الخشت بمؤتمر رابطة جامعات العالم في المغرب: الحريات المنضبطة حق لكل الناس
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
ترأس الدكتور محمد عثمان الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة، جلسة بعنوان «الحرية في المنظور الإسلامي» ضمن جلسات المؤتمر العلمي لرابطة الجامعات الإسلامية «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية ومبادئ القانون الدولي» والذي عقد بالمملكة المغربية بمقر الإيسيسكو، وبمشاركة هيئات ومجالس الإفتاء في العالم الإسلامي ورؤساء ومدراء الجامعات وخبراء القانون الدولي.
وناقشت جلسة «الحرية في المنظور الإسلامي» التي ترأسها الدكتور محمد الخشت، 4 موضوعات رئيسة وهي: الحرية في الفكر الإسلامي.. الأسس والمبادئ، وحرية الآخر في التاريخ الإسلامي، حرية الرأي والتعبير في ميزان الشريعة الإسلامية، الحرية والمسؤولية المجتمعية، وشارك في موضوعات الجلسة كلٌ من: الدكتور إسماعيل لطفي جافاكيا مدير جامعة فطاني - تايلند، والدكتور سعد بوه كمرا رئيس جامعة نواكشوط - موريتانيا، والشيخ حافظ أسعد عبيد مدير الجامعة الأشرفية - باكستان، ورئيس الجامعة الإسلامية بالهند.
وفي بداية كلمته، أكّد الخشت، أنَّ الإسلام يقدس الحرية، واعتبر أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يأتي مانع محرم أو يحدث ضرر، وأن هذه الإباحة لا تقتصر على الطعام والشراب واللبس فقط بل تشمل جميع التصرفات بكل أنواعها ما لم يكن هناك نص مانع او ضرر، مؤكّدًا وجوب التمييز في مجال الحرية ين «المجال العام» و «المجال الخاص»، فالمجال العام يضم الميادين السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وأن الحرية في المجالات العامة غير الشخصية، يجب أن تكون خاضعة للضبط القانوني، فلا حرية في المجال العام بدون التزام بالقانون.
الخشت: القانون هو سقف الحرية حتى لا تتحول إلى فوضى والحرية المنضبطة حق لكل الناسوقال الخشت، «إننا نؤمن بالحرية، لكن ليست الحرية المطلقة، بل الحرية الملتزمة المسؤولة، والتي تكون فيها الحرية الشخصية حقا طبيعيا، كما أن للحياة الخاصة والمنازل حرمة، وحرية الفكر والرأي والإبداع الفني والأدبي والصحافة مكفولة. علاوة على تأكيد حرية التفكير والبحث العلمي والابتكار، وما تطرحه من رهانات على المستقبل سواء في مواجهة مشكلات واحتياجات المواطنين، أو في مجال الأبحاث الطبيعية والاجتماعية أو على مستوى المشروعات التنموية التي تصب في مصلحة الاقتصاد ودولة الرفاه الاجتماعي.
وأوضح الخشت، أنَّ جوهر الدولة هو «مُركب» من الحرية والطاعة، والحرية رغم أنها جوهر المواطنة فإنها ليست مطلقة، لأن الدولة لا قيام لها بدون نظام عام يحفظ الأمن ويحدد طبيعة العلاقات بين الناس، ويحدد مسارات الحرية بما يحقق مصالح الناس، مشددًا على ضرورة أن يكون للحرية سقف وهو القانون وإلا تحولت إلى فوضى، مشيرًا إلى أن أهم تعريفات الحرية في أعرق الدول هي «الحق في فعل كل ما تسمح به القوانين».
الخشت: حرية الفرد في عالمه الخاص حرم مقدس لا يجوز لأحد انتهاكهاوبين الخشت، أنَّ الحريات المنضبطة هي حقوق لكل الناس، وليست حقوقًا لفئة دون سائر المجتمع، فلا يجوز لأحد أن ينتهك حرية الآخرين، ثم ينادى باحترام حريته، منوهًا إلى أن البعض يظن أن القانون يمنع ويقيد فقط، وهذا خطأ لأن القانون يحمي حرية الفرد أيضًا؛ فهو يمنع الفرد من التعدي على الآخرين، لكنه يحمى أيضًا حريته من أن يعتدي عليها أحد.
وتناول الخشت خلال كلمته، مفهوم الحرية في المجال الخاص، مؤكدًا أن انتهاك حرمة الحياة الخاصة أمر مخجل في الإسلام، وهو ما تنبه إليه الفاروق عمر بن الخطاب عندما نبهه إلى ذلك أحد الأشخاص، فمن القصص الذائعة أن الفاروق كان يتجول بالمدينة ليلاً، فسمع صوت رجل في بيت وهو يتغنى ويشرب مع رفاقه، فتسور عليه، أي قفز من فوق سور البيت، فقال: يا عدو الله، أظننت أن الله يسترك وأنت في معصيته؟ فقال الرجل: وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل علىّ، إن أكن عصيت الله واحدة، فقد عصيت الله في ثلاث، قال: (ولا تجسسوا)، وقد تجسست، وقال: (وأتوا البيوت من أبوابها)، وقد تسورت علىّ، وقد دخلت علىّ بغير إذن؛ وقال الله: (لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها). قال عمر: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم، فعفا عنه، وخرج وتركه.
وأوضح الخشت، أنَّ الحياة الخاصة حق لصاحبها يستأثر بها ويحتكرها وحده، ولا يجوز لأحد أن يطلع عليها إلا بإذنه، وهى أعلى من حق الملكية الفردية، لأنها غير قابلة للتنازل عنها، مؤكدًا أن حرمة الحياة الخاصة في الإسلام لا تقتصر على المسكن فقط، بل تشمل كل الخصوصيات وشئون الأسرة والاتصالات والمراسلات والأنشطة الإلكترونية الخاصة، وهذا ما أكّده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ في المادة 17، فالأصل والقاعدة هي تقديس حرية الشخص في الحياة الخاصة، والتقييد لا يأتي إلا في حالة التعسف في استعمال هذا الحق بالتعدي على الغير أو حتى تعدى الشخص على نفسه كالانتحار أو تعمد حرق الممتلكات الخاصة.
وفي ختام كلمته، أكد الخشت، أنَّ حرية الفرد في عالمه الخاص، هي «حرم مقدس» لا يجوز لأحد انتهاكه أو الدخول إليه إلا صاحبه أو من يأذن له، وهنا تظهر مغالطة من يعتبرون أن حياة أصحاب المناصب القيادية والساسة والمشاهير هي حق مشاع تحت دعوى حرية التعبير أو دعوى أن الحياة الخاصة للشخصية العامة أصبحت جزءًا من حياته العامة! وتشمل حرمة الحياة الخاصة للفرد: العائلة والبيت والذوق الخاص، والأشياء المفضلة للفرد، بشرط ألا يكون في أي من ذلك عدوان على الغير، ويجب ألا تمتد يد أي أحد إلى الحياة الخاصة، فهي «المجال الخاص» الذى تنتهى عنده سلطة القوانين، وهذا ما استقر في كل دساتير الدول الحرة.
جدير بالذكر أنَّ الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، فيلسوف عربي معاصر، ألف عددًا من الكتب ناقش فيها مفهوم الحرية وقيم وأخلاق التقدم ومنها «أخلاق التقدم»، وفلسفة المواطنة وأسس بناء الدولة الحديثة والمجتمع المدني والدولة، ونحو تأسيس عصر ديني جديد، وللوحي معان أخرى».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جامعة القاهرة رئيس جامعة القاهرة الخشت الحیاة الخاصة الحریة فی حریة فی
إقرأ أيضاً:
مجلس الدولة المصري يوقع مذكرة تفاهم مع المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بروما
في خطوة مهمة لتعزيز التعاون القانوني الدولي، وقع المستشار أحمد عبود، رئيس مجلس الدولة المصري، وماريا كيارا مالاجوتي، رئيسة المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص – اليونيدروا، مذكرة تفاهم اليوم، ١٣ مايو ٢٠٢٥، في مقر المنظمة بروما، وذلك بحضور السفير بسام راضي، سفير جمهورية مصر العربية لدى إيطاليا، والدكتور إجناثيو تيرادو، الأمين العام للمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص.
تهدف هذه المذكرة إلى تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات تحديث التشريعات، تبادل المعرفة القانونية، ودعم جهود توحيد وتحديث القوانين المتعلقة بالتجارة الدولية. كما تسعى إلى تعزيز التعاون في مجالات الفقه القانوني والتدريب القضائي، بما يساهم في تطوير بيئة قانونية أكثر كفاءة وشفافية في جمهورية مصر العربية.
خلال مراسم التوقيع، أكد المستشار أحمد عبود ، أن هذه الاتفاقية تعكس التزام مجلس الدولة المصري بتبني أفضل الممارسات الدولية وتعزيز سيادة القانون بما يتماشى مع التطورات القانونية الحديثة. وقام سيادته بتقديم درع تذكاري إلى السيدة ماريا كيارا مالاجوتي تقديرًا للعلاقات المتميزة والتعاون المثمر بين الجانبين. كما ألقى السفير بسام راضي كلمة بهذه المناسبة، أكد خلالها على أهمية هذه الخطوة في تعزيز التعاون القانوني الدولي ودعم جهود تحديث المنظومة القانونية المصرية، بينما أكدت السيدة ماريا كيارا مالاجوتي أهمية هذا التعاون في تطوير التشريعات والقواعد القانونية بما يسهم في تسهيل الأعمال التجارية الدولية ودعم استقرار البيئة الاستثمارية.
وناقش الجانبان في اجتماع تلا مراسم التوقيع آليات تفعيل مذكرة التفاهم، حيث تم التطرق إلى أولويات التعاون في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بتبادل الدراسات القانونية، وتنظيم ورش العمل المشتركة، وتدريب القضاة والمستشارين القانونيين بمجلس الدولة في مجالات القانون التجاري الدولي. كما تم استعراض مجالات الدعم الفني الذي يمكن أن يقدمه المعهد لمجلس الدولة في ضوء التجارب القانونية الدولية الناجحة.
كما اتفق الجانبان على وضع خطة عمل لتنفيذ بنود المذكرة، تتضمن آليات واضحة لمتابعة تنفيذ مجالات التعاون المتفق عليها، وتحديد الأطر الزمنية والمخرجات المتوقعة، بما يضمن تحقيق أقصى استفادة من هذا التعاون. وسيتم تنفيذ برامج التعاون والأنشطة المشتركة من خلال مركز البحوث والدراسات القضائية بمجلس الدولة المصري.
رافق رئيس المجلس وفد من إدارة التعاون الدولي بمجلس الدولة المصري، حيث شاركوا في المناقشات مع نظرائهم في منظمة اليونيدروا حول سبل تعزيز التعاون المستقبلي في مجالات التشريع والتدريب القانوني، بما يحقق الاستفادة القصوى من الخبرات الدولية في تطوير المنظومة القانونية المصرية.
وتأتي هذه الاتفاقية في إطار جهود إدارة التعاون الدولي بمجلس الدولة لتعزيز انفتاح المجلس على المؤسسات القانونية الدولية، وتبادل الخبرات في المجالات التشريعية والقضائية، بما يدعم تحديث المنظومة القانونية ويعزز مناخ الاستثمار في جمهورية مصر العربية.