ملتقى الأزهر: بيت المقدس أرض المحشر والمنشر وموضع البعث يوم القيامة
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
استأنف الجامع الأزهر أمس الأحد، ملتقى الأزهر للتفسير ووجوه الإعجاز القرآني، تحت عنوان: «المسجد الأقصى في القرآن الكريم»، وذلك ضمن الملتقى الأسبوعي الذي يُعقد يوم الأحد أسبوعيا.
شارك في الملتقى الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور صلاح عاشور، أستاذ التاريخ وعميد كلية اللغة العربية الأسبق، وأدار اللقاء الدكتور رضا عبد السلام، الرئيس الأسبق لإذاعة القرآن الكريم.
في مستهلّ اللقاء، أكّد الدكتور إبراهيم الهدهد أنّ ذكر المسجد الأقصى في القرآن الكريم لم يقتصر على آية الإسراء، كما يظن بعض الناس، بل ورد في عددٍ من السور، منها: البقرة، وآل عمران، والأعراف، والقصص، والمؤمنون، وسورة ق، لافتًا إلى أن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر، والموضع الذي يُبعث فيه الخلق يوم القيامة.
وأشار فضيلته إلى أن النبي ﷺ نبّه إلى فضل المسجد الأقصى، وأمر بشدّ الرحال إليه، فإن لم يستطع المسلم الوصول إليه، فليُسرج فيه زيتًا، أي يسهم في عمرانه ودعمه، مستدلًا بحديثه ﷺ: «فمن أسرج فيه زيتًا فكأنما صلى فيه»، مؤكدًا أن هذا الحديث الشريف يُحمّل الأمة بمختلف أطيافها—عامةً وعلماءً وحكامًا—مسؤولياتٍ تجاه المسجد الأقصى.
وأوضح الدكتور الهدهد أنّ القول بأن المسجد الأقصى كان قبلةً لليهود هو قول باطل، إذ لم ينسبه القرآن إليهم قط، بل خاطبهم بقوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ﴾، ولم يقل: "عن قبلتنا"، مشيرًا إلى دقّة التعبير القرآني الذي ينفي نسبتهم للمسجد الأقصى، ويؤكد أنه قبلة المسلمين وحدهم، وأرض النبوات، وموضع البركة التي بارك الله فيها وحولها.
من جانبه، أشار الدكتور صلاح عاشور إلى المكانة العظيمة التي يحتلها المسجد الأقصى في نفوس المسلمين، مستشهدًا بعادة «المجاورة» التي درج عليها العلماء والعباد في أروقته، كما جاور العلماء البيت الحرام، مذكرًا بما فعله الزمخشري في مكة حتى لُقّب بـ«جار الله».
وبيّن الدكتور عاشور أنّ افتتاح سورة الإسراء بذكر المسجد الأقصى هو تصريح قرآني بمكانته، وإشارة إعجازية بتحديد الزمن بلفظ: ﴿لَيْلًا﴾، ممّا يدل على وقوع الرحلة في جزء من الليل، ويُعزّز المعجزة النبوية ويُجسّد التوأمة الروحية والدينية بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، ويؤكّد أن الأقصى جزء لا يتجزّأ من هوية الأمة الإسلامية.
كما حذّر فضيلته من محاولات الاحتلال الصهيوني لهدم المسجد الأقصى، بذريعة البحث عن ما يُسمّى "هيكل سليمان"، موضحًا أنّها دعاوى باطلة تُستخدم كستارٍ لتهويد المسجد وهدمه وتدنيسه، في منطقة سكنها العرب منذ القدم، مؤكدًا أن بيت المقدس وفلسطين ستبقيان عربيةً خالصة، مهما طال العدوان، ومهما حاول العدو المحتل تزييف التاريخ.
وفي ختام الملتقى، شدّد الدكتور رضا عبد السلام على أنّ المحتل يسعى إلى اختلاق شرعيةٍ تاريخية في أرض فلسطين، وهي أرض عربية خالصة، وستظل كذلك إلى يوم الدين، مشيرًا إلى أنّ التاريخ نفسه يشهد على عروبة القدس وفلسطين، وأن محاولات التزييف لن تنجح أمام وعي الأمة وثباتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ملتقى الجامع الأزهر بيت المقدس فلسطين عروبة القدس المزيد المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
المفتي وإخوانه في دائرة الاستهداف الإسرائيلي
يعتبر شخصية معتدلة سياسيا.
طرح رؤية أثارت "غضب" الاحتلال أكثر من مرة من بينها فتوى العمليات الاستشهادية.
وحديث "الحجر أو الشجر"، وبأن المسجد الأقصى موجود منذ سيدنا أدم ولم يكن يهوديا في يوم من الأيام.
ورغم صفة التروي والهدوء وموقعه الرسمي في الأوقاف التي تتبع الحكومة الأردنية وتعيينه من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله إلا أن الشيخ تعرض للاعتقال من قبل الاحتلال مرات عديدة.
تتلمذ محمد حسين، المولود في حي جبل المكبر بالقدس عام 1950، في بداية حياته العلمية على يد الشيخ هاشم البغدادي، وهو أحد علماء القراءات في بيت المقدس، فأخذ عنه علم القراءة وأحكام التجويد.
تخرج في ثانوية الأقصى الشرعية عام 1969، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية عام 1973، والماجستير من جامعة القدس.
عمل بعد تخرجه مدرسا في مدرسة دار الأيتام الإسلامية، ثم انتقل إلى التدريس في مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية، ثم أصبح مديرا للمدرسة الشرعية، فمراقبا للتوجيه الإسلامي في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
تولى التدريس والخطابة في المسجد الأقصى عام 1982 وحتى اليوم، ثم تولى إدارة شؤون الأقصى من عام 1986 إلى عام 2006.
عين في الفترة ما بين عامي 1987 و1990 عضوا في مجلس الأوقاف الإسلامية في الضفة الغربية، إضافة إلى رئاسة مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، وعضو مؤسس في العديد من الجمعيات الخيرية.
شغل منصب رئيس المجلس الاستشاري لكلية القرآن والدراسات الإسلامية، وعضو مؤسس لهيئة العلماء والدعاة في بيت المقدس، وعضو في مجمع الفقه الإسلامي الدولي في السعودية ومجلس أمناء مؤسسة الشهيد ياسر عرفات.
وكان عضوا في الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس، وفي مجلس أمناء صندوق ووقفية القدس، ورئيسا للهيئة الإسلامية المسيحية، وعضوا في رابطة العالم الإسلامي، وفي مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي بالأردن، وعضو في الهيئة الإسلامية العليا.
عينه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مفتيا للقدس والديار الفلسطينية برتبة وزير في عام 2006 خلفا للشيخ عكرمة صبري الذي أقيل من منصبه من قبل عباس بزعم إشراك نفسه بشكل كبير في الشؤون السياسية.
عقب تبني الاحتلال قانون التغذية القسرية للأسرى، أصدر الشيخ حسين فتوى تجيز مقاومة الأسرى للتغذية القسرية، وقال إن "ضحاياها شهداء" مضيفا أن هذا الأسلوب يجوز "إذا لم يجد الأسرى وسيلة غيرها لتحصيل حقوقهم الإنسانية المشروعة".
وفي عام 2006، وبعد تعيينه مفتيا عاما للقدس، أعرب حسين عن رأيه بشأن التفجيرات الاستشهادية الفلسطينية، قائلا: "إنها مشروعة، بالطبع، طالما أنها تلعب دورا في المقاومة".
في عام 2012، ألقى حسين خطابا خلال احتفالية بمناسبة ذكرى تأسيس حركة فتح، حيث استشهد بحديث شريف قال فيه: " لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فيختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر، فينادي الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله".
أدان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو كلمات حسين ووصفها بأنها "شنيعة أخلاقيا" وقارنه بمفتي القدس السابق، أمين الحسيني بزعم تحالفه مع أدولف هتلر، وأصدر المدعي العام الإسرائيلي، يهودا وينشتاين، تعليمات للشرطة المحلية بفتح تحقيق جنائي في تصريحات حسين بتهمة التحريض.
وفي عام 2013، اعتقلت السلطات الإسرائيلية حسين بسبب مزاعم ارتباطه بالمواجهات في الحرم القدسي الشريف .
وفي مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي عام 2015، نفى حسين وجود أي أماكن عبادة يهودية في الحرم القدسي الشريف. وقال إن الحرم القدسي الشريف كان موقع مسجد "قبل 3000 عام، وقبل 30 ألف عام"، وأنه كان كذلك "منذ خلق العالم". وفيما يتعلق بعمر المسجد الأقصى، أكد حسين أن "هذا هو المسجد الأقصى الذي بناه آدم عليه السلام، أو في عهده، بناه الملائكة ".
ولم يسلم الشيخ من عمليات الاعتقال، فقد واصلت سلطات الاحتلال مطاردته كان أخرها أواخر الشهر الماضي حين اعتقلته من داخل المسجد الأقصى عقب إلقائه خطبة الجمعة التي استنكر فيها سياسة التجويع التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
بعد انتهاء مدة إبعاده التي استمرت 8 أيام، سلمته سلطات الاحتلال قبل أيام قرارا نهائيا بإبعاده عن المسجد الأقصى مدة 6 أشهر.
وتواصل سلطات الاحتلال استهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد، حيث اعتقلت قاضي قضاة القدس الشيخ إياد العباسي أثناء خروجه من المسجد عقب إلقائه درسا تحدث فيه عن التجويع والإبادة في غزة، ومن بينهما أيضا الشيخ محمد سليم والشيخ عكرمة صبري.
الشيخ محمد حسين رفض القرار واعتبر بأنه يأتي ضمن سياستها الممنهجة لـ"التضييق على رجال الدين من المسلمين والمسيحيين في القدس، واستهداف دورهم وخطبهم التي تعبر عن هوية المدينة ومقدساتها".
وشدد على أن "الخطبة الدينية مسؤولية شرعية يتحملها الخطيب وحده، وليست من اختصاص سلطات الاحتلال"، مؤكدا رفضه لأي "تدخل في مضمون الخطاب الديني، باعتباره شأنا دينيا وعقائديا خالصا".
وأشار إلى أن "الأردن، بصفته صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، يقوم بدور مهم في التصدي لهذا القرار، من خلال وزارة الأوقاف التي تتابع الملف قانونيا وتتحرك ضمن مسؤوليتها في حماية الخطباء والعاملين في العمل الديني في المدينة المحتلة".
ولفت إلى أن القرار الإسرائيلي "لن يمنعه من أداء واجباته الدينية".
وأضاف "يدعون أني أشكل خطر على جمهور المسجد الأقصى، لم أكن كذلك ولن أكون، أنا أرفض هذه التهمة بعد 43 عاما قضيتها كخطيب في الأقصى".
وكان خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري قد أكد في وقت سابق أن الاحتلال يستغل الظروف السياسية والعسكرية الراهنة، وخاصة العدوان على قطاع غزة، لزيادة انتهاكاته بحق المقدسيين والأقصى، وفرض المزيد من القيود عليه.
وأشار صبري إلى أن "المدينة المقدسة باتت محاصرة بالكامل، والمسجد الأقصى يخضع لحصار مشدد منذ اندلاع العدوان على غزة وممارسة سياسة ممنهجة لإبعاد الشباب والمرابطين، ضمن سياسة تفتقر لأي أساس قانوني أو أخلاقي، ولا تمارس في أي مكان في العالم إلا من قبل قوات الاحتلال.".
ويشهد المسجد الأقصى، منذ بداية الحرب على غزة، تصعيدا خطيرا من قبل الاحتلال، يتمثل في تكثيف اقتحامات المستوطنين لساحاته، وتقييد حرية عمل موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية وخطبائه، إضافة إلى محاولات تقويض الدور الأردني المشرف على المسجد من خلال وزارة الأوقاف الأردنية.
ويشكل العلماء المسلمين والخطباء في القدس، ومن بينهم الشيخ حسين والشيخ صبري، سدا منيعا وجدارا صلبا في وجه عمليات التهويد التي تستهدف المسجد الأقصى، ويبدو الشيح محمد حسين الأكثر تأثيرا، بحكم موقعه الرسمي، لذلك لجأ الاحتلال إلى منعه من دخول المسجد الأقصى لمدة طويلة نسبيا.
المرابطون والعلماء يقفون في طليعة الفئة المقاومة لأي مساس بالمسجد الأقصى أو أجراء أي تعيير على الواقع الذي يعيشه المسجد من مئات السنين.