الدولة اليمنية وحكومتها الشرعية الى أين؟!
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
وضاح اليمن الحريري
عين رئيس وزراء جديد للحكومة الشرعية في اليمن، مع بقاء وزراء رئيس الوزراء المستقيل في مناصبهم،في البدء نهنئ الجديد ونقول هارد لك للسابق، هكذا تشاء لعبة السياسة في اليمن، ليس المهم الدستور ونصوصه ولا الاعراف والتقاليد السياسية، يكفي أن يجتمع ثمانية أفراد، كل حسب حساباته ومصالحه، ليقرروا مصير ملايين البشر، من بلاد أخرى، على ذلك علينا أن نستوعب من خلال هذه الرسالة، أن وضع ادارة هذا البلد قد اختلف تماما، عما كان عليه قبل عشرة أعوام على سبيل المثال، لن نقول للأفضل او للأسوأ القرار يعود لتقييم المواطنين عموما لهذه المسألة، لكننا سنقول أن فلسفة ادارة الدولة بكل هياكلها وبناها بهذه الطريقة، يعني أن هناك كارثة تتقدم قفزا لا محالة وليس خطوا، لتنهي فعلا كل ما فهمناه وعرفناه عن الدولة وأسس بنائها وكيف تدار العلاقة البينية ما بين مؤسساتها، المسألة ليست سين او صاد من الاشخاص، المسألة أن من يقف على صنع القرار، لايدرك مخاطر ما يقوم به، من خرق او تجاوز او تعمد، في ضرب مقومات الدولة في أهم مصدر تستند عليه وهو الجانب الدستوري في المسألة.
إن الصراع السياسي الدائر في قمة هرم السلطة، بين السلطات نفسها، او داخل كل سلطة على حدة، لا يبرر أبدا الاعتداء على أسس الدولة، الا في حالة واحدة، هي أن هذه الدولة تتسارع عجلة سيرها نحو نهاية حتمية، موبوءة وتمتلئ بكل أسباب الفشل، إذا لاحظنا أن المواطن يصارع ظروف الحياة وضغوطها من اجل العيش، بينما حراس المعبد، يقومون بهدم المعبد، على رأس المواطن، حجرا حجرا، الخطر يتجسد في نموذجنا القائم، في أن معركة خفية مجهولة الاسباب ومستغربة الاعتبارات، نشبت بين أفراد من كثر ما اعتبروا انفسهم خارج التقييم والمحاسبة والسؤال، رموا كل شئ خلفهم لكي يتناحروا، في مناخ استقطاب، اتضح في النهاية أن الدولة نفسها هي ضحيته ومن يدفع ثمنه.
ليست القضية من ذهب او من سيأتي، من سيبقى او من سيرحل، لأن البقر تشابه علينا، القضية هي في سؤالين بسيطين،هما، ما الذي يحدث ومتى سيتوقف ذلك؟!، الاستماتة في معركة البقاء على سدة الحكم، لايعني قطعيا، أن التضحية بكل شئ واجبة، هذا اسمه الجنون، بالأحرى يمكن أن نسميه، بالانتحار، لكن ما دخل المواطن العادي، بالكوابيس التي صار عمرها عشر سنوات وصارت تهيمن على مجريات كل الامور، بتفاصيلها الدقيقة حتى.
لا تخفي الحالة الصارخة من الفشل التي تعيشها البلد، على وجه التحديد الدولة في كيانها المهترئ حاليا، على احد من الناس داخليا أو خارجيا، منبئة بأن أللعبة في معسكر الشرعية، صارت بلا قواعد تديرها وأن زمنها صار مفتوحا، كالبوابة الكبيرة على مصراعيها فالقواعد الجديدة، اذا كانت موجودة حقا، سيقضي الكثيرون وقتا طويلا من أجل تعلمها، قد لا يستطيعون ايضا تعلمها في الوقت المناسب، حينها قد يكون الأوان قد فات وخبطت الحجر رأس صاحب المقلاع نفسه، كما جرت عادة الحكم في مثل هذه الدول المهترئة..ثم يأتي من يقول لك إنه عام الحسم، أي حسم هذا، المفهوم إنه الحسم مع الحوثي، لكن فيما بينهم سيكون عام ماذا..الدولة التي لا يحترم كيانها وأسسها أضعف عابر سبيل..كالرجل الذي مضى قبل قليل.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
(البطولة اليمنية في زمن الطوفان )
سلسلة روائية توثق صفحات البطولة اليمنية في زمن الطوفان
الحلقة الأولى :
الساعة السادسة والنصف صباح يوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 م .
تنتشر أشعة الشمس على منطقة السبعين الباردة في الصباح الباكر ونشاهد رجلين يقفان على سور معدني يحيط أضرحة جديدة.
يقترب أحدهما باتجاه الضريح الكبير الذي توسط الأضرحة.
يتقدم بيده ممسكاً بالضريح وكأنه يمسك يد الشهيد يستمد منه القوة يتحدث معه:
– يا هاشم لقد رحلت ونلت ما تمنيت، لكني افتقدك بشدة.. لقد كنت السند لي في كل المراحل.
آه لو تعلم كم نشتاق لك ونتوق للحاق بك وننال الشهادة بقدرك.
هل تعلم يا رفيقي أن هذه الأيام تمر علينا ذكرى بداية البطولة اليمنية ذكرى استهداف سفينة جالاكسي ليدر …
تعود به الذاكرة حيث بدأت أولى مراحل البطولة اليمنية..
استهداف سفينة جالاكسي ليدر
***
(عملية جالاكسي ليدر: الصفحة الأولى من البطولة اليمنية)
ديسمبر يطوي أيامه الأخيرة من عام 2021، قطرات الندى تلتصق بالأخشاب القديمة في عمق منطقة العمليات الخامسة.
داخل المقر السري وقف القائد الشاب أمام الطاولة المعدنية يتأمل الظرف الرمادي المختوم بشعار القيادة العليا.. فتح الظرف ببطء، وقرأ التوجيهات مرة… ثم أعادها ثانية.
رفع رأسه وقال لنفسه بصوت منخفض:
– القائد يستبصر شيئًا… تصعيدًا كبيرًا يقترب.
البحر قد يتحول إلى مسرح عمليات … علينا أن نكون جاهزين قبل أن يبدأ الآخرون
جلس خلف المكتب، أمسكت يده بالقلم وضغط على زر جهاز الاتصال:
ــ استدعوا قادة البحرية… الأكاديميين فقط .. نحتاج نقاشًا طويلًا.
***
غرفة الاجتماعات السرية – المنطقة الخامسة
خمسة من أبرز ضباط البحرية جلسوا حول طاولة خشبية ضخمة، الخرائط البحرية ممتدة أمامهم على الطاولة، وشاشة كبيرة تعرض مواقع السفن، نقاط المراقبة، ومسارات بحرية متشابكة.
بدأ الرائد أبو صقر الحديث:
– لدينا تقارير عن تمركز سفن حربية متعددة الجنسيات في الممرات البحرية. الوضع يتغير بسرعة… كل ساعة حساب
دوّن القائد الشاب ملاحظاته بعناية ثم قال:
– نحتاج ثلاث ركائز أساسية… لا مجال للخطأ
رفع عينه نحو الحاضرين وأكمل بجزم:
– استخبارات بحرية دقيقة تحدد مواقع السفن المعادية.
– عنصر بشري مؤهل لتنفيذ مهام بحرية عالية الخطورة.
– تطوير لوجستي كامل يشمل القوارب، أجهزة الاستشعار، وأنظمة الملاحة.
هز الضباط رؤوسهم موافقين.. يواصل حديثه لهم:
– سنرفع هذه النقاط للقيادة… ونبدأ فوراً.
ساعات قليلة مرت حتى وصلت الموافقة عبر اتصال سري من رئيس هيئة الأركان العامة:
تبادل الاثنان حديثاً مطولاً … بدأ الحديث أخوي أكثر منه رسمي وفي نهايته كانت الأوامر: ” أبدأوا التنفيذ فوراً ”
***
الشاطئ المعزول — أكتوبر 2023
الليل يغطي الساحل السري، والأمواج تضرب الصخور بعنف، كأنها تختبر صبر الرجال. خرج هيثم من البحر منهكًا، خلع بدلة الغوص الثقيلة، واستلقى على الرمال وهو ينهج.
اقترب منه رفيقه عبدالملك يفك قفل البدلة عن كتفيه:
– ما بك يا أبو كرار؟ تبدو منهكاً.
رد هيثم وهو يحدق في السماء:
– عامان يا أبو جبريل… تدريبات مستحيلة اختبارات لا تنتهي… متى سننفذ عملية حقيقية؟
ابتسم عبدالملك وهو يساعده على النهوض:
ــ قريباً يا أخي… أشعر أن شيئًا كبيراً يقترب
***
الساعة الخامسة والنصف فجراً صباح يوم الأحد 28 يناير 2024 م
في منطقة الطلح مركز مديرية سحار، حيث منزل الشهيدان الشقيقان عبدالملك الكبير الذي استشهد في الحرب الأولى وشقيقه محمد الذي استشهد في معركة الساحل والمجاهد عبدالملك الصغير الذي سمي تيمناً بشقيقه الشهيد.
فرغ الوالد العظيم الحاج إسماعيل احسن الطالبي من صلاة الفجر لينزل لأسفل البيت ويجد زوجته تقوم بإعداد ” معطف سمن ” إحدى الأكلات الشعبية المشهور بها أهل منطقة الطلح..
: الصبوح معطف يا أم عبدالملك
: أيوه يا حج كان صبوح الشهيد عبدالملك الكبير المفضل كان يقلي يا أمي من هو عندك تعملي له معطف
فيما الأم العظيمة تتهيأ لتقديم صحن الفطور .
كان الحاج إسماعيل يتذكر ابنيه الشهيدين وبطولاتهما وتضحياتهما
كان الحاج إسماعيل رجلاً صلبا قوي الشكيمة كأهل الطلح العتيدين .
فرغ من تذكره داعياً الله:
” اللهم إني قد قدمت أولادي فلذات أكبادي نصرة لهذا الدين والمستضعفين في الأرض وفي سبيل هذه المسيرة القرآنية فتقبلهم يا الله وألحقني وبقية أبنائي وباقي ذريتي بعدهم على الصراط المستقيم ”
تحدثت الأم بصوت خفيض تسأل زوجها:
– يا حاج هل اتصل عبدالملك
نظر إليها بنظرة حانية وأجابها:
– سيتصل يا حاجة متى ما سنحت له الظروف فهو في سبيل الله
ثم أردف قائلاً:
– ها بسم الله صبوح..
يتبع الفصل الثاني