13 حزيران 2025... هل هي آخر الحروب في المنطقة؟
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
كتب جان فغالي في" نداء الوطن": المعطى الجديد في هذه الحرب أن إيران تقاتل من دون "ظهير إسنادي" (بحسب المصطلحات العسكرية)، فهي في الأساس خططت ليكون "حزب الله" هو "الفرقة السبَّاقة" لإشغال إسرائيل، تماماً كما حركة "حماس" وبعض الميليشيات العراقية مثل "كتائب حزب الله - العراق" و"عصائب أهل الحق" التي زار قائدها قيس خزعلي جنوب لبنان أكثر من مرة، بدعوة ورعاية من "حزب الله" وتوعَّد بمهاجمة إسرائيل ، و"كتائب الإمام علي" و"سرايا السلام"، وهي الأقل تطرفاً بين سابقاتها.
هذه "الفرق السبَّاقة" تعطَّلت قبل الساعة الصفر من "الواقعة الكبرى" بدليل أن لا جبهة فُتِحَت مع إسرائيل، لا من جنوب لبنان ولا من غزة ولا من الميليشيات العراقية، وحتى المشاركة الحوثية لم تكن ذات فعالية.
وجدت إيران نفسها في عزلة، وهذا الوضع شبيه بوضع ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (ونهاية ألمانيا كانت الهزيمة أمام الحلفاء).
ومن عزلة إيران إلى "حزب الله" المعزول الذي أبلغ إلى مَن يعنيهم الأمر أنه لن يدخل المعركة.
الميليشيات العراقية، بدورها، نأت بنفسها عن المشاركة.
انطلاقاً من كل هذه المعطيات، يتأكد أن إسرائيل خططت لهذه الحرب فيما إيران استعاضت عن التخطيط بالاكتفاء بالرهان على أن الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح لإسرائيل بشن الحرب، فتصرفت على هذا الأساس وبقيت تصعِّد كتغطية على موقفها، في المقابل باشرت إسرائيل العد العكسي لشن الحرب، وكان فجر الثالث عشر من حزيران بمثابة الساعة الصفر لانطلاق الحرب.
صوَّرت إسرائيل أنها تقاتل إيران، عن الجميع، لمنعها من إنتاج قنبلةٍ نووية تضع المنطقة على كف عفريت، فيما لم تنجح الجمهورية الإسلامية في الدفاع عن برنامجها النووي، وفي الأساس لا "يهضم" الغرب أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً، وهو ما رفضه أيام الشاه، فكيف سيقبل به أيام الجمهورية الإسلامية التي شعارها "تصدير الثورة"، ولماذا لا يكون السلاح النووي منتَجاً للتصدير مع الثورة؟
مواضيع ذات صلة البيطار يستجوب زعيتر في 13 حزيران الحالي وتعيينات قضائية بالتقسيط Lebanon 24 البيطار يستجوب زعيتر في 13 حزيران الحالي وتعيينات قضائية بالتقسيط
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی 13 حزیران الحرب إلى حزب الله Lebanon 24 م
إقرأ أيضاً:
هل تسقط إيران في مصيدة إسرائيل؟
لم يكن العالم بحاجة إلى دليل جديد يثبت أن الحكومة الإسرائيلية هي حكومة مهووسة بالحروب والمشاكل، مع ذلك قدمت الحكومة دليلًا فاقعًا لا حاجة إليه بضرباتها الليلية على طهران والتي استهدفت قادة وعلماء فيزياء نووية ومواقع مفاعلات إيرانية، مع التوقيت الذي يفضح الهدف الإسرائيلي المباشر وهو إفشال أي مفاوضات مع طهران، مهما بذلت مختلف الأطراف جهودها، والواقع أن المراد كما هو واضح، وكما أعلنت سلطنة عُمان في بيان إدانتها، هو إفشال المفاوضات الجارية مع إيران، والتي كان من المفترض أن تبدأ جولتها الجديدة في مسقط هذا الأسبوع، بينما الهدف الإسرائيلي الأكبر من وراء ذلك هو الإطاحة بأي تقدم عسكري في المنطقة غير إسرائيل، فهل ستساهم المنطقة ودولها في تحقيق ذلك لإسرائيل أم ستتدخل لمنع حدوثه؟
تراكم إسرائيل دائبة ما تملكه من قوة، وتتجسس باستمرار على ما يملكه غرمائها، وحكومتها الحالية تلعب لعبة الاستفزاز العسكري منذ مدة طويلة، سواء بحرب إبادتها الإجرامية المستمرة للفلسطينيين في غزة، أو بجبهاتها التي فتحتها مع لبنان وسوريا، والآن إيران؛ ومن الواضح أن حكومة إسرائيل الحالية لا تريد السلام ولا ترغب به، بل تريد السيطرة بالقوة، وتريد بفعلتها الأخيرة هذه جر العالم بأسره إلى حرب لحسابها الخاص، وأن يشتعل العالم كله كي يغطي على ضيق أفق رئيسها وبؤسه، فهل سيشتعل العالم من أجل نتنياهو وحكومته؟ وهل تنجر المنطقة بأسرها لحرب طاحنة ولن يكون ضحاياها غير الأبرياء بسبب مهووس مختل؟ وهل ستجاري إيران، كما هي رغبة إسرائيل الواضحة جدًا، هذه الحماقة الإسرائيلية المتجسدة في هذه الحكومة، أم ستفوت عليها الفرصة، وتنجز اتفاقها الذي لم يبق عليه غير جولة أخيرة؟ لأن إسرائيل لم تهاجم هذا الهجوم الآن إلا كي تفسد الاتفاق، وتجر إيران إلى ملعبها الحربي.
ليس الملف النووي الإيراني جديدًا، ولا الاتفاق الأمريكي الإيراني المرتقب هو الأول من نوعه، وإدارة ترامب هي التي أفسدت وأبطلت الاتفاق السابق، الذي جرى توقيعه في عهد حكومة باراك أوباما، والآن تسعى لإنجاز اتفاق آخر باسمها هي، وإنجازه ممكن ما دام الأول قد تم، وكل الجهود الدبلوماسية العمانية خاصة مبذولة كي يتكرر الاتفاق ويتعزز، لا لمصلحة ذاتية للأطراف نفسها فحسب، بل لمصلحة المنطقة بأسرها، ولتفويت الفرصة على إسرائيل التي تريد أن يخلو لها الجو لتفعل ما يحلو لها ولرؤسائها، ولكن نجاح الاتفاق سيصبح ملزمًا لكافة الأطراف، وهذا ما تخشاه إسرائيل وهو السبب الذي دفعها للهجوم على إيران، مهما كانت المخاطر، من أجل إفساد الاتفاق بأي ثمن، فهل ستنجر إيران لهذه اللعبة الخطرة؟
من حق إيران بالتأكيد أن ترد على هذا الخرق الإسرائيلي، والخراقة، المحرمة دوليًا، لكن هذا ملعب حكومة إسرائيل الحالية المفضل، وبابها الخلفي، فهي تريد الحريق، تريد تعميم الفرن، أفران الغاز تحديدًا على الجميع، وقد قامت إيران بالرد بطبيعة الحال، لكن على القادة الإيرانيين ألا ينجروا خلف إسرائيل واستفزازاتها، فغاية إسرائيل ليست الحرب الثنائية فحسب، بل غايتها تهديد الوجود الإيراني، وتوريط إيران في مواجهة مباشرة غير متكافئة مع القوى الغربية، وهي المواجهة التي ظلت الثورة الإيرانية تتجنبها بشكل مباشر، وهو ما تتحرق إسرائيل اليوم لتوريط إيران فيه، ليس حتى لمصلحة إسرائيل القومية، بل لمصلحة الحكومة الحالية وحدها.
هذه الحرب التي تريد حكومة إسرائيل إشعالها ليست من مصلحة المنطقة ودولها بطبيعة الحال، بما في ذلك إسرائيل نفسها، وليست من مصلحة الدول الكبرى بما فيها أمريكا وبريطانيا، ذلك أن الإخلال بالسلم والهدوء للمنطقة وسكانها لن يخلف غير الكوارث التي لا حصر ولا عد لها، وافتراض أن إشعال الحرب سهل مثل إطفائها هو وهم، وأن التحكم ممكن في دائرة الحرب هو وهم آخر، فاشتعال المنطقة التي تلتقي فيها المصالح العالمية من الشرق للغرب، بوصفها المصدر الأكبر للطاقة، النفط والغاز، لن يعمل إلا على إشعال أسعار الوقود في كل مكان، وسيجعل الممرات الدولية البحرية والجوية مهددة بهذه الحرب، وهو ما بدأ في الحدوث إذ بدأت خطوط الطيران منذ الجمعة تجنب الأجواء فوق وبين إيران وإسرائيل، ولا شك أن خطوط الملاحة البحرية هي الأخرى ستحذو حذوها، وكل تلك آثار اقتصادية مباشرة غير الارتفاع المباشر لأسعار النفط الذي حدث، وكل ذلك سيتفاقم، ليس في المنطقة وحدها، بل في العالم بأسره، من الصين إلى أمريكا.
لقد كومت إسرائيل قوتها العسكرية عبر افتعال مشاكل مستمرة مع الفلسطينيين المدنيين خاصة، وعبر تغذية العنف المستمر في المنطقة، وإبقائها مشتعلة وملتهبة، بما ضمن لها استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية والغربية، لتهدئة وسواس إسرائيل القهري، وخشيتها المزعومة على أمنها، بينما في الواقع أصبحت إسرائيل وحدها اليوم هي التهديد الأمني القائم والفعلي والذي لا يهدأ في المنطقة، ولا أدل على ذلك من حرب الإبادة المستمرة في غزة أمام بصر العالم أجمع، وصولًا إلى هجمتها الأخيرة على إيران.
تنامت قوة إسرائيل من خلال تلك المساعدات، الأمريكية تحديدًا، من أموال دافعي الضرائب، وعلى دورة اقتصاد أمريكي أصبح أهله ومن يديرونه يتوقعون انهياره، وهو ينهض في استمراريته، على أكتاف بسطاء الناس، والمهاجرين تحديدًا، أولئك الذين يتظاهرون اليوم في لوس أنجلوس ضد سياسات ترامب التي تعمل لترحيل العمال المهاجرين، وغالبيتهم من اللاتين، بينما في الواقع المعيش فإن تلك العمالة اللاتينية هي التي تقوم بالأعمال اليومية البسيطة في حياة الأمريكيين، وتوفر عليهم الجهود والأموال الطائلة، وهي ضرورة فرضتها الظروف مجتمعة. وجزء من تلك الظروف نتجت مباشرة من سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها واحتكاراتها وتدخلاتها الخارجية، خاصة في أمريكا اللاتينية، وبفعلها اضطر الشباب للهجرة بحثًا عن فرص أفضل لهم ولأهليهم، وهم حين يتظاهرون اليوم إنما يطالبون بحقهم في العمل والإقامة القانونية، بدل سياسات الترحيل، التي لا تهدف إلا لإثارة مخاوف الناس من بعضهم البعض، وترسيخ العنصرية، وبينما يجاهد هؤلاء الناس البسطاء لنيل أرزاقهم وحقوقهم في شوارع لوس أنجلوس تتدفق المساعدات العسكرية بالمليارات لإسرائيل، وهي لا تفعل بها شيئًا آخر غير إبادة الناس وتهديد أمن الدول المستقلة ودفع العرب للهجرة إلى الغرب أو الشرق، وإثارة الاضطرابات في المنطقة، كما هو واضح.
من جانبها ظلت حكومات الجمهورية الإيرانية المتعاقبة تعمل على فك الحصار الاقتصادي المديد الذي تطوقها به الولايات المتحدة، كل حقبة بذريعة مختلفة، وهو لا يخدم شيئًا آخر غير سياسات التطويع التي تمارسها الولايات المتحدة ضد من تعتبرهم أعداءها، وفي الواقع فإن الولايات المتحدة نفسها هي من أخطأت الحسابات وشنت الحروب المفتعلة في المنطقة والتي صبت بالعكس في مصلحة إيران بشكل مباشر، من حرب أفغانستان، إلى حرب العراق، وظلت الحكومات الإيرانية تحاول الصعود والنهوض ببلدها وسط عداء غربي معلن، تغذيه إسرائيل وأمريكا وبقية منظومة الدول الأوروبية، عبر سياسات أبرزها السياسات الإعلامية الموجهة والمدعومة غربيًا لتشويه صورة إيران، داخلها وخارجها، ومحاولة إثارة الإيرانيين على حكومتهم والإطاحة بها، ولكن الواقع أن الجمهورية استطاعت ليس الصمود فحسب بل أصبحت لاعبًا كبيرًا لا يستهان به في المنطقة، وما الاستفزاز الإسرائيلي الحالي إلا من أجل جر إيران إلى مصيدة الحرب لإضعافها وتدميرها ونهب ثرواتها، وهو من غرور التفوق التكنولوجي والأسلحة المتقدمة وامتلاك السلاح النووي التي بحوزة إسرائيل، أما في الواقع فإن أسلحة إسرائيل المتقدمة والمتفوقة هي أكبر خطر يهدد إسرائيل نفسها.
إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني