التجويع كسلاح… كيف تحوّلت بطون أطفال غزة إلى ساحة حرب؟
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
بعدما اجتاح سوء التغذية ونقص أساسيات الحياة غزة بات أطفالها يموتون ببطىء أمام أنظار العالم، حيث أضحى النقص الكبير في الطعام المغذي والمياه النظيفة والخدمات الطبية نتيجة مباشرة للعوائق التي تحول دون وصول المساعدات والمخاطر المتعددة التي تواجه العمليات الإنسانية للأمم المتحدة، الأمر الذي يؤثر على الأطفال ويعيق قدرة الأمهات على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية.
في هذا السياق، يتأثر نحو 60 ألف طفل، غالبيتهم من الرضع، بالظروف القاسية الصعبة التي يعيشها جميع سكان قطاع غزة، مع توقف إمدادات الغذاء والدواء، وتفاقم الظروف البيئية التي تزيد من مخاطر الواقع الصحي.
من جانبها أشارت منسقة الأمم المتحدةالخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط ومنسقة الشؤون الإنسانية و إعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ إلى أن العاملين في المجال الإنساني يواجهون نقصًا في المعدات اللازمة لتنفيذ عملياتهم، كما أن الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات قد نفد، وهو ما أدى إلى تعطل توزيع المساعدات الإنسانية.
وأضافت: “نعلم أن أكثر من 60 ألف طفل في غزة دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية، كل رقم في هذه الإحصاءات يمثّل إنسانًا وحياةً، وكفاحًا من أجل البقاء”.
في مشهد يعكس قسوة تفوق حدود الحصار العسكري، يستخدم الاحتلال الإسرائيلي سلاحًا صامتًا ومدمّرًا ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة: التجويع الممنهج، فمع دخول الحرب على غزة شهرها السابع، لم تعد الغارات والقنابل وحدها تفتك بالحياة، بل بات سوء التغذية الحاد، وخاصة بين الأطفال، عنوانًا لمرحلة جديدة من المعاناة الجماعية.
حسب تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة في أبريل 2025، فإن أكثر من 60 ألف طفل في قطاع غزة يعانون من سوء التغذية، منهم الآلاف في حالة خطر شديد قد تؤدي إلى الوفاة في حال عدم التدخل السريع.
سياسة التجويع: من الحصار إلى منع المساعدات
منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023، فرضت “إسرائيل” حصارًا خانقًا على قطاع غزة، لم يقتصر على تقييد حركة الأفراد والبضائع، بل شمل منع إدخال المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والمساعدات الإنسانية، وعلى مدار أشهر، منعت سلطات الاحتلال قوافل الإغاثة، وقيّدت عمل منظمات دولية، وقصفت مخازن الغذاء والمخابز ومرافق المياه.
وحتى عندما سُمح لبعض المساعدات بالدخول، تمّ ذلك بشكل متقطّع ومحدود للغاية، لا يلبّي أدنى الاحتياجات الغذائية لأكثر من مليوني إنسان يعيشون في القطاع، نصفهم من الأطفال.
التجويع كوسيلة عسكرية: جرائم لا تسقط بالتقادم
استخدام التجويع كوسيلة لإخضاع السكان المدنيين محظور بموجب القانون الدولي الإنساني، المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف تحظر بشكل صريح استهداف وسائل العيش الأساسية للسكان، كالغذاء والمياه والزراعة، ومع ذلك، فإن “إسرائيل” لم تكتفِ بتجويع المدنيين، بل قامت بتدمير منظم للبنية التحتية الغذائية، من مزارع ودفيئات إلى مخابز ومستودعات الأغذية.
تقول منظمة “أنقذوا الطفولة” (Save the Children) : إن الأطفال في شمال غزة يقتاتون على أوراق الأشجار وماء البحر المغلي، وإن كثيرًا من الأمهات يتنازلن عن وجباتهن ليتمكن أطفالهن من البقاء على قيد الحياة، في المستشفيات، ينتشر ما يُعرف بـ”الهزال الحاد”، وهو أخطر مراحل سوء التغذية التي تؤدي إلى فشل الأعضاء، وغالبًا الموت.
كارثة إنسانية صامتة: أرقام مفزعة
أكثر من 60 ألف طفل يعانون من سوء التغذية في قطاع غزة، حسب الأمم المتحدة (أبريل 2025).
تقارير طبية تؤكد وفاة عشرات الأطفال نتيجة الجوع، معظمهم في شمال القطاع.
منظمة الصحة العالمية تحذر من أن النظام الغذائي لمعظم سكان غزة لا يوفّر سوى 400-600 سعرة حرارية يوميًا – أي أقل من ربع الحاجة اليومية للإنسان.
تفشي أمراض خطيرة بين الأطفال مثل فقر الدم، ونقص الفيتامينات، وضعف المناعة، ما يجعلهم فريسة سهلة للأمراض المعدية.
وحسب منظمة أوكسفام، فإن طفلاً من كل ثلاثة أطفال في غزة يعاني من التقزّم بسبب سوء التغذية المزمن، وهي نسبة مقلقة ترتبط مباشرة بعوامل الحصار الطويل المدى.
سجل حافل
سجل كيان الاحتلال الإسرائيلي في تجويع أطفال فلسطين هو سجل موثق ومرعب، يُظهر كيف تحوّل الجوع من نتيجة عرضية للحصار إلى أداة ممنهجة للعقاب الجماعي، استراتيجية التجويع في الفكر الإسرائيلي ليست ظاهرة طارئة على حرب غزة الأخيرة، بل هي سياسة ممنهجة تمتد لعقود، حيث استخدمت القيود على الغذاء والدواء كسلاح للضغط الجماعي على السكان الفلسطينيين، وتحديدًا الأطفال الذين يُعدّون الفئة الأكثر هشاشة وتأثّرًا بالحصار.
الأطفال، بضعفهم وبحاجتهم للنمو الجسدي والعقلي، كانوا ولا يزالون الضحايا الأكثر تأثرًا لهذه السياسات، هذا السجل يتطلب مساءلة قانونية وأخلاقية من المجتمع الدولي، قبل أن يُكتب المزيد من هذا التاريخ بالدم والجوع.
حيث إنه ومنذ أوائل الألفية الثانية، بدأت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بفرض قيود صارمة على إدخال المواد الأساسية إلى قطاع غزة، وتصاعدت هذه السياسة بعد فوز حركة حماس بالانتخابات عام 2006 وفرض الحصار الكامل عام 2007، في تلك الفترة، كشفت وثائق إسرائيلية حصلت عليها منظمات حقوقية مثل “غيشاه – مسلك” أن الحكومة الإسرائيلية وضعت معايير حسابية لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للبقاء أحياء – لا أكثر – في محاولة لتبرير تقنين دخول المواد الغذائية.
التواطؤ الدولي وصمت المؤسسات
في ظل العجز الدولي عن ردع النازية الصهيونية تغلق قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية شهر مارس (آذار) الماضي معابر القطاع، وتمنع إدخال أي مواد سواء غذائية أو طبية، وذلك قبل أن تستأنف حربها في الثامن عشر من الشهر نفسه.
وحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن إغلاق المعابر أمام الإمدادات الغذائية والدوائية قد يُفاقم أعداد المصابين بسوء التغذية بين الأطفال، مشيرةً إلى أن انعدام مصادر التغذية السليمة ومياه الشرب “سيضاعف من التحديات الصحية مع استمرار منع التطعيمات الوبائية للأطفال، وخاصة تطعيمات شلل الأطفال”، رغم التحذيرات المتكررة من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، فإن المجتمع الدولي لم يتخذ أي خطوات فعلية لإيقاف هذه الكارثة، بل إن بعض الدول واصلت تزويد كيان الاحتلال الاسرائيلي بالسلاح والدعم السياسي، ما يفسّره البعض كتواطؤ ضمني في جريمة استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.
تقول المفوضية السامية لحقوق الإنسان: إن ما يحدث في غزة قد يرقى إلى جريمة حرب، بل جريمة ضد الإنسانية، بسبب النطاق الواسع والانتهاك المتعمد للحقوق الأساسية للأطفال.
دعوة عاجلة للتحرك
لا يمكن اعتبار الجوع الذي يعاني منه أطفال غزة “أثرًا جانبيًا” للحرب، بل هو سلاح متعمّد يُستخدم لإركاع مجتمع بأكمله، إن استمرار الصمت الدولي أمام هذه الجريمة هو إدانة بحد ذاته، ويستدعي تحركًا فوريًا من الدول، والمؤسسات الحقوقية، ومؤسسات الإعلام، لكسر الحصار، وإجبار “إسرائيل” على فتح المعابر، وضمان وصول المساعدات بشكل كامل وفوري.
فإنقاذ أطفال غزة لا يتطلّب خطابات ولا لجانًا، بل يتطلب كسر الصمت، ومحاسبة المجرمين، وتحركًا دوليًا لا يُقايض أرواح الأطفال بحسابات السياسة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الأمم المتحدة سوء التغذیة قطاع غزة أکثر من ألف طفل فی غزة
إقرأ أيضاً:
السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية
يشهد السودان خلال الساعات الأخيرة سلسلة من التطورات المتلاحقة التي تعكس تعقيدات المشهدين السياسي والعسكري، وسط ضغوط دولية متزايدة، وتحديات إنسانية متفاقمة، وتوترات دبلوماسية تمتد إلى خارج الحدود.
ويستعرض هذا التقرير أبرز المستجدات التي رصدتها منصات إعلامية محلية ودولية، والتي سجلت حضورًا لافتًا في المشهد السوداني خلال اليومين الماضيين.
القوات المسلحة السودانية تنفي “اتفاق الانسحاب” وتطالب بالتحقق من المصادر الرسمية
أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية بيانًا مهمًا، نفت فيه بشكل قاطع صحة ما تردد في بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وجود اتفاق مزعوم مع الحركة الشعبية يقضي بانسحاب الجيش من مدينتي الدلنج وكادوقلي.
وأكد البيان أن القوات المسلحة ما تزال في مواقعها الميدانية وفق الخطط العملياتية المعتمدة، مشيرًا إلى أن الشائعات المتداولة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإرباك المواطنين.
ودعت القيادة الجميع — مواطنين وإعلامًا — إلى التحري الدقيق وعدم الانسياق وراء الأخبار غير الموثوقة، والاكتفاء بالبيانات الصادرة عبر القنوات الرسمية.
سفارة السودان بالقاهرة تعلن تأجيل انتقال قسم الجوازات
أعلنت سفارة جمهورية السودان في القاهرة عن تأجيل موعد انتقال قسم الجوازات إلى مقرها الجديد في التجمع الخامس إلى يوم الإثنين 22 ديسمبر 2025، موضحة أن التأجيل يعود لاستكمال الترتيبات الفنية.
ودعت السفارة المواطنين إلى الالتزام بالحجز المسبق عبر الموقع الإلكتروني لتجنب الازدحام وضمان انسياب العمل، مؤكدة حرصها على تقديم خدمة قنصلية حضارية لكافة السودانيين في مصر.
فيسبوك يرفع الحظر عن محتوى “الدعم السريع” ويثير جدلًا واسعًاقامت منصة فيسبوك برفع الحظر المفروض سابقًا على المحتوى المتعلق بمليشيا الدعم السريع، بما في ذلك الكلمات المفتاحية: الدعم السريع – حميدتي.
القرار فتح باب الجدل من جديد، بين من يرى أنه يتيح انتشار سرديات المليشيا على نطاق أوسع، ومن يعتبره خطوة تعزز الشفافية الرقمية وتتيح تداولًا أكبر للمعلومات المتعلقة بالحرب. ويأتي ذلك في ظل الاتهامات الواسعة الموجهة للدعم السريع بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة في عدة مناطق سودانية.
توتر دبلوماسي جديد – إيران تطرد دبلوماسيًا سودانيًا وتمهله 72 ساعة
في تطور لافت، أعلنت إيران طرد أحد الدبلوماسيين السودانيين ومنحه مهلة 72 ساعة لمغادرة أراضيها.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن القرار يعكس حالة توتر سياسي متصاعد بين الخرطوم وطهران، والتي تشهد علاقاتهما تعقيدًا بسبب تباينات إقليمية وتأثيرات الحرب السودانية.
ويرجّح مراقبون أن الخطوة الإيرانية مرتبطة بمواقف حكومية سودانية اعتبرتها طهران تدخلًا أو مساسًا بمصالحها، ما قد يفتح الباب أمام تصعيد دبلوماسي خلال الأيام المقبلة.
CIA تكشف لأول مرة عن تدخلات خارجية تطيل أمد الحرب في السودان
شهد اجتماع لمجلس الدفاع والأمن القومي الأميركي إقرارًا غير مسبوق من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بوجود تدخلات خارجية مباشرة تساهم في prolonging الحرب السودانية عبر تقديم دعم عسكري ولوجستي لأحد أطراف النزاع.
وأشارت التقييمات الاستخباراتية إلى إمكانية تحقيق تقدم ملموس خلال 3 أشهر في إنهاء الحرب إذا تمكنت الجهود الدولية من وقف التدخلات الخارجية وتوحيد الضغوط على الأطراف المتحاربة.
هذا الاعتراف يعزز ما يتردد داخليًا حول تعدد أجندات القوى الإقليمية والدولية التي تتقاطع فوق الجغرافيا السودانية.
أزمة إنسانية خانقة – برنامج الأغذية العالمي يخفض حصص الغذاءأعلن برنامج الأغذية العالمي (WFP) اضطراره إلى خفض حصص الغذاء المقدمة لمجتمعات تواجه المجاعة في السودان، بسبب نقص التمويل العالمي وتراجع الدعم الدولي.
ويعاني السودان حاليًا من واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم، حيث يشير البرنامج إلى:
18 مليون سوداني في مواجهة انعدام الأمن الغذائيمجتمعات محاصرة في دارفور والخرطوم وجنوب كردفان والنيل الأزرق
مخاوف من تفاقم نسبة سوء التغذية بين الأطفال والنساء
ودعا البرنامج المجتمع الدولي لتوفير تمويل عاجل لمنع انزلاق البلاد نحو كارثة إنسانية أكبر.
فرض عقوبات على الدعم السريع
إليك الصياغة في فقرة واحدة بأسلوب احترافي ومتوافق مع السيو كما طلبت:
أشهرت المملكة المتحدة "الكرت الأحمر" في وجه عدد من أبرز قادة قوات الدعم السريع، معلنة فرض عقوبات صارمة عليهم في خطوة تُعد الأكثر حزمًا منذ اندلاع الحرب في السودان.
وشملت العقوبات كلًا من الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، واللواء جدو أبو شوك قائد قطاع شمال دارفور، إضافة إلى أبو لولو والفاتح قرشي الناطق الرسمي للمليشيا، وذلك على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، من بينها القتل الجماعي والعنف الجنسي الممنهج والهجمات المتعمدة وتدمير الأحياء السكنية.
وتتضمن الإجراءات البريطانية تجميد الأصول المالية وحظر السفر ومنع أي تعاملات اقتصادية معهم. وأثار القرار ردود فعل واسعة داخل السودان، حيث اعتبره مراقبون خطوة مهمة نحو محاسبة المتورطين في انتهاكات دارفور وإشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي لن يسمح بمرور الجرائم دون عقاب.