في خطوة تحمل دلالات مهمة على صعيد الاستقرار النقدي في مصر، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مما يعكس نظرة متفائلة تجاه الاقتصاد المصري ومسار الإصلاحات الاقتصادية الجارية. هذه التعديلات الجديدة تفتح الباب لتحليلات اقتصادية هامة حول مستقبل الجنيه والأداء الاقتصادي العام في ظل تحولات محلية ودولية مؤثرة.

تحسن في سعر صرف الجنيه

أظهر التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي تغيرًا في التقديرات الخاصة بسعر صرف الجنيه المصري. فوفقًا للتوقعات الجديدة، من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر صرف الدولار 49.6 جنيهًا خلال العام المالي الحالي، مقارنةً بتقديرات سابقة بلغت 50.6 جنيه. أما بالنسبة للعام المالي المقبل، فقد تم خفض التقدير إلى 52.26 جنيه مقابل 54.89 جنيه سابقًا، بينما يتوقع أن يسجل الدولار 54.1 جنيه في العام المالي الذي يليه، انخفاضًا من 57.2 جنيه.

ورغم أن الصندوق لا يعلن هذه الأرقام بشكل مباشر، فإن هذه التوقعات تُستنبط من بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالعملة المحلية ومقابل قيمته بالدولار، مما يعكس تحسّنًا ملحوظًا في النظرة المستقبلية للجنيه المصري.

بداية الانفراج

من بين أبرز النقاط الإيجابية التي وردت في التقرير، توقع الصندوق انخفاضًا كبيرًا في عجز الحساب الجاري لمصر، بدءًا من العام المالي المقبل، ليصل إلى 14.24 مليار دولار مقارنة بتقديرات حالية تصل إلى 20.5 مليار دولار. ويتوقع استمرار هذا التحسن ليبلغ العجز 13.7 مليار دولار في عام 2026-2027، قبل أن يعاود الارتفاع الطفيف إلى 14.9 مليار دولار في العام الذي يليه.

رغم أن الصندوق لم يوضح الأسباب المباشرة لهذا التحسن، إلا أنه أشار إلى توقعات بنمو قوي للصادرات خلال العام المالي المقبل بنسبة 11.6%، مقارنة بـ5.7% فقط خلال العام الحالي.

رؤية خبير: الاقتصاد المصري في مسار تصاعدي

من جانبه، اكد الدكتور هاني الشامي، عميد كلية ادارة الاعمال بجامعة المستقبل، ان تقرير صندوق النقد الدولي يتضمن الإشادة بجهود الحكومة في ضبط السوق واسواق صرف العملة مما يعكس تغيرًا إيجابيًا ملموسًا في بيئة الاقتصاد الكلي في مصر.

أضاف الشامي خلال تصريحات لـ "صدى البلد", ان الشركات الأجنبية بدأت تشعر بمزيد من الطمأنينة نتيجة سهولة تحويل الأرباح بالعملة الأجنبية، مما يعكس استقرار القطاع المصرفي.

ويرى الشامي أن هذه التوقعات الإيجابية تؤدي إلى عدة عوامل منها زيادة الاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الإمارات، والتي تضخ سيولة جديدة في السوق المصري، بالإضافة إلي استقرار أسعار الطاقة، مما يخفف من فاتورة الواردات ويقلل الضغط على الجنيه، كما ان هناك استعادة تدريجية لإيرادات قناة السويس، بعد تراجعها بسبب الاضطرابات الجيوسياسية.

أشار إلى أن توقع نمو الصادرات بنسبة 11.6% يعد مؤشرًا قويًا على تعافي الاقتصاد، موشيرا إلي أن المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد، تبدي ثقة متزايدة في المسار الذي تسلكه مصر اقتصاديًا.

بارقة أمل إضافية

من العوامل الإيجابية التي أبرزها التقرير أيضًا هو انخفاض عجز الميزان التجاري للطاقة، بفضل تراجع أسعار النفط. ووفقًا لتقديرات بنك الاستثمار "سي آي كابيتال"، فإن كل انخفاض بمقدار 10 دولارات في سعر برميل النفط دون 74 دولارًا سيؤدي إلى تقليص العجز التجاري بمقدار 2 مليار دولار خلال عام 2025، ما يخفف الضغوط على الاقتصاد ويمنح الجنيه مزيدًا من المرونة.

الاحتياجات التمويلية وسد الفجوة

وفيما يتعلق بالاحتياجات التمويلية، اكدا "سي آي كابيتال" أن مصر تحتاج إلى ما بين 27 إلى 29 مليار دولار، سيتم تغطيتها من خلال 10 مليارات دولار لسداد أقساط الديون، و10 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، و4 مليارات دولار من تمويلات الأسواق العالمية.

التفاؤل الحذر عنوان المرحلة المقبلة

إن التعديلات الأخيرة من قبل صندوق النقد الدولي، إلى جانب التحليلات الإيجابية من الخبراء المحليين والدوليين، تشير إلى تحسّن في وضع الاقتصاد المصري وعودة تدريجية للثقة الدولية. إلا أن التحديات لم تنتهِ بعد، ولا يزال الطريق نحو تعافٍ كامل يتطلب مزيدًا من الإصلاحات، خاصة على صعيد جذب الاستثمارات، وضبط الإنفاق، وتحقيق التوازن في الميزان التجاري.

لكن الأكيد أن مصر اليوم تسير في اتجاه أكثر استقرارًا، وسط مؤشرات مشجعة، وتفاؤل مدروس بمستقبل الجنيه والاقتصاد ككل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري صندوق النقد الدولار صرف الجنيه صندوق النقد الدولي صندوق النقد الدولی العام المالی ملیار دولار مما یعکس جنیه ا

إقرأ أيضاً:

الكويت توقع عقوداً بقيمة 3.3 مليار دولار لتنفيذ مشروع محطة توليد طاقة

الكويت (وام) 
أعلنت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالكويت اليوم عن توقيع وثيقة التزام لتنفيذ مشروع محطة الزور الشمالية لتوليد الطاقة للمرحلتين الثانية والثالثة مع تحالف يضم شركة «أكوا باور» ومؤسسة الخليج للاستثمار.
وقالت أسماء الموسى المديرة العامة لهيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالتكليف: إن تكلفة المرحلتين الثانية والثالثة للمشروع تتجاوز مليار دينار كويتي «3.3 مليار دولار».
وأضافت في تصريح على هامش توقيع الوثيقة بالتعاون مع وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة أن هذا المشروع يحظى بدعم تمويلي من مجموعة من البنوك المحلية والعالمية، ما يعكس مستوى الثقة العالية التي تحظى بها بيئة الاستثمار والشراكة في دولة الكويت.
وأشارت إلى أن المشروع سيتم تنفيذه وفق نظام «بيه بيه بيه» للشراكة موضحة أن حصة المستثمر الأجنبي ستبلغ 40% فيما سيتم توزيع 50% من المشروع على المواطنين وتوزيع 10% على الجهات العامة التي يحق لها الاستثمار في هذا النوع من المشاريع.
وأوضحت أنه سيتم تأسيس شركة مساهمة عامة وتوقيع عقود الشراكة للمباشرة بأعمال التصميم والبناء والتشغيل مشيرة إلى أن الشركة ستدرج في بورصة الكويت فور البدء بعملياتها التجارية والمتوقع في منتصف عام 2028.

أخبار ذات صلة «الجحيم» في معسكر حكام «البريميرليج»! رئيس الدولة يهنئ رئيس أذربيجان باتفاق السلام الأذري - الأرميني التاريخي

مقالات مشابهة

  • 1.1 مليار جنيه.. اقتصادية قناة السويس توقع عقد إنشاء مصنع منسوجات
  • 1.3 مليار جنيه أرباح بلتون القابضة خلال النصف الأول من 2025
  • الكويت توقع عقودا بـ 3.3 مليار دولار لتنفيذ محطة توليد طاقة
  • مبيعات الإسكندرية للأدوية تتخطي 2.7 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي
  • هام: مجلس إدارة البنك المركزي يكشف مؤشرات تعافي الاقتصاد اليمني
  • الكويت توقع عقوداً بقيمة 3.3 مليار دولار لتنفيذ مشروع محطة توليد طاقة
  • ستاندرد تشارترد: تفاؤل بمستقبل الاقتصاد المصري وتحسن الجنيه وتباطؤ التضخم
  • القابضة للغزل والنسيج: نستهدف 13.8 مليار جنيه مبيعات خلال العام المالي الجاري
  • صندوق النقد العربي يتوقع تراجع التضخم في مصر لنسبة 11.9%
  • «صندوق النقد العربي» يتوقع نمو الاقتصاد في مصر بنسبة 4.7% العام المقبل