قمة لندن لأمن الطاقة.. تحديات التحول الأخضر أمام الجغرافيا السياسية
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
لندن– في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، استضافت العاصمة البريطانية لندن قمة عالمية لأمن الطاقة على مدار يومين، بمشاركة 55 حكومة من مختلف القارات، إلى جانب نحو 50 شخصية من كبار قادة صناعة الطاقة في العالم.
وسلطت القمة، التي نظمتها حكومة المملكة المتحدة بالتعاون مع وكالة الطاقة الدولية، الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه أمن الطاقة، وسعت إلى بناء توافق دولي حول سبل تحقيق انتقال عادل ومستدام في قطاع الطاقة.
يُعرّف أمن الطاقة بأنه "الارتباط بين الأمن القومي وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة، إذ أصبح الوصول إلى الطاقة الرخيصة (نسبيا) ضروريا لتشغيل الاقتصاديات الحديثة".
وفي افتتاح القمة، شدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على مركزية أمن الطاقة في أي تصور للأمن القومي أو الدولي، ومحذّرا من أن استمرار استخدام الطاقة كسلاح -مثلما حدث عقب الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022- يجعل الدول والمواطنين "مكشوفين للخطر".
وقال ستارمر إن "التعرض المفرط لأسواق الوقود الأحفوري الدولية" على مدى سنوات أدى إلى صدمات اقتصادية كبيرة، وأكد أن "التحول لمصادر طاقة نظيفة ومنتجة محليا هو السبيل الوحيد لاستعادة السيطرة على منظومة الطاقة".
إعلانوفي السياق نفسه، شدد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية الدكتور فاتح بيرول على أن أمن الطاقة لم يعد أمرا يمكن التسليم به، قائلًا إن "85% من مشاريع الطاقة الجديدة اليوم تعتمد على مصادر متجددة، مثل الشمس والرياح والمياه، في حين باتت واحدة من كل 4 سيارات تُباع في العالم كهربائية".
وصرح بيرول للجزيرة نت بأن "قمة لندن تهدف إلى بناء توافق دولي حول مقاربة شاملة لمجمل التحديات المرتبطة بأمن الطاقة، وتسعى إلى تحديد حلول واقعية، واستكشاف فرص عملية تساعد في مواجهة هذه التحديات المعقدة والمتعددة الأبعاد".
وأضاف أن المشاركين في القمة ممثلون رفيعو المستوى من نحو 60 دولة من مختلف أنحاء العالم، ومن بينها دول تواجه تحديات جوهرية تتعلق بإمكانية الوصول للطاقة، وبتكلفتها، وتأثيراتها المناخية.
وتابع أن "العشرات من كبار قادة صناعة الطاقة العالمية يشاركون أيضا، بهدف تمكين الحكومات من أدوات وإستراتيجيات تتيح لها الاستجابة الفعّالة للتغيرات السريعة التي يشهدها قطاع الطاقة على المستوى الدولي".
من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يواصل مساره نحو التخلص التدريجي من واردات الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، رغم استمرار التوترات العالمية.
واتهمت فون دير لاين موسكو باستخدام إمدادات الطاقة كسلاح، مشيرة إلى أن أوروبا عززت اعتمادها على الطاقة المتجددة، التي شكلت ما يقرب من نصف إنتاجها الكهربائي العام الماضي.
وشددت على أن بحر الشمال يمكن أن يصبح "بيت الطاقة" لطاقة الرياح، وأن النمو المتسارع بالطلب على الكهرباء يستدعي استثمارات نوعية، مبرزة التزامات الاتحاد الأوروبي في قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 28)، بما في ذلك الاتفاق الثلاثي لمضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة بحلول 2030.
إعلانلكن في مقابل التوجه الأوروبي، حملت واشنطن لهجة متحفظة، إذ عبّر القائم بأعمال الوزير المساعد للطاقة الأميركية تومي جويس عن قلق بلاده من السياسات المناخية الصارمة، واصفا التركيز على هدف "صفر انبعاثات" بأنه "ضار وخطير".
وقال جويس "لن نضحي باقتصادنا أو أمننا من أجل اتفاقات عالمية، كما لا نشجع أي دولة أخرى على القيام بذلك"، داعيا إلى التعامل بواقعية مع نمو الطلب العالمي على الطاقة، وتوازن السياسات المناخية مع المصالح الوطنية.
عبّرت دول من الجنوب العالمي خلال القمة عن احتياجاتها الخاصة للتحول الطاقي، إذ أكد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط العراقي حيان عبد الغني السواد أن بلاده تخطط لتحويل جزء من إنتاجها من النفط إلى الغاز، مع إطلاق مشاريع طاقة شمسية تصل إلى 12 غيغاواط.
أما وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي، فدعا إلى رفع مساهمة قطاع الطاقة في الناتج المحلي من 1% إلى 6%، معتبرا أن الاستثمارات الدولية في الطاقة النظيفة يجب أن تواكب واقع الدول النامية، لا أن تفرض عليها نماذج جاهزة.
وشارك وزراء من كل من إسبانيا، وماليزيا، وكولومبيا، برسائل مشابهة، تدعو إلى شراكات عادلة تضمن انتقالا متوازنا للطاقة، لا يُفاقم التفاوتات الاقتصادية بين الشمال والجنوب.
وتناولت القمة أيضا الجانب الجيوسياسي لمصادر الطاقة الجديدة، حيث حذر بيرول من "التركيز الجغرافي الخطير" في إنتاج المعادن الحيوية لتقنيات الطاقة النظيفة مثل الليثيوم والكوبالت، قائلا إن عددا قليلا من الدول تهيمن على الإنتاج والتكرير.
وفي حين لم يُسمِّ دولا بعينها، تُعد الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية أبرز اللاعبين في هذه السوق، مما يثير مخاوف من تحول جديد في توازن القوى العالمية، ولكن هذه المرة حول "موارد التحول الطاقي" بدلا من النفط.
إعلان شكوك قائمةوأعلنت بريطانيا -على هامش القمة- عن شراكة مع شركة "إيني" الإيطالية لإطلاق مشروع عزل وتخزين الكربون في شمال إنجلترا، ضمن خطة وطنية بقيمة 21 مليار جنيه إسترليني لدعم تقنيات الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح البحرية والطاقة النووية.
وفي تصريح يعكس نبرة الثقة، قال خوسيه إغناسيو سانشيز غالان المدير التنفيذي لشركة إيبردرولا الإسبانية إن "التحول الكهربائي لا يمكن وقفه، وعلينا التكيف معه بدلا من مقاومته".
ورغم تعدد الرؤى وتباين المواقف، فإن قمة لندن تكشف عن أن أمن الطاقة لم يعد شأنا فنيا أو بيئيا فقط، بل أصبح قضية إستراتيجية تتقاطع فيها السيادة والاقتصاد والمناخ، وبات التحدي الأكبر هو إيجاد أرضية مشتركة بين الطموحات البيئية والمصالح الجيوسياسية، لتأمين مستقبل طاقة مستدام وعادل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أمن الطاقة
إقرأ أيضاً:
"نماء لتوزيع الكهرباء" تستضيف النسخة الرابعة من مؤتمر عُمان للكهرباء والطاقة.. 13 أكتوبر
◄ المؤتمر يناقش فرص تطوير مزيج الطاقة وتعزيز كفاءة الشبكات
◄ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع ضمن محاور المؤتمر
◄ الشقصي: المؤتمر يوفر منصة علمية ومهنية تجمع المتخصصين وصناع القرار
الرؤية- ريم الحامدية
أعلنت شركة نماء لتوزيع الكهرباء عن استضافتها الرسمية للنسخة الرابعة من مؤتمر عُمان للكهرباء والطاقة IEEE) Power Talks 2025)، الذي سيُعقد في الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر 2025 في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة المعنية بقطاع الكهرباء والطاقة.
ويُعد المؤتمر أحد أبرز الفعاليات المتخصصة في المنطقة، ويُنظم بالتعاون مع رابطة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) وبدعم من هيئة تنظيم الخدمات العامة، ليجمع نخبة من الخبراء الدوليين وصناع القرار وممثلي الجهات التنظيمية والمبتكرين والمهنيين من مختلف دول العالم.
ويتمحور مؤتمر هذا العام حول موضوع "تسريع التحول في قطاع الطاقة في سلطنة عُمان"، وذلك في إطار الجهود الوطنية المستمرة لدعم استراتيجيات الطاقة المستدامة وتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040". ويناقش المؤتمر فرص تطوير مزيج الطاقة، وتعزيز كفاءة الشبكات، واستخدام التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي في القطاع.
وقال الدكتور أحمد بن زايد الشقصي مدير عام الاستراتيجية والاستدامة بشركة نماء لتوزيع الكهرباء إن المؤتمر يهدف إلى توفير منصة علمية ومهنية تجمع المتخصصين وصُنّاع القرار والخبراء من داخل سلطنة عُمان وخارجها، موضحًا أن المؤتمر سيناقش مستقبل قطاع الطاقة في سلطنة عُمان والمنطقة، ومشاركة أحدث الحلول والتجارب في مجالات رئيسة مثل: الطاقة المتجددة وتطوير الشبكات وكفاءة الطاقة والتحول الرقمي.
وأعرب الشقصي عن أمله في أن يُسهم هذا المؤتمر في دفع مسيرة هذا التحول عبر حوارات مُثمرة وتبادل معرفي فعّال وتقديم حلول عملية تدعم استدامة الموارد الوطنية لسلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن المؤتمر يعكس دور الشركة كشريك فاعل في تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز التعاون المحلي والدولي، ساعيةً إلى إرساء شراكات تسهم في مستقبل طاقة مزدهر.
من جانبه، قال الدكتور أحمد بن سعيد المعشري رئيس قسم الهندسة الكهربائية والحاسب الآلي بجامعة السُّلطان قابوس، رئيس رابطة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات العُمانية إن هذا المؤتمر يُمثل منصة مهمة لمناقشة التحول في قطاع الطاقة، ويتماشى مع تطوير التكنولوجيا من أجل خدمة المجتمعات، مؤكدًا أن التزام سلطنة عُمان بالتحول في مجال الطاقة يفتح آفاقًا واعدة للنقاش والتطوير، متطلعًا إلى إسهام الجلسات الحوارية التي يتضمنها المؤتمر في رسم ملامح المرحلة القادمة من التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن المؤتمر سيتضمن مسارات تقنية متعددة تغطي اللوائح والسياسات وتقنيات الشبكات الذكية، والحفاظ على الطاقة وكفاءتها، وتكامل الطاقة المتجددة، وإدارة الأصول، وحلول تخزين الطاقة، وتحسين نظام التوزيع، مع التركيز على تسريع أهداف التحول في الطاقة في سلطنة عُمان، موضحًا أن هذه الجلسات صُممت لتسهيل نقل المعرفة بين الخبراء الدوليين والمتخصصين الإقليميين.
وينعقد المؤتمر في وقت تشهد فيه سلطنة عُمان تحولاً متسارعاً نحو الطاقة المتجددة والاستدامة، من خلال أهداف طموحة تشمل رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول عام 2030، والاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر، وخفض الانبعاثات الكربونية. ومع توقعات بزيادة الطلب على الطاقة من 350 إلى ما بين 800 و1100 تيرا واط/ساعة بحلول عام 2050، يشكل المؤتمر منصة مهمة لمناقشة هذه التوجهات وتبادل الخبرات حول أفضل السبل لتحقيقها.
ومن المتوقع أن يستقطب المؤتمر أكثر من 2000 مشارك، وما يزيد عن 100 متحدث من أكثر من 30 دولة، كما يتضمن برنامجًا متنوعًا من الجلسات الحوارية وورش العمل والمعرض المصاحب الذي يتيح للمؤسسات استعراض أحدث الحلول والتقنيات في مجال الكهرباء والطاقة.
من جهته، قال المهندس علاء موسى الرئيس التنفيذي لشركة نماء لتوزيع الكهرباء: "نفخر باستضافة مؤتمر IEEE Power Talks 2025 والمساهمة في الحوار حول مستقبل الطاقة في منطقتنا. يأتي هذا الحدث في إطار التزامنا بدعم توجهات سلطنة عُمان نحو تطوير قطاع الطاقة وتمكين الابتكار كعنصر أساسي لتحقيق الاستدامة. تعكس استضافتنا لهذا المؤتمر حرصنا على الإسهام في قيادة التحول في القطاع، وإيماننا بأهمية التعاون الإقليمي والدولي لتسريع التقدم وتعزيز تبنّي التقنيات الحديثة".
وتعكس الشراكة بين شركة نماء لتوزيع الكهرباء ورابطة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) التزاماً مشتركاً بدعم الابتكار في قطاع الطاقة وتطوير الممارسات التقنية المستدامة. ويعتمد هذا التعاون على خبرات شركة نماء في إدارة شبكات الطاقة وفهمها للتحديات والفرص المحلية، بالإضافة إلى شبكة IEEE العالمية من الخبراء والباحثين والمتخصصين في المجال.