مبارك حزام العسالي
في قلب اليمن النابض، وفي ساحة السبعين الشاهدة على عروبة وتاريخ هذا البلد العريق، تجسد مشهد يزلزل أركان الصمت العالمي. لم يكن مجرد تجمع بشري عابر، بل كان سيلًا هادرًا من الإنسانية المتراصة، حشودًا مليونية تداعت لترسم لوحة فريدة من الوحدة والتضامن مع غزة وفلسطين. هنا، في صنعاء، لم يكن الحاضرون مجرد أفراد، بل كانوا جسدًا واحدًا، روحًا واحدة تهتف باسم الحق والعدل، وتعلن للعالم أجمع أن قضية فلسطين ليست قضية عابرة، بل هي نبض متأصل في ضمير هذا الشعب.
هذا التجمع المهيب في صنعاء لم يكن حدثًا معزولًا، بل كان قمة جبل جليدي يطفو على محيط واسع من التضامن الشعبي اليمني. ففي بقية الساحات والميادين في مختلف المحافظات والمديريات اليمنية، كانت هناك مسيرات حاشدة مماثلة، تعكس ذات الروح والعزيمة، وتؤكد أن نصرة غزة وفلسطين ليست مجرد موقف مركزي، بل هي نبض شعبي يجتاح كل شبر من أرض اليمن.
هذه الحشود المليونية في صنعاء، بالإضافة إلى الجموع الغفيرة التي ملأت الساحات الأخرى في أرجاء البلاد، لم تكن مجرد أرقام في سجلات المظاهرات؛ لقد كانت تعبيرًا صادقًا عن إرادة شعبية صلبة كجبال اليمن الشامخة، إرادة عصية على الكسر أو الترويض. إنها إرادة متجذرة في أعماق التاريخ، تستمد قوتها من إيمان راسخ بالعدالة ورفض قاطع للظلم والاضطهاد. هذا البحر البشري المتلاطم بالعزيمة والإصرار، في صنعاء وفي كل مدينة وقرية يمنية، لم يأتِ ليوم أو يومين، بل هو امتداد لموقف تاريخي ثابت، يؤكد أن البعد الجغرافي لا يمكن أن يفصل بين قلوب مؤمنة بقضية واحدة.
إن العنفوان الذي تجلى في هتافاتهم ووجوههم العازمة، سواء في قلب العاصمة أو في أقصى أطراف البلاد، يتجاوز حدود الوصف، ليصبح مثالًا حيًا لقوة الروح الإنسانية في مواجهة التحديات. هذا العنفوان اليمني، الذي يصدح في سماء صنعاء وفي كل سماء يمنية، ليس مجرد حماس عابر، بل هو قوة دافعة تبعث برسالة مدوية إلى العالم: لا يمكن لأي قوة في الدنيا، مهما بلغت جبروتها، أن تكسر إرادة شعب يرى في قضيته امتدادًا لوجوده وكرامته. وثبات هذا الشعب الراسخ، الذي يبهر المراقبين ويثير الدهشة في نفوس البشرية، يمثل صمودًا أسطوريًا في وجه الأعاصير، صمودًا يتجلى في كل ساحة وشارع يمني.
ولعل اسم هذه المليونية المركزية في صنعاء، «ثابتون مع غزة.. رغم أنف الأمريكي وجرائمه»، يحمل في طياته رسالة واضحة ودلالة عميقة، وهي رسالة يتردد صداها في كل المسيرات المتزامنة في أرجاء اليمن. إنه تعبير صريح عن رفض السياسات الأمريكية التي يعتبرها هذا الشعب منحازة وغير عادلة، بل ويرونها متواطئة مع الظلم الواقع على إخوانهم في فلسطين وغزة. هذا الاسم ليس مجرد شعار، بل هو صرخة مدوية في وجه القوى التي تسعى إلى فرض رؤيتها بالقوة والقمع. إنه إعلان بأن هذا الشعب اليمني الأصيل، في كل محافظاته ومديرياته، يقف بكل فخر واعتزاز إلى جانب الحق، ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
إن المشهد الذي تجلى في ميدان السبعين في صنعاء، والذي تكرر بأشكال مماثلة في بقية الساحات اليمنية، يرسل رسالة قوية وواضحة إلى كل زوايا المعمورة. إنها رسالة مفادها أن إرادة الشعوب أقوى من كل المؤامرات والمخططات، وأن التضامن الإنساني الحقيقي يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية. إن تضامن اليمن مع فلسطين وغزة ليس مجرد موقف عاطفي، بل هو قناعة راسخة تستند إلى قيم العدل والأخوة والإنسانية المشتركة، تتجسد في كل تظاهرة ومسيرة في كل بقعة من أرض اليمن. هذه القوة الهائلة التي تجسدت في هذه التجمعات المليونية في مختلف أنحاء البلاد تؤكد أن قضية فلسطين وغزة ليست قضية معزولة، بل هي قضية أمة حية، وأن هناك شعوبًا بأكملها تقف خلفها بكل ما أوتيت من قوة وعزيمة. إنها صورة حية للتكاتف الإنساني والعزيمة الصلبة في مواجهة التحديات، وشهادة بأن جذوة الحق لن تنطفئ ما دام هناك أحرار في هذا العالم يهتفون باسمه، من صنعاء العاصمة إلى أصغر قرية في اليمن.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذا الشعب فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
هتافات اليمنيين تزلزل الصمت العربي .. ثورة الشعب اليمني ضد إبادة غزة تدخل مرحلة جديدة وهذه تفاصيلها
في مشهد جماهيري غير مسبوق، شهد ميدان السبعين في العاصمة صنعاء اليوم تظاهرة مليونية حاشدة تحت شعار ’’لن نتهاون أمام إبادة غزة واستباحة الأمة ومقدساتها’’، عبّرت من خلالها الجماهير اليمنية عن موقف شعبي راسخ في مناهضة العدو الصهيوني ،ومساندة القضية الفلسطينية التي باتت تتصدر وجدان اليمنيين ، وسط تخاذل رسمي عربي وإسلامي مخزٍ.
يمانيون/خاص
المسيرة جسدت حالة تعبئة جماهيرية كاملة واستنفار شعبي واسع، تُرجم من خلال دعوات صريحة للجهاد ومطالب بفتح المنافذ أمام اليمنيين للالتحاق بإخوانهم في غزة، فيما الحشود أكدت تفويضها الكامل لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، يحفظه الله ، وأعلنت الجهوزية التامة لأي خيارات تصعيدية ضد الكيان الصهيوني، في موقف يتجاوز التضامن اللفظي إلى مستوى الاستعداد للمشاركة الفعلية في المعركة.
دلالات الوعي والرفض والتحدي في هتافات الجمهورالهتافات التي صدحت بها الجماهير عكست وعياً سياسياً وشعبياً عميقاً بطبيعة المعركة، وأظهرت اتجاهاً يتجاوز المظلومية إلى المواجهة، تكررت في الهتافات مفردات مثل:
الجهاد والاستنفار : دلالة على أن المعركة لم تعد ترفاً سياسياً، بل التزاماً دينياً وموقفاً وجودياً.
الصمت والخذلان العربي : تعبير عن الإحباط الشعبي من الأنظمة العربية التي بات يُنظر إليها كطرف في الجريمة بصمتها.
غزة موجوعة.. تركتها الأمة للجوع ، وغزة يا أعراب تنادي : تحميل مباشرالمسؤولية للعرب، مع نبرة لوم وتحريض، كما أن شعارات مثل موقفنا من أجل الله و فوضناك يا قائدنا تُظهر حالة الارتباط الروحي والوجداني بين القاعدة الشعبية والقيادة الثورية، في إطار تعبئة روحية وأخلاقية للمواجهة الكبرى.
الدلالة الرمزية للتوقيت والحشدالمسيرة تأتي في ظل تصعيد للعدو الصهيوني إجرامي ووحشي غير مسبوق في غزة، حيث المجازر الجماعية والتجويع الممنهج، وبالتالي فإن الحضور الشعبي المليوني الضخم في صنعاء ليس فقط استجابةً لدعوة قائد الثورة يحفظه الله ، بل يمثل نبضاً إيمانياً وإنسانياً وأخلاقياً يعبّر عن ولادة جيل يمني جديد في الوعي والإيمان والجهاد .
كما أكدت الحشود استمرارها في مقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية، معتبرة إياها سلاحاً فعالاً، في إدراك واعٍ بأن المعركة ليست فقط بالبندقية، بل أيضاً في ميادين الاقتصاد والضغط الشعبي.
ما جرى في صنعاء هو إعلان موقف شعبي ثوري غير قابل للتفاوض، يُعيد تعريف العلاقة بين الشعوب العربية والقضية الفلسطينية، ويبعث برسائل قوية للعالم بأن هناك شعوباً لم تسقط في وحل التطبيع ولم تصبها بلادة الصمت.
وفي الوقت الذي يعاني فيه أهل غزة من الجوع والعدوان، تُسجل صنعاء موقفاً تاريخياً واضحاً مع غزة بجهوزية واستنفار.