقت المطلوب والصدق في أداء الأمانة، وعدم إضاعة الوقت في أمور جانبية، والاتجاه نحو الادخار حتى لا يحتاج المرء للطلب من الآخرين، والحرص على أداء الصلوات والعبادة كل على طريقته.
زيارة اليابان هي رسالة جامعية يتعرف الشخص خلالها على الكثير من الأمور الجميلة لدى هذا الشعب الراقي في عمله وتصرفاته وقرارته، الأمر الذي يدفعه دائما إلى معرفة المزيد عن اليابان وتاريخها وثقافتها واقتصادها، حيث تعرضت هذه الدولة إلى أكبر محنة في الحرب العالمية الثانية عندما تعرضت بعض مدنها مثل هيروشيما وناجازاكي إلى إلقاء قنابل نووية عليها من قبل أمريكا التي تتغاضى اليوم عما تفعله دولة الاحتلال الصهيونية في الشعب الفلسطيني بمدينة غزة الصامدة منذ أكثر من 76 عاما. ومن ثم قامت اليابان من ركامها لتصبح اليوم واحدة من الدول الصناعية الكبيرة في العالم ولتصبح منتجاتها الصناعية متوافرة في كل بيت ومؤسسة.
سأعمل جاهدًا خلال حضور فعاليات إكسبو الدولي باليابان في أي وقت تُتاح لي الفرصة خلال هذه الأشهر الستة المقبلة، لأزيد من معلوماتي وعلمي وخبرتي بهذا الشعب وثقافته. فقد سبق أن حضرت بعض المعارض التجارية في هذه الدولة، إلّا أن حضور الإكسبو العالمي سيكون له طعم آخر، خاصة وأن الوصول إلى هذه الدول أصبح من السهل نتيجة لترحيب المسؤولين بالزوار والراغبين لحضور هذه المناسبة دون أن نلقى أي تهديد من قبلهم كما تقوم به أمريكا لكل من يقوم بانتقاد حكومة ترامب على أفعالها وقيامها بتوفير أسلحة الدمار الشامل للقضاء على الشعب الفلسطيني بغزة الصامدة.
نقول أخيرًا إنَّ الشعب الياباني محب للسلام ويدعو له في جميع المحافل الدولية، ومن هذا المنطلق فإنَّ الزوار والسياح القادمين لحضور فعاليات الإكسبو الدولي سينالون كل الترحيب والتقدير من اليابانيين.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أستاذ علم اجتماع سياسي: من يدعم فلسطين عليه احترام السيادة المصرية
أكد الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن مصر لا تزال تمثل الداعم الأول والأساسي لقطاع غزة، مشيرا إلى أن نحو 80% من المساعدات التي دخلت القطاع خلال العشرين شهرا الماضية، كانت عبر الأراضي المصرية بشكل مباشر.
وأوضح في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن هذا الدور الإنساني والسياسي الكبير يعكس ثبات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية، ويبرهن على أن دعم الشعب الفلسطيني ليس مجرد شعار بل ممارسة مستمرة دفعت فيها مصر أثمانًا باهظة عبر التاريخ، من عام 1948 وحتى اليوم.
وشدد الدكتور سيد أحمد على أن أي محاولة لدعم غزة أو الشعب الفلسطيني يجب أن تتم من خلال القنوات الرسمية للدولة المصرية، باعتبارها الدولة ذات السيادة على حدودها، والتي تنسق جميع التحركات والوفود الإنسانية والحقوقية وفق ضوابط أمنية وإدارية محددة.
وأشار إلى أن مصر، رغم التحديات، ترحب بكافة المبادرات الجادة لدعم الفلسطينيين، لكنها في الوقت نفسه ترفض أي تجاوز يمكن أن يمس أمنها القومي أو يتعدى على مؤسساتها.