قيادي بحماس: العدو الإسرائيلي وويتكوف يفاوضان بعضهما وسلاح المقاومة ليس للتفاوض
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
الثورة نت /..
قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حسام بدران، اليوم الأثنين، إن المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف والعدو الإسرائيلي يفاوضان بعضهما البعض، ولا توجد مقترحات جديدة على الطاولة.
وذكر بدران، في تصريح لقناة الجزيرة مباشر ، إن العدو الإسرائيلي انسحب من الجولة الأخيرة للمفاوضات رغم الوصول إلى تفاهمات تم التوافق عليها عبر الوسطاء، مؤكداً أن المماطلة والتراجع جاءت من جانب العدو، وليس من الطرف الفلسطيني، وما تم التوصل إليه مؤخراً كان منطقيًا ويمكن البناء عليه.
وأضاف أن الوفود التفاوضية غير موجودة حاليًا على الطاولة، مشيراً إلى أن الاتصالات لا تزال جارية عبر الوسطاء، وأن “الكرة الآن في ملعب الكيان الإسرائيلي والطرف الأمريكي”.
وفيما يتعلق بسلاح المقاومة، شدد بدران على أنه ليس ملكًا لـ”حماس” فقط، بل للفصائل الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ككل، مؤكدًا أن هذا الملف شأن داخلي فلسطيني لا يجوز التفاوض عليه خارج هذا الإطار.
وتابع: “امنحونا دولة فلسطينية كاملة السيادة، وسلاح المقاومة سيكون جزءاً من سلاح الدولة وجيشها”، مضيفًا أن الحديث عن نزع السلاح محاولة لخداع العالم، والدليل على ذلك هو ما يتعرض له الفلسطينيون في الضفة الغربية من جرائم متواصلة على يد المستوطنين وقوات الكيان الصهيوني.
وأكد القيادي في “حماس” أن سلاح المقاومة مرتبط بزوال العدوان الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية، وليس بمجرد إعلان أو اعتراف شكلي لا يغير من الواقع شيئًا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لا مقاومة بلا سلاح
«في الحرب عاملان، الإنسان والسلاح، لكن في النهاية، الإنسان هو العامل الحاسم» هذه مقولة لقائد جيش الشعب الفيتنامي فو نجوين جياب، ومن خلالها يمكن القول إن الحرب لا تتحدد إلا بهذين العاملين، الإنسان والسلاح، ولكلّ تفصيله، فعلى الرغم من أن السلاح وتوفره وقوته وعدده ونوعيته أمور مهمة يُمكن تحديد الحرب من خلالها، إلا أن الإنسان وما يحمله من تعقيد من حيث إيمانه بالقضية التي يقاتل من أجلها، والعقيدة العسكرية التي يحملها، وقوة تحمله، هي أمور أهم. لكن هنا يبرز سؤال آخر مهم وجوهري أيضا، ينطبق بالعامل الأول، هو: هل يُمكن استمرار الحرب بدون سلاح؟ وهل يمكن أن تبقى حركات المقاومة والمنظمات دون الدولة وهي مقلمة الأظافر، منزوعة السلاح؟
نظريا يُمكن تعريف حركات المقاومة على أنها جهد منظم لسكان بلد ما لمقاومة حكومة شرعية أو سلطة احتلال، وفي المادة الأولى، الفقرة الرابعة من البروتكول الأول الإضافي لاتفاقية جنيف في 1977 يتم تصنيف النزاعات المسلحة التي تقاتل فيها الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبي أو الأنظمة العنصرية على أنها نزاعات دولية. وبالنسبة للمنظمات المسلحة دون الدولة هي كيانات لا تنتمي لجيوش رسمية أو تحالفات دولية لكنها قادرة على استخدام السلاح لتحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية أو اقتصادية، خارج سيطرة السلطة الحاكمة.
من الواضح أن الهوية التكوينية لحركات المقاومة والمنظمات المسلحة دون الدولة تقتضي أن يكون دور السلاح فيها فعالاً، لأنه ضروري في تكوين هويتها وفاعليتها في تحقيق أهدافها السياسية أو الأيديولوجية، ولذلك فإن نزع السلاح من الحركة يفرغها من مضمونها القتالي والسياسي ويمثل تهديدًا وجوديًّا بالنسبة لها، إذ إن نزعه يقتضي منها أن تعمل في الإطار السياسي فحسب، وبالنسبة لحركات المقاومة فإن مقاومة الهيمنة الاستعمارية أو سلطة الاحتلال بالإطارات السياسية هو جزء من النضال وليس كله، وعلى الرغم من نجاح بعض الحركات اللاعنفية في مقاومة هذه الهيمنة مثل الحركات التي قادها غاندي أو مارتن لوثر كنج أو نيلسون مانديلا وغيرهم، إلا أن هذه التجارب قليلة ويُمكن عدها، إضافة لكثرة الجدال حولها، وتوفر الظروف الملائمة لنجاحها والتي سبقتها مقاومة مسلحة، فعلى الرغم منها، تبقى المقاومة المسلحة هي السبيل الأكثر واقعية ونجاحًا في الوصول للأهداف السياسية إذا تعلق الأمر بهيمنة استعمارية أو احتلال أجنبي.
في النزاعات غير المتكافئة، يُمكن تحقيق توازن القوى النسبي من خلال توافر السلاح وقوته، فإن الحديث عن حركات المقاومة، يعني أن هناك اختلافات في البنى الهيكلية، سواء من خلال أعداد القوة البشرية، أو التراتبية في المناصب، وكذلك اختلافات في توفر السلاح، فإن حركة المقاومة غالبًا ما تحمل سلاحًا أضعف أو أقدم أو أقل من الجيش النظامي الذي تحاربه، إضافة لاختلافات في التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية المستخدمة، ففي الوقت الذي يستخدم فيه الجيش النظامي استراتيجيات الحرب التقليدية وتكتيكات الأسلحة المختلفة والمتطورة لديه، تستخدم حركات المقاومة استراتيجيات مختلفة تتلاءم مع فارق القوة ومنها حرب العصابات (أو حرب الغوار كما في بعض الأدبيات) والحرب التقليدية، وكذلك الاستخدام التكتيكي للأسلحة التي تحملها. وهكذا يُمكن بطريقة أو بأخرى تحقيق توازن القوى من خلال تعويض الضعف النسبي عند حركة المقاومة بالتطوير الذاتي للأسلحة والاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية غير التقليدية المستخدمة والمرونة في ترتيب المناصب في بنية الجيش.
من خلال هذه المقدمة، يمكن استنتاج أنه لا يُمكن الوصول لتحقيق أهداف سياسية دون أوراق قوة واقعية وفعلية على الأرض، فعلى الرغم من التقدم الذي أنتجه تراكم المعرفة البشرية، إلا أن ذلك لم يوقف اعتماد العالم سواء الدول أو المنظمات أو الأفراد من استخدام هذه القوة الفعلية التي كثيرًا ما تتمثل في حمل السلاح، وهكذا فهو ضمنيًا لا يعترف بأي حركة أو دولة دون أن تكون قادرة على حماية ذاتها أو الدفاع عن أرضها، ويُمكن أن تتحدد هذه الحماية أيضًا من خلال التحالفات والتحركات السياسية، لكنها متزامنة، في الوقت ذاته، مع السلاح.
إن الأمثلة التاريخية على سوء خطة نزع السلاح وفشلها دون مسار سياسي واضح ومتين كثيرة ومتعددة، منها تلك التي وقعت في أمريكا اللاتينية كما في كولومبيا والسلفادور مثلا، أو التي وقعت مع السلطة الفلسطينية الحالية ما بعد أوسلو، ففي هذه الحالات يبرز سؤال مهم: هل الوصول لنزع السلاح من أجل تحقيق مصالح لحظية قصيرة المدى جيد للحركة والقضية في الإطار العام؟ وللإجابة عليه لا بد من استقراء هذه الحالات جميعا، ويزعم المقال أن الإجابة في كثير من الأحيان تؤول إلى النفي، إذ إن هذه الخطوة إذا كانت منزوعة من سياقاتها السياسية طويلة المدى قد تؤدي إلى تفكك الحركة ذاتها أو السقوط في الفوضى الإجرامية التي تنطلق من تصرفات فردية، وشعور بالهيمنة أو الخيانة، وفقدان الزخم أو القدرة التفاوضية الحقيقية، مما يعيد ترتيب المشهد السياسي بأكمله إما لصالح الدولة (وهنا في هذه الحالة دولة الاحتلال) أو العصابات البديلة التي غالبًا ما تكون أقل تنظيمًا وأكثر إرهابًا، وبالتالي في النتيجة النهاية ضعف أو فشل كامل في تحقيق الأمن، وفقدان النفوذ وتهميش القوى، والواقع دليلٌ على ذلك فلا حاجة للتمثيل عليه.
في الحالة الإسرائيلية، هناك خصوصية معينة، إذ إن إسرائيل ذاتها فكرة ومشروعًا ودعمًا، قائمة على القوة المادية الصلبة لا الحوار ولا التفاوض، ولذا تجد أنها في كل مرة تدخل فيها مفاوضات تكون أول من يخرق الاتفاقيات التي توصل إليها الطرفين، والأمر كذلك بالنسبة لداعميها، فحينما يأتي الأمر لإسرائيل، يصحو العالم على غياب للقانون الدولي والأدوار الفعلية لمنظمات ما بعد الحرب العالمية، فضلاً عن اختفاء برامج سياسية أمريكية مثل «أمريكا أولاً»، الشعار الذي تبناه ترامب، فـ «أمريكا أولاً» بالنسبة لكل شيء، إلا إسرائيل، إذ هي ما قبل القبل، وهكذا فإن إسرائيل لا يُمكن مقاومتها بالطريقة السلمية التي تقتضي أن يُتحاور معها، فلا هي راغبة في إقامة دولة حدودية واضحة المعالم، ولا راغبة في حل الدولتين، بل وغير راغبة في حماية ذاتها ومواطنيها من تبعات الحروب المستمرة التي تستغلها الأحزاب السياسية للتهرب من قضايا الفساد، وهنا أتذكر أحد أساتذتنا الجامعيين الذي كان يقول بشكل مستمر إن التفاوض مع إسرائيل والوصول لحل سياسي معها كما حدث في أوسلو هو الحل الأمثل للإبقاء على الأرض، فما بخل الزمان علينا بأن يثبت لنا عكس ذلك في كل يوم إن لم يكن في كل ساعة، ولم يبقَ لحركات المقاومة الفلسطينية وغيرها إلا المقاومة المسلحة إضافة للمقاومة السياسية، ولا يُمكن فصل هذا عن ذاك، فإن كانت مطالبة إسرائيل بنزع سلاحها غير ممكنة، فالرضى باحتكارها للسلاح غير ممكن كذلك. والمطلع على تاريخ الاحتلال يعلم جيدًا تعامل إسرائيل مع الحركات بعد نزاع السلاح، والأمر مماثل مع الدول المطبعة معها، فإسرائيل لا تقدم أي تنازلات لكنها تبحث عما يخدم مشروعها السياسي وتوسعها في المنطقة، وعلى عكس الدول الأخرى حول العالم، فإن تنازلاتها تكاد تكون معدومة.
إن مطالبة حماس بالتنازل عن سلاحها وإخلائها من القوة التي تستطيع من خلالها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ليس أمرا واقعيًّا وغير منطقي استراتيجيًّا، إذ أي عملية سياسية أو تفاوضية لا يُمكن أن تقوم إلا على توازن بين القوى، حتى وإن كان هذا التوازن غير متكافئ بين جيش نظامي لقوة عسكرية متطورة ومدعومة من دول كبرى، وبين حركة مقاومة محاصرة، لكن جميع التجارب التاريخية لنزع أو عدم نزع السلاح تشير إلى نقطة تبدو واضحة وإن اختلطت بالكثير من التشويه، وهي أن السلاح هو عنصر أساسي للردع وضامن رئيس في طاولة التفاوض والتحرك السياسي، لاسيما أمام محتلٍّ داروينيّ لا يعترف إلا بالبقاء للأقوى.