صنعاء- منذ 15 مارس/آذار الماضي، دخلت اليمن في طور جديد مع تدشين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة عسكرية ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) لإيقاف هجماتها ضد الملاحة البحرية وإسرائيل، لكنها كانت -هذه المرة- أشد وأكثر تركيزا من الغارات التي استمرت نحو عام كامل بين يناير/كانون الثاني 2024 ومنتصف الشهر ذاته من عام 2025.

 

وتعيش اليمن منذ أواخر 2014 صراعا مستمرا بعد سيطرة "الحوثيين" على العاصمة صنعاء ومدن أخرى.

 

وخلال أكثر من 10 سنوات أُنشئت تشكيلات عسكرية مختلفة، وتغيرت خارطة النفوذ لكلّ منها بعد أحداث ومعارك دامية، حتى تقسّمت البلاد فعليا بين الحوثيين وتحالف فضفاض من قوى وتشكيلات عسكرية تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي المُعترف به دوليا.

 

مجلس القيادة الرئاسي

 

وفي السابع من أبريل/نيسان عام 2022 أصدر الرئيس منصور هادي قرارا جمهوريا بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي المكون من 8 أعضاء، برئاسة رشاد العليمي، وتنازل بموجب ذلك عن كامل صلاحياته الرئاسية لصالح المجلس.

 

ويضم المجلس قادة تشكيلات مسلحة كانت حتى وقت قريب قبل إعلان القرار في خصومة مع الحكومة، كما ضمت شخصيات ذات توجهات مختلفة، في محاولة لتوحيد الجهود للتوصِّل إلى سلام يحقق الأمن والاستقرار في البلاد، حسب نص القرار.

 

وتسيطر القوات المنضوية تحت مظلة وزارة الدفاع على محافظات المهرة، وحضرموت النفطية، وأجزاء من مأرب، بما فيها حقول صافر النفطية، وأجزاء من وسط وجنوب تعز، وتشمل مدينة تعز المركز الإداري للمحافظة، ومناطق صغيرة شمالي صعدة وحجة قرب الحدود مع السعودية، إضافة لمناطق صحراوية تتبع إداريًا لمحافظة الجوف لكنها خالية من التجمعات السكانية الثابتة.

 

وللقوات الحكومية حضور في عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة، ومحافظات أبين وشبوة ولحج، وأجزاء من محافظة الضالع، لكن هذا الحضور يخضع لهيمنة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تسيطر فعليا على تلك المناطق.

 

المجلس الانتقالي الجنوبي

 

في أغسطس/آب 2022 سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على مقار القوات الحكومية في محافظة شبوة، بعد اشتباكات محدودة، لتستكمل فرض سيطرتها على المحافظة المنتجة للنفط، وتضمها إلى محافظات أخرى خاضعة لها.

 

وتتكون تلك القوات، من ألوية الدعم والإسناد التي تُعرف أيضا باسم الحزام الأمني، وقوات دفاع شبوة، إضافة إلى ألوية العمالقة التي يقودها عبدالرحمن المحرمي عضو مجلس القيادة الرئاسي، الذي انضم للمجلس الانتقالي الجنوبي في مايو/أيار 2023.

 

وتسيطر قوات المجلس الانتقالي على محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة، وأرخبيل سقطرى، وأجزاء من محافظة الضالع، ولها نفوذ أيضا في المناطق الساحلية لمحافظة حضرموت، بما فيها المكلا، ثانية كبرى المدن في جنوب اليمن، ويسعى أيضا للسيطرة على بقية أجزاء حضرموت والمهرة، وتحقيق شعاراته التي يرفعها بانفصال جنوب اليمن.

 

المقاومة الوطنية

 

بدأ تشكيل قوات المقاومة الوطنية من أنصار الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، بعد أشهر من انفضاض شراكته مع الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2017 التي أدت لمقتله في صنعاء، ويقودها العميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس الأسبق، وهو أحد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي حاليا.

 

وتسيطر تلك القوات على الأجزاء الساحلية من محافظة تعز التي تضم ميناء المخا، والمناطق الجنوبية من محافظة الحُديدة، بعد أن انسحبت بشكل مفاجئ من أجزاء واسعة من سواحل الحديدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وأعاد الحوثيون السيطرة عليها.

 

درع الوطن

 

تشكلت قوات درع الوطن العسكرية مطلع عام 2022 من شخصيات ذات توجه سلفي، ليصدر قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في يناير/كانون الثاني 2023 بتشكيل هذه القوات رسميا، وأن تتبع له، وتحدَّد مهامها ومسرح عملياتها بقرار يصدر عنه.

 

ويقود هذه القوات بشير المضربي الصبيحي، ويقع مقرها الرئيس في قاعدة العند بمحافظة لحج، وتوجد قواتها في عدن ولحج والضالع وبعض مناطق أبين، كما تسلمت مؤخرا مهمة حماية منفذ الوديعة الحدودي، المنفذ الوحيد المفتوح حاليا بين اليمن والسعودية.

 

كما توجد في الأجزاء الشمالية من محافظات حضرموت، والمهرة، وتتولى في بعض المناطق مهام تأمين الطرق الرئيسية.

 

وتوجد بعض القوات من ألوية درع الوطن في جبهات القتال الرئيسية مع الحوثيين، كمحافظتي لحج والضالع، وتشارك في الاشتباكات التي تدور بين حين وآخر، رغم الهدوء بشكل عام في جبهات القتال.

 

جماعة الحوثي

 

يسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وريفها ومساحات واسعة في شمال وغرب اليمن، وتعد أكثف المناطق سكانيا، وفق آخر تعداد سكاني رسمي أُجري في اليمن عام 2004.

 

ويبسطون سيطرتهم أيضا على محافظات ذمار وريمة وعمران والبيضاء والمحويت، ومعظم مساحات محافظات صعدة وحجة والحديدة، ومناطق واسعة من محافظات مأرب والجوف وتعز والضالع.

 

وتطورت القوة العسكرية للحوثي عامًا بعد آخر، حيث باتت أكثر تنظيما وتسليحا، وتمتلك حاليا صواريخ بحرية، وصواريخ كروز، وطائرات مسيرة وصواريخ باليستية فرط صوتية تصل إلى ألفي كيلومتر، حسب التقديرات.

 

كما يمتلك الحوثيون نظام "دفاع جوي" مكنهم من إسقاط نحو 22 طائرة مسيرة أميركية من نوع "إم كيو9" خلال عام ونصف.

 

وأجبَر الحوثيون، بفعل قوتهم، الحكومة اليمنية على وقف تصدير النفط من موانئ التصدير الرئيسية في النشيمة بشبوة والضبة بحضرموت، بعدما شنّوا هجمات على الميناءين في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وهو ما أدى لتوقف التصدير حتى الآن.

 

عملية برية

 

رغم الحملة الجوية الأميركية المكثفة على المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ منتصف مارس/آذار الماضي، فإن أميركا لم تحقق أهدافها في إجبارهم على وقف هجماتهم على إسرائيل أو الملاحة البحرية.

 

ولم تحقق أي تغيير في خارطة السيطرة الميدانية في اليمن، لأسباب متعددة؛ يعود أحدها إلى توقف المعارك الميدانية بين الأطراف المحلية، استنادا إلى التزامات الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار المُعلن في أبريل/نيسان 2022.

 

ويقول الكاتب الصحفي عبدالله دوبله، إن تأثير القصف الأميركي كان محدودا -حتى الآن- بسبب فقر الأميركيين للمعلومات الاستخبارية، حيث يُلاحظ استهداف الأماكن ذاتها مرات عدة.

 

وبشأن سيناريوهات تغير خارطة السيطرة، يرى دوبله في حديثه للجزيرة نت، أنه ودون تدخل برّي حاسم لإخراج الحوثيين من بعض المناطق كساحل محافظة الحديدة أو الضغط باتجاه العاصمة صنعاء، فإن الحوثيين سيظلون في وضع مريح ولن يقدموا أي تنازلات للأميركيين، مشيرا إلى أن الدعم الأميركي للأطراف المحلية يمكن أن يكون حاسما بهذا الشأن.

 

ومع نشر وسائل إعلام أميركية معلومات عن تحضيرات أميركية وقوات يمنية لبدء عملية برية ضد الحوثيين، إلا أن التفاصيل لم تتضح بعد، كما أن مصدرا مقربا من قائد عسكري يمني كبير قال للجزيرة نت: إن مستوى التنسيق اليمني الأميركي لا يزال محدودا.

 

ورغم أن هدف أميركا المعلن هو إجبار الحوثيين على وقف تهديد الملاحة البحرية، فإن واشنطن قد تلجأ إلى خيار دعم عملية برية، أمام استمرار هجمات الحوثيين، والخسائر الأميركية، خاصة بعد إسقاط الحوثيين عددا كبيرا من طائرات "إم كيو9" الأميركية المسيرة المستخدمة في الاستطلاع وتحديد الأهداف.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن امريكا الحوثي الحكومة عملية برية مجلس القیادة الرئاسی الانتقالی الجنوبی المجلس الانتقالی وأجزاء من من محافظة

إقرأ أيضاً:

إيران تتعهد بالرد.. ما هي المصالح الأمريكية التي يُمكن استهدافها؟

أعلنت إيران، السبت، أنها ستردّ بشكل "سريع وحاسم" على الضربات العسكرية التي استهدفت برنامجها النووي، والتي نفذتها القوات الأميركية مؤخراً، مهددة بجعل جميع الأميركيين — مدنيين وعسكريين — أهدافاً مشروعة في المنطقة. اعلان

وأفادت مصادر في الإعلام الرسمي الإيراني أن "كل مواطن أو عنصر عسكري أميركي في المنطقة بات هدفاً"، في تصعيد لافت أعقب تحذيرات متكررة من جانب طهران بأنها ستردّ على أي هجوم تتعرض له.

تهديد مباشر لقواعد واشنطن في الشرق الأوسط

في تصريحات سابقة، أكد وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، أن "جميع القواعد الأميركية تقع ضمن نطاق الاستهداف"، مضيفاً أن "إيران ستستهدفها بجرأة إذا لزم الأمر".

وتنتشر القوات الأميركية في المنطقة بعشرات الآلاف من الجنود، موزعين على قواعد متعددة في العراق وسوريا ودول الخليج.

وتعد قاعدة "عين الأسد" غرب بغداد أكبر هذه المواقع، حيث تضم آلاف الجنود الأميركيين وتُدار بالشراكة مع الجيش العراقي. وكانت هذه القاعدة قد تعرضت لهجوم إيراني بصواريخ باليستية عام 2020 عقب اغتيال قاسم سليماني، ما أسفر عن إصابة العشرات ووقوع أضرار كبيرة.

وفي الهجوم نفسه، استهدفت إيران أيضاً قاعدة عسكرية أميركية في أربيل شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان.

الوجود الأميركي في سوريا والأردن تحت الضغط

كشفت وزارة الدفاع الأميركية مؤخراً عن نيتها تقليص عدد قواعدها في سوريا من ثماني قواعد إلى قاعدة واحدة فقط هي "التنف"، الواقعة جنوب البلاد قرب الحدود مع العراق والأردن.

ويأتي ذلك بعد هجوم بطائرة مسيّرة استهدف نقطة "البرج 22" في الأراضي الأردنية، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024، في أسوأ هجوم على الجيش الأميركي منذ سقوط كابل عام 2021.

انتشار واسع في الخليج: إيران تحذّر من الرد

تتوزع القوات الأميركية في الخليج ضمن قواعد رئيسية، أبرزها: قاعدة العديد الجوية في قطر، التي تُعد مركز القيادة المتقدم للقيادة المركزية الأميركية وتضم أكثر من 10 آلاف جندي.

القاعدة البحرية في البحرين، مقر الأسطول الخامس الأميركي، وتضم نحو 8,300 بحار.

قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، وقواعد في الكويت مثل "علي السالم" و"كامب بوهرينغ".

وبحسب مسؤول أوروبي مطّلع، وجهت إيران تحذيراً مباشراً للدوحة قبل تنفيذ الضربة الأميركية، مفاده أن أي قاعدة أميركية في الخليج ستكون هدفاً مشروعاً في حال تطور التصعيد.

إلى جانب المواقع العسكرية، حذّرت تقارير من أن البعثات الدبلوماسية الأميركية قد تكون ضمن بنك الأهداف الإيراني. وقد بدأت واشنطن بإجلاء بعض موظفيها وعائلاتهم من بعثاتها في العراق وإسرائيل كإجراء احترازي.

من جهته، حذر أبو علي العسكري، أحد كبار مسؤولي الأمن في ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية الموالية لطهران، من أن "القواعد الأميركية ستتحول إلى ميادين صيد"، ملوّحاً بـ"مفاجآت غير متوقعة" للطائرات الأميركية في الأجواء.

البنتاغون يعزز دفاعاته والرحلات الجوية تتأثر

وفي رد على التهديدات، أعلن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسث، تعزيز القدرات الدفاعية في المنطقة ونشر قوات إضافية. وقال: "حماية القوات الأميركية هي أولويتنا القصوى، وهذه التحركات تهدف إلى تعزيز وضعنا الدفاعي".

وأكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن "القوات الأميركية لا تزال في وضعية دفاعية ولم يتغير ذلك".

وقد بدأ تأثير التوتر ينعكس على الملاحة الجوية، إذ ألغت شركتا "إير فرانس" و"KLM" رحلاتهما من وإلى مطار دبي الأربعاء الماضي، بسبب "الوضع الأمني في المنطقة"، من دون تحديد موعد لاستئناف الرحلات.

رغم تصاعد الخطاب الإيراني، يؤكد خبراء الدفاع أن ترسانة طهران من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز — حتى تلك قيد التطوير — لا تمتلك مدى يتيح لها ضرب الأراضي الأميركية.

كما أن سلاح الجو الإيراني يفتقر إلى القدرة على الوصول إلى العمق الأميركي. وبذلك، يبقى الرد الإيراني محصوراً غالباً في استهداف القواعد والمصالح الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • المركز الإحصائي الخليجي يضع خريطة طريق إقليمية لقياس التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي
  • القوات الأميركية تُسقط 5 مسيّرات في العراق
  • خريطة تظهر إستراتيجية الضربات الإسرائيلية على الدفاعات الجوية الإيرانية
  • رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية يتعهد “ردا حازما” بعد الضربات الأميركية
  • القوات المسلحة الإيرانية تتعهد بـ"ردا حازما" بعد الضربات الأميركية
  • من البحرين الى الإمارات.. تعرّف إلى خريطة الانتشار العسكري الأميركي في الشرق الأوسط
  • خريطة تكشف المواقع التي تعرضت للضربات الإسرائيلية والأمريكية في إيران منذ 13 يونيو
  • الجزائر تجدد دعمها للدفع بمسار تسوية الأزمة في اليمن التي طال أمدها
  • إيران تتعهد بالرد.. ما هي المصالح الأمريكية التي يُمكن استهدافها؟
  • انكشاف أولويات الحوثيين.. هل أصبحت اليمن درعًا لإيران في الحرب؟