علي الرواحي.. ستيني ينافس فـي ميدان القرآن الكريم ويحصد جائزة «أكبر متسابق»
تاريخ النشر: 12th, June 2025 GMT
فـي زمن تتنوع فـيه الاهتمامات، وتزداد فـيه المشاغل، يقف علي بن سعيد الرواحي، الرجل الستيني، شاهدًا حيًا على أن العمر لا يمثل حاجزًا أمام العطاء، ولا يشكل مانعًا أمام الطموح، فالرجل الذي شارف على السبعين من عمره لم يكتفِ بارتباط وجداني بكتاب الله، بل شارك بفعالية فـي أرفع المسابقات القرآنية بسلطنة عُمان، ليُكرَّم بجائزة «أكبر متسابق» فـي مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم فـي دورتها الثانية والثلاثين.
رحلة الرواحي مع القرآن الكريم لم تبدأ من جائزة، ولم تنتهِ عندها، بل هي مسيرة طويلة امتدت لعقود، تخللتها محطات من الحفظ المتقطع، والانتظام فـي الدورات، والتفرغ التام بعد التقاعد، يحكي الرواحي هذه المسيرة بلغة الهدوء، وروح السكينة التي منحها له كتاب الله، قائلًا: «بداية الحفظ كانت قديمة، لكنها متقطعة، عندما كنت على رأس عملي، لم يكن لدي وقت كافٍ للحفظ المنتظم، كنت أحفظ من أوائل المصحف ومن منتصفه وآخره دون ترتيب».
ويتابع:« لكن بعد التقاعد، أي منذ نحو عشرين سنة، بدأ التفرغ الجاد، فالتحقت بدورة عن بُعد نظّمتها جمعية الحزم، وكان منهجها يرتكز على مراجعة خمسة أجزاء فـي كل اختبار، وتحديد مواضع الوقف والاستئناف، استمررت معهم لمدة عامين، ثم انتقلت إلى المراجعة الذاتية باستخدام تسجيلات صوتية للقراء، وأسلوب التكرار فـي النوافل، وهو الأسلوب الذي ثبت لديّ أكثر من غيره».
برنامج يومي لا يخلو من القرآن
الرواحي لا يعد القرآن جزءًا من برنامجه اليومي فحسب، بل يراه نَفَسًا لا ينقطع، ومصدرًا دائمًا للسكينة، يقول موضحًا: «فـي الشتاء، أراجع قبل صلاة الفجر ثلاثة أجزاء يوميًا، أما فـي الصيف فأراجع ما بين جزء ونصف وجزأين، وأكثر ما يريح نفسي هو مراجعة القرآن أثناء القيادة؛ لا أستمع لأي شيء آخر، بل أستغل هذا الوقت فـي المراجعة الذهنية».
ويضيف: «موسم الشتاء له خصوصيته؛ ليل طويل يساعدني على قراءة جزء كامل قبل الفجر، وغالبًا ما أخصص وقتًا آخر بعد العصر، وأحيانًا أقوم الليل بتكرار ما راجعته خلال النهار».
يشير الرواحي إلى أن هذه المداومة لم تكن سهلة فـي بدايتها، لكنها تحولت إلى عادة لا يمكن التخلي عنها، بل أصبحت حاجة روحية يومية: «القرآن يجري فـي عروقي كما يجري الدم، ولا يمكن أن يمر يوم دون أن أقرأ فـيه، وهذه العلاقة لا تُبنى بين يوم وليلة، بل تحتاج إلى استمرارية ومجاهدة».
التجويد لا يُتقن إلا بالمراجعة والتقييم
يرى علي بن سعيد الرواحي أن المسابقات القرآنية ليست مجرد تنافس على المراكز أو الجوائز، بل هي فرصة حقيقية للارتقاء فـي الحفظ والتجويد، يقول بثقة وتجربة ناضجة: «الإنسان قد يظن أنه يتقن الحفظ جيدًا، ولكن لا يمكنه أن يُقيّم نفسه بدقة، إلا إذا جلس أمام لجنة متخصصة، فالتجويد بالذات يحتاج إلى مراجعة دقيقة من أهل الخبرة، لأن الخطأ قد لا يكتشفه الشخص بمفرده».
ويؤكد أن مثل هذه المسابقات تُسهم فـي بناء علاقة متجددة مع كتاب الله، إذ يجد المتسابق نفسه مجبرًا بشكل إيجابي على الاستمرار فـي الحفظ والمراجعة طوال العام استعدادًا للمسابقة: «هذه المسابقات تُعد من الحوافز المهمة التي تجعل الإنسان مستمرًا فـي تعاهده للقرآن، فهي تبني علاقة جدية ومتواصلة، وتخرجه من حالة التراخي التي قد تُصيب البعض بعد فترة من الانقطاع أو الفتور».
ويضيف بأسلوب تشجيعي: «أنصح كل من يستطيع أن يشارك، فحتى إن لم يحقق مركزًا متقدمًا، يكفـيه أنه قضى وقتًا مباركًا مع كلام الله، القرآن لا يُضيع، وكل لحظة تقضيها فـي حفظه أو تلاوته تعود عليك بالنفع عاجلًا أو آجلًا».
التعرف على المسابقة
وعن كيفـية تعرفه على مسابقة السلطان قابوس للقرآن الكريم، يقول الرواحي: «كانت البداية من خلال الجمعية العُمانية للعناية بالقرآن الكريم، حيث أعلنت عن المسابقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقامت بنشر روابط التسجيل، التحقت بالمسابقة من خلالها، وقد ساعدني من فـيها فـي كل الإجراءات المطلوبة، جزاهم الله خيرًا»، ويضيف: «بعد التسجيل، يتم تحديد المركز الذي ستُجرى فـيه المسابقة، سواء فـي مسقط أو غيرها، بالنسبة لي، كانت معظم مشاركاتي فـي ولاية السيب».
ويقول عن هذه المشاركات: «هذه رابع مرة أشارك فـيها، وأشعر بأنها فرصة ذهبية لتحفـيز النفس على مواصلة الحفظ والمراجعة، المسابقة ليست فقط لقياس الأداء، بل هي مساحة لترميم علاقتنا بالقرآن، ومعرفة مدى إتقاننا له من خلال لجان تقييم مؤهلة».
ويؤكد أن الجائزة التي نالها تقديرًا لمشاركته كأكبر متسابق سنًّا، ويقول: «الحصول على مركز ليس هو هدفـي الأول، الأهم عندي هو أن أكون دائمًا فـي حالة مراجعة وتعلم، وأن أُعرض قراءتي على من يُقوّمني ويوجهني».
القرآن بركة وسكينة فـي الحياة
حين يُسأل عن أثر القرآن عليه، يجيب الرواحي بلا تردد: «نعم، أشعر بالبركة بفضل القرآن الكريم، هناك سكينة خاصة لا يعرفها إلا من جرب المداومة على التلاوة والمراجعة، القرآن يهبك طمأنينة، حتى فـي أشد اللحظات».
ويتابع: «كلما ازداد الإنسان ارتباطًا بالقرآن، شعر بأن الله يُيسّر له أمور حياته، ويفتح له أبواب الفهم والحكمة والسكينة، خاصة فـي هذا العمر الذي يحتاج فـيه الإنسان إلى الاستقرار الروحي».
رسالة للأجيال الشابة
يختم الرواحي حديثه برسالة مؤثرة موجهة للأجيال الجديدة: «أوصي الشباب ألا يؤجلوا حفظ كتاب الله، الفراغ لا يدوم، والشباب لا يدوم، فمن وجد فـي نفسه القدرة، فليبادر، ولا ينتظر حتى يكبر، لأن الحفظ فـي الصغر أثبت وأسهل، لكن أيضًا، لا أقول إن الكبار لا يمكنهم، بل أقول إن الله يفتح لعباده فـي أي سن، لكن المبادرة فـي وقت مبكر أعظم بركة».
وقد شهدت المسابقة تطورًا ملحوظًا منذ انطلاقتها، حيث كانت تُجرى فـي بداياتها فـي مركزين فقط، أحدهما فـي مسقط والآخر فـي صلالة، ثم أُضيفت إليها مراكز جديدة فـي صحار ونزوى وإبراء، ومع مرور السنوات وازدياد عدد المشاركين، استمر التوسع الجغرافـي ليشمل مراكز متعددة فـي مختلف الولايات، حتى بلغ عددها اليوم 26 مركزًا موزعة على جميع محافظات سلطنة عُمان، وتشمل هذه المراكز ولايات: نزوى، سمائل، إبراء، صحار، شناص، الرستاق، السويق، بهلا، دبا، مدحاء، خصب، صور، جعلان بني بوحسن، قريات، العامرات، صلالة، ثمريت، عبري، البريمي، بركاء، سناو، المضيبي، الدقم، الخوض، الخوير، والسجن المركزي، وتُعد من أبرز المبادرات القرآنية فـي سلطنة عُمان، حيث تعكس حرص مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني على رعاية كتاب الله تعالى وتشجيع الناشئة والشباب على حفظه وتلاوته وتدبره، وتُسهم فـي تعزيز الوعي الديني والثقافـي فـي المجتمع العُماني.
التسجيل في المسابقة
وأعلن مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم مؤخرًا عن فتح باب التسجيل للمشاركة في الدورة الثالثة والثلاثين من المسابقة للعام 1446هـ / 2025م، وذلك عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للمسابقة (www.quran.gov.om)، وحدد فترة التسجيل من 3 مايو إلى 17 يوليو 2025م. ويُمكن للراغبين في المشاركة الاطلاع على الشروط التفصيلية لكل مستوى من خلال الموقع.
وتتضمن المسابقة سبعة مستويات مختلفة، تتدرج بحسب مقدار الحفظ والفئة العمرية للمشاركين، يبدأ المستوى الأول بحفظ القرآن الكريم كاملًا، بينما يشمل المستوى الثاني حفظ أربعة وعشرين جزءًا متتاليًا، والمستوى الثالث حفظ ثمانية عشر جزءًا متتاليًا، أما المستوى الرابع، فـيتطلب حفظ اثني عشر جزءًا متتاليًا، ويُشترط فـيه أن يكون المتسابق من مواليد عام 2000م فأعلى، فـي حين يتضمن المستوى الخامس حفظ ستة أجزاء متتالية ويُشترط أن يكون المشارك من مواليد عام 2011م فأعلى، ويلي ذلك المستوى السادس الذي يشترط حفظ أربعة أجزاء متتالية لمن وُلد فـي عام 2015م فأعلى، وأخيرًا المستوى السابع الذي يشترط حفظ جزأين متتاليين للمشاركين من مواليد عام 2018م فأعلى. ورغم سنه، إلا أن الرواحي يشارك فـي مستويات متقدمة من المسابقة، فبعد أن بدأ فـي المستوى الرابع (حفظ 12 جزءًا)، انتقل إلى المستوى الثالث (حفظ 18 جزءًا)، ويطمح للمشاركة بنفس المستوى فـي الدورة الحالية، بعد أن استوفى شروط المسابقة التي تتيح له التقدم بحسب الإنجاز لا بحسب العمر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القرآن الکریم السلطان قابوس کتاب الله من خلال مرکز ا
إقرأ أيضاً:
العماني يشارك في حفل «فورها نوستالجيا» ويحصد نجاح أغنية «لحبيبي» مع ميريام فارس
كان الصوت العربي الوحيد في الأوبريت العالمي «فنانون من أجل الوحدة العالمية» مع نخبة من أشهر نجوم العالم
حالة من النشاط والنجاحات الفنية يعيشها حاليا المطرب يوسف العماني سواء على مستوى التلحين أو الغناء والمشاركة في المهرجانات، عن كل هذه الأخبار تحدث العماني لـ «الأنباء» قائلا: انتهيت من تعاون جديد جمعني بالنجمة ميريام فارس من خلال أغنية بعنوان «لحبيبي» تم طرحها منذ شهرين وتخطت حاجز الـ 20 مليون مشاهدة، وهي من ألحاني وكلماتي، والاغنية استمرار لتعاوناتنا السابقة، حيث قدمنا معا أغاني «معليش» و«خلاني» و«قومي» و«هذا الحلو»، وغيرها من الأعمال الناجحة، وعندي أغنية جديدة مع الشاعر تركي السويلم من غنائي وألحاني وميكس وسيم حسن واسمها «علاقة واضحة»، فكرتها جدا جميلة، وستنزل قريبا، بالإضافة إلى أنني أشتغل على ميني ألبوم جديد.وأكمل العماني: أشارك في حفل استثنائي مليء بالطرب والحنين يحمل عنوان «فورها نوستالجيا» المقررة إقامته الجمعة في «جدة سوبر دوم»، ويعد هذا الحفل بمنزلة رحلة موسيقية عبر الزمن، حيث سيعيد إلى الأذهان ذكريات الزمن الجميل، بمشاركة نخبة من الفنانين والفنانات الذين أثروا الساحة الفنية بأعمالهم الخالدة التي شكلت ذكرياتنا الجميلة في الفترة من عام 2000 إلى عام 2010، ومن الأسماء المشاركة مساري واحمد الشريف وايوان ومايا نصري وفرقة «واما» وسامو زين وجنات وهيثم سعيد وفرقة «بلو» العالمية.
من جانب آخر، كشف العماني عن أنه شارك بالغناء كصوت عربي وحيد مع نخبة من أشهر نجوم العالم، مثل فرنش مونتانا، وسي لو جرين، وفانيتشا، وكيني لاتيمور، وإميلي إستيفان، من خلال الأوبريت العالمي «فنانون من أجل الوحدة العالمية» والذي يعتبر صرخة أمل ورسالة سلام تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، لافتا إلى أن الصحف الأميركية كتبت عن مشاركته في هذا الحدث، ومنها «فوكس نيوز» الشهيرة، ليحقق بذلك العماني حلمه الذي سعى إليه كثيرا وهو الوصول إلى العالمية.
الأنباء الكويتية
إنضم لقناة النيلين على واتساب