وعود ترامب الشعبوية تصطدم بثوابت السوق في أول 100 يوم من رئاسته
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
واشنطن– قاد الرئيس دونالد ترامب الاقتصاد الأميركي والعالمي، خلال أول 100 يوم له في البيت الأبيض من ولايته الثانية، إلى حافة أزمة لم تتضح معالمها بعد، وسط مخاطرة كبيرة بسمعة بلاده كملاذ مالي آمن، مع فقدان غالبية المواطنين الأميركيين الثقة بقدرته على العبور بهم إلى بر الأمان.
وعد ترامب مواطنيه بالرخاء وتخفيض الأسعار، وبعد يأس الأميركيين من ضعف مهارات الرئيس السابق جو بايدن الاقتصادية، زاد الحنين إلى اقتصاد فترة حكم ترامب الأولى في سنوات ما قبل تفشي وانتشار فيروس كورونا، لكن الواقع دفع أغلبية الأميركيين للتشاؤم من سيناريو ارتفاع التضخم والدفع باتجاه ركود اقتصادي واسع النطاق.
شهدت أول 100 يوم من إدارة ترامب موجة من الإجراءات التنفيذية والمقترحات السياسية واستجابات السوق، بينما تم إطلاق عديد من المبادرات، تم سن القليل منها تشريعيا، وتمحورت سياسات ترامب الاقتصادية لتنفيذ وعود وشعارات حركة "أميركا أولا" وذلك من خلال 3 توجهات أساسية على النحو التالي:
1- تعزيز التصنيع داخل أميركا
يهدف ترامب لإعادة التصنيع الذي فقدته الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الأراضي الأميركية، ويرى فريق من الخبراء أن المفاوضات بشأن اتفاقيات تجارية جديدة قد تخدم هدف ترامب في وقف تقويض العمالة الأميركية، ورحب ترامب باستعداد عديد من الشركات الأميركية، وغير الأميركية، لإعادة مصانعها إلى أكبر اقتصاد في العالم، وإنشاء مزيد من المصانع الجديدة.
إعلانويعد هذا النهج مؤشرا على عودة ترامب إلى المناورات التجارية أحادية الجانب ومحاولة لاستخدام التعريفات الجمركية ليس فقط كأدوات اقتصادية، ولكن كأدوات سياسية.
2- إعادة تشكيل التجارة العالمية
عادت التعريفات الجمركية إلى الواجهة منذ اعتبرها ترامب وسيلة رفع الظلم والعدوان عن اقتصاديات بلاده، وبموجب القسم 301 والقسم 232 من قانون التجارة الأميركي، فرض ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية تستهدف بالأساس واردات التكنولوجيا الصينية والسيارات الكهربائية ومنتجات الصلب.
كما ألمح إلى تعريفات جديدة على السلع المكسيكية ردا على الهجرة عبر الحدود وتهريب المخدرات، وفي 2 الثاني من أبريل/نيسان الجاري، أعلن ترامب تحرير أميركا، وفرض تعريفات على مختلف دول العالم، مما أدى لانخفاض تاريخي في أسواق بورصة وول ستريت.
في الوقت نفسه، يطالب ترامب دول العالم بالعودة للتفاوض على أسس جديدة للتجارة مع بلاده، وفي الوقت الذي لا يقلق فيه رجال الأعمال المستثمرين شيء أكثر من غموض الموقف وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية للإدارة الحاكمة، دفعت تأرجحات وتراجعات أسواق المال منذ قدوم ترامب إلى حالة معقدة من اللايقين الاقتصادي.
وتعد أول 100 يوم لترامب في منصبه هي الأسوأ في سوق الأسهم لبدء فترة ولاية الرئيس التي تبلغ 4 سنوات منذ السبعينيات.
وتم محو تريليونات الدولارات من أسواق الأسهم، وخفضت شركات الطيران الرحلات الجوية، وتراجعت توقعات أداء الشركات الكبرى، وتخلى بعض تجار التجزئة عن بيع السلع الصينية الصنع في الولايات المتحدة بسبب التعريفات الجمركية، وخفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو للولايات المتحدة، ويقول الاحتياطي الفدرالي إن بعض الشركات توقفت عن التوظيف.
وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 7.9% منذ أن أدى ترامب اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني، في حين يمثل ثاني أسوأ أداء لأول 100 منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1972.
إعلانوتتناقض شدة تراجع الأسهم لبدء رئاسة ترامب بشكل واضح مع النشوة الأولية التي أعقبت فوزه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعدما تعهد بتحقيق تخفيضات ضريبية وإلغاء القيود التنظيمية.
3- خفض القواعد التنظيمية
أعادت ولاية ترامب الثانية إحياء الحماس التنظيمي الذي شهدته إدارته الأولى تجاه تقليص اللوائح والقوانيين، وخلال شهره الأول، وقع أمرا تنفيذيا يطالب الوكالات بإلغاء لائحتين لكل لائحة جديدة مقترحة، واستهدفت إدارته قواعد الإفصاح المالي المتعلقة بالمناخ، وقيود انبعاثات الميثان، والرقابة الفدرالية على المؤسسات المالية، والتي ادعى أنها خنقت الابتكار التجاري.
وبعد 100 يوم في الحكم، ومع تبني خطط الوعود الطموحة والخطاب الشعبوي العدائي، جاءت النتائج كارثية حتى الآن، ومع تأرجح مواقف ترامب، تعطلت كثير من الأوامر التنفيذية المعلقة بفرض جمارك وتعريفات جمركية على أغلب دول العالم مع تأجيل تطبيقها لمدد تقترب من الـ90 يوما، لكن لا يملك كثيرون نظرة إيجابية بسبب عدم ثقتهم بثبات مواقف ترامب.
إصلاح البنك الدولي وصندوق النقديضع ترامب موضع التنفيذ اعتقادا أساسيا يقع أيضا في صميم جهوده لتفكيك النظام السياسي الغربي، الذي تقوده الولايات المتحدة والذي ساد العالم 80 عاما، وهذا الاعتقاد مفاده أن أميركا -الدولة الأقوى عالميا- لا ينبغي أن تقود العالم، ولكن يجب أن تستخدم قوتها في مفاوضات فردية لإجبار الدول الأصغر على اتباع سياسات تفيد أميركا.
وقال ترامب لمجلة تايم -في مقابلة الأسبوع الماضي- بمناسبة أول 100 يوم له، "إذا نظرت إلى كل السنوات التي كنت أفعل فيها هذا، فقد كنت على حق في الأمور. سنكون أغنى بلد على الإطلاق، وسيكون لديك صعود كبير في أسواق المال المستقبل غير البعيد".
ويصعّد ترامب مواجهة خطيرة مع الصين، ويشن حربا اقتصادية شاملة مع منافس القوة العظمى الأميركية في القرن الـ21، والتي لها تداعيات جيوسياسية هائلة تتجاوز بكثير الظروف التجارية.
إعلانوأمام معهد التمويل الدولي، تحدث وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت -على هامش اجتماعات الربيع لصندق النقد والبنك الدوليين بواشنطن- ودافع عن فرض إدارة ترامب رسوما جمركية عالية للغاية على الصين بنسبة 145%، وحدد بيسنت ما أسماه "مخططا لإعادة التوازن إلى النظام المالي العالمي والمؤسسات المصممة للحفاظ عليه"، وتحديدا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وقال بيسنت إن "صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لهما قيمة دائمة، لكن هذه المؤسسات ابتعدت عن مسارها الصحيح. يجب أن نسن إصلاحات رئيسية لضمان أن مؤسسات بريتون وودز تخدم أصحاب المصلحة- وليس العكس".
وأضاف: "خيارات السياسة المتعمدة من قبل دول أخرى أدت إلى إفراغ قطاع التصنيع في أميركا، وقوضت سلاسل التوريد الحيوية لدينا، مما يعرض أمننا الوطني والاقتصادي للخطر".
في النهاية، يحاول ترامب إجراء إصلاح جوهري للاقتصاد الأميركي، ويصر على قدرته على إعادة إحياء العصر الذهبي الأسطوري في أواخر القرن الـ19 باستخدام التعريفات الجمركية لممارسة القوة الاقتصادية الأميركية لسحق المنافسين التجاريين.
لكن الرئيس ترامب يبدو أنه غير مبال بالمخاوف المتزايدة للأميركيين، من كبار رجال الأعمال إلى المتسوقين العاديين، الذين يرون تأثير سياساته خلال أول 100 يوم له في منصبه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التعریفات الجمرکیة أول 100 یوم
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: إلغاء مراسم منح الجنسية الأميركية عقاب جماعي يضر بسمعة البلاد
انتقدت هيئة تحرير صحيفة واشنطن بوست قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق الهجرة القانونية من 19 دولة، وما ترتب عليه من إلغاء مفاجئ لمراسم الاحتفالات بمنح الجنسية لمهاجرين استوفوا جميع الشروط القانونية.
ووصفت القرار بأنه "عقاب جماعي" جائر بحق أشخاص التزموا بالقانون وخضعوا لإجراءات معقدة ومكلفة ماديا ومطولة استغرقت بين 5 و10 سنوات، من دون أن يكون لهم أي ذنب في حادثة إطلاق نار الشهر المنصرم يشتبه أن لاجئا أفغانيا هو المسؤول عنها، والتي استخدمت ذريعة للقرار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: من يقف وراء سياسة ترامب الخارجية المعادية لأوروبا؟list 2 of 2"العودة إلى الأرض".. حي سكني للبيض فقط في أركنساس بأميركاend of listوأشارت في افتتاحيتها إلى أن إلغاء المراسم في اللحظة الأخيرة حوّل حدثا رمزيا يفترض أن يكون احتفالا شكليا إلى تجربة قاسية ومهينة، وضربت مثالا بمشاهد طرد المهاجرين من قاعات الانتظار رغم تلقيهم رسائل دعوة رسمية.
وأكدت الصحيفة أن هؤلاء الأشخاص سبق أن خضعوا لتدقيق أمني صارم شمل فحوصات بيومترية وتدقيقا من مكتب التحقيقات الفدرالي، مما يجعل تعليق مراسمهم غير مبرر أمنيا.
وترى واشنطن بوست أن الرسالة الأخطر التي يبعثها ترامب بهذا القرار هي أن الالتزام بقواعد الهجرة الصارمة لا يؤتي ثماره، مشيرة إلى أن الرئيس نفسه هو من يقوِّض رسالته بشأن الهجرة القانونية، ويضر بصورة الولايات المتحدة لمن يتطلعون للقدوم والاندماج، رغم أن أكثر من 800 ألف مهاجر أصبحوا مواطنين في السنة المالية الماضية.
وتثير سياسات ترامب جدلا واسعا بسبب أثرها المباشر على المهاجرين من غير الحاصلين على وثائق، ولا سيما النساء والأطفال الناجين من الجرائم، وسط تحذيرات من منظمات حقوقية بشأن تقويض قدرتهم على طلب الحماية.
ويشير عرض بثته الجزيرة إلى أن الأسلوب الذي تتبعه الإدارة في إنفاذ قوانين الهجرة يضعف قدرة جهات إنفاذ القانون على التحقيق في الجرائم وملاحقتها، إذ يتردد الضحايا في التعاون مع الشرطة خوفا من الترحيل أو الملاحقة.
إعلانوترى تقارير حقوقية أن سياسات الترحيل الجديدة تقوض برامج التأشيرات الفدرالية التي خُصصت لضحايا الجرائم، والتي تمنحهم سبيلا للحصول على إقامة قانونية عند تعاونهم مع سلطات إنفاذ القانون، مما يحد من فاعلية هذه البرامج.
كما تتحدث التقارير عن أن التوجيهات المعدلة لوكالات إنفاذ القانون -بما فيها السماح لمسؤولي الهجرة والجمارك (آي سي إي) بتنفيذ اعتقالات في أماكن تُعد آمنة، مثل المحاكم والمراكز الصحية- باتت تشكل رادعا للمهاجرين الذين قد يفكرون في الإبلاغ عن اعتداءات تعرضوا لها.