الاعتراف الأميركي بالنظام الجديد في سوريا.. 5 دلالات وتبعات عديدة
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
في خطوة فاجأت الكثيرين، ولا تزال تداعياتها مستمرة، جاء اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في العاصمة السعودية الرياض، في لقاء هو الأول من نوعه بين رئيسي الدولتين منذ 25 عاما.
وأعلن ترامب نيته رفع العقوبات عن سوريا، وذلك تتويجا لسعي سوري قادته الحكومة الجديدة، التي وضعت الاستقرار والإعمار أولوية مطلقة لها.
ومن الواضح أن واشنطن قد حسمت أمرها واختارت نهج التعاون مع الحكم الجديد في سوريا لتعطيه "فرصة للنمو"، وفق تعبير ترامب.
ونشر مركز الجزيرة للدراسات تعليقا للباحث شفيق شقير بعنوان: "الاعتراف الأميركي بالنظام الجديد في سوريا: السياق والدلالات" تناول فيه دلالة الموقف الأميركي المستجد من سوريا، والعزم على رفع العقوبات عنها والاعتراف بالنظام الجديد، وأهم تداعيات ذلك على سوريا وعلى مستقبل المنطقة ونظامها الإقليمي والعربي.
السياق والدلالات
يحمل هذا التطور دلالات عدة، من أبرزها:
أولا: سيعزز هذا التطور شرعية النظام الجديد في دمشق، وسيجعل التوجهات الحالية للقيادة السورية تستمر إلى ما بعد المرحلة الانتقالية. وسيسهم هذا الدعم الإقليمي والدولي في تثبيت الاستقرار، ولا سيما في مواجهة الصعوبات الداخلية، التي يتعلق بعضها بالعلاقة مع الأقليات وبعضها بإرث النظام السابق وما خلّفه من انقسام وهشاشة في بنية المجتمع والدولة. وبعضها الآخر بالوضع الاقتصادي وما تشهده سوريا من انهيار في كل مرافقها.
إعلانثانيا: جاء الاعتراف الأميركي بالحكم الجديد في دمشق وإعلان رفع العقوبات، دون فرض شروط صعبة، خاصة فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل. واكتفى الرئيس الأميركي بدعوة الشرع للانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام"، دون أن يكون ذلك شرطا للاعتراف بنظامه أو تحسين العلاقات معه. ولا يبدو أن لدى الرئيس الشرع مانعا من العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بل إنه دعا إلى ضرورة العودة إلى هذه الاتفاقية وأن تشمل أيضا انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها.
ثالثا: سيعزز هذا التطور من الالتفاف العربي والتركي حول سوريا، وسيخلق فضاء سياسيا واقتصاديا مشتركا لن يكون بعيدا عن واشنطن، وتقع دمشق في قلبه. كما سيخلق دينامية إقليمية جديدة ستؤثر على عموم المنطقة، وبوجه خاص المشرق العربي، حيث تركزت المطالب العربية على الحد من دور إيران وحلفائها سواء من الدول أو من التنظيمات المسلحة في المنطقة.
رابعا: لن يُرضي هذا التطور إسرائيل، التي لم تتأخر عن إعلان انزعاجها من إمكانية تحول الوضع الجديد في سوريا لغير مصلحتها. فقد عبّرت عن خشيتها مما يمكن أن يؤول إليه هذا الوضع بسبب الخلفية الإسلامية للقيادة الجديدة، وأن تغيير النظام الذي أسهم في إنهاء تمدد إيران في المنطقة، قد يتحول في المستقبل إلى تهديد لإسرائيل.
وكانت إسرائيل قد بادرت، مباشرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، إلى التوغل في الأراضي السورية بمئات الكيلومترات بذريعة حماية حدودها، وحرضت الأقليات على "التمرد" ضد الإدارة الجديدة، وادعت أن توسعها العسكري كان من أجل "حماية الدروز".
خامسا: قد يُشكّل الإجماع العربي -وخاصة الخليجي- واحتضانه لدمشق، نقطة البداية لإعادة بناء نظام إقليمي عربي جديد، بعد أن شهدت المنطقة خلافات عربية وانقسامات حادة، خاصة منذ عام 2011 الذي شهد بداية ثورات "الربيع العربي". وكان الموقف من النظام السوري السابق محورًا أساسيا لتلك الخلافات التي لم تُحسم إلا بعد سقوطه.
إعلانوهذه السبيل لن تكون سهلة، لأن إسرائيل كانت -ولا تزال- تطمح إلى بناء نظام إقليمي جديد على أنقاض غزة، يكون التطبيع محوره الأساس وليس أحد مفرداته فقط، وتكون إسرائيل وقيادتها للمنطقة في المركز منه.
انتصار ومسؤولية
لن يتردد الحكم الجديد في دمشق في القول إنه سجل "انتصارا ثانيا" بحصوله على اعتراف من واشنطن وبرفع العقوبات عن سوريا، لأن من شأن ذلك أن يضفي شرعية كاملة على العهد الجديد.
لكن ذلك سيلقي على كاهل الإدارة الجديدة -إضافة إلى مسؤولياتها المباشرة في حفظ الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها- متطلبات أخرى تحظى بالأولوية لدى واشنطن وباقي الأصدقاء والحلفاء الجدد، منها محاربة "تنظيم الدولة" والحرص على عدم عودته، وترحيل من وصفهم ترامب بـ"الإرهابيين الفلسطينيين"، والطلب من "المقاتلين الأجانب مغادرة سوريا"، وأن لا تشكل سوريا تهديدا لدول الجوار، وخاصة إسرائيل.
وليس بعيدا عن كل ذلك، تحديات الحكم الجديد الذي لا يزال في طور التأسيس، وسط مجتمع منقسم وهش سياسيا واقتصاديا. كما لا تزال لبعض الدول المجاورة تحفظات عليه، مثل إيران والعراق نسبيا، فضلا عن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتهديداتها المتكررة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الجدید فی سوریا النظام الجدید هذا التطور
إقرأ أيضاً:
هل تطبع سوريا مع إسرائيل؟ وما شروطها؟
استعرض تقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" تفاصيل شروط سوريا المحتملة للموافقة على التطبيع مع إسرائيل وفق رغبات الولايات المتحدة، بينما قدمت "هآرتس" تحليلا للعقبات التي تحول دون ذلك، ومنها الخلاف حول مستقبل الجولان المحتل.
وأكد مراسل هآرتس في واشنطن بن صامويلز أن حديث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال انضمام سوريا إلى اتفاقيات أبراهام -إلى جانب البحرين والإمارات والمغرب والسودان- ازداد في الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فايننشال تايمز: هكذا أعادت إسرائيل إحياء القومية الإيرانيةlist 2 of 2صحف عالمية: تصعيد إسرائيلي بغزة والتوقيت يناسب نتنياهو لعقد اتفاقend of listويأتي ذلك في أعقاب تدخل واشنطن في الحرب بين إسرائيل وإيران، وتزايد الشكوك حول فعالية الدبلوماسية الأميركية، حسب هآرتس.
واستندت يسرائيل هيوم في تقريرها إلى ما نقلته قناة "إل بي سي آي" الإخبارية اللبنانية عن شروط سوريا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وتفيد التقارير بأن هذه الشروط تتضمن اعترافا إسرائيليا رسميا بحكومة الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، وانسحابا كاملا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
كما تتضمن الشروط وقفا شاملا للغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا وترتيبات أمنية جنوبي البلاد، إلى جانب ضمانات ودعم أميركي للحكومة السورية.
وفي المقابل، حسب الصحيفة، قد توافق سوريا على الاعتراف الدائم بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل.
مؤشراتونقلت هآرتس قول المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف -في مقابلة مع قناة سي إن بي سي- إن الإدارة الأميركية تأمل "في تحقيق تطبيع مع دول لم يكن لأحد أن يتصور انضمامها، مشيرا إلى "إعلانات كبيرة قادمة".
ووفق الصحيفة، لم ينكر ترامب في تصريح على قناة فوكس نيوز احتمال انضمام سوريا للاتفاقيات، وقال إنه رفع "العقوبات عن سوريا بناء على طلب بعض أصدقائنا في المنطقة".
ونقل التقرير عن مبعوث ترامب إلى سوريا، توماس باراك، تأكيده أن الشرع يبدي رغبة في تحقيق السلام على الحدود مع إسرائيل.
إعلانورجح باراك أن تبدأ العملية بـ"حوار غير مباشر حول قضايا حدودية بسيطة، قد يتطور لاحقا إلى نقاشات أوسع تهدف إلى منع التصعيد بين الدولتين".
وترى هآرتس أن التحديات كثيرة، رغم تفاؤل الإدارة الأميركية باحتمال التطبيع، وأولها هو الخلاف الجذري بين إسرائيل وسوريا بشأن مستقبل الجولان المحتل، خاصة بعد أن اعترف ترامب في ولايته الأولى بضم إسرائيل للمنطقة، وتباهى بذلك في حملته الانتخابية لعام 2024.
وأضافت الصحيفة أن توغل إسرائيل البري في جنوب غرب سوريا يجعل من أي اتفاق لوقف إطلاق النار غير كاف لضمان حسن العلاقة بين الطرفين، مما يتطلب حلا جذريا وعمليا.
وبحسب هآرتس، فإن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران ولبنان وسوريا أوضحت للولايات المتحدة أن حليفتها تضع أمنها القومي فوق أي مبادرة دبلوماسية أميركية، أو محاولة لتحسين سجل ترامب الدبلوماسي.
ووفق الصحيفة، تستمر المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل رغم الغضب الإقليمي حول حروب غزة وإيران، والاضطرابات الداخلية في سوريا بسبب التوغلات الإسرائيلية.
وحذرت هآرتس في تقريرها من خطر أن تبالغ إسرائيل في استغلال الوضع الحالي، مما قد يستفز الرئيس السوري إلى حدٍ لا يستطيع معه تسويق أي اتفاق أمام قاعدته الداخلية أو شعبه الغاضب بالفعل من الوجود الإسرائيلي في البلاد.