الجزيرة:
2025-12-14@09:20:49 GMT

أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟

تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT

أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟

أنقرة- في خطوة وُصفت بأنها تمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، أجرى وزير التجارة التركي عمر بولات زيارة رسمية إلى العاصمة السورية يومي 16 و17 أبريل/نيسان الجاري على رأس وفد رفيع ضم ممثلين عن كبرى الاتحادات والمؤسسات التجارية التركية.

وتُعد الزيارة أول تحرك اقتصادي بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة السورية، وقد حظيت بترحيب رسمي سوري عبّر عنه وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، واصفًا المباحثات مع بولات بأنها "مثمرة وتعكس الروابط الأخوية بين البلدين"، مشيرًا إلى أنها "ستشكل بداية لشراكة اقتصادية متينة تخدم مصلحة الشعبين".

من جانبه، أكد الوزير بولات التزام أنقرة بدعم جهود التعافي الاقتصادي في سوريا، معتبرا أن "استقرار سوريا ووحدتها يصبّ في مصلحة تركيا أيضا"، مشددًا على أن إعادة بناء الاقتصاد السوري تمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب وأزمة اللجوء.

اتفاقيات قيد النقاش

وأثمرت مباحثات الوفد التركي في دمشق توافقا مبدئيا بين الجانبين على الشروع في مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تشمل تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية والبنى التحتية المتضررة، وفق ما صرح به وزير التجارة التركي عمر بولات.

الوفد التركي برئاسة وزير التجارة عمر بولات (يسار) خلال اجتماع مع وزير النقل السوري يعرب بدر (التواصل الاجتماعي)

ويأتي هذا التوجه بالتوازي مع استئناف النقاش حول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 2007، التي جُمدت مع اندلاع النزاع السوري في 2011. وأكدت مصادر رسمية للطرفين وجود تفاهم أولي لتوسيع نطاق الاتفاقية وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة.

إعلان

كما اتفق الجانبان على مراجعة شاملة لاتفاقيات حماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي، بما يمهّد لإلغاء العمل باتفاقية عام 2004 واستبدالها بإطار قانوني جديد أكثر شمولًا وحداثة.

وشملت المحادثات ملفات تنفيذية على الأرض، في مقدمتها تسهيل الإجراءات الجمركية، وإنشاء مناطق حرة ومدن صناعية مشتركة، وتطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين. كما تم التوافق على تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الوزارات ودوائر الأعمال خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل قنوات التواصل بين غرف التجارة واتحادات المستثمرين بهدف تسريع خطوات التنسيق وتنفيذ المشاريع.

وفي إطار هذه التفاهمات، أعلنت الحكومة السورية اعتماد نظام جمركي جديد دخل حيز التنفيذ يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي، وشمل تعديل 6302 تعرفة جمركية تتصل بالحدود البرية مع تركيا ودول الجوار.

كما قررت خفض الرسوم الجمركية على 269 سلعة تركية أساسية في مجالات الغذاء ومواد البناء، وذلك استجابة لمقترح تركي طالب بتيسير دخول المواد الحيوية للأسواق السورية لتجنب ارتفاع الأسعار والتضخم.

انتعاش التبادل التجاري

وواصل التبادل التجاري بين تركيا وسوريا مساره التصاعدي مدفوعًا ببوادر الانفراج السياسي والتنسيق الاقتصادي المتزايد بين البلدين. فقد بلغت الصادرات التركية إلى سوريا خلال عام 2024 نحو 2.2 مليار دولار، في حين لم تتجاوز الواردات السورية إلى السوق التركية 450 مليون دولار، وفق بيانات وزارة التجارة التركية.

ومطلع عام 2025، شهدت الحركة التجارية تسارعًا ملحوظا، إذ سجلت صادرات أنقرة إلى شمالي سوريا خلال الفترة بين 1 و25 يناير/كانون الثاني الماضي ما قيمته 219 مليون دولار، بزيادة نسبتها 35.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت آنذاك 161 مليون دولار.

ويعكس هذا النمو المتواصل تطلعات الجانبين إلى رفع سقف التبادل التجاري الثنائي إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب.
وتُظهر المقارنة التاريخية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ ذروته في عام 2010 بنحو 2.3 مليار دولار، قبل أن ينهار إلى 565 مليون دولار فقط في عام 2012 بسبب تداعيات الحرب وقطع العلاقات الرسمية.

إعلان استئناف النقل

وفي مؤشر جديد على تحول العلاقة الاقتصادية بين أنقرة ودمشق من التنسيق النظري إلى التطبيق العملي، شرعت تركيا في اتخاذ إجراءات ملموسة لتيسير حركة التجارة والتنقل مع سوريا.

وزير التجارة التركي عمر بولات (يسار) ووزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد نضال الشعار (مواقع التواصل)

وأعلنت وزارة التجارة التركية، في منتصف أبريل/نيسان الجاري، رفع القيود المفروضة على التبادل الحدودي، لتُعامل السلع المتجهة إلى سوريا بالشروط المطبقة نفسها في تجارة الترانزيت مع بقية دول الجوار، في خطوة اعتُبرت تمهيدا لعودة انسيابية لحركة البضائع.

وفي 21 أبريل/نيسان الجاري، أصدرت الوزارة تعميمًا جديدا يسمح للمرة الأولى منذ عام 2011 بعبور السيارات السورية، الخاصة والتجارية، إلى الأراضي التركية عبر المعابر البرية الرسمية.

وجاء هذا التطور عقب اجتماع جمع وزير التجارة التركي عمر بولات مع وزير النقل السوري يعرب بدر، حيث تم الاتفاق على تسريع الإجراءات الجمركية والفنية في المعابر، ووضع خطة مشتركة لتفعيل النقل الترانزيتي عبر الأراضي السورية، بما يربط تركيا مباشرة بأسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، ويوفر مسارات بديلة للطرق الدولية التقليدية.

وتزامنًا مع هذه الخطوات البرية، أعلنت الخطوط الجوية التركية مطلع العام الجاري استئناف رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام 13 عامًا، في حين تجري مباحثات لربط الموانئ السورية، خصوصًا في اللاذقية وطرطوس، بالموانئ التركية على البحر المتوسط، إلى جانب بحث إعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية المتوقفة.

تحالف جديد

ويرى المحلل الاقتصادي مصطفى أكوتش أن التحالف الاقتصادي بين أنقرة ودمشق يُعاد تأسيسه من الصفر، لا على قاعدة ترميم الماضي، بل عبر شراكة إستراتيجية ترتكز على التكامل في الإعمار والطاقة والنقل، وتستند إلى توافق سياسي بين حليفين.

إعلان

ويؤكد أكوتش، في حديث للجزيرة نت، أن التحول السياسي في سوريا أتاح فرصة نادرة لإرساء بنية اقتصادية مشتركة، مشيرا إلى أن تركيا تمتلك أدوات فاعلة لدفع الإعمار، لكنها تواجه تحديات أبرزها ضعف البنية التحتية، والاعتماد على التمويل الخارجي، والفجوة المؤسساتية بين الاقتصادين.

وفي السياق ذاته، تؤكد الباحثة الاقتصادية مريم أويانيك أن القطاع الخاص التركي مرشح للعب دور محوري في إنعاش الاقتصاد السوري، لما يتمتع به من خبرة في بيئات ما بعد النزاع، لكنها تشدد -في حديثها للجزيرة نت- على أهمية توفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للاستثمار، تضمن الشفافية وتحفّز رأس المال على الدخول بثقة واستدامة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التبادل التجاری بین أنقرة ودمشق بین البلدین ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

عملاق الأسمنت اليوناني “تيتان” يستحوذ على “تراسيم” التركية مقابل 190 مليون دولار

أنقرة (زمان التركية) – أعلنت شركة تيتان (TITAN)، وهي منتج يوناني رائد للأسمنت، عن توسيع استثماراتها في تركيا من خلال التوصل إلى اتفاق للاستحواذ على كامل أسهم شركة تراسيم للأسمنت (Trasim Çimento) في ولاية كيركلاريلي. بلغت قيمة الصفقة حوالي 190 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع إتمام عملية الاستحواذ في الربع الأول من عام 2026.

يُعد هذا الاستحواذ خطوة استراتيجية لتعزيز حضور تيتان في السوق التركية. ومن المتوقع أن تُساهم تراسيم بأكثر من 140 مليون دولار في الإيرادات السنوية لتيتان، وبأكثر من 50 مليون دولار في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك (EBITDA). ويتميز مصنع كيركلاريلي التابع لتراسيم بطاقة إنتاجية تبلغ حوالي 2.5 مليون طن.

بدأت شركة تيتان مغامرتها في تركيا عام 2008، وتدير حالياً مصنعين للطحن ومصنعاً للأسمنت في توكات، مرمرة إرغليسي، وأنطاليا. ويأتي الاستحواذ الجديد ضمن استراتيجية الشركة اليونانية لزيادة إنتاجها من الأسمنت منخفض الكربون عالمياً.

وفي سياق هذه الاستراتيجية البيئية، كانت الشركة قد استحوذت مؤخراً على محجر فيزيرهان بوزولانا في بيليجيك، مما يضمن لها احتياطيات طويلة الأجل من المواد الخام الأساسية اللازمة لإنتاج الأسمنت الصديق للبيئة. تهدف تيتان من خلال هذه الخطوات إلى مضاعفة مبيعاتها من المنتجات منخفضة الكربون.

وصرّح كريستوس بانابولوس، المدير الإقليمي لشركة تيتان في شرق المتوسط، بأن عمليات الاستحواذ في تركيا واليونان (حيث نفذت الشركة أيضاً صفقات مماثلة) هي جزء من خطة الشركة الطموحة لخفض بصمتها الكربونية.

وأوضح بانابولوس أن هدف تيتان هو خفض انبعاثات الكربون بنسبة 35% بحلول عام 2030، وزيادة نسبة المنتجات الصديقة للبيئة في محفظتها لتتجاوز 50%. وأشار إلى أن محجر فيزيرهان سيعزز شبكة التوزيع العالمية للشركة بفضل موقعه الاستراتيجي الذي يتيح الوصول إلى الميناء وخطوط السكك الحديدية.

يُذكر أن شركة تيتان تأسست عام 1902، وتعد اليوم عملاقاً عالمياً يعمل في 11 دولة، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية 1.5 مليار يورو ويعمل لديها أكثر من 6500 موظف.

Tags: - الأسمنتاليونانتركيا

مقالات مشابهة

  • ما السبب وراء صمود توقعات النمو الاقتصادي لدول آسيان-6؟
  • رئيس الوزراء: مركز التجارة يعكس الدور المحوري لمصر في دعم التكامل الاقتصادي الأفريقي
  • مدبولي: إقامة مركز التجارة الإفريقي في العاصمة الجديدة يعكس دور مصر في دعم التكامل الاقتصادي بالقارة
  • مدبولي: إقامة المراكز التجارية الأفريقي بمصر يعكس دورها في دعم التكامل الاقتصادي بالقارة
  • قائد القوات البرية التركي يتفقد مركز العمليات المشتركة التركية السورية
  • عملاق الأسمنت اليوناني “تيتان” يستحوذ على “تراسيم” التركية مقابل 190 مليون دولار
  • إنشاء حديقة على الطراز التركي في الإسكندرية
  • الجزائر وتونس يختتمان المنتدى الاقتصادي الجزائري التونسي ويدعمان الشراكات المستقبلية
  • الأردن وقطر يبحثان تعزيز التعاون الاقتصادي في الصناعة والطاقة وإعادة الإعمار
  • وزير الاستثمار: 11 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب