الصفقة الكبرى: العالم يُعاد تقسيمه من جديد.. بدمائنا
محمد الحسن محمد نور

الثامن من ديسمبر ٢٠٢٤ اللحظة التي انكشف فيها كل شيء.
في الثامن من ديسمبر ٢٠٢٤، وبعد ساعات فقط من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وغداة التقاط إسرائيل أنفاسها، خرجت علينا فجأةً – دون سابق إنذار – قوات “قسد” (الامتداد المُموَّه لما كان يُعرف بجبهة النصرة)، وهي تجتاح بقوة غير مسبوقة مناطق في دير الزور والشرق السوري.

بقيادة (أبو محمد الجولاني) الذي كان منبوذًا تطارده أمريكا بالأمس القريب وتطلب رأسه مقابل ملايين الدولارات، ظهر فجأةً وبصورة درامية متسيدًا المشهد ليتسلَّم مفاتيح الأرض، وينصب نفسه رئيسًا “شرعيًّا” لسوريا (دون انتخابات) بعد إعلان توبته على رؤوس الأشهاد وتغيير اسمه القديم (المرتبط بصفة الإرهاب) إلى “الرئيس السوري أحمد الشرع” ويعترف به ويستقبل فى كل العواصم بهذه الصفة.

في ذات الوقت، وبعد أن التقطت إسرائيل أنفاسها ورتبت أحوالها، دخلت المعركة بقوة غاشمة لا حدود لها، فراحت تعربد وتجوس خلال الديار، تدمر بلا هوادة كل البنى العسكرية للجيش السوري: سلاح الجو وسلاح البحرية، ومخازن الأسلحة التقليدية والكيميائية. ثم أتبعت ذلك بتدمير طرق الإمداد لحزب الله، ولم تكتفِ بذلك ،بل شرعت في إنشاء ما سمَّته بالمناطق العازلة”.

وتزامنا مع هذا المشهد ،،

* انسحبت روسيا من قواعدها في اللاذقية وحميميم بكل هدوء وفي وقت قياسي.

ثم،،

* انسحبت إيران في صمت ودون تعقيب.

* قامت تركيا بتوقيع اتفاقات غامضة مع “قسد”، ثم التفتت إلى حزب العمال الكردستاني وأعلنت حله بمسرحية لا تقل غموضاً .

كل ذلك والصمت المريب يخيم على المشهد. الكل صامتون… لا يمكن لكل هذا أن يحدث بمحض الصدفة.

ثم نتابع المشهد، ونقترب أكثر، ونتساءل : –
أولاً كيف حدث ذلك الاجتياح؟
وهل بالفعل استطاع الجولانى الإنتصار على الجيش السورى المدعوم بقوة من الجيش الروسى؟
وهل أقر الجيش الروسى بالهزيمة من فصيل إرهابى حسب تصنيفه؟
ثم ،،،،
أين الرئيس السوري الجديد مما تقوم به إسرائيل ؟

* لماذا لا يدافع عن البلد الذي استولى عليه بالقوة وسلاحه ما زال بيده وما زال يقطر دما ؟

* لماذا لا نسمع له صوتًا؟

* لماذا غاب وتوارى عن المشهد كليا ولم يكلف نفسه حتى عناء الشجب والاستنكار كما يفعل عامة الحكام العرب؟

* لماذا يقف العالم كله يتفرج ويراقب إسرائيل وهي تعربد؟

المشهد العالمي: حرب تجارية… وحسابات القوة
لا ينفصل ما يحدث في الشرق الأوسط عن الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية استعراضية هزت اقتصادات العالم، قبل أن يتراجع مركزًا على هدفه الرئيسي: الصين. العدو الأول الذى باتت تحركاته تمثل تهديداً جديا للإمبراطورية الأمريكية، وهيمنتها على العالم.

وهنا يختلط المشهد:

* الرئيس الأمريكي يتنكّر لحلفائه التقليديين (أوكرانيا وأوروبا وحلف الناتو).

* أمريكا بقيادة الرئيس ترمب تغازل الرئيس بوتين وتتقارب مع روسيا (العدو السابق) فى محاولة لاستدراجه بعيدًا عن الصين.

الرئيس ترمب ينقلب على أوكرانيا ويطالبها بالمبالغ الطائلة التى صرفتها امريكا على حربها ضد روسيا ثم يتخلى عنها كليا تُاركا إياها لمصيرها فى مواجهة روسيا.

تفاصيل الصفقة الكبرى: تقسيم الكعكة
ما يجري اليوم ليس أزمات منفصلة، بل تنفيذ محكم لـ
الصفقة الكبرى ،تفاهم خفي بين الكبار:

1. الشرق الأوسط هيمنة أمريكية-إسرائيلية.

2.أوكرانيا فريسة مُقدَّمة لروسيا.

3. إيران يُسمح لها بالانضمام للنادي النووي مقابل التخلي عن أذرعها (حزب الله، الحوثيين، وغيرهم).

4. تركيا صمتها مُقابل إطلاق يدها في سوريا والقضاء على حزب العمال الكردستاني.

5.السعودية والخليج
تُستنزفان وتُعاد ترتيب أوضاعهما ضمن خرائط القوى الجديدة. وثرواتهم تسيل لعاب الأكلة..

أما الباقي… ففي مهب الريح.

وكلاء يحترقون… وأدوات تتساقط

* الولايات المتحدة تتخلى عن أوكرانيا.

* إيران تسحب دعمها عن حلفائها.

* أوروبا تُستخدم ثم تُرمى.

* في لبنان والعراق والأردن: صمت الحكام يشي بتواطؤ لا يخفى.

السودان: واجهة تصفية الحسابات
في السودان، تُراق الدماء غزيرة دون وازع ولا رادع

* مئات الآلاف يُبادون كالحشرات.

* الصراع يُصوَّر وكأنه صراع داخلى، ولكنه في الحقيقة ساحة لاختبار الترتيبات الدولية الجديدة.

غزة تُباد… والكل يتفرج
غزة لا تُقصف فقط، بل تمحى.

* تدمير تام وممنهج .منع الإغاثة قطع المياه قطع الكهرباء. تجويع . قتل الناس. تدمير المشافى. تهجيرقسرى .

* الهدف: إنهاء القضية الفلسطينية وتهجير السكان واحتلال الأرض.

الخاتمة: الوعي والعمل الدؤوب… أو الفناء.
ما يُحاك في الخفاء يُنفَّذ على الأرض بسفك دمائنا وتشريد شعوبنا. نحن كسودانيين – الطرف الأضعف – نرى الصفقة الكبرى تُنسج فوق رؤوسنا، لكن دروس الماضي المرير تمنحنا بصيرة نادرة.
المخرج الوحيد

1. الوعي بخطورة المرحلة فَهم أدوات اللعبة الدولية وعدم الانجرار وراء الوهم.

2.العمل الدؤوب المثابر توحيد الصفوف عبر حوار وطني شامل، ينبذ الخلافات الفرعية، ويرفض خطاب الكراهية والعنصرية.

3. بناء جبهة قوية: يقودها خبراء مستقلون غير منتمين لأجندات حزبية ضيقة ولا خارجية فاسدة، يستفيدون من التجارب المُرّة التي عاناها الشعب السوداني.

4.إعادة هيكلة الدولة عبر نظام فيدرالي عادل يضمن حقوق الأطراف كافة، ويُطمئن “الهامش” التاريخي المهمش، ويخاطب جذور الأزمة السودانية المزمنة: مركزة السلطة والثروة، وتهميش المناطق.
الفيدرالية ليست ترفًا، بل ضمانة للوحدة الوطنية، وسبيلًا للتوزيع العادل للسلطة والموارد، ومرونة القوانين بما يناسب كل اقليم على حدة.وإيقاف نزيف الحروب الأهلية.
5.  التضامن الإقليمي ربط القضية السودانية بالنضالات العربية والأفريقية ضد التقسيم الجديد.

هذه ليست دعوة للانكفاء، بل لإشعال شمعة في عتمة المخططات الدولية. فإما أن نعمل اليوم بوعي وإصرار على البقاء… أو نُدفع غدًا إلى الهاوية والزوال . فإنها معركة نكون أو لا نكون….
٢٢ أبريل ٢٠٢٥

الوسومإسرائيل التقسيم السلاح الصفقة الكبرى العالم القوة روسيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إسرائيل التقسيم السلاح الصفقة الكبرى العالم القوة روسيا

إقرأ أيضاً:

العالم على شفا أزمة اقتصادية! لماذا يمثل إغلاق مضيق هرمز خطورة؟

أنقرة (زمان التركية) – تفتح التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط الباب أمام أزمة اقتصادية عالمية وشيكة. يواجه مضيق هرمز، الذي يخضع لحماية إيران، خطر الإغلاق بسبب الصراع. فماذا سيحدث إذا أُغلق مضيق هرمز؟ وما هي الدول الأكثر تأثرًا بإغلاقه؟ هذا ما يوضحه لنا تونجا إرتور وليلى أيدوغان.

دفعت الهجمات الجوية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، بالتعاون مع إسرائيل، إيران إلى التفكير بجدية في إغلاق مضيق هرمز. وقد أفادت الأنباء أن البرلمان الإيراني وافق على قرار إغلاق المضيق، لكن القرار النهائي يعود إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

إذا وافق خامنئي، فستقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز بالألغام والسفن، مما يجعله ممرًا غير صالح للملاحة أمام السفن. يمثل هذا المضيق حوالي خُمس استهلاك العالم من النفط.

ووفقًا لبيانات مؤسسة Vortexa، عبر ما بين 17.8 مليون و20.8 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والوقود والمكثفات من مضيق هرمز منذ عام 2022 وحتى بداية الشهر الماضي، وهو ما يمثل خُمس استهلاك العالم من النفط.

تُصدر معظم الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، والعراق، وإيران، نفطها الخام إلى آسيا عبر هذا المضيق.

كيف يمكن لإيران إغلاق مضيق هرمز؟

يمكن لإيران أن تضمن الإغلاق التام لمضيق هرمز من خلال زرع الألغام عند مدخله وردع السفن التجارية باستخدام طائرات بدون طيار.

حتى قرار البرلمان الإيراني بالموافقة على إغلاق المضيق كان كافيًا لعودة العديد من السفن التجارية أدراجها. كما أن قيام إيران بوضع الألغام والأسلحة على طول خط المضيق من ميناء بندر عباس سيضمن إغلاقه بالكامل.

التحديات العسكرية والاقتصادية لإغلاق مضيق هرمز

تتولى الأسطول الخامس الأمريكي، ومقره البحرين، مسؤولية أمن السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز. في حالة إغلاق المضيق، قد يبدأ الأسطول الخامس، بدعم من الجيش الأمريكي، حربًا بحرية ضد إيران.

ومع ذلك، فإن الموقع الذي يمكن الدفاع عنه بشدة لمضيق هرمز يعني أنه سيشكل خطًا لا يمكن اختراقه لأي أسطول إذا تم تلغيمه. سيتعين على القوات الأمريكية تنفيذ عملية إنزال في جنوب إيران أو التعاون مع الإمارات العربية المتحدة لإعادة فتح المضيق.

تصريحات دولية وتحذيرات

صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن “إغلاق إيران لمضيق هرمز سيكون انتحارًا اقتصاديًا. ومع ذلك، لدينا خيارات إذا قاموا بإغلاقه.” لكن تكلفة هذه الخيارات لا تزال محل جدل.

إن إغلاق مضيق هرمز يعني أزمة اقتصادية عالمية عميقة، ويحمل في طياته خطر انخراط دول الخليج العربية المنتقدة للهجمات الإسرائيلية في الصراع. وبما أن أكثر من 90% من صادرات النفط الإيرانية تمر عبر هذا المضيق، فإن إغلاقه سيحرم إيران من عائدات التجارة ويؤدي إلى انهيار ميزانيتها الدفاعية.

من جانبها، علقت وزارة الخارجية الصينية، التي تستورد 90% من النفط الإيراني (على الرغم من خضوع هذه الصادرات للعقوبات الدولية)، على إغلاق مضيق هرمز قائلة: “إنه طريق مهم للتجارة الدولية والطاقة. أمن المنطقة هو مصلحة مشتركة للمجتمع الدولي.”

كما علقت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، كالياس، على إغلاق مضيق هرمز بالقول: “إغلاق إيران لمضيق هرمز سيكون خطيرًا للغاية ولن يكون جيدًا لأحد.”

Tags: إسرائيلإغلاق مضيق هرمزإيرانالشرق الأوسطتركياطهرانمخاطر إغلاق مضيق هرمز

مقالات مشابهة

  • لماذا تخلت روسيا عن إيران في حربها مع إسرائيل؟
  • أوكرانيا.. قمة الناتو تناقش كيفية إجبار ‎روسيا على إنهاء الحرب
  • الغرب بين الدبلوماسية والتردد.. لماذا يخشى مواجهة جذور الأزمة في الشرق الأوسط؟
  • لماذا تخشى إسرائيل ضرب ميناء حيفا المليئ بالسيارات الكهربائية؟
  • لماذا خاب أمل غوارديولا رغم فوز سيتي بسداسية على العين؟
  • العالم على شفا أزمة اقتصادية! لماذا يمثل إغلاق مضيق هرمز خطورة؟
  • لماذا عاودت إسرائيل قصف فوردو بعد الضربة الأميركية؟ خبير يجيب
  • لماذا قصفت إسرائيل سجن إيفين في طهران؟
  • لماذا سوريا من أكثر البلدان تضررًا من حرب إسرائيل وإيران؟
  • لماذا أصبح العالم الإسلامي مركز جهود الوساطة وحل النزاعات؟