الجزيرة:
2025-06-14@04:04:23 GMT

أين تقف تركيا في معادلة الدفاع الأوروبي؟

تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT

أين تقف تركيا في معادلة الدفاع الأوروبي؟

إسطنبول- بينما يتحرك الاتحاد الأوروبي لإعادة رسم خريطته الدفاعية بعيدا عن المظلة الأميركية، تبرز تركيا في قلب نقاشات بروكسل كلاعب محتمل في معادلة الأمن الأوروبي الجديدة.

ففي 19 مارس/آذار الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية عن "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030″، واضعة خطة طموحة لتعزيز الإنفاق العسكري والإنتاج الدفاعي عبر الدول الأعضاء، مدعومة بحزمة تمويلية قدرها 150 مليار يورو ضمن برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا".

وتسعى الإستراتيجية الأوروبية الجديدة إلى تقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، في ظل التغيرات التي طرأت على السياسات الأميركية، وتزايد التهديدات الأمنية في أعقاب حرب أوكرانيا.

في السياق، تزداد التساؤلات حول موقع تركيا، الحليف الإستراتيجي في حلف شمال الأطلسي والدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وإمكانية انخراطها في مشاريع الدفاع الأوروبية رغم التعقيدات السياسية القائمة.

هامش محدود

وحسب تقرير المفوضية الأوروبية، فإن تركيا مستبعدة من المنظومة الدفاعية الجديدة الممولة عبر برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا"، إذ أشار "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030" إلى أنقرة بوصفها "شريكا طويل الأمد" في سياسات الأمن والخارجية الأوروبية، دون أن يمنحها موقعا داخل آلية التمويل الدفاعي المشترك.

إعلان

وسعيا في تعزيز التنسيق مع الحلفاء، أنشأ الاتحاد الأوروبي منصة "الدول ذات التفكير المماثل" لتبادل الأفكار والخطط الدفاعية، وانضمت تركيا إلى المنصة، مستندة إلى إنجازاتها المتسارعة في قطاع الصناعات الدفاعية.

بَيد أن إشراك تركيا بشكل أوسع يبقى مشروطا بمعالجة الملفات السياسية العالقة، وعلى رأسها قضية قبرص وتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط. ووفق قواعد الاتحاد، فإن أي اتفاق شراكة دفاعية مع أنقرة يتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ27، ما يمنح دولا مثل اليونان وقبرص القدرة على عرقلته، ما لم تتحقق الشروط السياسية اللازمة.

ورغم هذه القيود، أبقى الاتحاد هامشا محدودا للتعاون الفني، حيث تتيح المادة 17 من مقترح برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا" للدول المرشحة، مثل تركيا، المشاركة في مشاريع الدفاع المشتركة بنسبة لا تتجاوز 35% من مكونات المشروع، دون الحق في الحصول على تمويل مباشر من الصندوق الأوروبي.

وإذا رغبت تركيا أو شركاتها الدفاعية بتوسيع مساهمتها أو الاستفادة من التمويل، فسيتطلّب الأمر توقيع اتفاق شراكة دفاعية كاملة، كما هو معمول به مع دول كاليابان والنرويج وكوريا الجنوبية.

وفي هذا الإطار، أوضحت المفوضية الأوروبية أن الشركات الدفاعية العاملة ضمن أراضي الاتحاد، حتى لو كانت مملوكة لأطراف أجنبية، يمكنها المشاركة في المشاريع المشتركة بشرط استيفاء معايير الأمن الأوروبي، وهو ما يعني عمليا ضرورة إنشاء فروع "محوطة" للشركات التركية داخل أوروبا لضمان إدماجها بمرونة في برامج التسلح الأوروبية القادمة.

إصرار أنقرة

من جانبها، حسمت الرسائل الرسمية لأنقرة الموقف ورفضت استبعادها من منظومة الدفاع الأوروبية الجديدة، فقد أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحفي عقده في أنقرة أواخر فبراير/شباط الماضي، أن تركيا يجب ألا تُستبعد من أي هيكل أمني أوروبي قيد التشكل، مشددا على أن تجاهل القدرات العسكرية التركية يجعل أي منظومة دفاعية أوروبية غير واقعية.

إعلان

وأضاف فيدان أن موقع تركيا الإستراتيجي، إضافة إلى امتلاكها أحد أكبر الجيوش داخل (الناتو)، يجعلان من مشاركتها عنصرا -لا غنى عنه- في أي ترتيبات أمنية جديدة تسعى القارة الأوروبية إلى بنائها.

ولم يقتصر الموقف التركي على التصريحات الدبلوماسية، بل تزامن مع استعراض مكاسب ملموسة حققتها الصناعات الدفاعية التركية في السنوات الأخيرة.

وبرزت أنقرة كلاعب رئيسي في مجالات تطوير المسيّرات الهجومية والطائرات بدون طيار والصواريخ المتقدمة، مما أكسب الصناعات الدفاعية التركية مكانة مرموقة على الصعيد الدولي.

وترى الباحثة المتخصصة في السياسة الخارجية زينب جيزام أوزبينار، أن الاتحاد الأوروبي بات أكثر إصرارا في السنوات الأخيرة على بناء هيكل دفاعي مستقل، وتجلَّى ذلك بإطلاق إستراتيجية الصناعات الدفاعية الأوروبية، ومبادرة العمل الأمني من أجل أوروبا.

وتعتبر أوزبينار في حديثها للجزيرة نت، أن تركيا تمثل عنصرا لا غنى عنه في معادلة الأمن الأوروبي، مستندة إلى امتلاكها ثاني أكبر جيش في الناتو، وموقعها الجيوسياسي الحساس عند تقاطعات البحر الأسود والشرق الأوسط والبلقان.

لكنها ترى أن الخلافات السياسية حول قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون تضع عراقيل أمام اندماج تركيا الكامل في مشاريع الدفاع الأوروبية.

تركيا تعزز موقفها بالاشتراك في خطة الدفاع الأوروبية بقدراتها العسكرية ودورها الإستراتيجي (شترستوك) سيناريوهات

وحول السيناريوهات المحتملة لانخراط تركيا في برنامج العمل الأمني الأوروبي، تستعرض أوزبينار 3 مسارات رئيسية:

السيناريو الأول والأكثر إيجابية، يتمثل بتوقيع اتفاقية شراكة أمنية ودفاعية رسمية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، تتيح لأنقرة الانخراط المؤسسي الكامل في مشاريع البرنامج، بما في ذلك إنتاج وتوريد المعدات بنسبة تصل إلى 35%.
وتشير إلى أن هذا الخيار من شأنه فتح صفحة جديدة من الثقة بين أنقرة وبروكسل ويحقق مكاسب إستراتيجية للطرفين. السيناريو الثاني، يكون بمشاركة تركيا بشكل غير مباشر عبر تأسيس شركات تابعة في أوروبا أو شراكات مع كيانات أوروبية قائمة، دون توقيع اتفاقية رسمية.
غير أن هذا النموذج -حسب أوزبينار- يمنح تركيا دورا محدودا ويضعف من مكاسبها الإستراتيجية مقارنة بالشراكة المؤسسية الكاملة. أما السيناريو الثالث، فتعتبره الباحثة أوزبينار الأكثر سلبية، ويتمثل في نجاح اليونان و"قبرص الرومية" في عرقلة انخراط تركيا، ما قد يؤدي إلى استبعاد أنقرة من مشاريع الدفاع الأوروبية.
وترى أن مثل هذا السيناريو سيمثل خسارة كبيرة لمنظومة الدفاع الأوروبية، وإن كانت تركيا قادرة في هذه الحالة على مواصلة ارتباطها بأمن القارة عبر قناة الناتو.

مخاطر الاستبعاد

من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أن إصرار الاتحاد الأوروبي على استبعاد تركيا من مشاريعه الدفاعية لا يعكس فقط "مخاطرة تكتيكية"، بل يحمل في طياته تناقضا بنيويا يهدد مشروع الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي ذاته.

إعلان

ويقول أوزغور للجزيرة نت، إن الحديث عن بناء منظومة دفاع أوروبي مكتفية ذاتيا دون إشراك قوة إقليمية بحجم تركيا، وفي ظل تآكل الالتزام الأميركي التقليدي بأمن القارة، يكشف فجوة عميقة بين الطموحات المعلنة والموارد الفعلية المتاحة للاتحاد.

ويعتبر أن قدرة تركيا على المناورة، سواء عبر تعزيز تحالفاتها الثنائية مع دول أوروبية منفردة أو من خلال توثيق تعاونها مع حلف الناتو، تضع بروكسل أمام معادلة معقدة؛ فاستبعاد أنقرة قد يمنح انسجاما سياسيا لحظيا داخليا، لكنه قد يؤدي على المدى الطويل إلى "شلل إستراتيجي" عندما تجد أوروبا نفسها أمام تحديات أمنية لا تستطيع مواجهتها وحدها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصناعات الدفاعیة الدفاع الأوروبیة الاتحاد الأوروبی الدفاع الأوروبی مشاریع الدفاع فی مشاریع

إقرأ أيضاً:

وزير الزراعة يلتقي مفوض الاتحاد الأوروبي للثروة السمكية

التقى علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وكوستاس كاديس، مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بالثروة السمكية، على هامش فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، المنعقد حاليًا بمدينة نيس الفرنسية.

وتناول اللقاء، سبل تعزيز التعاون المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجالات مصائد الأسماك، الثروة السمكية المستدامة، وحماية البيئة البحرية.

وأكد وزير الزراعة أنه على الرغم من أن مصر لا تطل مباشرة على المحيطات، إلا أنها تمتلك سواحل حيوية على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وهما جزء لا يتجزأ من النظام البيئي البحري العالمي، كما أن صحتهما تؤثر بشكل مباشر على القدرة على توفير الغذاء وتعزيز الاقتصاد الأزرق، لافتا إلى أن الدولة المصرية تضع على رأس أولوياتها التنمية المستدامة للمصايد السمكية، ومكافحة الصيد الجائر وغير المشروع، وتشجيع الممارسات الصديقة للبيئة في القطاع السمكي.

وشدد الوزير على أن التحديات التي تواجه البحار والمحيطات، مثل التلوث، والتغيرات المناخية، والصيد الجائر وغيرها، هي تحديات عالمية تتطلب تضافر الجهود الدولية، مؤكدًا على التزام مصر بالعمل مع شركائها الدوليين لتطبيق أفضل الممارسات والمعارف العلمية لضمان استدامة مصادرنا السمكية للأجيال القادمة، نظرًا للارتباط الوثيق بين صحة المحيطات والبحار ومستقبل الأمن الغذائي العالمي.

وخلال اللقاء، استعرض فاروق جهود مصر في تطوير قطاع الثروة السمكية، وزيادة الإنتاج السمكي بما يضمن الأمن الغذائي، مع الالتزام بالممارسات المستدامة التي تحافظ على الموارد البحرية للأجيال القادمة.

وأشار الوزير الى جهود الدولة المصرية في تعزيز قدراتها وزيادة إنتاجيتها، وكافة جهود حماية البيئة البحرية المصرية، كما وجه "فاروق" الدعوة لمفوض الاتحاد الأوروبي لزيارة مصر للاطلاع على التطورات الجديدة بقطاع الثروة السمكية في مصر.

ومن جانبه، أعرب «كاديس» عن سعادته لمشاركة وزير الزراعة المصري في الجلسة الوزارية الهامة المقامة على هامش المؤتمر الأممي الهام، وتلبية الدعوة بالحضور والمشاركة، الأمر الذي يعكس التزام مصر الراسخ بالحفاظ على الثروات البحرية وتنميتها، بما يدعم الأمن الغذائي ويحقق أهداف التنمية المستدامة.

وأشاد مفوض الاتحاد الأوروبي بالدور المحوري الذي تلعبه مصر في المنطقة في مجال الأمن الغذائي والمحافظة على البيئة البحرية، مؤكدًا استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم الدعم الفني وتبادل الخبرات مع مصر في هذا الإطار.

ووجه «كاديس» الدعوة لوزير الزراعة لحضور الاجتماع الوزاري والمقرر عقده خلال العام المقبل لمراجعة اعلان مالطا الوزاري الصادر عام 2017 في ضوء رؤية مصر في التعديلات المقترحة على الاعلان الوزاري الجديد تقديرا لدور مصر الاقليمي في هيئة مصائد البحر المتوسط.

وناقش الجانبان التعاون المشترك، بإطلاق مشاريع تهدف إلى تعزيز القدرات في مجال إدارة مصائد الأسماك المستدامة وتقنيات الاستزراع السمكي الحديثة، وتقديم الدعم الفني كما أكدا على أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة التحديات التي تواجه البحار والمحيطات، مثل الصيد الجائر والتلوث البحري وتغير المناخ وأنظمة التتبع، فضلا عن عقد اجتماعات فنية بين الجانبين لمناقشة الحلول المقترحة والإجراءات التنفيذية، المقرر مناقشتها في اجتماع اللجنة العامة في نوفمبر المقبل، فضلاً عن مناقشة حصص الدول فيما يتعلق بالتونه زرقاء الزعانف.

يأتي هذا اللقاء في إطار حرص مصر على تعزيز علاقاتها مع الشركاء الدوليين لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، وخاصة في القطاعات الحيوية كقطاع الزراعة والثروة السمكية، والدور المصري الفاعل في المحافل الدولية المعنية بالبيئة البحرية، بما يخدم مصالحها الوطنية ويسهم في تحقيق الأهداف الأممية الرامية إلى حماية الكوكب.

ومن المقرر أن يشارك وزير الزراعة المصري في الجلسة الوزارية المقرر عقدها على هامش المؤتمر غداً الجمعة الموافق 13 يونيو الجاري بحضور رفيع المستوى من الوزراء ورؤساء الوفود ممثلي الدول الأعضاء في هيئة مصايد الأسماك بالمنطقة.

حضر اللقاءات الدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية والدكتور أحمد سني الدين رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل والمهندس عاطف صلاح مدير عام المصايد بجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.

اقرأ أيضاً«الزراعة» تتفقد الأنشطة البحثية والإرشادية بقرى الأقصر

«الزراعة»: مستمرون في التعاون مع لجنة الشؤون الأفريقية لبحث زيادة فرص الاستثمار

وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بمدينة نيس الفرنسية

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي.. حذر ودعوة للتهدئة بشأن التصعيد الإيراني الإسرائيلي
  • «الأسد الصاعد» يضغط على أسواق الطاقة.. الغاز الأوروبي يقفز وسط مخاوف الإمدادات
  • باحث إسرائيلي: تركيا تملأ فراغ إيران وتعيد تشكيل تحالفات الشرق الأوسط
  • محافظ الفيوم يستقبل وفد الاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون التنموي والخدمي
  • وزير الزراعة يلتقي مفوض الاتحاد الأوروبي للثروة السمكية
  • العلية استقبل ممثلي بعثة الاتحاد الأوروبي
  • اتفاق تاريخي بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن جبل طارق
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه في مواجهة التغير المناخي وسوء الإدارة
  • غداً... هيئة الشراء العام تستضيف وفداً من بعثة الاتحاد الأوروبي
  • بين السيارات الكهربائية ولحم الخنزير.. العلاقات الأوروبية الصينية على مفترق تجاري حاسم