أبو بكر القاضي: أزمة الأطباء لا تُحل بزيادة الخريجين بل بوقف الهجرة
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء والأمين العام المساعد لاتحاد المهن الطبية، إن النقابة حذرت على مدار سنوات من أزمة عجز الأطباء والتي جاءت نتيجة حتمية لسنوات من تجاهل التحذيرات المتكررة من هجرة الأطباء، مشيرًا إلى أن الحلول الحكومية الأخيرة، وعلى رأسها الاتجاه لزيادة أعداد خريجي كليات الطب ليست حلا للمشكلة.
وأوضح القاضي أن عدد الأطباء المقيدين في النقابة بالنسبة لعدد السكان لا يشير إلى وجود عجز حقيقي، وإنما الأزمة الحقيقية تكمن في هجرة الكفاءات إلى الخارج بسبب ضعف الأجور، وسوء بيئة العمل، وغياب الحوافز.
واعتبر أن زيادة أعداد الخريجين لن تسهم في حل الأزمة، بل ستمثل عبئًا اقتصاديًا إضافيًا على الدولة التي تنفق مبالغ طائلة على تعليم الأطباء، ثم لا تستفيد منهم.
جودة الخدمة الطبية
وأضاف القاضي أن الاتجاه نحو قبول أعداد أكبر من الطلاب قد يفتح الباب للتنازل عن معايير التفوق العلمي، ما يُنذر بتراجع في مستوى الخريجين، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة الطبية وسمعة الطبيب المصري المعروفة عالميًا.
ودعا إلى التعامل مع الأزمة من جذورها، عبر زيادة موازنة وزارة الصحة وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات الحكومية، بحيث تصبح أكثر جذبًا للطبيب، مع تطوير منظومة تقديم الخدمة من خلال إنشاء أقسام متميزة بمقابل مادي تنافسي يضمن استدامة الموارد دون المساس بخدمات الفئات غير القادرة.
ترخيص العيادات الخاصة
كما شدد القاضي على ضرورة تسهيل إجراءات ترخيص العيادات الخاصة، وتيسير العمل بها، بما يخفف الضغط على المستشفيات الحكومية ويوفر للطبيب بيئة أكثر مرونة، إلى جانب ضرورة العمل الجاد على ملف السياحة العلاجية، الذي تملك مصر فيه كل المقومات اللازمة لتكون وجهة إقليمية رائدة، بدلًا من تصدير الأطباء للخارج يمكن أن نستورد المرضى من دول العالم، بما يعود على الدولة بعائد اقتصادي كبير.
رؤية واضحة وإرادة حقيقية
وأشار إلى أن أحد التصورات الجديرة بالدراسة هو أن يتم الفصل بين العمل الحكومي والخاص، بحيث يكون الطبيب العامل في المستشفيات الحكومية متفرغًا تمامًا ويحصل على راتب عادل يضمن استمراره والتزامه الكامل، ما ينعكس على انتظام الخدمة الطبية في المؤسسات العامة.
وأكد أن مصر تملك كل الحلول والإمكانات، فقط تحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة حقيقية في إدارة هذا الملف بما يليق بمكانتها وكوادرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أبو بكر القاضي
إقرأ أيضاً:
الإدارة الحكومية للإبداع
د. صلاح بن راشد الغريبي
أصل كل عمل إبداعي عقل قادر على الإيجاز والتفصيل إما بالكتابة أو الأداء أو الرسم أو بأي قالب يستوعب حصيلة التفكير في موضوع مُعين، وتنشط بعد ذلك المطابع ودور النشر أو شركات الإنتاج في إخراجه للجمهور المتلقي ذلك الجمهور المُتعدد في اتجاهاته والمتنوع في معارفه ورغباته.
ذلك الإخراج يستدعي عدة أمور منها تشريعات محددة ومفصلة، وأيضًا مؤسسات تعمل عليه، ولكن دعونا نسأل؛ هل ثمّة مُخرِجان اثنان لعمل فني ناجح أو رسّامان للوحة فنية واحدة أو شاعران لقصيدة واحدة نابعة من وجدان صادق غير متكلف؟!
كذلك لا تستطيع أي وسيلة نقل الاتجاه في طريقين مختلفين في الوقت نفسه إلا أن تكون النتيجة الدوران من نقطة والعودة إليها مرة أخرى أو الثبات التام في المكان نفسه.
كان لا بد من طرح مثل هذه التساؤلات للحصول على المغزى التالي:
لا يمكن الوصول إلى أي إنجاز واقعي وحقيقي ومفيد ما لم تستقل صناعة العمل الإبداعي سواء كان الكِتاب أو السينما أو الفنون المختلفة أو أي عمل إبداعي آخر في مؤسسة جامعة لكل مراحله من الألف إلى الياء من التشريع المنظم إلى إدارة عناصره البشرية والتقنية والفنية ومن بعد ذلك الوصول لتحقيق الأهداف ومراجعة ما أنجز منها وما لم ينجز في الإطارين الزماني والمكاني لهذه الأهداف.
وبذا نفهم أهمية ما تقوم به الحكومات في العالم والساعية للتقدم في جعل كل عمل إبداعي تحت إطار هيئة واحدة أو مؤسسة واحدة أو إدارة واحدة؛ من غير تشتيت أو تفريق لمفاصِلِه هذا المفصل لهذه الجهة وذلك لتلك والآخر لجهة أخرى كتوزيع الإرث الظالم أو توزيع فوضوي بلا ميزان ولا مبدأ.
يقع التشريع على هذه الجهة التي لا تدرك حقيقة العمل الميداني وتفاصيله المتغيرة أو تتدخل فيما لا تعيه من جوانب يعيها المتخصصون والتنفيذيون وحدهم؛ والذين يقع عليهم الكدح والبذل والتقريع والمحاسبة؛ في حين أن آخرين يحملهم الجشع لاختلاس ثمارهم الناضجة وحصادهم فيظلون كالذي يتلمظ اللقمة والثمرة التي بذرها وسقاها ولا يَطعَمُها أبدا أو يُعطى منها ما يجعلُ فمه مغلقا أو يده مزمومة عن جلّ حقه أو أكثره.
حينها تكون رغبة الموظف أو العامل الجاد في تجويد عمله في أدنى مستوياتها وتكون الحصيلة عملا سطحيا استعراضيا لا غير؛ ذلك إن تم العمل أصلا.
الخلاصة أنه لا بُدّ من مظلة واحدة تجمع كل صناعة إبداعية على حدة؛ بدءًا من المشاركة في وضع ضوابطها المجتمعية، وانتهاءً باستعراض نتائج العمل ومراجعته والعمل على تجويده وتطويره، وأن من يستحق أولًا ثمار الحصاد هو من يبذر ويزرع حتى تظل جذوة العطاء مشتعلة في نفسه وحتى لا يفقد همته وحرصه على ما يؤديه من عمل خدمة كان أو إنتاجًا.
التنظيم والعمل الجاد والمستمر والمتقن والتطوير الحقيقي لا يكون إلّا بوسيلة واحدة هي وجود هيئة أو مؤسسة مستقلة جامعة لكل عمل إبداعي مؤثر؛ سواء كان كتابًا (هيئة للكتاب) أو سينما ودراما (هيئة للسينما والدراما) وهكذا لأي عمل إبداعي بطابع إنتاجي كامل.