يمانيون:
2025-06-27@11:07:48 GMT

صنعاء تفرض معادلاتها مع واشنطن

تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT

صنعاء تفرض معادلاتها مع واشنطن

علي ظافر

اليمن ينتزع اتفاق الندّية ويعيد رسم موازين الردع في المنطقة، بعد 52 يوماً من العدوان والتصعيد العسكري الأميركي، شنت واشنطن خلاله أكثر من 1700 غارة، وقصفاً بحرياً، ثم ما لبثت أن فشلت تلك الحملة العدوانية أمام صمود صنعاء، لتنعطف واشنطن إلى خيار الدبلوماسية وتتجه إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة عُمانية.

الاتفاق لم يكن انتصاراً لأميركا كما حاول ترامب تصويره وتسويقه، بادّعاء أن صنعاء “استسلمت”، بل مثّل اعترافاً بموازين ردع جديدة فرضها اليمن، من دون أن يقدّم أي تنازل في موقفه الداعم لفلسطين في البحر، وعمق فلسطين المحتلة، وآخره عمليتا الجمعة النوعيتان على مطار اللد المسمّى بن غوريون وهدف حيوي في يافا المحتلة “تل أبيب”. صنعاء أكدت التزامها بمضامين الاتفاق مع واشنطن، لكنها حذّرت من عواقب عودة الأخيرة إلى العدوان مجدداً، فالمعادلة ستكون أقسى.

لقد شكل اتفاق عمان لوقف إطلاق بين واشنطن وصنعاء، تحوّلاً دراماتيكياً في مسار الأزمة، وكسر وهم الغطرسة والهيمنة الأميركية في المنطقة.

فالعدوان _بنسخته الثانية_ الذي بدأته إدارة ترامب خلال ولايته الثانية ضد اليمن، سرعان ما تحولت من حملة عدوانية تستعرض فيها واشنطن قواها العسكرية، إلى مأزق استراتيجي كشف عجز القوة الأميركية أمام إرادة شعب ودولة رفضت الرضوخ.

منذ اللحظة الأولى للحملة، بدا أن إدارة ترامب تحاول توظيف اليمن كورقة ضغط في صراعها المفتوح مع إيران، وتصفية حسابات إقليمية مرتبطة بالصراع العربي “الإسرائيلي”.

غير أن القرار الأميركي إدراج “أنصار الله” في قائمة الإرهاب، وفرض العقوبات الاقتصادية، وتكثيف الهجمات الجوية والبحرية، لم تحقق أياً من الأهداف المعلنة، بل أوقعت واشنطن في مستنقع مكلف.

خلال 52 يوماً فقط، شنت الولايات المتحدة أكثر من 1700 غارة، استخدمت فيها أحدث ما تملكه من ترسانة، من الطائرات، إلى القاذفات الاستراتيجية، وعلى رأسها طائرة الـB2 وحاملات الطائرات ومنظومات الاعتراض الكهرومغناطيسية، ورفعت السقوف وبالغت في التهديدات وأفرطت بالتفاؤل في تحقيق أهدافها.

إلا أن هذه القوة الجبارة اصطدمت بواقع ميداني مختلف تماماً. فصنعاء لم تتراجع، بل فاجأت خصمها بقدرات عسكرية فاعلة أسقطت سبع طائرات تجسس أميركية من نوع MQ9، وحيّدت حاملة الطائرات “هاري ترومان” عن الخدمة مبكراً، في تطور شكّل صفعة مدوية لهَيبة البحرية الأميركية خصوصاً بعد سقوط أو إسقاط طائرتين متطورتين من نوع f18 خلال الأسبوع الأخير، وما رافق ذلك وسبقه من ضربات يمنية نوعية، وصلت إلى عمق العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، حيث أعلنت القوات اليمنية استهداف مدن ومرافق استراتيجية، أبرزها مطار “بن غوريون”، في رسالة عسكرية ذات أبعاد استراتيجية إقليمية ودولية.

في البيت الأبيض، بدا أن ترامب، بتكوينه التجاري قبل السياسي، بدأ يقلق مع استمرار تصاعد تكلفة الحرب واستغفاله من قبل نتنياهو.

ومع تضخم الخسائر إلى مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، بدأت محاولات التفلت الأميركي من المأزق.

فبدلاً من التسخين العسكري والتصعيد حولت إدارة ترامب تلك السخونة إلى خطوط الهاتف، إذ كشفت اتصالات مع الوسيط العماني عن رغبة أميركية في الخروج بماء الوجه، من دون اعتراف صريح بالفشل.

هذا التراجع لم يكن نتيجة ضغوط داخلية فقط، بل جاء عقب خسارة ميدانية وفضيحة أمنية عصفت بالبنتاغون إثر تسريبات عبر تطبيق “سيغنال”، وأدت إلى إقالات طالت كبار المستشارين، وكان أبرزهم مستشار الأمن القومي نفسه.

الاتفاق الذي تم التوصل إليه وأعلنه الأشقاء في سلطنة عُمان ورحّبت به أغلبية الدول العربية والإسلامية لم يكن مجرد وقف لإطلاق النار، بل انعكاساً لمعادلة جديدة فرضتها صنعاء، من موقع الندّية.

اليمن لم يقدّم تنازلات ولم يستجدِ ولم يترجَّ، بل انتزع وقف العدوان من دون أن يتراجع أو يغيّر موقفه من دعم فلسطين أو عملياته في البحر الأحمر. بل الأكثر من ذلك، أن الاتفاق عكس نجاح صنعاء في فصل المسار الأميركي عن “الإسرائيلي”، وهو ما أزعج “تل أبيب” التي فوجئت بإعلان ترامب من دون تنسيق مسبق، في سابقة أثارت تساؤلات داخل الدوائر الصهيونية وأنتجت أزمة بين نتنياهو وترامب.

في المقابل، كانت لواشنطن أيضاً مكاسبها، إذ إن الاتفاق أتاح لها الهروب من مأزق حرب مكلفة بلا جدوى نيابة عن”إسرائيل”، وحفظت لواشنطن ما تبقى من ماء وجه قوتها العسكرية، وسمحت _دبلوماسياً لا عسكرياً_ باستئناف الملاحة الآمنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهي مصالح تعتبرها واشنطن حيوية.

لكن الأهم أن الاتفاق كشف أن اليمن لم يكن يهدد الملاحة الدولية كما تزعم واشنطن، بل إن قراره باستهداف السفن اقتصر منذ يومه الأول على السفن الإسرائيلية وتلك المرتبطة بـ”إسرائيل”، في سياق معادلة واضحة لفك الحصار عن غزة: “الحصار مقابل الحصار”.

فالقوات اليمنية لم تستهدف السفن الأميركية إلا بعد أن قررت واشنطن التدخل عسكرياً لمصلحة تل أبيب، وتشكيل تحالف بحري استفزازي واعتدت على اليمن. ولولا هذا التدخل، لمرت السفن الأميركية بسلام، كما تمر سفن عشرات الدول الأخرى من دون أي تهديد.

التعاطي اليمني مع الاتفاق اتسم بالجدية والالتزام، لكن صنعاء أوضحت أن احترام الاتفاق مرهون بسلوك الطرف الآخر.

وفي هذا السياق، جاء التحذير الواضح من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب الخميس الماضي، الذي أكد فيه أن أي خرق أميركي سيُقابل بالرد وقد يكون قاسياً، قائلاً: “إذا عاد الأميركي للعدوان على اليمن فنحن له بالمرصاد”. وهو تصريح يعكس وضوح الرؤية لدى القيادة اليمنية، التي تدرك أن المرحلة المقبلة ستكون اختباراً للنوايا الأميركية أكثر من أي شيء آخر.

وبذلك، نجح اليمن في تحويل العدوان إلى فرصة استراتيجية، وأعاد رسم معادلات الردع، لا فقط مع واشنطن، بل مع كل من يعتدي، أو يفكر في الاعتداء أو يراهن على تفوق السلاح وحده، من دون حساب لمعادلة الإرادة والصمود اليمنيين وتطور القوة.

في الخلاصة، الاتفاق الأميركي اليمني لوقف إطلاق النار شكل بداية لمرحلة جديدة يُعاد فيها تعريف النفوذ والسيادة، وتُرسم فيها ملامح منطقة لم تعد فيها الولايات المتحدة قادرة على فرض إرادتها كما اعتادت سابقاً.

والأيام المقبلة كفيلة بكشف مدى قدرة وجدية واشنطن على الالتزام بما وقّعت عليه، وهذا مرهون بحذرها من أي محاولة جرجرة إسرائيلية جديدة إلى مأزق جديد، أما صنعاء فهي ملتزمة بالسلم، ومستعدة للرد إن اختارت واشنطن العودة إلى مربع العدوان والنكث بالاتفاق على قاعدة: وإن عدتم عدنا وعاد الله معنا.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: لم یکن من دون

إقرأ أيضاً:

ترامب يعتقد بأن اتفاق وقف الحرب على غزة بات وشيكًا

أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعتقاده بأن التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب بقطاع غزة "بات وشيكا جدا"، على خلفية "القوة" التي أظهرتها واشنطن بضرب منشآت نووية داخل إيران.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مقتضب عقده ترامب الأربعاء، مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته، على هامش قمة الحلف المنعقدة بمدينة لاهاي الهولندية.

وصرح ترامب بأنه يعتقد أن الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية "قد تُسهم بتحقيق تقدم في مسار الحرب بقطاع غزة، وأن الاتفاق بات وشيكا جدا".

وأضاف: "أعتقد أن تقدما كبيرا يحرز بشأن غزة، وبفضل الهجوم الذي نفذناه (على إيران فجر الأحد)، أعتقد أننا سنحصل على أخبار سارة جدا".

واعتبر أن الهجمات الأمريكية على منشآت إيران النووية "أظهرت قوة كبيرة، وهو ما يساعد قليلا في التوصل لاتفاق (بشأن غزة)".

وادعى ترامب أنه حتى قبل شن واشنطن هجماتها على المنشآت النووية الإيرانية، كان الاتفاق بشأن غزة "قريبا جدا"، وفق المعلومات التي قدمها له المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

مقالات مشابهة

  • المبعوث الأميركي إلى سوريا: دمشق تجري محادثات بهدوء مع إسرائيل
  • من فوق ركام الهزيمة .. العدو الصهيوني ممسكاً بالذراع الأمريكية لخوض مغامرة استخبارية في اليمن
  • الاقتصاد الأميركي يسجّل انكماشا أكبر من المتوقع في الربع الأول
  • السيد القائد يدعو أبناء اليمن للخروج المليوني يوم غدٍ الجمعة بالعاصمة صنعاء والمحافظات
  • جنرال أمريكي يعترف: اليمن تحول استراتيجي يقلق واشنطن ويقلب موازين الشرق الأوسط
  • أمريكا ترفض اتفاق نفطي بين حكومة عدن وصنعاء لبدء صرف المرتبات
  • ترامب يحث الصين على شراء النفط الأميركي
  • ترامب يعتقد بأن اتفاق وقف الحرب على غزة بات وشيكًا
  • 15 عضوا بالكونغرس الأميركي يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو
  • مصر تُرحّب بإعلان الرئيس الأميركي وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل