اوتاوا"أ.ف.ب": حقّق رئيس الحكومة الليبرالي مارك كارني اليوم الثلاثاء، فوزا انتخابيا تاريخيا في كندا متعهدا الانتصار على الولايات المتحدة في الحرب التجارية التي يشنّها دونالد ترامب، وبعدم نسيان "الخيانة" الأمريكية.

ودُعي نحو 29 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في هذا البلد الشاسع الذي يمتد على ست مناطق زمنية.

وأدلى أكثر من7.3 ملايين ناخب بأصواتهم بشكل مبكر، وهو عدد قياسي.

وحتى بضعة أشهر خلت، بدت الطريق معبّدة أمام المحافظين بقيادة بيار بوالييفر للعودة إلى السلطة بعد 10 سنوات من حُكم جاستن ترودو.

غير أنّ انتخاب دونالد ترامب لولاية جديدة وهجومه غير المسبوق على كندا، سواء عبر الرسوم الجمركية أو التهديدات بضم الجارة الشمالية، غيّرا الأوضاع.

وقال مارك كارني أمام مناصريه ليل الإثنين الثلاثاء، إنّ "العلاقة السابقة مع الولايات المتحدة انتهت".

وأكد أنّ "الرئيس ترامب يسعى إلى كسرنا لامتلاكنا (ضمّنا)"، داعيا البلاد إلى الوحدة لمواجهة "الأشهر الصعبة المقبلة التي تتطلّب تضحيات".

من جانبه، أقر زعيم حزب المحافظين المعارض في كندا، بيير بويليفري، بالهزيمة في الانتخابات البرلمانية، وهنأ رئيس الوزراء الليبرالي مارك كارني على فوزه.

وقال بويليفري في خطاب ألقاه بأوتاوا: "أود تهنئة رئيس الوزراء كارني على قيادته حكومة الأقلية هذه".

وأضاف: "ستكون لدينا فرص كثيرة للنقاش والاختلاف، ولكننا نتحد الليلة سويا ككنديين... وسنقوم بواجبنا لمحاسبة الحكومة".

وقال زعيم حزب المحافظين: "علينا أن نتعلم من دروس الليلة حتى نتمكن من تحقيق نتيجة أفضل في المرة المقبلة التي يقرر فيها الكنديون مستقبل البلاد".

وكانت هيئة الإذاعة الكندية (سي بي سي) توقعت أن يتمكن الليبراليون بقيادة كارني من تشكيل حكومة رابعة على التوالي - وهو أمر نادر الحدوث في السياسة الكندية - رغم أنه بحسب توقعاتها، لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة ستكون أقلية أم أغلبية في مجلس العموم الذي يضم 343 مقعدا.

وقبيل ذلك، أثار إعلان فوز الحزب الليبرالي جولة تصفيق وهتافات حماسية بين أنصاره الذين تجمّعوا في صالة للهوكي.

وقالت دوروثي غوبو (72 عاما) المتحدرة من منطقة تاوزد أيلاند في أونتاريو "أنا سعيدة للغاية. أنا سعيدة لأن لدينا شخصا يستطيع التحدّث مع ترامب على قدم المساواة. ترامب رجل أعمال. وكارني رجل أعمال، وأعتقد أنّهما يفهمان بعضهما البعض".

من جانبه، اعتبر وزير الثقافة ستيفن غيلبو في حديث إلى محطة "سي بي اس" العامة، أنّ "الهجمات العديدة التي شنّها الرئيس ترامب على الاقتصاد الكندي وعلى سيادتنا وهويتنا، حرّكت الكنديين".

وأشار إلى أنّ الناخبين "وجدوا أنّ رئيس الحكومة كارني لديه خبرة على الساحة الدولية".

في الطوابير الطويلة أمام مراكز الاقتراع على مدار النهار، سلّط ناخبون الضوء على أهمية هذه الانتخابات، معتبرين أنّها تاريخية ومن شأنها أن تحدد مستقبل هذه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 41 مليون نسمة.

في سنّ الستين، تمكّن مارك كارني، المبتدئ في عالم السياسة والمعروف في عالم الاقتصاد، من إقناع السكان القلقين بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد وسيادتها، عبر التأكيد أنّه الشخص المناسب لقيادة كندا في هذه الأوقات العصيبة.

وطيلة الحملة الانتخابية، عكف هذا الحاكم السابق لبنك كندا وإنجلترا، على التذكير بأن التهديد الأمريكي بالنسبة إلى كندا حقيقي.

وقال في إحدى محطات حملته الانتخابية، "دخلت الفوضى حياتنا. هذه مأساة، ولكن أيضا هذه حقيقة"، مضيفا أنّ "القضية الأساسية لهذه الانتخابات هي معرفة من الأقدر على مواجهة الرئيس ترامب".

وفي هذا الإطار، تعهّد الإبقاء على الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية طالما تُبقي واشنطن التدابير التي اتخذتها سارية.

كذلك، تعهّد تطوير التجارة داخل البلاد عبر رفع الحواجز الجمركية بين المقاطعات والبحث عن منافذ جديدة للتصدير، وخصوصا في أوروبا.

وفي السياق، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين صباح اليوم الثلاثاء، أنّ العلاقات بين أوروبا وكندا "قوية وتتعزز"، مهنّئة كارني على فوزه.

وقالت عبر منصة إكس "أتطلّع إلى العمل معا بشكل وثيق، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن مجموعة السبع". وأضافت "سندافع عن قيمنا الديموقراطية المشتركة ونشجّع على التعددية وندعم التجارة الحرة والعادلة".

في لندن أيضا، هنّأ رئيس الحكومة كير ستارمر، كارني، ورحّب بـ"تعزيز للعلاقات" بين الممكلة المتحدة وكندا.

وقالت الصين إنّها "مستعدّة لتطوير العلاقات" مع كندا، من دون أن تعرب في الوقت الراهن عن أي تهنئة لليبراليين بزعامة كارني.

وتشهد العلاقات بين بكين وأوتاوا توترا منذ عدة سنوات جراء العديد من النزاعات التجارية والسياسية.

وفشل بوالييفر المحافظ، الذي تعهّد خفض الضرائب والإنفاق العام، في إقناع الناخبين في هذه الدولة العضو في مجموعة السبع والتي تعتبر تاسع قوة اقتصادية في العالم، بالتخلي عن الليبراليين.

ورأى محلّلون أنّ فشل بيار بولييفر كان ناجما في جزء منه، من قرب أسلوبه وبعض أفكاره من نهج الرئيس الأمريكي، ما أدى إلى نفور جزء من الناخبين منه.

في المقر الرئيسي للمحافظين في أوتاوا، عبّر جايسن بيتشي عن "مفاجأته" بالنتائج، وقال "كنت أعتقد أنّها ستكون متقاربة بشكل أكبر".

من جانبه، عبّر رجل الأعمال جان غي بورغينيون (59 عاما)، عن "حزن شديد". وتساءل "هل هذا هو فعلا البلد الذي نريد أن نعيش فيه؟"، معدّدا السياسات الليبرالية التي يعتبرها قاتلة للحرية.

قال الدبلوماسي الكندي السابق كولن روبرتسون، الذي عرف كارني عندما كان يعمل في وزارة المالية، إن كارني هو رئيس الوزراء الأكثر استعدادا في كندا منذ الستينيات، نظرا لخبرته في قيادة بنك إنجلترا وبنك كندا.

وقال "سيمضي قدما وهو مستعد بشكل جيد للغاية، ويحمل معه قائمة اتصالات ممتازة، وسوف يستقبل الناس مكالمته ويتطلعون إليه نظرا لأن التحديات التي يواجهونها في الوقت الحالي اقتصادية".

وأضاف روبرتسون أن كارني من المرجح أن يبدأ بتوسيع التجارة الكندية مع أوروبا وأستراليا والدول الديمقراطية في آسيا مثل اليابان، مما يخفف بعض الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة في الآونة الأخيرة على السيارات والصلب والألمنيوم.

من المتوقع أن يكون تعزيز الاقتصاد الكندي أولوية كارني المباشرة، بما في ذلك من خلال تطوير مشاريع بنية تحتية لتقليل اعتماد كندا على الولايات المتحدة، التي تشتري 90 بالمائة من صادراتها النفطية.

ويقول رولاند باريس، المستشار السابق لرئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، وأستاذ الشؤون الدولية حاليا في جامعة أوتاوا "سيحتاج كارني، الذي يقود أصغر دولة في مجموعة السبع، إلى حشد تحالفه العالمي دون التلويح بعلم أحمر ضخم أمام دونالد ترامب".

وأضاف "ستكون المسألة صعبة عليه، أو سيحتاج إلى موازنة الأمور... هو وكندا لديهما مصلحة في التنسيق مع الدول الأخرى ذات التوجهات المماثلة، ولكن دون أن يجعلا كندا بالضرورة جهة منظمة للمعارضة".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رئیس الوزراء مارک کارنی

إقرأ أيضاً:

كيف أجبر ترامب نتنياهو على قبول خطته بشان غزة؟

6 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: ذكر تقرير لصحيفة فينانشال تايمز البريطانية، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدرجة إجباره على قبول خطته لإنهاء الحرب في غزة.

وقبل أسبوعين من سفره إلى واشنطن للقاء ترامب والتفاوض على خطة إنهاء الحرب، وقف نتنياهو أمام أنصاره من اليمين المتطرف في مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، وقال لهم: لن تكون هناك أي دولة فلسطينية، هذا المكان لنا.

لكن نتنياهو وجد نفسه محاطا بأقرب مستشاري ترامب، يتأمل في مسودة خطة لإنهاء الحرب، قد تشكل أيضا مسارا لإنشاء دولة فلسطينية.

وكان غضب ترامب من هجوم إسرائيل على قادة حماس في الدوحة، إلى جانب الضغوط العربية والدولية، قد ساعد في إخراج الخطة ذات العشرين بندا، والهدف منها، حسب مشاركين في العملية، تحقيق هدفين لترامب: الأول سياسي والثاني شخصي.

وحسب مصادر الصحيفة، لم يكن توقيت تقديم الخطة عشوائيا، فقد أوضح ترامب أنه يسعى لإنهاء الحرب بحلول الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر، كما أن جائزة نوبل للسلام، التي يرى الرئيس الأميركي أن يستحقها، تمنح في هذا الشهر.

وقال دبلوماسي إسرائيلي سابق عمل مع واشنطن نيابة عن عائلات الأسرى: منذ البداية أدرك ترامب أن الرهائن هم مفتاح كل الأبواب في الشرق الأوسط.

ولتحقيق كل هذه الأهداف، ضغط ترامب على نتنياهو لتقديم تنازلات والموافقة على خطة ما بعد الحرب، حسب الدبلوماسي.

وأوضحت فينانشال تايمز، أن ذلك الضغط كان ذلك ضروريا لإقناع حماس، التي تعتبر الرهائن ورقة ضغط، وحلفاء واشنطن الذين أزعجهم سلوك إسرائيل العدواني.

وقال مسؤول أميركي سابق للصحيفة، إن هجوم إسرائيل على الدوحة فتح الباب أمام خطة ترامب، وكان بمثابة إهانة للرئيس الأميركي، لكنه سمح له بالقول: لقد أفسدتم الأمر وأنا من سينقذكم.. انتهى الأمر.

وبعد أن عرض ترامب خطته على نتنياهو، حاول الأخير وفريقه تخفيف بعض بنود الخطة، خصوصا المتعلقة منها بالدولة الفلسطينية.

كما طلب نتنياهو وفريقه إضافة بند يتيح لإسرائيل استئناف القتال إذا انتهكت حماس الاتفاق، لكن الأميركيين طالبوه بـ التوقف عن البحث عن ثغرات.

ورغم ذلك، فقد حرص ترامب في خطته على حفظ ماء وجه نتنياهو، فحماس ستزاح من الحكم وينزع سلاحها وسيجرد القطاع كله من القدرات العسكرية، وفق المقترح، كما ستتولى هيئة من التكنوقراط الفلسطينيين بإشراف ترامب رئاسة قطاع غزة مؤقتا.

لكن الأهم، بحسب مسؤولين إسرائيليين، كان اللغة التي استخدمها ترامب في إعلانه: إذا رفضت حماس الاتفاق فستحظى إسرائيل بدعم ترامب الكامل للقضاء عليها.

وقال السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين، إن القاعدة الأساسية هي أن مصالح ترامب تأتي أولا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ترامب يمازح كارني بشأن "اندماج" كندا وأمريكا
  • فيديو: ترامب يمازح كارني بشأن "اندماج" كندا وأميركا
  • ترامب: نعمل مع كندا بشأن القبة الذهبية
  • ترامب: كندا ستكون سعيدة للغاية عقب زيارة كارني إلى البيت الأبيض
  • رئيس وزراء كندا يزور البيت الأبيض لمناقشة الرسوم الجمركية
  • أندريه راجولينا رئيس مدغشقر الذي طالب الجيل زد بإقالته
  • رسوم ترامب تكسر آخر مصنع لعِصي الهوكي في كندا
  • فيديو مروع.. شاهدوا الحادث الذي أودى أمس بحياة رئيس بلدية سعدنايل السابق
  • كيف أجبر ترامب نتنياهو على قبول خطته بشان غزة؟
  • الشيطان يكمن في التفاصيل.. ما أبرز البنود التي قد تعرقل مفاوضات شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل؟