باحث إسرائيلي يحذّر من مقامرة عسكرية بلا خطة: إيران ليست غزة
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
يدعو باحث إسرائيلي في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، وعضو الكنيست السابق عوفر شيلح، إلى الانتقال إلى الجهد الدبلوماسي ومنح واشنطن فرصة لتوقيع اتفاق نووي مع إيران.
ويقول شيلح، في مقال نُشر في موقع القناة 12 العبرية، إن الصيغة الأوضح لتحديد أهداف الحرب ضد إيران جاءت على لسان رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، الذي يُعدّ من أقرب المقربين من نتنياهو، ومن المرجّح أن يكون قد نسّق معه هذه الرسائل، عندما قال بصراحة: "لا تمتلك إسرائيل القدرة على القضاء على المشروع النووي الإيراني باستخدام القوة العسكرية، وإن الإنجاز المنشود منها هو دفع الإيرانيين، بعد إضعافهم وتعرّضهم للضربات، للعودة إلى طاولة المفاوضات وقبول قيود صارمة عليهم، من شأنها أن تؤخّر توصّلهم لسلاح نووي أعوامًا عديدة على الأقل، إن لم تُلغِه تمامًا".
وأضاف هنغبي أن إسرائيل لا تنوي في هذه المرحلة اتخاذ خطوات تهدف إلى "قطع رأس" القيادة الإيرانية، واعترف بما هو واضح لكل عاقل: لا نملك القدرة على إسقاط نظام آية الله، وأن تصفية كبار قادة الجيش و"الحرس الثوري" ساهمت في إضعاف ردة الفعل الإيرانية في المدى القصير، وهذا أمر مهم، لكنها لن تُزعزع النظام.
وتابع هنغبي: "صحيح أنه نظام استبدادي، لكنه متجذّر شعبيًا في دولة يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة. الوحيدون القادرون على إسقاط هذا النظام هم أبناء الشعب الإيراني أنفسهم، وهنا قد يكون لظهور النظام في حالة من الضعف تأثير معيّن، لكن من الأفضل أن نكون متواضعين وواقعيين في تقييمنا، بل يمكن القول إن الهجوم قد يُعزّز مكانة النظام في المدى القصير".
ويتساءل شيلح، المعروف برؤيته النقدية: ما هي الخطوة التالية؟ ردًا على ذلك، يقول إنه من المفيد إدخال عاملين إضافيين في الصورة، معللًا ذلك بالقول إن المديح المتواصل للتنسيق مع الإدارة في واشنطن يقتصر على مجال ضيّق نسبيًا. فحتى الآن، يبدو كأن ترامب وطاقمه منحوا العملية الضوء الأخضر، لكن في أيّ حال من الأحوال، لم تكن جزءًا من خطة كبرى، لا بالمعنى القائل: "نحن نبدأ والأمريكيون ينضمون"، ولا بمعنى: "نحن نضرب والأمريكيون يقودون العودة إلى طاولة المفاوضات".
ويرى شيلح أن الصورة الأكثر واقعية، والتي يمكن استنتاجها أيضًا من تغريدات ترامب نفسه، هي التالية: الرئيس، الذي بدأت مشاركته في الهجوم الإسرائيلي تتعرض لانتقادات شديدة من أوساط قاعدته السياسية الأكثر التزامًا، والتي تتبنى نهجًا انعزاليًا، وترى في التورط في "حروب الآخرين" ضررًا بالمصالح الأساسية للولايات المتحدة، وافق على العملية باعتبارها خطوة إسرائيلية مستقلة.
وبخلاف تقديرات إسرائيلية رائجة، يوضح شيلح أنه في نظر ترامب، فإن هذا الوضع "ربح – ربح": إذا ساهم الأمر في تحقيق رغبته في التوصل إلى اتفاق مع إيران، فهذا جيد، وإن لم ينجح، فإن إسرائيل تتحمّل التبعات، بينما تكتفي الولايات المتحدة بتقديم الدعم الدفاعي فقط. تمامًا مثلما جرى في غزة . ومن يأمل بتدخُّل أمريكي لحسم المعركة، أو لإنقاذ إسرائيل من نفسها، يعتمد على أمل، لا أكثر.
أما العامل الثاني، برأي شيلح، فهو الجبهة الداخلية والمجتمع في إسرائيل. وهنا، يبدو كأن هناك فجوة بين الصورة المنعكسة داخل الفقاعات المغلقة التي تعمل ضمنها القيادتان السياسية والأمنية، وبين واقع الجمهور.
ويضيف: "نحن نعرف هذا النمط جيدًا من حالات عديدة سابقة: فال حماس والانبهار بالإنجاز العسكري الباهر يتبددان بسرعة كبيرة أمام الأسئلة "البسيطة ظاهريًا" التي يفرضها الواقع اليومي، في ظل حرب يُحكى عنها بمصطلحات تتعلق بأسابيع وشهور، وأعداد ضحايا لا تُحتمل.
فالتقارير التي تحدّثت عن سيناريو قُدّم إلى الكابينيت، قبل الموافقة على العملية، والذي توقّع آلاف القتلى، تُبرز حجم القطيعة بين الوزراء، الذين يفكرون بلغة التضحية البطولية، و"كأسدٍ ينهض"، وبين الجمهور، الذي حتى اليوم، لا يفهم متى بالضبط عليه النزول إلى الملاجئ".
كما يقول إنه بعد عدة ليالٍ من القصف الإيراني، بات من الواضح أن أنظمة المنع والدفاع والإنذار المتطورة لا تستطيع أن توقف تمامًا الصواريخ الثقيلة القادمة من هناك، وإن ثمن الدم الذي يُدفع كل ليلة من هذا النوع هو نتيجة حُسن الحظ أو سوء الحظ، والمعرفة بأن الثمن كان يمكن أن يكون أفدح، لا تُعزّي أحدًا.
ويرى شيلح أنه إذا تم قبول جميع هذه الافتراضات، فتتشكل الصورة التالية، ليس لأول مرة في تاريخ الحروب الإسرائيلية، لكن هذه المرة، بمعنى أثقل كثيرًا: مجددًا، دخلت إسرائيل في مسار عسكري خُطّط له وصُمّم على مدار أكثر من عقد من الزمن، من دون أي وضوح حقيقي بشأن كيفية الوصول إلى الهدف النهائي.
ويقول إن الفرصة الإستراتيجية، التي نشأت بالدرجة الأولى نتيجة الضربة التي وُجّهت إلى "حزب الله"، وإصرار الإيرانيين على مواجهة الولايات المتحدة، تقاطعت مع الفرصة العملياتية التي اتّضحت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حين ثبتت القدرة على تعطيل جزء كبير من منظومة الدفاع الجوي الإيرانية.
وطبقًا لشيلح، أصبحت الوسيلة هدفًا، والآن، السبيل الوحيد الذي تراه القيادتان السياسية والعسكرية لتحويل هذا المسار إلى إنجاز هو الاستمرار في النهج نفسه؛ نسخة أكثر فداحةً بكثير من حرب لبنان الثانية، أو من وهم "أن الضغط العسكري سيهزم حماس ويُعيد المخطوفين"، والمستمر منذ أكثر من عام في غزة.
منبهًا إلى أن المشكلة أن إيران ليست غزة، ومشروعها النووي ليس منظومة صواريخ "حزب الله"، فالحساب المفتوح مع الإيرانيين لن يُغلق سريعًا، وعلاوةً على كل ذلك، تلوح في الأفق التحذيرات التي أطلقها قبل 14 عامًا رئيس الموساد الراحل مئير داغان، أحد أعظم رجال العمليات في تاريخ إسرائيل، والذي وضع الأسس لإنجازات الموساد الأخيرة. في إفادة قدّمها يوم مغادرته المنصب، حذّر داغان من ألّا يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى إنهاء المشروع النووي، بل يكون ذريعة لإيران لاستئنافه بكل قوة.
ويذكر شيلح أنه، حسبما ذُكر سابقًا، فإن تدميره الكامل بواسطة عملية عسكرية إسرائيلية منفردة ليس ممكنًا، حتى بحسب كلام تساحي هنغبي نفسه.
وعليه، ما ينبغي لنا فعله هو الوصول، خلال الأيام القليلة القادمة، إلى مفترق حاسم لاتخاذ القرار: إذا لم تكن الولايات المتحدة تنوي المشاركة في الهجوم، فيجب الانتقال فورًا إلى معركة سياسية تهدف إلى تثبيت الإنجاز المحدود الذي تحقق (وهو موضع خلاف أيضًا في نظر كثيرين حول العالم) في مواجهة العناصر المادية للبرنامج النووي الإيراني.
وبخلاف الجو العام المؤيد لمواصلة الحرب على إيران، يخلص شيلح إلى القول: "علينا دعم استئناف المفاوضات مع إيران، وقيادة بناء هندسة إقليمية جديدة في مواجهة المحور الإيراني المُنهك، بما يشمل إنهاء الحرب في غزة واستعادة الأسرى، بدلًا من الاستمرار في المقامرة كل مرة، من دون أي خطة واضحة لتحويله إلى نصر، ومع تكاليف تزداد إلى حدّ أن نجاحات الضربة الافتتاحية قد تتضاءل أمامها".
المصدر : وكالة سوا - صحيفة القدس العربي اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية إسرائيل تعلن شن 50 مقاتلة غارات على إيران في ساعات إسرائيل تقصف مواقع لإنتاج أجهزة الطرد المركزي والصواريخ في قلب إيران ترامب يدرس مهاجمة إيران وإسرائيل تتوقع انضمامه للحرب قريبا الأكثر قراءة غزة - إسرائيل تكرس التجويع وتستهدف الباحثين عن الطعام غزة - الجرحى يعانون من عدم استكمال التدخلات العلاجية الأردن يدين اقتحام بن غفير باحات المسجد الأقصى سفير إسرائيل في فرنسا : نشطاء سفينة مادلين مهاجرين غير نظاميين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
أسرع من الصوت.. ما هو صاروخ فتّاح الذي أطلقته إيران على إسرائيل؟
أفادت وسائل إعلام إيرانية أن طهران استخدمت صاروخًا جديدًا، "فتاح-1"، في هجماتها على إسرائيل آنذاك.
وتصف طهران "فتاح-1" بأنه صاروخ "أسرع من الصوت" - أي أنه ينطلق بسرعة خمسة أضعاف سرعة الصوت (حوالي 3800 ميل في الساعة، 6100 كيلومتر في الساعة).
وقالت شبكة سي إن إن المحللين يشيرون إلى أن جميع الصواريخ الباليستية تقريبًا تصل إلى سرعة تفوق سرعة الصوت أثناء طيرانها، وخاصةً أثناء اندفاعها نحو أهدافها.
وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، والذي كتب عن هذا الموضوع، إن الصاروخ فتاح-1 يبدو أنه يحمل رأسًا حربيًا على "مركبة إعادة دخول قابلة للمناورة"، مما يمكنه من إجراء تعديلات لتجنب الدفاعات الصاروخية خلال جزء قصير من غوصه إلى هدفه.
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أعلن الحرس الثوري الإيراني، عن قصف تل أبيب بصواريخ فتاح من الجيل الأول واصفا العملية بأنها نهاية أسطورة الدفاع الجوي الإسرائيلي.
وقالت قوات الحرس الثوري الإيراني في بيان رقم 10: نبارك لكم، أيها القادة والمقاتلون المخلصون في القوة الجو-فضائية التابعة لحرس الثورة الإسلامية، انطلاق الموجة الحادية عشرة من العملية المشرّفة "الوعد الصادق 3" باستخدام صواريخ "فتّاح" من الجيل الأول؛ التي شكّلت بداية نهاية أسطورة الدفاعات الجوية للجيش الصهيوني، وأدخلت الأشرار الصهاينة في حالة من الارتباك والانهيار الذاتي.
وأضاف البيان، لقد هزّت صواريخ "فتّاح" القوية وعالية القدرة على المناورة، هذا المساء، ملاجئ الجبناء الصهاينة مرارًا بعد أن اخترقت درعهم الدفاعي، وأوصلت رسالة اقتدار إيران إلى الحليف المحرّض على الحرب لتل أبيب، الغارق في الأوهام والخيالات الفارغة، بحسب ما أوردته وكالة تسنيم الإيرانية.
وتابع، الهجوم الصاروخي الليلة أثبت أننا قد بسطنا سيطرة كاملة على أجواء الأراضي المحتلة، وأن سكانها باتوا بلا أي دفاع في مواجهة الهجمات الصاروخية الإيرانية.