الجزيرة نت تواكب عودة سودانيين إلى مدنهم بعد عامين من الحرب
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
الخرطوم- جلبةٌ وطرقٌ ثقيل على الباب في إحدى ليالي أبريل/نيسان 2023 والزمن حرب، كان كفيلا بتجمد الدم في عروق سميرة بشير كمبال نصر عندما دخل جنود منزلها بحي الحلفايا بمدينة بحري شمال الخرطوم الذي كانت تسيطر عليه قوات الدعم السريع.
ولما تبينت الأمر، عرفت أن التهمة دفاعها عن جارها، وفي الأثناء وقعت أيديهم على ابنها وراحوا يضربونه، وعندما تدخلت كان نصيبها الضرب 4 أسواط، كما تقول للجزيرة نت.
ما حدث تكرر مرات عدة بأشكال مختلفة طيلة 19 شهرا، ولكن ليس من مخرج فلا قدرة لها على النزوح واستئجار بيت في المدن الآمنة داخل البلاد أو الهجرة خارج السودان.
وما جرى لسميرة ليس إلا صورة مصغرة لما تعرضت له مئات آلاف الأسر التي صبرت على أذى الحرب وما صاحبها من انتهاكات وفقدان الأمن والغذاء والدواء.
وتقدر السلطات المحلية في مدينة بحري عدد العائلات التي اختارت البقاء لنحو عامين من الحرب بأكثر من 300 أسرة في ضاحية الحلفايا.
وسيطرت قوات الدعم السريع على غالب أحياء الخرطوم بحري منذ الأيام الأولى لاندلاع حربها مع الجيش السوداني في منتصف أبريل/نيسان 2023، قبل أن يستعيد الجيش السيطرة على تلك المناطق بعملية عسكرية في 26 سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
إعلانوداخل منزلها في مدينة بحري تقول السيدة نجوى التهامي إنها كانت تعيش آمنة مطمئنة، وبعد اندلاع الحرب دفعها خوفها على ابنتها للمغادرة إلى مصر طلبا للأمان.
وبعد انجلاء الحرب عن مدينة بحري ومعظم أنحاء ولاية الخرطوم عادت نجوى إلى منزلها لتجده على غير ما تركته بفعل تعرضه للنهب والتدمير والتخريب، ولكن إحساسها بالأمان لا يضاهيه شيء، كما تقول للجزيرة نت.
وغير بعيد عن نجوى التهامي، يبدو وحيد إبراهيم سلطان سعيدا بقرار العودة، وكان منهمكا -وهو يتحدث للجزيرة نت- في إصلاح بيته الذي تعرض للنهب والتخريب بعد مغادرته لعام و8 أشهر.
ورصدت الجزيرة نت حملات لنظافة الشوارع بمدينة الخرطوم بحري وعودة الحياة إلى طبيعتها في الأسواق والمواصلات العامة.
وقال المواطن بابكر فهمي الذي يملك ملحمة بسوق الحلفايا: إن السوق عاد لنشاطه الاعتيادي، وما ينقصهم هو عودة الكهرباء المنقطعة منذ أكثر من أسبوع إثر استهداف قوات الدعم السريع لمحول الطاقة الرئيسي في سد مَرَوي شمال السودان.
وتنتظم العديد من المبادرات للعودة الطوعية من الولايات إلى الخرطوم من جهة، ومن مصر إلى السودان من جهة أخرى بمعدل 15 حافلة يوميا.
كما غادرت 5 قوافل ولاية الخرطوم إلى ولايتي الجزيرة وسنار ضمن برنامج العودة الطوعية بإشراف والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، حسب إعلام الولاية.
وتعهد المدير التنفيذي لمجلس محلي بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، في تصريح للجزيرة نت بتوفير جميع الخدمات الخاصة بالمياه والكهرباء والصحة والعلاج، وتلك المتعلقة بالعون الغذائي والإنساني، وكل الخدمات المتعلقة بالثقافة والمسرح والرياضة حتى تعود بحري إلى ألقها وبريقها بأحسن مما كانت عليه.
إعلانكما تنتظم حاليا حملات نظافة في مدينة الخرطوم لمحو أذى الحرب من طرقاتها. ونشط متطوعون من فئات مختلفة في كنس وتنظيف ما خلَّفته البنادق بهدف إعادة ملامح العاصمة لسابق عهدها، بينما تكفَّل سلاح المهندسين بانتشال مخلفات الحرب المنتشرة كشبح صامت يتربَّصُ في لحظة غفلة ليحول المكان إلى مأساة.
وعادة لا يسمح للمواطنين بدخول أي منطقة أعاد الجيش السيطرة عليها إلا بإعطاء سلاح المهندسين وفرق الدفاع المدني إشارة التمام بخلوها من أي مهددات أمنية.
وعرض الدفاع المدني في فيديو نماذج لمخلفات الحرب، مناشدا المواطنين عدم حرقها والاتصال فورا بالسلطات للتعامل معها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت مدینة بحری
إقرأ أيضاً:
خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
بيروت ـ في لحظة إقليمية حرجة، شنت إسرائيل هجوما جويا واسع النطاق، على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، أطلقت عليه اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة ما وصفتها بـ"عشرات المواقع النووية والعسكرية"، من أبرزها منشأة نطنز، ومقرات تابعة للجيش والحرس الثوري.
ومع إعلان طهران، أنها سترد بقوة على الهجوم الإسرائيلي تتجه الأنظار إلى "محور المقاومة"، لا سيما إلى حزب الله اللبناني، الحليف الإستراتيجي لطهران، وسط تساؤلات متزايدة: هل سيكون الحزب جزءا من الرد الإيراني، أم سيكتفي بالمراقبة في ظل توازنات داخلية وإقليمية معقدة؟
ويرى محللون تحدثوا للجزيرة نت، أن الوضع الحالي، رغم تصعيده اللافت، لا يستدعي تدخلا عسكريا مباشرا من حزب الله، مشيرين إلى أن طبيعة الصراع لا تزال ديناميكية ولم تبلغ حد التهديد الوجودي للنظام الإيراني.
وبحسب هؤلاء، فإن إيران، رغم المساس بسيادتها، تسعى -انطلاقا من منطق الدولة- إلى تولي الرد بنفسها لإثبات قدرتها على الردع، والحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية. فـ"أي رد يصدر من خارج مؤسسات الدولة، أو ينفذ من حلفائها، قد ينظر إليه كعلامة ضعف، ويفقد قيمته الاعتبارية"، بحسب ما أكد أكثر من خبير.
الكاتب والمحلل السياسي علي حيدر اعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن قراءة المشهد الإقليمي تتطلب فهما لطبيعته المتغيرة، فهو ليس مسارا خطيا بل تطور دائم التأثر بمتغيرات داخلية وخارجية.
ويرى حيدر، أن التدخل العسكري من حزب الله "غير مطروح في الوقت الحالي"، مضيفا أن "المعطيات لا تفرض على الحزب أن يزج بنفسه في مواجهة مباشرة، خاصة أن الهجوم، رغم خطورته، لا يشكل تهديدا وجوديا فوريا لإيران".
إعلانوعن موقف طهران، أوضح حيدر أن إيران نفسها، رغم تعرض أراضيها لهجوم مباشر، لا تحتاج إلى دعم حلفائها في هذه المرحلة، قائلا "الرد الإيراني المباشر هو الخيار الطبيعي والمنطقي، كونه يعكس قدرة الدولة على حماية سيادتها، كما يؤكد مركزية القرار الإيراني".
واستشهد حيدر بمواقف سابقة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، الذي كان يشدد دوما على أن إيران سترد بنفسها في حال تعرضت لعدوان مباشر، معتبرا أن "الاستعانة بالحلفاء في هذه الحالة قد تفسر على أنها نقطة ضعف".
وخلص حيدر إلى أن "مرحلة تهديد النظام الإيراني، إن حصلت، ستشكل مستوى مختلفا من التصعيد، وقد تفتح الجبهات على مصراعيها، بما فيها الجبهة اللبنانية. أما حتى اللحظة، فلا مؤشرات على نية إسرائيل استهداف حزب الله مباشرة، وعليه لا تبدو هناك ضرورة لتغيير تموضع الحزب الحالي".
عاجل | رويترز عن مسؤول في #حزب_الله: الحزب لن يبادر بمهاجمة إسرائيل ردا على غاراتها على #إيران pic.twitter.com/82zvNxKTVR
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 13, 2025
الرد الحتميمن جهته، رأى المحلل السياسي توفيق شومان، أن الهجوم الإسرائيلي يعد "اعتداء سافرا على دولة ذات سيادة لها حضور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي"، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت، أن "الرد الإيراني الحتمي يجب أن يصدر من الدولة نفسها، لا من وكلائها أو حلفائها".
ويؤكد شومان أن "القيمة المعنوية والسياسية لأي رد، لا تتحقق إلا إذا جاء من مؤسسات الدولة الإيرانية، بما يُظهر قدرتها الذاتية على الردع"، موضحا أن الرد من حلفاء، مثل حزب الله قد يُضعف الرسالة السياسية التي تسعى طهران إلى توجيهها، خاصة للمجتمع الدولي.
ويضيف "منطق الدولة يحتم أن تكون الجهة المعتدى عليها هي المسؤولة عن الرد، وهذا ما ينطبق على إيران الآن. فالمسألة لم تعد تتعلق بتقديرات ميدانية أو تكتيكية، بل بهيبة الدولة ومكانتها الإستراتيجية".
إعلانوفي تقديره، فإن إيران ستسعى إلى تنفيذ رد محسوب، يردع إسرائيل دون أن يؤدي إلى انفجار إقليمي شامل، في الوقت ذاته لن تُفرط في صمت قد يُفسّر على أنه تراجع.
بيان حزب اللهبين الرد المباشر والمراقبة المحسوبة، يجد حزب الله نفسه في موقع حساس. فمن جهة، يشكل جزءا من "محور المقاومة"، ومن جهة أخرى، يرزح لبنان تحت أعباء اقتصادية وأمنية قد لا تحتمل مزيدا من التصعيد.
وفي بيان له، وصف حزب الله الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه يشكل تصعيدا خطيرا في "مسار التفلت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ورعاية أميركيتين كاملتين"، مؤكدا أن إسرائيل لا تلتزم بأي منطق أو قوانين، ولا تعرف إلا لغة القتل والنار والدمار.
ودعا بيان الحزب شعوب المنطقة ودولها إلى أن "تعي أن هذا العدوان إذا لم يواجه بالرفض والإدانة والوقوف إلى جانب إيران وشعبها، سيزداد هذا الكيان المجرم عدوانية وجبروتا وسيعزز مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة والإضرار بمصالح شعوبها وسلب ثرواتها".
وأشار الحزب إلى أن مثل هذه الاعتداءات لن تضعف إيران، بل ستزيدها قوة وصلابة في مواجهة الأخطار، وإصرارا على الدفاع عن سيادتها وأمنها.