عقدة الذنب الليبرالية: 18 أغسطس 1955 أعيد لقدامى المحاربين الجنوبيين أم للقتلة بلا أعراف!
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
أعرض هنا لإعلان الرئيس سلفا كير قبل الانفصال يوم 18 أغسطس عيداً لقدامى المحاربين في الجنوب طالما كنا في سيرة عقدة الذنب الليبرالية في الليبريساريين الشماليين. وهو اليوم من عام 1955 الذي عرف ب”اضطرابات الجنوب” أو “التمرد”. ولم يعترض أي من جماعات الليبرويساريين على قرار سلفا لأن ذلك اليوم كما سنرى مما لا يشرف عسكرياً مستحقاً للاسم.
كان هناك الكثير مما يمكن أن يقال من معارضي الحيرة عن هذا القرار الأخرق. ولكنهم طووا لسانهم في حلوقهم. فليس مما يشرف محارباً قديماً أن تكون حربه مع غير محاربين مثله. فلم يُقتل في سائر المديرية الاستوائية، مركز التمرد، سوى ٧ من ضباط وصف ضباط قوة دفاع السودان الشماليين من جملة ٢٤٩ شهيداً من التجار والجزارين والمعلمين والموظفين فيهم ١٥ امرأة و٢٤ طفلاً.
علماً أنه لم يلق محاربو سلفا كير الضباط وصف الضباط الشماليين في ساحة الوغى، بل في بيوتهم فرداً. ففي كبويتا طلب قائد المتمردين الباشاويش ترتليانو ألونق من مساعد مفتش مركز جنوبي رحيم أن يطلب من اليوزباشي إبراهيم الياس أن يسلم مسدسه لو أراد الشفقة به. فلما سلم الياس مسدسة بعد إلحاف عليه أوسعوا بيته رصاصاً بالبرين وتعقبوه في بيته حتى الحمام وقتلوه.
من جهة أخرى لم يكن التمرد مواجهة بين عسكريين شماليين وجنوبيين (جدلاً). فكان المدنيون الجنوبيون رأس سهم في قتل الشماليين ونهب متاجرهم ودورهم جنباً إلى جنب مع العسكريين. واتصلت هجمات المدنيين على الشماليين مسلحين بالحراب والنشاب والحريق. وكان للمدنيين الجنوبيين وجود بارز في تعقب الشماليين في سائر بؤر التمرد ليكذب أن تلك الأيام من أغسطس مما يصح الاحتفال بها كيوم لقدامى المحاربين ناهيك عن الاحتفال بها لكآبتها أصلاً.
ولا أعتقد إن قتل المدنيين من رجال ونساء وأطفال مما يحتفل به محارب ناهيك عن ضروب التوحش التي اكتنفت موت كثيرهم. فقتل التمرد محمد أحمد فضل المولى وزوجه وأربعة أطفال وُلد أصغرهم خلال فترة حبسهم على يد المتمردين (توريت). ونزع مساعد حكيم طفلاً ذا ١١ شهراً من رجله من أمه وضرب به الأرض (بلدة تالي). وأحاط التمرد بملاحظ غابات وأحرقوه وأسرته (بلدة تومالي). وأحرق المدنيون داراً لجأ إليها الشماليون حتى الموت (بلدة تمالي)، وقتلوا إسماعيل عبد الغني التاجر وزوجه وبنته فوزية وابنه حامد ومصطفى (بلدة لينيا). وأحرق الأهالي منزلاً لجأ له الشماليون وطاردوا من هرب منهم وقتلوا امرأتين بالحراب (لوكا). وهجمت عصبة من العسكر والأهالي على بنت صغيرة لسيد محمد النذير وطعنوها بالرمح، وأخذوا زوجته وطفلته الأخرى للحبس (بلدة لينيا). ولم يجد عبد الماجد الشفيع بداً من الانتحار بطلقة من بندقيته لما حاصره المتمردون (ياي). ونفدت النساء في تركاكا من القتل واكتفوا منهن بالحبس.
ولم تخل السيرة الكأداء للتمرد من إشراقات النبل بالطبع. فتضافر جنوبيون من إداريين وشرطة وطلاب لاستنقاذ الشماليين من حولهم بحيلة وشجاعة. كما ساهم تجار إغريق وقسس، بل حكومات مجاورة في الكنغو في نجدة الشماليين. فالتمس دون أفندي بولي، مساعد مفتش كبويتا، من المتمردين أخذ الشماليين أسرى. ولا حياة لمن تنادي. وآوى أمباشي سجون دفع الله عدلان وطبله في السجن (كتري). ولاذ الشماليون بمنزل تاجر إغريقي لتأخذهم الكنيسة البروتستانتية للكنغو. وكافأت الحكومة البلجيكية أياً من رعاياه بجنيه إسترليني متى جاء بشمالي آمن.
ووقف المعلمون والطلاب الجنوبيون يحمون أساتذتهم وأسرهم ما وسعهم. ففي لينيا كان أحد المعلمين الشماليين وزوجته على رأس رحلة من طلبة رمبيك الثانوية وجهتها الشمال ساعة اندلاع التمرد. فأحاط بهم ٢٥٠ من الأهالي بالحراب والنشاب والسهام. ولدى نزول المدرسين طعنوهم بالحراب برغم ما بذله الطلبة والمدرس الجنوبي. وفي مريدي ضبط الصول ماهليلي نياقو شرطته برغم تجمع الأهالي بحرابهم. ووضع حماية لمفتش المركز. فدمغوه بالخيانة. فأخذ بعض المدرسين مع ذلك ولاذ بهم إلى قريته.
وكان من السقم وبؤس المروءة أن يحتفل سلفا كير بمثل تلك الأيام المضرجة الغبراء عيداً لقدامى المحاربين. فبعبارة بسيطة كان ما احتفل به هو جنوسايد شمالي في أدق معاني هذه العاهة البشرية. فتعريف الجنوسايد هو أن تقتل المرء لأنه هو: أي القتل على الهوية العرقية التي لا يملك المرء حيالها صرفاً ولا عدلاً. فبوسع المرء أن يغير عقيدته السياسية، ولكن الشمالي شمالي إلى نهاية التاريخ. وهذا سبب سحر عنوان كتاب صدر في أعقاب جنوسايد رواندا الذي قتل فيه شعب الهوتو شعب التوتسي على الهوية. وكان عنوانه “لن أكون توتسياً في المرة القادمة” لبيان استحالة تغيير الجلد العرقي.
ولذا لا يعد علماء الجنوسايد مثل ما قام به كل من ستالين وماوتسي تونغ جنوسايد لأنه قتل مجاني لأجل السياسة على فحش أرقامه. فالجنوسايد ليس “لعبة” أرقام الضحايا كما يطرأ للبعض. فيكفي أن تقتل قتيلاً واحداً كراهة في هويته وتُكتب عند الله جنوسايدياً.
بالطبع من حق سلفا كير وطغمته أن يحتفلوا بما شاء الله لهم أن يحتفلوا به. ولكن من العار أن يصمت حلفاء الحركة الشعبية للإطاحة بالإنقاذ، بل ومنسوبوها من الشماليين، عن ردها عن الفرح بجنوسايد من التاريخ وتدشينه يوماً لقدامى المحاربين.
فأصل فجور السلاح المهني وغير المهني على مسرح السياسة اليوم أن حملته لم يجدوا من يلجمهم من الحلفاء دون ترهاتهم الكثيرة في الحين والساع. فباضوا وأفرخوا.
كل المعلومات الواردة هنا من كتاب لجنة التحقيق في اضطرابات الجنوب التي كونتها الحكومة بعد “التمرد” برئاسة قاض باكستاني عامل في السودان. وفي مقال يأتي نتطرق لبولتيكا الذنب الليبرالي حيال عفو سلفا كير عن الشماليين لما سماه توحشهم في الجنوب.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لقدامى المحاربین سلفا کیر
إقرأ أيضاً:
ارتفاع إجمالي إنتاج المصافي في سلطنة عُمان بنسبة 6.2 بالمائة
العُمانية: سجل إجمالي إنتاج المصافي في سلطنة عُمان حتى نهاية شهر أغسطس 2025م نموًّا بنسبة 6.2 بالمائة، مقابل انخفاض إنتاج وقود السيارات بنسبة 6.8 بالمائة مقارنة بشهر يوليو 2025م.
وبينت الإحصاءات الأولية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن إنتاج وقود السيارات العادي "91" ارتفع بنسبة 12 بالمائة ليبلغ 11 مليونًا و364 ألفًا و300 برميل حتى نهاية شهر أغسطس 2025، مقارنة بـ 10 ملايين و147 ألفًا و700 برميل خلال الفترة ذاتها من عام 2024م، كما ارتفعت مبيعاته بنسبة 1.8 بالمائة لتصل إلى 9 ملايين و468 ألفًا و700 برميل مقارنة بـ 9 ملايين و303 آلاف و200 برميل حتى نهاية شهر أغسطس 2024م، فيما انخفضت صادراته بنسبة 24.3 بالمائة لتبلغ مليونًا و619 ألفًا و200 برميل مقارنة بمليونين و138 ألفًا و300 برميل حتى نهاية أغسطس 2024م.
وأشارت الإحصاءات إلى أن إنتاج وقود السيارات الممتاز "95" ارتفع بنسبة 11.7 بالمائة ليبلغ 9 ملايين و166 ألفًا و500 برميل مقارنة بـ 8 ملايين و209 آلاف و300 برميل خلال الفترة نفسها من عام 2024م، وارتفعت مبيعاته بنسبة 1.3 بالمائة لتصل إلى 8 ملايين و974 ألفًا و600 برميل مقارنة بنهاية أغسطس 2024م حيث بلغت 8 ملايين و862 ألف برميل، كما حققت صادراته نموًّا بنسبة 77.4 بالمائة لتصل إلى مليون و16 ألفًا و200 برميل مقارنة بـ 572 ألفًا و800 برميل في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضحت الإحصاءات أن إنتاج زيت الغاز "الديزل" ارتفع بنسبة 7.3 بالمائة مسجلًا 22 مليونًا و437 ألفًا و600 برميل، مقارنة بـ 20 مليونًا و908 آلاف و100 برميل حتى نهاية شهر أغسطس 2024م، كما ارتفعت مبيعاته بنسبة 6 بالمائة لتبلغ 9 ملايين و866 ألفًا و400 برميل مقارنة بـ 9 ملايين و307 آلاف و900 برميل في الفترة نفسها من العام الماضي، أما صادراته فتراجعت بنسبة 1 بالمائة لتسجل 11 مليونًا و712 ألفًا و200 برميل مقارنة بـ 11 مليونًا و599 ألفًا و900 برميل بنهاية شهر أغسطس 2024م.
وسجل إنتاج وقود الطائرات انخفاضًا بنسبة 10.9 بالمائة مسجلًا 6 ملايين و844 ألفًا و700 برميل مقارنة بـ 7 ملايين و684 ألفًا و100 برميل في الفترة نفسها من عام 2024م، كما انخفضت مبيعاته بنسبة 4.6 بالمائة لتبلغ مليونين و608 آلاف و400 برميل مقارنة بمليونين و733 ألفًا و400 برميل، وانخفضت صادراته أيضًا بنسبة 17.7 بالمائة لتبلغ 4 ملايين و24 ألف برميل مقارنة بـ 4 ملايين و888 ألفًا و300 برميل بنهاية شهر أغسطس 2024م.
أما إنتاج غاز البترول المسال، فشهد ارتفاعًا بنسبة 7.3 بالمائة ليبلغ 5 ملايين و122 ألفًا و900 برميل، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024م حيث بلغ 4 ملايين و775 ألفًا و900 برميل، فيما ارتفعت مبيعاته بنسبة 21.7 بالمائة لتبلغ مليونين و526 ألف برميل، مقابل مليونين و75 ألفًا و900 برميل في الفترة نفسها من عام 2024م، في حين تراجعت صادراته بنسبة 53 بالمائة لتصل إلى 144 ألفًا و300 برميل مقارنة بـ 306 آلاف و800 برميل بنهاية شهر أغسطس 2024م.
وفيما يتعلق بالبتروكيماويات، أوضحت الإحصاءات أن إنتاج البنزين ارتفع بنسبة 6.4 بالمائة مسجلًا 121 ألف طن متري، مقارنة بـ 113 ألفًا و700 طن متري خلال الفترة نفسها من عام 2024م، وحقق إنتاج الباراكسيلين نموًّا بنسبة 8.3 بالمائة ليبلغ 402 ألف و100 طن متري بنهاية شهر أغسطس 2025م مقابل 371 ألفًا و300 طن متري حتى نهاية شهر أغسطس 2024م، في حين سجّل البولي بروبيلين نسبة نمو ملحوظة في الإنتاج بلغت 82.7 بالمائة ليبلغ 237 ألفًا و700 طن متري مقارنة بـ 130 ألفًا و100 طن متري في الفترة نفسها من العام الماضي، بالرغم من تراجع مبيعاته بنسبة 11.3 بالمائة لتسجل 19 ألفًا و700 طن متري مقارنة بـ 22 ألفًا و200 طن متري في الفترة نفسها من العام الماضي.
وعلى صعيد الصادرات، ارتفعت صادرات البنزين بنسبة 6.1 بالمائة بنهاية شهر أغسطس 2025م لتسجل 119 ألفًا و100 طن متري مقارنة بـ 112 ألفًا و300 طن متري بنهاية شهر أغسطس 2024م، فيما سجل الباراكسيلين نموًّا ملحوظًا بنسبة 16.6 بالمائة ليصل إلى 435 ألفًا و300 طن متري مقارنة بـ 373 ألفًا و300 طن متري في الفترة ذاتها من العام الماضي، كما سجلت صادرات البولي بروبيلين نموًّا لافتًا بنسبة 69.6 بالمائة لتبلغ 170 ألفًا و300 طن متري مقارنة بـ 100 ألف و400 طن متري في الفترة نفسها من عام 2024م.