في أحد أحياء القابوطي الجديد بمدينة بورسعيد، كانت السيدة فاطمة محمد أحمد إسماعيل تعرف بين الجيران بلقب "أم الطيبين"، سيدة سبعينية أنارت حياتها بالصلاة وحسن الخلق. كانت تحرص كل صباح على إلقاء التحية على الجيران، وتوزع ابتساماتها التي تحمل دعوات خفية بالخير.

منذ أسابيع قليلة فقط، عادت فاطمة من رحلة روحانية أدت فيها مناسك العمرة، وقد بدت وكأنها ولدت من جديد، مفعمة بالسكينة، مغمورة بالنور الداخلي.

تحدثت إلى جاراتها عن رهبة الحرم، عن السكينة في جوار الكعبة، عن دعواتها لكل من عرفتهم بالصحة والسعادة.

لكن فاطمة، التي اعتادت أن تُحيي قلوب من حولها، استيقظت فجر اليوم على مصير لم تتوقعه، حينما امتدت يد الغدر داخل بيتها، في الساعات الأولى من صباح الاثنين، استقبل مستشفى النصر السيدة جثة هامدة، مذبوحة من رقبتها، والصدمة كانت أن الاتهامات الأولية تشير إلى زوجها، الذي تقاسمت معه سنوات العمر الطويلة.

لم تصدق الجارات الخبر، وهرع الجميع إلى المستشفى والمكان الذي خيم عليه الحزن. كانت شهاداتهم واحدة: "فاطمة كانت ملاكًا يمشي على الأرض، لا تؤذي أحدًا، ولا تتحدث بسوء عن أحد"، كانت حياتها شاهدة على الجيرة الطيبة، وعلى سيرة عطرة تركت أثراً لا يمحوه الزمن.

التحقيقات ما زالت جارية، والنيابة باشرت عملها لكشف تفاصيل الحادث البشع، بينما الجثمان يرقد في برودة المشرحة، ينتظر كلمة عدل تُنصف دماء امرأة كانت تستحق أن تختم حياتها بسلام، لا بذبحٍ غادر.

وهكذا، تحولت رحلة العمرة التي حملت فاطمة روحًا متجددة إلى مشهد وداع موجع، وسط دموع مدينة بأكملها فقدت واحدة من أطهر نسائها.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: بورسعيد مستشفى النصر مقتل سيدة حي الضواحي حسن الخلق حادث مأساوي مقتل سيدة مسنة في بورسعيد قصة إنسانية السيرة الطيبة القابوطي الجديد ذبح بالرقبة مأساة أسرية

إقرأ أيضاً:

المنفعة العامة.. يدٌ دافئة في ليل الحاجة

 

 

 

عباس المسكري

المنفعة العامة ليست أرقامًا في دفاتر؛ بل هي كفوف ممتدة من قلوب الموظفين، تضع لقمة في يد الجائع، وتضيء شمعة في بيتٍ أطفأته البطالة، في عالمنا اليوم؛ حيث تتزايد التحديات الاقتصادية وتتقلب الأسواق، تبقى المنفعة العامة بمثابة الضوء الذي لا ينطفئ، علامة على تلاحم المجتمع وتكاتفه في مواجهة المحن، وهي ليست مجرد دعم مادي؛ بل رسالة إنسانية تقول إننا لا نترك أحدًا خلفنا، مهما اشتدت الظروف.

هي المظلة التي احتمى تحتها المسرَّح من العمل حين باغتته عاصفة الفقد، وهي اليد التي أمسكت بيده قائلة: "لن تمشي وحدك" حين تفقد الوظيفة، لا تفقد معها الحياة والكرامة؛ فالمنفعة تأتي لتكون دعامة النفس، وعزوة العائلة، وحبل النجاة الذي يشد به الإنسان ليعيد ترتيب أوراقه ويبدأ من جديد.

لكن، كيف تُطوى هذه المظلة فجأة؟ كيف يُترك أبٌ يحمل هموم البيت وأعباء الحياة، وهو يكافح يوميًا ليؤمن لأسرته لقمة العيش وأمان المعيشة؟ ولا يمكننا أن نغفل أن العام الدراسي على الأبواب، وأنتم تعلمون مستلزمات العودة للمدارس وتكاليفها التي تزيد العبء على كاهل الفرد، وأطفاله بعيونهم البريئة ينتظرون التجهيزات التي تمنحهم فرصة لبداية جديدة. وفي هذا المشهد الواقعي، لا يمكن فصل الإنسان عن واقعه، فكل يوم تمر فيه هذه الأسر بلا دعم، يزيد الخوف ويكبر القلق؛ فالاحتياجات لا تقتصر على الطعام والملبس؛ بل تمتد إلى التعليم والرعاية الصحية، وكل ما يشكل أساسًا لحياة كريمة ومستقبل أفضل لأبنائنا.

إن استمرارية دعم المنفعة العامة ليست مجرد مسألة إنسانية وحسب؛ بل هي استثمار في تماسك المجتمع وأمنه الاجتماعي؛ فعندما يشعر كل فرد أنه جزء من نسيج متماسك لا يتركه وحيدًا في محنته، ينمو لديه شعور بالانتماء والمسؤولية تجاه مجتمعه، وهذا التضامن يقلل من مخاطر التفكك الاجتماعي، ويحد من الظواهر السلبية التي تنجم عن الفقر والبطالة، مثل الجريمة والاضطرابات، لذا الحفاظ على هذه المنفعة هو حماية للجميع، لأنها تدافع عن كرامة الإنسان وتبني جسور الأمل للمستقبل.

الدعم المقدم عبر المنفعة العامة يتجاوز مجرد توفير المال؛ فهو يُعيد للإنسان كرامته التي قد تتلاشى تحت وطأة الفقد والحاجة، وحين يشعر الإنسان بأنه مدعوم، تتجدد ثقته بنفسه وبقدراته، وينطلق لاستعادة دوره في المجتمع، لذلك ليس هذا الدعم هبة فحسب، بل هو وقود يعيد إشعال الحلم والطموح في النفوس.

المنفعة العامة ليست عبئًا على المجتمع؛ بل هي تعبير حيّ عن قيمنا الإنسانية والاجتماعية التي تربينا عليها، وإنها مسؤولية مشتركة يتحملها كل موظف، لتكون شبكة أمان لكل فرد يمر بظرف عصيب، وفي ظل التحديات الاقتصادية الحالية، أصبح استمرار هذا الدعم ضرورة وطنية لا غنى عنها للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والتنمية المُستدامة.

إنَّ هذه المنفعة وُجدت لتكون جسرًا فوق نهر الشدة، حتى يعبر كل من وقع فيه إلى بر الأمان، وقطعها في منتصف الطريق، يعني أن نتركه وسط التيار، يتشبث بالأمل وحده.

كلنا رجاء وأمل أن يقول سيد عُمان، الأب الحنون، كلمته… فكلمته التي تروي أبناءه العطشى، الذين يترقبون خيوط شمسه، لتدفئ قلوبهم وتملأ بيوتهم بالسكينة، وتعيد للمنفعة روحها قبل أن يطرق العام الدراسي أبوابهم وهم بين قلق الحاجة وانتظار الفرج.

لنكن يدًا واحدة، ونحيي روح التكافل التي هي شريان مجتمعنا، فإعادة المنفعة ليست خيارًا؛ بل واجب إنساني نتحمل مسؤوليته جميعًا، نبني به غدًا أفضل لأبنائنا وأسرنا، في وجه التحديات، ليكون التضامن والتآزر هما سلاحنا الحقيقي، فلا نترك أحدًا يواجه الحياة وحده.

مقالات مشابهة

  • المنفعة العامة.. يدٌ دافئة في ليل الحاجة
  • عودة الكهرباء في أنحاء العراق بعد انقطاعها
  • ملياردير يثير استياء الجيران في كاليفورنيا بسبب إجراءات أمنية
  • سعر الريال السعودي اليوم في مصر .. استقرار قبل موسم العمرة
  • عرض جديد من فودافون كاش: سحب حتى 5000 جنيه شهريًا برسوم ثابتة
  • الخارجية الصينية: ننعى الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم بشكل مأساوي في غزة
  • هيونداي إلنترا 2025 كسر زيرو .. أسعار المستعمل تنخفض
  • "رئاسة الشؤون الدينية" تُفعّل خدماتها الإثرائية في المسجد النبوي خلال موسم العمرة
  • وفاة ثانية بين مصابي حادث دهس أسرة على كورنيش الشاطبي بالإسكندرية
  • رفض والدها طلبها فتخلصت من حياتها .. اعرف السبب