قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، إن المسلم الحقيقي هو من يعبّر عن انتمائه لدين الله تعالى بأخلاقه وسلوكياته، مؤكداً أن تزكية النفس وتحليتها بالأخلاق الحسنة هي من أبرز دلائل الانتماء الحقيقي للإسلام، مستشهداً بقول النبي ﷺ: "أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً".

داعية يحذر النساء من كثرة النظر للمرآةهل يتسبب السحر في تأخر الزواج والحصول على فرص العمل؟ داعية تجيبالانتماء للوطن فريضة

وأضاف الدكتور هاني تمام، خلال تصريح اليوم الاثنين، أن جميع التشريعات التي جاء بها النبي تدعو لتحسين الأخلاق والتعامل الحسن مع الجميع، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، بل ومع المخلوقات كافة، مشيرًا إلى أن الإسلام هو دين الأخلاق قبل أن يكون دين شعائر فقط.

وتابع: "إذا كنت منتميًا لدين الله، فإن هذا الانتماء يقتضي بالضرورة أن أكون منتميًا لوطني، فالدين لا يفصل بين حب الله وحب الوطن، بل يجعلهما متلازمين".

وأوضح أن الانتماء للوطن، والدفاع عنه، والحفاظ عليه، كلها من صميم تعاليم الدين، بل إن النبي ﷺ قال: "من قُتل دون أهله فهو شهيد"، مما يدل على أن الدفاع عن الوطن منزلة عظيمة عند الله.

وانتقد بعض السلوكيات التي تُظهر الانتماء وقت الرخاء وتغيب وقت الشدة، واصفًا ذلك بأنه انتماء مصلحي، لا علاقة له بالإيمان الحقيقي، مستشهدًا بقول الله تعالى في سورة الحج: "ومن الناس من يعبد الله على حرف..."، مبينًا أن هذه الفئة تربط دينها ووطنها بالمصلحة فقط، فإن أصابها خير اطمأنت، وإن أصابتها فتنة انقلبت على وجهها.

وتابع: "واجبنا كمسلمين أن نكون عامل بناء لا هدم، وأن نظل واقفين مع أوطاننا بكل ما أوتينا من قوة، في السراء والضراء، فهكذا يكون صدق الانتماء وعمق الإيمان".

علامات تقوى القلوب

قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، إن تعظيم شعائر الله تعالى هو من أرفع درجات الإيمان، مستشهداً بقوله تعالى: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".

وأوضح الدكتور هاني تمام، خلال تصريح اليوم الاثنين، أن المقصود ليس مجرد أداء الشعائر، وإنما القيام بها بعظمة وحب وصدق وراحة نفس، دون تذمر أو ضيق.

وأشار إلى أن الله تعالى لم يقل "ومن يفعل شعائر الله"، بل قال "يعظم"، أي أن المطلوب هو الاحترام القلبي والروحي لما أمر الله به، خاصة في عبادات عظيمة مثل الحج.

وأضاف: "الفرق كبير بين من يؤدي الطاعة عن حب، ومن يؤديها مجاملة أو إكراهًا، فكما يطيع الابن أمه عن حب رغم المشقة، يجب أن نعبد الله كذلك عن حب خالص لا عن تبرم".

وأكد أن أول مظاهر الانتماء الحقيقي للإسلام هو العبادة بمراد الله لا بمراد النفس، أي بأريحية وسكينة حتى لو لم نفهم الحكمة كاملة من بعض الأوامر.

وتابع: "من الانتماء أيضًا أن نسعى لعمارة الأرض، لأن الله قال: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، أي طلب منكم إعمارها".

وبيّن أن كل إنسان مسؤول عن تعمير الأرض من موقعه: المدرس بتعليمه، الطبيب بعلاجه، المهندس بتخطيطه، والعامل بصنعته. وقال: "كل مهنة هي عبادة إذا كانت بنية خالصة لله وإتقان، لأن الإسلام لا يفصل بين الدين والعمل، بل يجعل من العمل وسيلة للعبادة".

حسن الخلق

وأكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، أن من أهم مقتضيات الانتماء الصادق للإسلام هو تحسين الأخلاق والالتزام بها في كل جوانب الحياة.

واستشهد الدكتور هاني تمام، خلال تصريح اليوم الاثنين، بحديث النبي ﷺ: "أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا"، موضحًا أن تزكية النفس والتحلي بالأخلاق الحميدة ليس مجرد سلوك اجتماعي، بل هو ركن أساسي من أركان الالتزام الديني.

وأشار إلى أن الإسلام دين أخلاق، وسيدنا رسول الله ﷺ قال: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فالتدين الحقيقي يظهر في تعامل المسلم مع أهله، وأصدقائه، وجيرانه، بل ومع غير المسلمين، وحتى مع الحيوانات والمخلوقات جميعًا.

وقال: "من يدّعي حب الدين، ثم يؤذي الناس بلسانه أو يده، أو يتعامل بتكبر أو غش، فذلك ادعاء لا يصمد أمام ميزان الشريعة".

وانتقل الدكتور تمام إلى الحديث عن الانتماء للوطن، مبينًا أن حب الأوطان والدفاع عنها من صلب الإيمان، وأن النبي ﷺ ربط بين الإيمان الحقيقي والانتماء للأرض التي ينشأ فيها الإنسان، مستشهدًا بحديثه ﷺ: "من قُتل دون أهله فهو شهيد".

وقال: "الانتماء للدين يستوجب الانتماء للوطن، لأن الدين أمرنا بذلك، وأوجب علينا حفظ الأرض والدفاع عنها والعمل من أجل بنائها".
 

طباعة شارك هاني تمام الانتماء للوطن علامات تقوى القلوب حسن الخلق عمارة الأرض

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هاني تمام الانتماء للوطن حسن الخلق عمارة الأرض الدکتور هانی تمام الانتماء للوطن الله تعالى النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: كيف يكون الجواب على سؤال: أين الله؟ وما الفهم الصحيح للنصوص الشرعية الوارد في هذا الشأن؟

أين الله

وأجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة:

إنْ قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله تعالى بما تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه فإنه لا يصحُّ؛ إذ لا يليق بالله أن يُسأَل عنه بـ "أين" بهذا المعنى؛ لأن الجهة والمكان من الأشياء النسبية الحادثة، بمعنى أننا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلًا: السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وما دام أن الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق بالإله الخالق سبحانه وتعالى.

وأوضحت انه من ثوابت عقيدتنا أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا يحدّه زمان؛ لأن المكان والزمان مخلوقان، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيء من خلقه، بل هو خالق كلِّ شيء، وهو المحيط بكل شيء، وهذا الاعتقاد متفق عليه بين المسلمين لا يُنكره منهم مُنكِرٌ، وقد عبَّر عن ذلك أهل العلم بقولهم: "كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خلق المكان؛ لم يتغير عما كان".

دار الإفتاء تحذر من عمل يفعله البعض عواقبه وخيمةحكم قول رزق الهبل على المجانين.. الإفتاء تردما حكم تطويل الركوع انتظارًا لمن يريد الصلاة؟.. الإفتاء تجيبهل حديث قراءة سورة يس لقضاء الحوائج صحيح؟.. دار الإفتاء تصحّح اعتقادًا خاطئًا

وذكرت انه قد تواردت عبارات السلف الصالح التي تُقرر ذلك المعنى:

يقول الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: "مَنْ زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك؛ إذ لو كان في شيء لكان محصورًا، ولو كان على شيء لكان محمولًا، ولو كان من شيء لكان مُحْدَثًا" اهـ. يُنظر: "الرسالة القشيرية" (1/ 29، ط. دار المعارف بالقاهرة).

وقيل ليحيى بن معاذ الرازي: "أَخْبِرْنا عن الله عزَّ وجلَّ، فقال: إلهٌ واحدٌ، فقيل له: كيف هو؟ قال: ملكٌ قادرٌ، فقيل له: أين هو؟ فقال: بالمرصاد، فقال السائل: لم أسألك عن هذا؟ فقال: ما كان غير هذا كان صفة المخلوق، فأما صفته فما أخبرت عنه" اهـ. يُنظر: "الرسالة القشيرية" (1/ 28).

وسُئِل ذو النون المصري رضي الله عنه عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5]، فقال: "أثبت ذاته ونفى مكانه؛ فهو موجود بذاته والأشياء بحكمته كما شاء" اهـ. يُنظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للإمام السبكي (9/ 42، ط. دار هجر).

والمسألة هنا هي في فهم اللغة، والقرآن نزل بلغة العرب، والعربي عندما يسمع وصف الله تعالى بأنه ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ فإنه يفهم منه أنه سبحانه وتعالى قَهَر كلَّ شيء، وأن كل المخلوقات تحت سلطانه وقدرته؛ لأنه إذا كان العرش مقهورًا تحت قدرته وهو أعظم المخلوقات فغيره من المخلوقات من باب أولى؛ يقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (22/ 9-10، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [لما خاطبنا الله تعالى بلسان العرب وجب أنه لا يريد باللفظ إلا موضوعه في لسان العرب، وإذا كان لا معنى للاستواء في اللغة إلا الاستقرار والاستيلاء، وقد تعذّر حمله على الاستقرار، فوجب حمله على الاستيلاء، وإلا لزم تعطيل اللفظ، وهذا غير جائز، ولما قامت الدلالة العقلية على امتناع الاستقرار، ودل ظاهر لفظ "الاستواء" على معنى الاستقرار، فليس أمامنا إلا أربعة مسالك؛ إما أن نعمل بكلِّ واحدٍ من الدليلين، وإما أن نتركهما معًا، وإما أن نرجح النقل على العقل، وإما أن نرجح العقل ونؤول النقل.

والأول: باطل، وإلا لزم أن يكون الشيء الواحد منزَّهًا عن المكان وحاصلًا في المكان؛ وهو محال.

والثاني: أيضًا محال؛ لأنه يلزم رفع النقيضين معًا وهو باطل.

والثالث: باطل؛ لأن العقل أصل النقل فإنه ما لم يثبت بالدلائل العقلية وجود الصانع وعلمه وقدرته وبعثته للرسل لم يثبت النقل، فالقدح في العقل يقتضي القدح في العقل والنقل معًا، فلم يبق إلا الرابع، وهو أن نقطع بصحة العقل ونشتغل بتأويل النقل، وهذا برهان قاطع في المقصود.

والقانون: أنه يجب حمل كل لفظ ورد في القرآن على حقيقته إلا إذا قامت دلالة عقلية قطعية توجب الانصراف عنه، وليت مَن لم يعرف شيئًا لم يخض فيه] اهـ بتصرف.

ورحم الله تعالى حجة الإسلام الإمام الغزالي حيث قال في "المستصفى" (ص: 18، ط. دار الكتب العلمية): [اعلم أن كل مَن طلب المعاني من الألفاظ ضاع وهلك، وكان كمن استدبر المغرب وهو يطلبه، ومن قرر المعاني أولًا في عقله ثم أتبع المعاني الألفاظ فقد اهتدى] اهـ.

وقالت بناء على ذلك: يكون ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على علو الله عز وجل على خلقه مرادًا بها علو المكانة والشرف والهيمنة والقهر؛ لأنه تعالى منزَّهٌ عن مشابهة المخلوقين، وليست صفاته كصفاتهم، وليس في صفة الخالق سبحانه ما يتعلق بصفة المخلوق من النقص، بل له جل وعلا من الصفات كمالُها ومن الأسماء حُسْنَاها، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك، والعجز عن درك الإدراكِ إدراكُ، والبحث في كنه ذات الرب إشراكُ، فسبحان مَن لم يجعل للخلق سبيلاً إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.

طباعة شارك الإفتاء الله أين الله ذات الله السلف الصالح

مقالات مشابهة

  • دعاء شكر الله على النعم.. سببٌ لرضاه عن عبده
  • شاهد بالفيديو.. في أحدث ظهور له بعد أدائه فريضة الحج وقبل مغادرته الأراضي المقدسة.. نجم السوشيال ميديا حماد عبد الله يتضرع بالدعاء: (يا الله تعدل حال السودان)
  • كيف تعرف علامات قبول فريضة الحج؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • هل استبدال الصلاة على النبي عند الكتابة بـ ص حرام ؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • فاكهة أوصى النبي بتناولها .. تحميك من السحر
  • دعاء زيارة قبر النبي.. ردد هذه الكلمات في المسجد النبوي
  • احذر 7 أفعال بين المغرب والعشاء نهى عنها النبي ويقع فيها كثيرون
  • كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
  • علي جمعة: إذا ذكرت ربك ذكرك في الملأ الأعلى