في مشهد يعكس التناقضات العميقة في السياسة الهندية، شهد الأسبوع الحالي تطورين متباينين في نيودلهي؛ أحدهما دبلوماسي اقتصادي والآخر عسكري ميداني. 

فبينما كانت الحكومة الهندية تحتفي بتوقيع اتفاقية تجارية وصفت بـ"التاريخية" مع المملكة المتحدة، كانت في الوقت ذاته تشنّ هجومًا جويًا ضد باكستان ومناطق من كشمير الخاضعة لإدارتها، ما يعكس صراعًا داخليًا بين التطلعات العالمية والقيود الإقليمية.

جاءت الضربات الجوية التي أطلقتها نيودلهي تحت اسم "عملية سيندور" – رمز الزواج في التقاليد الهندوسية – ردًا على هجوم دموي الشهر الماضي أسفر عن مقتل 26 سائحًا في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية. 

وقد استهدفت العملية، بحسب الرواية الرسمية، "بُنى تحتية إرهابية" دون المساس بالمنشآت العسكرية الباكستانية، إلا أن تقارير إعلامية تحدثت عن وقوع ضحايا مدنيين.

أكدت الهند أن الهجوم كان "دقيقًا ومحدودًا"، وحرصت على وصفه بأنه غير تصعيدي. 

لكن بقاء الوضع كذلك يرتبط برد الفعل الباكستاني، في ظل أجواء توتر متزايد وتصعيد متبادل قد ينفجر في أي لحظة، وسط ضعف الضغوط الدولية واكتفاء الطرفين بخطاب قومي داخلي حاد.

في العقود الماضية، لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في تهدئة التوترات بين الجارتين النوويتين.

لكن في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تبدو شهية واشنطن للتدخل في جنوب آسيا محدودة.

فقد وصف ترامب الصراع الحالي بأنه "مؤسف"، مؤكدًا أنه على البلدين "حلّه بطريقتهما"، في انعكاس لرؤية الإدارة الأمريكية التي باتت تنظر إلى الصراعات العالمية من منطلق النفوذ لا القيم.

منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب، اثنتان منها بسبب كشمير. وتعود أهمية الإقليم بالنسبة لباكستان إلى ارتباطه بنظام نهر السند، الذي تعتمد عليه 80% من أراضيها الزراعية. 

ولهذا، فإن تعليق الهند لاتفاق تقاسم المياه مؤخرًا يُعد تهديدًا وجوديًا لإسلام أباد. 

في الوقت ذاته، تُولي نيودلهي اهتمامًا استراتيجيًا متزايدًا بكشمير، لا سيما بعد اكتشاف رواسب من المعادن النادرة في أراضيها.

وفي قلب هذا النزاع التاريخي تقف قضية الهوية الوطنية، فالجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات تستمدان شرعيتهما من الحفاظ على العداء مع الهند، في ظل غياب الاستقرار السياسي، حيث لم يُكمل أي رئيس وزراء مدني فترة حكمه الكاملة منذ تأسيس الدولة. 

وفي المقابل، أدى قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في 2019 بإلغاء الوضع الخاص لكشمير، وتقسيمها إلى منطقتين تحت الحكم المركزي، إلى تصعيد التوترات مع باكستان، رغم ترويج نيودلهي لزيادة في السياحة والاستثمارات وانتخابات "سلمية".

لكن هجوم الشهر الماضي، وما تبعه من ردود عسكرية متبادلة، أكدت أن كشمير لا تزال نقطة اشتعال بعيدة كل البعد عن "الوضع الطبيعي" الذي تروّج له الحكومة الهندية.

في الوقت الذي تسعى فيه الهند إلى ترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية عالمية – كونها الدولة الأكثر سكانًا وخامس أكبر اقتصاد عالميًا – إلا أن تطلعاتها العالمية ما زالت تُقيَّد بتوترات حدودية مزمنة مع باكستان، ونزاعات الهوية التي لم تُحلّ منذ التقسيم.

طباعة شارك الهند باكستان كشمير

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند باكستان كشمير

إقرأ أيضاً:

الجبير يصل باكستان مع تصاعد التوترات بشأن كشمير

الرياض

وصل وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، في “زيارة رسمية” إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، في مهمة محتملة لتهدئة التوترات بين البلاد وجارتها الهند.

وتأتي زيارة عادل الجبير المفاجئة في الوقت الذي يحث فيه قادة المنطقة الهند وباكستان على تخفيف حدة الهجمات عبر الحدود، عقب أحدث تصعيد عسكري بينهما بشأن إقليم كشمير المتنازع عليه منذ فترة طويلة، والتي تدعي كلتا الدولتين النوويتين بالسيادة الكاملة عليه.

وقال مصدر حكومي باكستاني رفيع المستوى لشبكة CNN إن إسلام آباد “تفسح المجال للدبلوماسية” قبل أي رد محتمل على الهجوم الهندي الأولي، صباح الأربعاء.

ووصل الوزير قادما من نيودلهي، حيث التقى وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار، الخميس، لمناقشة “وجهات نظر الهند بشأن مكافحة الإرهاب بحزم”، حسبما قال الأخير في منشور على منصة “إكس”، تويتر سابقا.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/05/X2Twitter.com__g2ukUmz3_3So2k5_720p.mp4

اقرأ أيضا

انفجارات مدوية تضرب مطار جامو في كشمير الهندية

مقالات مشابهة

  • الجبير يصل باكستان مع تصاعد التوترات بشأن كشمير
  • باكستان: لم نقم بأي أعمال هجومية تستهدف مناطق داخل كشمير الهندية أو خارج الحدود الدولية
  • انفجارات مدوية تضرب مطار جامو في كشمير الهندية
  • الحكومة الهندية: تحييد محاولات باكستان لاستخدام المسيرات والصواريخ
  • عاجل - تصعيد خطير في كشمير.. ثلاث قوى نووية على شفا مواجهة عسكرية بعد عملية "سيندور" الهندية ورد باكستاني عنيف
  • عاجل- وصول فريق أممي إلى كشمير بعد القصف الهندي.. ومقتل مدنيين وتبادل للضربات بين نيودلهي وإسلام آباد
  • ستة أسئلة لفهم ما يحدث بين باكستان والهند في كشمير
  • باكستان: الضربات الهندية ألحقت أضرارًا بسد مائي في كشمير
  • باكستان تتوعد بالرد على الهجمات الصاروخية الهندية