غزة: صيدليات بلا جدران ودواء بلا ضمان
تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT
في ظل الحرب على غزة لم يسلم بشر ولا حجر أرواح تتبعثر أبنية وجدران تسقط وصيدليات دُمرت وتحولت رفوفها الزجاجية الى حطام بعد ان كانت تقدم خدماتها لأكثر من 2 مليون غزي لكن الحاجة الى الدواء لم تسقط، ما دفع أصحابها لاستبدال رفوفها الزجاجية الى أخرى خشبية داخل خيمة من القماش تقام وسط الطرقات وبين زحام خيام النازحين.
وهذا ما قام به الصيدلي أحمد حلس بعد سبعة أشهر من الحرب بإنشاء "خيمة صيدلية" في دير البلح لتصبح الصيدلية الأولى في القطاع التي تقدم الأدوية والخدمات الطبية للنازحين داخل خيمه بعد أن دمرت الحرب صيدليتان حديثتين كان يمتلكهما ويعمل بهما في حي الشجاعية.
أوضح حلس الذي يعمل في هذه المهنة منذ عام 2010 أن الصعوبات التي واجهها في إنشاء صيدليته وصعوبة توفير الأدوية بسبب بُعد المستودعات ونقص مخزون الأدوية بها فبحسب ما أشار اليه المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة خليل الدقران في تقرير " الجزيرة نت" فإن 40% من الأدوية و60% من المهمات الطبية رصيدها صفر، عدا عن صعوبة توفير الأخشاب والشوادر اللازمة لبناء الخيمة وحفظ الادوية فضلا عن الاكتظاظ السكاني في المخيم.
وقال حلس في البداية شعرت ببعض الحرج من فكرة عمل الصيدلي داخل خيمة كونها بيئة غير اعتيادية لمهنتي لكن العزيمة والروح الانسانية أقوى من ذلك.
وذكر أن عبارة أحد النازحين "منيح انك ريحتنا وقربت علينا المسافة " كانت بمثابة الحافز القوي للاستمرار بالعمل ليلاً ونهاراً لخدمة النازحين ورداً على ثقتهم وحاجتهم لها رغم كل التحديات، وبعد الترحيب والإقبال الكبير على الصيدلية التي لم توفر الرعاية والاستشارة فقط، بل أصبحت مصدر دخل لأسرته.
لم يكن حلس الصيدلي الوحيد الذي حول من الدمار فرصة للبقاء، فهناك العشرات من الصيدليات دُمرت بالكامل وخلق أصحابها فرصة جديدة للبقاء والعمل، وهذا ما أشار اليه حازم عبد العال نائب شركة "أليكس ميديكال" للأدوية أن هناك صيدليات دُمرت كلياً في غزة والشمال لكن دون ذكر رقم محدد.
في المقابل، يوضح الصيدلي حلس أثناء عمله داخل الخيمة، أن الأدوية التي تحتاج للحفظ مبردة وبعيدا عن أشعة الشمس باتت غير متوفرة في القطاع منذ بدء الحرب "كأدوية الهرمونات والزراعة وبعض قطرات العين "، وهذا ألغى التحديات المرتبطة بتخزينها وبيعها في ظروف غير ملائمة.
وعلى مفترق طرق مدمر تقف خيمة معدة من النايلون وبعض الادوات البسيطة تحمل بداخلها ألواح خشبية وعلب أدوية ، هنا تدير غدير الشيخ خليل "38" صيدلية الحرب الخاصة بها بعد أن فقدت عملها بصيدلية حديثة كانت تعمل بها منذ عام 2010.
تقول غدير بينما تفرز علب الأدوية على الرفوف الخشبية، إن النزوح المتكرر وغلاء الإيجارات جعلاها تفكر " ليه ما ا فتح صيدليتي هنا"، مؤكدة أن غيرتها الشديدة على مهنتها التي خسرت العمل بها كانت سببا قويا لإنشاء الصيدلية والعمل بكل إرادة وعزيمة في سبيل خدمة النازحين والتسهيل عليهم ولتوفير مصدر دخل لعائلتها.
تواصل غدير التي تعمل بمهنتها مند 12 عاماً عطائها دون كلل أو ملل رغم الدمار الذي خلفته الحرب على القطاع الصحي فقد دُمر ما بين 28-30 مستودع أدوية كانت تزود الصيدليات بنحو 25٪ من الأدوية حسب ما قال نائب مجلس إدارة شركة "أليكس ميديكال" للأدوية حازم عبد العال لصحيفة الأيام، مما زاد معاناة المرضى وقلل فرص الحصول على العلاج.
الا أن غدير بإصرارها وعزيمتها تواصل البحث في المستودعات بقدر استطاعتها لتوفير الدواء للمرضى مؤمنة أن كل حبة دواء قد تكون سبباً في إنقاذ حياة بشر هي انتصار للإنسانية في ظل هذه الحرب الطاحنة لأرواح البشرية.
أصبحت هذه المبادرات الفردية من الصيادلة خط دفاع طبي ورمز للصمود والتحدي، حيث المواطنون الذين يتوافدون لها بحثا عن المسكنات وأدوية الضغط والسكري وحتى حليب الأطفال ومراهم الجلد كونها الأكثر طلبا حسب قولهم.
المصدر : وكالة سوا - سجود شخصة اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين مصطفى: إسرائيل توظف المجاعة كجزء من عدوانها الحربي ضد شعبنا داخلية غزة: الاحتلال يحاول السيطرة على توزيع المساعدات بمؤسسة مشبوهة نساء غزة يختزن الألم لمواجهة قهر الواقع الأكثر قراءة ألوية الناصر: استشهاد القائد أحمد سرحان بعد إفشاله عملية إسرائيلية خاصة معاناة نزوح جديدة: الجيش الإسرائيلي يُحذّر بإخلاء مناطق واسعة في خانيونس سموتريتش: لا مساعدات لغزة إلا بالحد الأدنى وسندمّر ما تبقى من القطاع إسرائيل تُصادق على إقامة جدار على الحدود مع الأردن عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
ساحل غزة - من شاطئ استجمام إلى مأوى نزوح
كانت أمواج البحر الأبيض المتوسط تلقي تحيات الصباح على ساحل غزة الذي يبلغ طوله 40 كيلومتراً، حتى صار البحر صديقاً للسكان.
نسجت العائلات الغزية ذكرياتها بين رمال ذهبية ومياه زرقاء. يقول الصياد يوسف أبو عطية (54 عاماً) وهو يمسح دموعاً عن وجهه: "كنا نخرج قبل الفجر بـ 20 قارباً، نعود محملين بـ 3 أطنان من السمك يومياً". هذه الثروة كانت تطعم 50 ألف عائلة تعتمد على صيد الأسماك، وفقاً لوزارة الزراعة الفلسطينية.
غير أنه الآن لم يعد كذلك، لقد أصبح ملاذاً للسكان المدنيين الذين ينزحون تحت وطأة الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023 ويقيمون مأوى وخيام من النايلون والصفيح.
ونتيجة للقصف المتواصل وجدت العائلات التي هربت من القصف من شمال القطاع، نفسها تائهة على شاطئ البحر نفسه الذي كان مصدر فرحها ذات يوم.
"نزحنا 12 عائلة إلى 200 متر فقط من الشاطئ"، تقول أم فادي (37 عاماً) بينما تهز طفلتها ذات الأعوام الأربعة. "لكن البحر خاننا.. في ديسمبر، اجتاحت الأمواج 50 خيمة وأغرقت طفلين". تشير تقارير الأرصاد الجوية إلى أن منسوب المياه ارتفع 3 أمتار بسبب العواصف، دون أن يجد النازحون أي حماية.
وتشكل الحياة على حافة الماء، فصل غريب من فصول المعاناة بالنسبة لسكان غزة، حيث يعيش 1.7 مليون نازح - 75% من سكان غزة - في خيام ممزقة تمتد على طول القطاع، جزء كبير منهم يقيم في خيام بمحاذاة الشاطئ.
ويواجه هؤلاء السكان تحدي توفر المياه الصالحة للاستخدام، وجزء كبير منهم اضطر لاستخدام مياه البحر من أجل غسل ملابسهم. وبحسب منظمة اليونيسف فإن 96% من المياه غير صالحة للشرب، فيما يفتقد السكان لمصادر المياه بفعل الدمار الهائل الذي طال البنى التحتية.
في مشهد معقد، يتحول البحر إلى حمام عام. السيدة أم ياسر (60 عاماً) تصف: "نغتسل في البحر المالح، ثم نعود لنشرب مياهاً ملوثة تسبب الإسهال لأطفالنا".
وتوضح تقارير السياحة المحلية أن الشاطئ استقبل مليون زائر سنوياً قبل الحرب، رغم الحصار. وتقول السيدة أم محمد (43 عاماً) وهي نازحة تسكن في خيمة بمحاذاة الشاطئ: "كل جمعة كنا ننزل 15 فرداً من العائلة للشواء والاصطياف، الأطفال يبنون قصوراً رملية، والنساء تبث النكات، والرجال يمارسون رياضة كرة القدم.. اليوم كل ذلك اختفى نتيجة الحرب".
وحين عاد الصياد يوسف عبد الله (35 عاماً) من جنوب القطاع إلى شاطئ مدينة غزة القديم وجد مفارقة مؤلمة: "300 قارب صيد دمرت بالكامل، والباقي صار مسكناً للنازحين"، فيما تقول وزارة الزراعة إن 95% من الصيادين فقدوا مصدر رزقهم، في حين أن 60% من الأراضي الزراعية الساحلية دمرت.
يشير الصياد عبد الله إلى بضعة أطفال يحملون جالونات مياه، ويقول: "هؤلاء الأطفال كانوا يلهون بين مراكبنا ويبنون قصورا بالرمال، أما الآن فهم يكدون من أجل اطعام أسرهم".
يقول أحد هؤلاء الأطفال يدعى أحمد (10 أعوام) يقول وهو يحفر حفرة صغيرة: "هذا قبر لدميتي.. أبي يقول إننا سنموت كلنا قريباً".
وحذرت منظمة اليونيسف من أن غالبية الأطفال في قطاع غزة يعانون من صدمات نفسية تحتاج لتدخل عاجل نتيجة تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
بموازاة ذلك، حذرت الأمم المتحدة من أن 90% من النازحين ينامون على الأرض دون فرش، بينما درجات الحرارة تنخفض ليلاً. والخيام المبتلة أصبحت مرتعاً للأمراض.
"رائحة الشواء؟ التي كانت تسيطر على الشاطئ في مثل هذا التوقيت نسيناها.. الآن نعرف رائحة البلاستيك المحترق"، تقول أم عادل عبد الهادي، بينما تحاول إشعال نار بالحطب لطبخ حفنة أرز. في خيمتها التي لا تقي شمساً، تحكي كيف تحولت حياتها من "نعيم" نسبي تحت الحصار إلى جحيم مفتوح: "كنا نجئ هنا إلى الشاطئ ليلاً للاستجمام وهرباً من الحر والحشرات، لكننا اليوم نخشى أن يحل الليل لأن السماء مليئة بالطائرات".
ولأن جغرافيا المكان لم تعد كما كانت، فكل شيء بالنسبة للسكان صار يحمل ألماً، فالبحر لم يحمل الأسماك للصيادين، بل يحمل جثثاً. رماله التي كانت تحتفظ بآثار أقدام الأطفال، صارت مقبرة جماعية. وكلما بنى الناس خياماً تهزمها الأمواج. ومع ذلك، لا يزالون يتطلعون إلى حصول معجزة توقف الحرب وتعيد للبحر قدرته على غسل الجراح.
ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو
المصدر : وكالة سوا - أحمد الطناني اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين المفتي العام في فلسطين يؤكد جواز التضحية بالعجول المسمنة بدء توافد قوافل حجاج فلسطين من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة المجلس الوطني يوجه نداء إنسانيا لوقف حرب غزة الأكثر قراءة غزة: المستشفى الإندونيسي خارج الخدمة وجميع مستشفيات شمال القطاع متوقفة تنصيب بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر رسميا قائمة بأسماء 35 معتقلا من غزة وأماكن احتجازهم نتنياهو: مفاوضات غزة في الدوحة تبحث مقترحين أحدهما وقف الحرب بشروط عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025