صعدت المقاومة الفلسطينية من عملياتها ضد القوات الإسرائيلية بقطاع غزة، في الوقت الذي يستعد فيه جيش الاحتلال لتوسيع هجومه، وهي إستراتيجية يقول خبراء إنها تستهدف دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب أو تجويع السكان على أقل تقدير.

فقد أعلن جيش الاحتلال -اليوم السبت- إصابة 9 جنود بينهم قائد الكتيبة 6310، ونائب قائد الكتيبة 252، في انفجار لعبوة ناسفة في حي الشجاعية شمالي القطاع.

وذلك بعد الإعلان عن مقتل اثنين من جنوده في اشتباك وقع جنوب غزة.

وبالتزامن مع هذا التصعيد العملياتي من جانب المقاومة، بدأت الولايات المتحدة تستخدم نبرة مختلفة، حيث قالت متحدثة باسم الخارجية الأميركية إن الحرب والمجازر الجماعية لن تكون حلا.

في الوقت نفسه، تصاعدت المطالبات المنادية بوقف الحرب داخل إسرائيل، وأكدت استطلاعات الرأي الأخيرة تدني مستوى التأييد الشعبي والسياسي لما تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو في غزة.

دليل على جهوزية المقاومة

ووفقا لمراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام، فإن المحللين الإسرائيليين يرون في العمليات الأخيرة دليلا على استعداد المقاومة لأي هجوم بري محتمل على القطاع، بعد أن كبدتهم 8 قتلى ونحو 40 جريحا خلال الأسبوع الماضي، في إشارة إلى حصيلة خسائر جنود الاحتلال في القطاع.

إعلان

وعلى الصعيد الإسرائيلي الداخلي اتهمت المعارضة الحكومة بإلقاء الجنود إلى حرب لا نهاية لها ولا هدف سوى خدمة مصالح نتنياهو وحكومته، كما قال كرام، الذي أكد أن توسيع القتال يفتقد للشرعية السياسية والشعبية.

وخلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، لفت كرام إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن الائتلاف الحاكم خسر 20 مقعدا من مقاعده الـ68 في الكنيست، مما يعني أن قراراته تفتقر للشرعية.

كما كشف آخر استطلاع لمعهد الأمن القومي أن 71% يفقدون الثقة في نتنياهو وأن 56% يقولون إن الحرب أصبحت مسيسة، بينما 69% يريدون وقف القتال والذهاب لاتفاق، لا سيما وأن نتنياهو يفصّل قانونا لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.

لذلك، فإن كل الأعين معلقة حاليا على نتائج الزيارة التي سيجريها ترامب للمنطقة هذا الأسبوع، لأن الرسائل الأميركية الأخيرة تعكس تغيرا في نبرة الحديث والميل نحو وقف الحرب لاستعادة الأسرى، كما يقول كرام.

المقاومة تحاول دفع ترامب (يسار) لإجبار نتنياهو على وقف الحرب (الجزيرة) تركيز على الخسائر البشرية

ومن الناحية العسكرية، يقول العميد إلياس حنا، إن الكمين الأخير الذي وقع في الشجاعية يعتبر جزءا من عملية تصعيد مستمرة انتهجتها المقاومة خلال الأسابيع الماضية لتكبيد إسرائيل أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية.

وتحاول المقاومة من خلال هذه العمليات التي وقعت في أكثر من مكان إرباك الإستراتيجية الإسرائيلية في عموم القطاع، سيما وأن كمين الشجاعية استهدف فرقة كانت تقوم بعمليات استطلاع، وفق حنا.

هذا الأمر يعني -برأي الخبير العسكري- أن فرقة الاحتياط كانت تستطلع من أجل القيام بعملية مستقبلية في المكان وهو أمر يتعارض مع حديث رئيس الأركان إيال زامير الذي أكد أن مشاركة الاحتياط في العملية المقبلة ستكون محدودة، مما يعني أن الهندسة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية تبدلت بشكل كبير.

إعلان

وإن مضى الاحتلال في تنفيذ خطته، فسيكون أمام المقاومة بنك أهداف كبير يمكنها ضربه خصوصا وأنها تأقلمت بشريا على القتال بما لديها من سلاح، وأصبحت تستهدف أهم نقاط الضعف الإسرائيلية المتمثلة في الخسائر البشرية، حسب حنا.

ويرى حنا أن تراجع معنويات الجيش وزيادة الخسائر رغم استخدام كل ما يمكن استخدامه من قوة يعزز لدى الجنود فكرة أن الحرب لم تعد مجدية وأنها تجري لأسباب خاصة، مؤكدا أن هذا يعزز قدرة المقاومة على الصمود.

وإلى جانب ذلك، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن المشهد الداخلي في إسرائيل يتغير منذ انتهاك وقف إطلاق النار، وإن العامل المهم حاليا هو غياب الإجماع على العملية العسكرية شعبيا وسياسيا وفق استطلاعات الرأي كلها.

ويعزو مصطفى هذا التغير لرغبة الإسرائيليين في العودة لحياتهم الطبيعية، وإلى أنهم يعتقدون أن الحرب لم تعد تخدم قضية الأسرى ولا ترميم العلاقة بين الشعب والدولة، فضلا عن أنهم لا يثقون في الحكومة التي تتحرك وفق مصالح خاصة وأيديولوجيا ليست محل اتفاق.

وحتى فكرة التهجير لم تعد تحظى بنفس القبول داخل إسرائيل، لأن الرغبة في الانتقام والتضحية لم تعد كما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما يقول مصطفى، الذي يعتقد أن وقف الحرب بات بيد ترامب.

لكن هذا التوقف لن يتحقق -برأي مصطفى، إلا بضغط جاد من ترامب على نتنياهو، وإقناعه بأن إسرائيل لن تكون جزءا من الشرق الأوسط الجديد الذي يريده، وذلك لأن أي اتفاق يتضمن الانسحاب من غزة يعني سقوط الحكومة واليمين كله ما لم ينص على نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

استغلال زيارة ترامب

وفي السياق، يعتقد الباحث السياسي سعيد زياد أن تصعيد المقاومة يهدف لإقناع ترامب بعدم جدوى الحرب ودفعه لوقفها أو لوقف التجويع على الأقل.

والسبب في ذلك، برأي زياد، أن المقاومة ترى في زيارة ترامب للمنطقة وتغير اللهجة الأميركية فرصة مواتية لإقناعه بأن إسرائيل غير قادرة على الحسم عسكريا كما تزعم من بداية الحرب.

إعلان

ورغم عدم وجود فراق إستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن المقاومة -برأي زياد- تعتقد أن عدم زيارة ترامب لتل أبيب وإلغاء زيارة وزير دفاعه لها، أمور قد توفر فرصة أكبر للدول العربية لإقناع ترامب باتخاذ قرار وقف الحرب أو التجويع والذهاب للمفاوضات دون الحديث عن نزع سلاح حماس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف الحرب لم تعد

إقرأ أيضاً:

محللون: إسرائيل وحيدة في جبهة اليمن والحوثيون بعثوا رسالة واضحة

أجمع محللون وخبراء على أن إسرائيل باتت في مواجهة معضلة أمنية مستجدة، إثر الضربات المتواصلة التي يوجهها الحوثيون من اليمن، مؤكدين أن هذه الضربات بعثت رسائل سياسية وعسكرية واضحة، في وقت تجد فيه تل أبيب نفسها وحيدة في هذه الجبهة بعد انكفاء واشنطن.

وجاءت الضربة الأخيرة عقب أيام من استهداف مطار بن غوريون، أحد أهم المنشآت الحيوية في إسرائيل، وهو الهجوم الذي تسبب بحالة من الذعر الواسع، وأدى إلى وقف الطيران واندفاع ملايين الإسرائيليين نحو الملاجئ، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وأكدت تل أبيب أن منظومة "حيتس" الدفاعية الإسرائيلية نجحت في اعتراض الصاروخ القادم من اليمن، في حين فشلت منظومة "ثاد" الأميركية للمرة الثانية خلال أسبوع، مما أعاد الجدل حول فعالية هذه الأنظمة أمام الصواريخ الفرط صوتية التي أعلنت جماعة أنصار الله استخدامها.

الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر رأى أن الضربة جاءت لتؤكد أن الاتفاق المعلن بين الحوثيين والأميركيين، لا يشمل إسرائيل، بل يعزلها عن المظلة الأميركية، موضحا أن التوقيت السياسي للهجوم يسبق زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يضفي عليه دلالة رمزية مضاعفة.

وأشار خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" إلى أن الرد الإسرائيلي عبر قصف أهداف يمنية، بما فيها ميناء الحديدة، لم يفلح في ردع الحوثيين أو إظهار قدرة تل أبيب على فرض معادلتها، بل إن الرد اليمني جاء كنسف رمزي لجدوى هذا القصف، ويكشف أن الجماعة لم ترتدع، بل ماضية في نهجها التصعيدي.

إعلان

وحيدة ومحرجة

فيما أشار الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إلى أن إسرائيل باتت وحيدة ومحرجة في هذه الجبهة، موضحا أن صمتها كان ممكنا حين كانت الضربات الأميركية تستهدف الحوثيين، لكنها الآن مضطرة للرد بنفسها، دون غطاء أميركي.

وقال -خلال مشاركته في البرنامج ذاته- إن إسرائيل تواجه معضلة عسكرية، إذ لا تملك حلا ميدانيا فعالا لهذه الضربات، وليس لديها نية لحل سياسي في غزة لوقفها، ما يعني استمرارها في دائرة رد بلا نتيجة، تنعكس على الرأي العام الإسرائيلي المتذمر من حالة الاستنزاف.

وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو تتعرض لتراجع ملحوظ في شعبيتها، منذ سقوط الصاروخ في مطار بن غوريون، حيث أظهرت استطلاعات الرأي انحدار تمثيل مركبات الحكومة، في مؤشر على الغضب الشعبي المتزايد من الأداء السياسي والعسكري.

وبينما طالب زعيم المعارضة يائير لابيد بتكثيف الضربات على اليمن وتعطيل البنية التحتية فيها، قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن بنك الأهداف في اليمن مستهلك تقريبا، فمعظم المواقع الإستراتيجية قد دُمرت، لكن الحوثيين ليسوا قوة تقليدية، ولا ينطبق عليهم نموذج الدولة الرقمية.

ورأى أن إسرائيل عاجزة عن خوض حرب سيبرانية مع الحوثيين، الذين يعملون بأساليب بدائية لكنها فعالة، موضحا أن الحركة تحوّلت إلى "لاعب لا دولتي" يجابه إسرائيل من تحت الأرض، مستثمرا موارد محدودة بعائد عسكري كبير.

اختراق نوعي

وأوضح أن مجرد إطلاق الصاروخ، ووصوله إلى محيط مطار بن غوريون هو اختراق نوعي بحد ذاته، إذ لم يسقط فحسب، بل أحدث أضرارا اقتصادية واجتماعية وأربك صورة إسرائيل كقوة ردع مفترضة، في وقت تحاول فيه فرض هيمنتها الإقليمية.

وتعليقا على خروج واشنطن من المعركة، اعتبر شاكر أن ما يجري هو إخفاق مزدوج، إذ خرجت الولايات المتحدة من حملة عسكرية طويلة لحماية الاحتلال، في حين بقيت إسرائيل تحت القصف، في معادلة قال إنها تكشف عجز التحالف الأميركي الإسرائيلي عن ردع اليمنيين.

إعلان

ولفت إلى أن مدح ترامب للحوثيين واعترافه بشجاعتهم يمثل إحراجا شديدا لإسرائيل، إذ إن رئيسا أميركيا لطالما دعم الاحتلال، بات يمتدح خصومه، محذرا من أن هذا المزاج الأميركي قد ينسحب في المستقبل على المقاومة الفلسطينية.

كذلك يرى مصطفى أن الاتفاق الأميركي الحوثي مثّل ضربة قاسية لتل أبيب، لأنها تجد نفسها في مواجهة تهديدات لا تشملها التفاهمات الدولية، في وقت يتراكم فيه الإحباط من مواقف ترامب داخل الأوساط اليمينية الإسرائيلية.

عزلة ممتدة

وأوضح أن إسرائيل تواجه عزلة ممتدة لا تقتصر على اليمن، بل تشمل أيضا ملفات إيران وسوريا وحتى غزة، مشيرا إلى أن حكومة نتنياهو تفتقر القدرة على الربط بين الجبهات المتعددة، وهو ما يضعف قدرتها الإستراتيجية على المواجهة.

وأكد أن ضرب اليمن دون جدوى إستراتيجية يعكس أزمة عميقة في بنية الردع الإسرائيلية، خصوصا أن الجماعة أعلنت صراحة أن اتفاقها مع واشنطن لا يشمل وقف استهداف إسرائيل، لا برا ولا بحرا، ما يجعل تل أبيب عرضة لهجمات متكررة.

وأشار إلى أن هذا التصعيد انعكس مباشرة على المجتمع الإسرائيلي، الذي يشعر بالإرهاق من استمرار حالة الطوارئ، خاصة مع توقف الرحلات الجوية، وحصار عشرات آلاف الإسرائيليين داخل وخارج البلاد بسبب تعطل مطار بن غوريون.

وفي السياق ذاته، قال العميد حنا إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعاني من إنهاك واضح، بعد حرب طويلة فشلت في تحقيق أهدافها، لافتا إلى أن 12% من جنود الاحتياط يعانون من صدمة ما بعد الحرب، حسب تقارير إسرائيلية حديثة.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يعجز عن تحقيق حسم عسكري في أي من الجبهات، بينما بات الردع الذي تستند إليه المؤسسة الأمنية مثقلا بالفشل، سواء في غزة أو في مواجهة الحوثيين، ما يُضعف مكانة إسرائيل إقليميا ويؤثر على هيبتها عالميا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • محلل عسكري صهيوني: هذه هي “إسرائيل نتنياهو” اليوم ..!
  • ترامب يصعق نتنياهو.. اليمن يهزم أمريكا والأطلسي
  • محللون: إسرائيل وحيدة في جبهة اليمن والحوثيون بعثوا رسالة واضحة
  • ترامب يصعق نتنياهو ويبطش بالبنتاجون.. اليمن يهزم أمريكا والأطلسي
  • إيكونوميست: الحرب في غزة يجب ألا تستمر وعلى ترامب الضغط على نتنياهو
  • خطة أمريكية لإنهاء حرب غزة دون التنسيق مع إسرائيل..ترامب قطع التواصل مع نتنياهو
  • الحبل الأميركي الذي قد يشنق نتنياهو
  • قادة سرايا يوجهون نداء لقيادة الاحتلال:طريقة القتال الحالية لن تحقق النصر
  • "تحرك دبلوماسي" لإقناع الحوثيين بوقف هجماتهم ضد إسرائيل