في خطوة فاجأت الكثيرين، ولا تزال تداعياتها مستمرة، جاء اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في العاصمة السعودية الرياض، في لقاء هو الأول من نوعه بين رئيسي الدولتين منذ 25 عاما.

وأعلن ترامب نيته رفع العقوبات عن سوريا، وذلك تتويجا لسعي سوري قادته الحكومة الجديدة، التي وضعت الاستقرار والإعمار أولوية مطلقة لها.

كما يأتي ذلك في سياق جهد عربي -وخليجي تحديدا- وتركي لاستعادة الاستقرار في سوريا والمنطقة عموما، ولتفتح الباب أمام دور سوري جديد في الإقليم بمعايير مختلفة عن السابق.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف أثر الصراع بين الهند وباكستان على هيبة الصناعة العسكرية الفرنسية؟list 2 of 2مؤتمر القامشلي.. عقدة اللامركزية ومستقبل اتفاق الشرع وعبديend of list

ومن الواضح أن واشنطن قد حسمت أمرها واختارت نهج التعاون مع الحكم الجديد في سوريا لتعطيه "فرصة للنمو"، وفق تعبير ترامب.

ونشر مركز الجزيرة للدراسات تعليقا للباحث شفيق شقير بعنوان: "الاعتراف الأميركي بالنظام الجديد في سوريا: السياق والدلالات" تناول فيه دلالة الموقف الأميركي المستجد من سوريا، والعزم على رفع العقوبات عنها والاعتراف بالنظام الجديد، وأهم تداعيات ذلك على سوريا وعلى مستقبل المنطقة ونظامها الإقليمي والعربي.

السياق والدلالات

يحمل هذا التطور دلالات عدة، من أبرزها:

أولا: سيعزز هذا التطور شرعية النظام الجديد في دمشق، وسيجعل التوجهات الحالية للقيادة السورية تستمر إلى ما بعد المرحلة الانتقالية. وسيسهم هذا الدعم الإقليمي والدولي في تثبيت الاستقرار، ولا سيما في مواجهة الصعوبات الداخلية، التي يتعلق بعضها بالعلاقة مع الأقليات وبعضها بإرث النظام السابق وما خلّفه من انقسام وهشاشة في بنية المجتمع والدولة. وبعضها الآخر بالوضع الاقتصادي وما تشهده سوريا من انهيار في كل مرافقها.

إعلان

ثانيا: جاء الاعتراف الأميركي بالحكم الجديد في دمشق وإعلان رفع العقوبات، دون فرض شروط صعبة، خاصة فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل. واكتفى الرئيس الأميركي بدعوة الشرع للانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام"، دون أن يكون ذلك شرطا للاعتراف بنظامه أو تحسين العلاقات معه. ولا يبدو أن لدى الرئيس الشرع مانعا من العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بل إنه دعا إلى ضرورة العودة إلى هذه الاتفاقية وأن تشمل أيضا انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها.

ثالثا: سيعزز هذا التطور من الالتفاف العربي والتركي حول سوريا، وسيخلق فضاء سياسيا واقتصاديا مشتركا لن يكون بعيدا عن واشنطن، وتقع دمشق في قلبه. كما سيخلق دينامية إقليمية جديدة ستؤثر على عموم المنطقة، وبوجه خاص المشرق العربي، حيث تركزت المطالب العربية على الحد من دور إيران وحلفائها سواء من الدول أو من التنظيمات المسلحة في المنطقة.

رابعا: لن يُرضي هذا التطور إسرائيل، التي لم تتأخر عن إعلان انزعاجها من إمكانية تحول الوضع الجديد في سوريا لغير مصلحتها. فقد عبّرت عن خشيتها مما يمكن أن يؤول إليه هذا الوضع بسبب الخلفية الإسلامية للقيادة الجديدة، وأن تغيير النظام الذي أسهم في إنهاء تمدد إيران في المنطقة، قد يتحول في المستقبل إلى تهديد لإسرائيل.

وكانت إسرائيل قد بادرت، مباشرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، إلى التوغل في الأراضي السورية بمئات الكيلومترات بذريعة حماية حدودها، وحرضت الأقليات على "التمرد" ضد الإدارة الجديدة، وادعت أن توسعها العسكري كان من أجل "حماية الدروز".

خامسا: قد يُشكّل الإجماع العربي -وخاصة الخليجي- واحتضانه لدمشق، نقطة البداية لإعادة بناء نظام إقليمي عربي جديد، بعد أن شهدت المنطقة خلافات عربية وانقسامات حادة، خاصة منذ عام 2011 الذي شهد بداية ثورات "الربيع العربي". وكان الموقف من النظام السوري السابق محورًا أساسيا لتلك الخلافات التي لم تُحسم إلا بعد سقوطه.

إعلان

وهذه السبيل لن تكون سهلة، لأن إسرائيل كانت -ولا تزال- تطمح إلى بناء نظام إقليمي جديد على أنقاض غزة، يكون التطبيع محوره الأساس وليس أحد مفرداته فقط، وتكون إسرائيل وقيادتها للمنطقة في المركز منه.

انتصار ومسؤولية

لن يتردد الحكم الجديد في دمشق في القول إنه سجل "انتصارا ثانيا" بحصوله على اعتراف من واشنطن وبرفع العقوبات عن سوريا، لأن من شأن ذلك أن يضفي شرعية كاملة على العهد الجديد.

لكن ذلك سيلقي على كاهل الإدارة الجديدة -إضافة إلى مسؤولياتها المباشرة في حفظ الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها- متطلبات أخرى تحظى بالأولوية لدى واشنطن وباقي الأصدقاء والحلفاء الجدد، منها محاربة "تنظيم الدولة" والحرص على عدم عودته، وترحيل من وصفهم ترامب بـ"الإرهابيين الفلسطينيين"، والطلب من "المقاتلين الأجانب مغادرة سوريا"، وأن لا تشكل سوريا تهديدا لدول الجوار، وخاصة إسرائيل.

وليس بعيدا عن كل ذلك، تحديات الحكم الجديد الذي لا يزال في طور التأسيس، وسط مجتمع منقسم وهش سياسيا واقتصاديا. كما لا تزال لبعض الدول المجاورة تحفظات عليه، مثل إيران والعراق نسبيا، فضلا عن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتهديداتها المتكررة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الجدید فی سوریا النظام الجدید هذا التطور

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأميركي: ترامب سيصدر إعفاءات أولية من العقوبات على سوريا

الاقتصاد نيوز - متابعة

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب سيصدر إعفاءات أولية من العقوبات القانونية على سوريا، وذلك بعد إعلان ترامب يوم الثلاثاء عن اعتزامه رفع العقوبات عن دمشق.

وأضاف وزير الخارجية، للصحفيين في أنطاليا بتركيا، أن الولايات المتحدة ترغب في عمل كل ما تقدر عليه من أجل تحقيق السلام والاستقرار في سوريا.

وقال روبيو: "هذه فرصة تاريخية لسوريا لكن الطريق سيكون طويلاً".

كان ترامب قال يوم الثلاثاء إنه سيصدر أوامره برفع العقوبات الأميركية عن سوريا، واصفاً أن هذه العقوبات كانت "وحشية ومعيقة" لكنها كانت أداة مهمة في ذلك الوقت.

وأضاف ترامب، خلال كلمته بمنتدى الاستثمار السعودي الأميركي: "اتخذت قرار رفع العقوبات بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي والرئيس (التركي) أردوغان".

وأضاف الرئيس الأميركي: "قررنا رفع كل العقوبات (عن سوريا)".

في غضون ذلك، ذكر مسؤول في إدارة ترامب، يوم الخميس، إنه من المرجح إصدار وزارة الخزانة في الولايات المتحدة رخصاً عامة تشمل مجموعة واسعة من القطاعات المهمة بالاقتصاد في سوريا لإعادة البناء.

أميركا منزعجة من الوضع الإنساني في غزة

وفيما يتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، أعرب روبيو عن انزعاجه من الوضع الإنساني في القطاع، وذلك بعد تحدثه مع رئيس الوزراء في إسرائيل بنيامين نتنياهو يوم الخميس.

وذكر الوزير الأميركي أن بلاده ليست غير مكترثة بمعاناة سكان القطاع، الذي لم يشهد تُسلم أي مساعدات إنسانية منذ ثاني أيام شهر مارس/ آذار.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • ما دلالات شنّ إسرائيل هجمات على جبهات متعددة؟
  • ترامب: لم أطلب من إسرائيل الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة برئاسة الشرع
  • بدلاً من روسيا.. سوريا تختار الإمارات لطبع عملتها الجديدة
  • ترامب لم يأخذ برأي الإسرائيليين في الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة
  • ترامب: لم أستشر إسرائيل قبل الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة
  • وزير الخارجية الأميركي: ترامب سيصدر إعفاءات أولية من العقوبات على سوريا
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • وزيرة خارجية كندا الجديدة: إسرائيل تستخدم نقص الغذاء سلاحا في غزة
  • وزير الخزانة الأميركي يعلن بدء خطوات لرفع العقوبات عن سوريا