يمانيون | خاص
في مشهد يعكس عمق التناقض بين الثروات والحرمان، تعيش مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت النفطية، أزمة كهربائية خانقة تجاوزت حدود التحمل البشري، وسط صيف قائظ يُنذر بمزيد من المعاناة والانفجار الشعبي، في ظل عجز واضح من قبل سلطات حكومة المرتزقة عن تقديم أي حلول جذرية أو حتى إسعافية، ما يزيد من حالة الغليان الشعبي المتصاعد.

بحسب ما وثقته “منصة أبناء حضرموت”، فإن ساعات انقطاع التيار الكهربائي وصلت إلى أكثر من 18 ساعة يومياً، ضمن ما بات يُعرف بنظام “التشغيل بالتقنين”، حيث تعمل الكهرباء لساعتين فقط تليها خمس ساعات انقطاع. هذا النمط من التقنين، المفروض قسرياً، يضرب حياة السكان في أساسياتها، ويحوّل المنازل إلى أفران مغلقة، خاصة مع دخول موسم “الأربعينية” شديد الحرارة الذي يشتهر به ساحل حضرموت، ويجعل حتى ساعات الليل غير قابلة للراحة أو النوم.

المفارقة المؤلمة التي بات يرددها الشارع الحضرمي هي أن هذه المعاناة تقع في محافظة تُعد من أغنى مناطق اليمن بالثروات النفطية، ما يطرح تساؤلات حارقة عن مصير تلك العائدات التي تذهب إلى خارج المحافظة، وعن استمرارية هذه الأزمة السنوية في ظل غياب أي معالجات تليق بمكانة حضرموت وثرواتها، التي تُنهب جهاراً نهاراً من قبل التحالف وأدواته.

الأزمة لم تعد مجرد مسألة خدماتية، بل تحولت إلى قضية سياسية واقتصادية واجتماعية بامتياز، تُجسد انهيار البنية الإدارية وتغوّل الفساد، وغياب التخطيط أو المسؤولية لدى السلطات المحلية وحكومة المرتزقة، التي عجزت حتى عن توفير الحد الأدنى من الوقود لمحطات التوليد، رغم الاعتمادات المفتوحة والمساعدات المعلنة من دول العدوان.

في المقابل، تتصاعد الدعوات الشعبية، عبر منصات التواصل الاجتماعي والمبادرات الميدانية، للخروج في تظاهرات ليلية حاشدة، تعبيراً عن السخط الشعبي الكبير، والمطالبة بإصلاح الأوضاع ومحاسبة المتورطين في الفساد والعبث بالمال العام، لا سيما أولئك الذين يراكمون الثروات الشخصية على حساب معاناة الناس.

وبينما تصرخ حضرموت تحت سياط الحر والظلام، فإن المشهد يتكرر في معظم المحافظات الخاضعة لحكومة المرتزقة، التي تعيش انهياراً شبه شامل في خدمات الكهرباء والمياه والصحة، في ظل تدهور اقتصادي متسارع، وانعدام الأمن، وتوسع رقعة الفوضى، ما يجعل الوضع العام مرشحاً للانفجار، خاصة مع فقدان الناس لأي أمل في حلول قريبة أو خطوات إصلاحية حقيقية.

إن أزمة الكهرباء في حضرموت اليوم لم تعد أزمة خدمات، بل تحولت إلى مؤشّر صارخ على فشل المشروع السياسي الذي يراد فرضه على الجنوب تحت مظلة الاحتلال السعودي الإماراتي، حيث تحوّلت الثروات إلى وسيلة للنهب والإثراء غير المشروع، فيما بقيت المحافظات تعاني من الظلام والعطش والمرض، بانتظار صحوة شعبية تضع حداً لحالة الاستنزاف والتجاهل.

وفي ظل هذا الواقع، يضع الحراك الشعبي في حضرموت الجميع أمام مسؤولياتهم، داخلياً وخارجياً، ويؤكد أن صبر الناس لم يعد قابلاً للتمديد، وأن معركة الكهرباء باتت أحد أبرز ميادين النضال ضد الفساد والتبعية والنهب الممنهج، في محافظةٍ لا تستحق إلا الكرامة والعدالة والتنمية.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد

أعلن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر أنه قرر الابتعاد عن العمل السياسي والانخراط في الشأن العام، مبررا قراره بعدم قدرته على “العيش وسط نتن الطائفية وجور الفساد”، على حد تعبيره.

ووصف الصدر، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في منصة "إكس"، السنوات الماضية بأنها كانت مليئة بـ "السم والجرح"، مشيرا إلى أنه دخل غمار السياسة “رغبة في الإصلاح”، لكنه وجد نفسه وسط “تيار فساد جارف وتناعم مع لقمة أدسم”، بحسب وصفه.

وأضاف أن من لا يهتم بالشريعة والعقيدة وسيرة النبي، ولا يكترث برأي المرجعية، ولا يخضع لمطالب الشعب، "فلا يكشف اللثام عن الفساد، ولا يميط الأذى عن الناس"، مؤكدًا أن مشاركته السياسية لم تكن بحثا عن سلطة، بل بدافع التكليف الشرعي والأخلاقي، وأنه رفض "التحالف مع الأنداد سرا وجهرا".

وشدد الصدر على أنه "لن يرضى بحكم محمد ولا غيره إذا كان ظالما أو فاسدا"، موجها انتقادات حادة للمليشيات، ولمن أسماهم بـ"الذين لا يهيبون القوات الأمنية وسلاحها".

وأكد في ختام بيانه أن مشروعه في الإصلاح مستمر، لكنه لن يعود إلا إذا شعر أن الشعب يطلبه "بصدق"، قائلاً: "سأبقى طالباً لرضا الله.. ولو طلبوا لي الرضا".

pic.twitter.com/DLriksQlML — مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) July 9, 2025

وتأتي تغريدة الصدر في وقت يشهد فيه العراق حراكا سياسيا متسارعا استعدادا للانتخابات المقبلة، وسط تصاعد للانقسامات بين القوى الشيعية، وتزايد الغضب الشعبي من الفساد والانفلات الأمني.

ولم يوضح الصدر ما إذا كان قراره نهائيا بالاعتزال السياسي، أو أنه مجرد موقف احتجاجي على مسار العملية السياسية الحالية، إلا أن لهجته العاطفية والحادة توحي بوجود أزمة ثقة متفاقمة بينه وبين الأطراف المتنفذة في الحكم.


مقالات مشابهة

  • مع اشتداد الحر.. تردي ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد ومحافظات عدة
  • 1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
  • وزير الكهرباء والطاقة المتجددة فى زيارة ميدانية إلى محطة كهرباء الشباب المركبة بمنطقة القصاصين محافظة الإسماعيلية.
  • عاجل | 1000 ريال تعويضًا عن انقطاع الكهرباء أكثر من 6 ساعات.. معايير صارمة لحماية المستهلكين
  • شراكة نفطية واعدة بين طرابلس وبغداد.. اتفاقات فنية واستثمارية في ندوة أوبك العالمية
  • الغاء فصل الكهرباء عن مبنى المحافظة و3 مستشفيات في بنها بالقليوبية
  • إلهام شاهين.. زهرة الصيف التي خطفت الضوء من شمس الساحل
  • محافظة الجيزة: إعادة تشغيل الكهرباء بالكامل بشبرامنت والانتهاء من إصلاح وتركيب المحول الجديد
  • إعادة تشغيل الكهرباء بالكامل بشبرامنت .. واستكمال إصلاح وتركيب المحول الجديد
  • مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد