ما قبـل وبعد الثمان السنوات.. الحمزي ينال الوسام
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
ثمـان سنـوات واليمـن تكابد الويلات، وتتعايشُ في دخـان العدوان، تقبع في خطوط التماس، شمالهـا يقصف، وجنوبها محـتل وبات ثكنات عسكرية، سنوات طِوال والعـدوان يتمادى، يقصفُ الحـجر والشجر، وبقايا الارتزاق تجازف في وحل الممات، تبحثُ عـن نفقٍ ضيق لـ تحقق انتصاراً صغيراً جداً، بعيداً عـن التزوير الإعـلامي ودجل مـا خلف الستار، ثمـان سنوات ورجـالنـا في الجبهات ما بين مرابطين وشهداء وجـرحى وأسرى، مرّت سنوات عديدة والعدوان في ضعف، واليمن في تطورات ونقلات نوعية، شتان ما بين قاداتنـا وقاداتهـم، رجـالنـا ورجـالهم، ثمـان سـنوات والقوات الصاروخية والبحرية وغيرها تبهـر العـالم وتضرب الأمثـلةِ في الـقوةِ والصمود والتـحدي، لهم ما امتلكوا من الرصيد العـالي من الأخلاق، فلا فرق بينك وبين قائدك شيء، جميعكم أمطرت السماء عليكم غارات، وجميعكم ترتحلون للسماء، ثمان سنوات واليمن تودع العظماء الذين لقّنوا الأعداء أشد وأنكل الدروس، مُنذ بزوغ مسيرتنـا حتى افتدى الشهيد القائد بروحه، لعـل تلك الدماء تروي الأرض، وتنبت حسينيين، يحملون في قلوبهم القضية الفلسطينية، يرفضون الخضوع يعيشون أحـرارا، ولا يرضخون للسيادات والقرارات الأجنبية.
ما بعد الثـمـان السنوات، اليمن تودع قائداً كـان بمقام أمة، وكان أيقـونة رعب للأعداء، ومحطةِ نصر لـمن تولّى الله ورسوله وبايع سليل الـنبـوة، جـاهد الحـمزي في الله حق الجـهاد، وتاجر مـع الله حتى كسب الـرهان، وتـرك الدنيا ومتاعهـا وجـعل مـن منصبه محـل أمـانة وتحمـل للمسؤولية، لا للتفاخر ولجلب الأنظار، كان مـن المجـاهدين السباقين في محافظةِ صعدة، سار من منطلق قوله تـعالى: “ٱنفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تعلمون” صدق الله وعـده حين قال لـهم انفروا، بـ قوله تـعـالى”مِّنَ ٱلمُؤمِنِینَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَـٰهَدُوا ٱللَّهَ عَلَیهِ فَمِنهُم مَّن قَضَىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن یَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِیلا”، كـان عليه السلام محنكاً في الجـانب اللوجيستي، وفي التصنيع الحربي كان قائداً ومعلمًا، كان خير مـن وضِع في زمـام أموره القوة الصاروخية ودعمها، والذي كان له دوره الفعال مـنذ بداية العـدوان والكـل يشهد على تطور القوة الصاروخية في السنوات التي مضت، بسياسة حسينية وبحكمة عـلوية، أعاد بناء وتطوير القوات الجوية والدفاع الجـوي، كـان خير حصن وخير رجـل، كان أنموذجاً لحمـزة والعباس، وكان نعم القيادي الأنصاري مـن جند القائد، فـكل طائرة مسيرة فردت أجـنحتُها محـلّقة من الأراضي اليمنية بكُل عنفوان وتحد، حيث وأنهـا اقتحمت الأراضي السعودية وتحدّت الرادارات الأمريكية وضربت وفجرت وأخذت بثأر كل مظلـوم في هذه البلد المكلومةِ بصواريخ الـغدر، كـل هدف أو قاعدة أو مطارات حربية في العمق السعودي أو في المناطق اليمنية التي باتت ساحات ومعسكرات يقام فيها العداء لهذا الشعب، تكمن فيهـا انتصارات وبشائر رسمّها هذا الرجل العظيم بتخطيطات شخصية وتنفيذات ربانية، سيراً وفق قوله تعالى: “أفَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ” سدد الله مراميه، وحقق أهدافه، ونصر بـه دينه.
كل عملية كبرى، تغيض الأعداء وتبلغهم ذروة الغيض وتجـعلهم أعجاز نخـلٍ خـاوية، وتشفي صدور قومٍ مؤمنين، تمت وأنجزت وحققت أهدافاً أقدس مما كان يتوقع، كانت بإشراف ومتابعة هذا الرجل الفـدائي الذي وهب روحه ودمه ومـاله فداءً لدين الله ونصرة اليمن والقضية الفلسطينية، قِلة هم من يدركون تلك السراديب التي يخوضها أولئك الذين باعوا أنفسهم لله غير مبالين بكثرة الأعداء وترسانته العسكرية، وتجمعات الأحزاب تحت مبدأ “تحالف”، رغم شحة وقلة إمكانياتهم كـأمة مستضعفة وأمة محاصرة مـن قبل الأعداء، ولأنه في الوقت الذي كان فيه الكثير يلهو ويخوض ويدس السم في العسل ويسعـون دائماً في زعزعة الأمن الداخلي وشعل فتيل القنبلة في المجتمع، كان أشيب الذقن هُناك يسعى قائلاً: يا ليت قومي يعلمـون بمـا يخطط له العدو ويسعى جـاهداً في جـعلهم أذلةً صغار تحت الأقدام.. فسـلام الله عـليك ما تعاقب الليل والنـهار، وسلامٌ عليك يوم النصر وما قبله ومـا بعده، والعاقبة للمتقين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
خطورة أداء العبادات التي تتضمن المشقة على الكبار والمرضى
العبادات.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الإسلام يحافظ على وحدة المجتمع بكلِّ تنوُّعاتِه، خاصةً في أداء العبادات، وإذا كان أداء الكبار لهذه العبادات قد يتضمَّنُ مشقَّةً وكُلفَةً فإنَّ الرَّسول ﷺ نبَّهَ إلى خطورةِ الأفعال التي تؤدِّي إلى حرمانهم من نَيْلِ ثواب حضور الجماعات وتحوُل دونَ اجتماعهم لأداء هذه العبادات، مثل الإطالة في الصلاة، التي ترهق الكبار والمرضى والضعفاء.
أداء العبادات:قال ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» أخرجه البخاري.
العبادات والطاعة:
تُعَدُّ الطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالى واتباع أوامره من الأمور اللَّازمة لشخصية المسلم؛ فالمسلم يدرك أنه مخلوقٌ لله جلَّ وعلا، وأن مقتضى العبودية لله أداء ما افترضه الله عليه، واجتناب ما نهى عنه، والتقرُّب إليه بشتَّى أنواع العبادات والفضائل.
فضل الطاعة لله تعالى:
ووقيام المسلم بطاعة الله سبحانه وتعالى وأداء واجبات العبادة؛ هو سبيله إلى التَّحرُّر من العبودية لغير الله، وحينئذٍ يتحقَّق بالمعنى الحقيقي للحرَّية، فلا يتحكَّم فيه شيءٌ من المخلوقات أو الشَّهوات أو نفسه؛ لأنه لا يخضع لغير الله.
والإنسان في هذا المسعى إنما يمارس جهادًا عظيمًا مع نفسه؛ ليردعها عن الخضوع للشهوات والتعلق بالله الواحد لا شريك له، وعلى قدر هذه المشقة التي يكابدها الإنسان في التحقق بفضيلة الطاعة والانقياد والخضوع لله؛ يكون الجزاء العظيم من الله عز وجل، يقول الإمام الغزالي: [وعلى الإنسان أن يتعب نفسه في دفع المعاصي، كما عليه أن يتعب نفسه في ترك المعاصي، والمعاصي كلها في تركها تعبٌ، وإنما الطاعة كلها ترجع إلى مخالفة النفس، وهي غايةُ التعب] اهـ.
وبيَّن الله تعالى أن طاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سبيل الفوز الحقيقي؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 53].
العبات في السنة النبوية الشريفة:
وأثنى الله تعالى على من يطيع رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وجعل طاعة الرسول من طاعة الله؛ قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80]، كما أكَّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا المعنى حين قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، إِلَّا مَنْ أَبَى». قالوا: يا رسول الله، ومَنْ يأْبَى؟! قال: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه البخاري.
والطاعة بين الناس تكون في المعروف والخير، فلا يجوز لأحد أن يطيع غيره في معصية لله عز وجل؛ فعن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وأمَّرَ عليهم رجلًا من الأنصار، وأمَرَهُمْ أن يطيعوه، فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عزمتُ عليكم لما جمعتم حطبًا، وأوقدتم نارًا، ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطبًا، فأوقدوا نارًا، فلما هَمُّوا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِرارًا من النار؛ أفندخلها؟! فبينما هم كذلك، إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فَذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» رواه البخاري.
العبادات وطاعة الله تعالى:
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ۞ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152]، ولكن إذا تمَّ الإكراهُ على المعصية بصورةٍ جديَّةٍ وغلب على ظنِّ المكرَه أن المكرِهَ سيقوم بتنفيذ تهديده، فإنه يرخَّص للمرء أن يفعل المعصية في أدنى درجاتها؛ تخلُّصًا من إكراه المكرِه، واستثنى الشَّرع من ذلك الإكراه على القتل والزنا، لأنه ليست نفس أوْلى من نفس، فلا يجوز للإنسان أن يطيع من يكرهه في ارتكاب فعل القتل أو الزنا حتى لو غلب على ظنه أو تأكَّد أن المكرِه سيزهِق روحَه، فلا يجوز له أن يضحي بغيره من أجل أن ينقذَ نفسه؛ لأنه ليس أولى من غيره.
الآثار المترتبة على الطاعة وأداء العبادات
وللطاعة وأداء العبادات آثارٌ إيجابيَّةٌ كثيرة في المجتمع المسلم؛ فطاعة الله ورسوله تمنح المسلمين الفوز والفلاح والنجاة في الآخرة فضلًا عن الدنيا، وتأتي بعد ذلك طاعة أولي الأمر فيما لا يخالف ما أمر الله ورسولُه به؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فبهذه الطَّاعة تنتظم أمور المجتمع المسلم، ويتحقق الحفاظ على قوَّة المجتمع وتماسكه، ولا يقع في الفوضى والاضطراب الذي يشوِّش الأفكار ويقسم المجتمع ويثير العداوة والبغضاء بين أفراده.
ومن ذلك أيضًا طاعة القوانين واحترام النظام العام في المجتمع؛ فإن ذلك يؤدي إلى انتظام سير شؤون الحياة وتحقيق الغاية من وضع هذه القوانين والنُّظُم، ووصول الحقوق إلى مستحقيها، وعدم الإضرار بالأبرياء، وكذلك طاعة العلماء والمتخصصين في مجالاتهم يحقق للمجتمع أمنه وأمانه، حين يحصل المريض على دوائه من الطبيب، والسائل على جوابه من أهل الاختصاص في مجال سؤاله، فلا يكون لادِّعاء العلم مجال في المجتمع المسلم؛ فلا تنتشر الخرافة، ولا يسود الجهل.