ترنح العقارات وتراجع الإنفاق يدق ناقوس الخطر بالصين
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
كشفت بيانات حديثة عن تفاقم أزمة قطاع العقارات في الصين وتراجع الثقة الاستهلاكية، لتشكل معًا عبئا مضاعفا على خطط الرئيس شي جين بينغ لإعادة التوازن للنمو الداخلي.
ووفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، فإن السياسات الحكومية التي وُصفت على مدى الأعوام الماضية بأنها "شبه يائسة"، لم تحقق أي نتائج ملموسة، بل أظهرت الأرقام أن الانكماش في الاستثمار العقاري بلغ مستويات غير مسبوقة منذ صدمة جائحة كورونا في 2020، في حين تراجعت مؤشرات الثقة والاستهلاك إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس للغاية، حيث تتزايد الضغوط على بكين لتقليل اعتمادها على التصدير، خصوصًا بعد التصعيد في الحرب التجارية مع واشنطن. إلا أن بلومبيرغ تشير بوضوح إلى أن "كل الوعود السياسية والعروض الدعائية لم تنجح في تغيير المزاج العام".
عقارات تنهار رغم تدخل الدولةأظهرت المؤشرات أن أسعار المنازل الجديدة والقائمة واصلت الهبوط المتتالي منذ أغسطس/آب 2021، مع تسارع الانخفاض في يوليو/تموز الماضي خصوصًا في الوحدات الجديدة.
وكشفت بيانات بلومبيرغ أن الاستثمار في القطاع العقاري خلال العام حتى الآن انكمش بأكبر وتيرة منذ صدمة جائحة كورونا. وسُجِّلت "محطة قاتمة" أخرى مع استعداد مجموعة إيفرغراند، التي كانت يومًا أكبر مطور في البلاد، للشطب من بورصة هونغ كونغ.
ورغم الإجراءات الحكومية المتعددة، بدءًا من تسهيلات الإقراض وخفض أسعار الفائدة وحتى محاولة استنساخ نموذج الإسكان الاجتماعي في سنغافورة، لم يُظهر السوق أي مؤشرات على التعافي.
وأكد التقرير أن تعهد الرئيس شي جين بينغ في سبتمبر/أيلول الماضي بوقف الانهيار و"استقرار السوق" بقي بلا نتائج ملموسة.
ثقة المستهلكين تتراجع إلى مستويات متدنيةانعكس تدهور العقارات مباشرة على ثقة الأسر الصينية، التي تضررت أولًا بقيود الجائحة ولم تستعد عافيتها منذ ذلك الحين. وأكدت بلومبيرغ أن "جميع الوعود الحكومية بالدعم ومحاولات التودد للقطاع الخاص لم تنجح في رفع معنويات الأسر".
إعلانبل إن المزيد من المقترضين قرروا في يوليو/تموز الماضي تسديد ديونهم بدلًا من الحصول على قروض جديدة، مما تسبب في أول انكماش لقروض البنوك الصينية منذ عقدين.
وكشفت البيانات الأخيرة أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 3.7% فقط على أساس سنوي، فيما نما الإنتاج الصناعي بـ5.7%. أما على أساس شهري، فسجل الإنفاق الاستهلاكي تراجعًا للشهر الثاني على التوالي، وهو ما لم يحدث منذ فترة الإغلاقات في 2022.
وكتب خبراء بلومبيرغ إيكونوميكس أن "ضعف الزخم الذاتي" للاستهلاك أصبح واضحًا بعد نفاد التمويل المخصص لبرنامج تحفيزي حكومي قائم على استبدال الأجهزة المنزلية والسيارات القديمة.
أزمة ائتمان تزداد قتامةأظهرت الأرقام الخاصة بالإقراض صورة أكثر سوداوية، إذ ارتفع المؤشر الواسع للائتمان في يوليو/تموز الماضي، لكن ذلك كان مدفوعًا إلى حد كبير بإصدار السندات الحكومية لتسوية ديون السلطات المحلية المتعثرة. وحسب تقديرات جيه بي مورغان، فإن 55% من القروض الجديدة تُستخدم فقط لسداد فوائد الديون القائمة.
وأوضح المحللان جهانغير عزيز وتينغ تينغ جيه أن نمو القروض بعد خصم الفوائد بلغ 3.5% فقط على أساس سنوي، مقارنة بمتوسط 8% بين 2016 و2023، واعتبرا أن "هذا ينذر بمستقبل قاتم للشركات ولنمو الناتج المحلي الإجمالي".
وسجّلت الصين مفاجأة في الصادرات رغم الضعف المحلي، إذ ارتفعت في يوليو/تموز الماضي بنسبة 7.2% إلى 322 مليار دولار، متجاوزة التوقعات.
وأوضحت بلومبيرغ أن الزيادة جاءت من شحنات قوية إلى الاتحاد الأوروبي وجنوب شرق آسيا وأستراليا، عوضت التراجع المستمر منذ أربعة أشهر في الصادرات إلى أميركا، التي تشدد القيود التجارية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
حدود التحفيز والسياسة الاقتصاديةويبقى التساؤل الأكبر مطروحًا: لماذا لا تقدم بكين حزما تحفيزية كبرى لإنقاذ العقارات أو لتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي؟ ووفق بلومبيرغ، هناك سببان رئيسيان:
ركّزت القيادة على القطاعات التكنولوجية المتقدمة، التي يواصل الحزب الحاكم دعمها باعتبارها أولوية إستراتيجية. افتقرت الصين إلى القدرة على إطلاق حزم إنقاذ واسعة بسبب "الانكماش المستمر"، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في الربع الثاني بنسبة 3.9% فقط، وهو أدنى مستوى منذ بدء السجلات عام 1993 باستثناء فترة الجائحة، وأقل من نمو اليابان البالغ 4.2%.وخلص تقرير بلومبيرغ إلى أن البيانات الأخيرة تمثل "جرس إنذار لبكين"، لكن فرص إحداث تحول حقيقي لتعزيز الطلب المحلي تظل ضئيلة. ورغم مفارقة الأداء الإيجابي في التصدير، فإن الداخل الصيني يغرق في أزمة ثقة واستهلاك ضعيف، وعقارات منهارة، ونمو اسمي يلامس مستويات خطيرة من الركود التضخمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات فی یولیو تموز الماضی
إقرأ أيضاً:
تداعيات رسوم ترامب على المصانع الصينية
البوابة - في ظل الحرب الاقتصادية التي تمارسها الولايات المتحدة على دول العالم وتحديدا الصين، برفع الرسوم الجمركية، تتجه المصانع في الصين إلى إجراءات قاسية لخفض التكاليف، بما في ذلك تقليص ساعات العمل، وإجبار العمال على إجازات غير مدفوعة، وتخفيض الأجور توقفت عن التصدير إلى أميركا واتجهت إلى أسواقه التقليدية في دول أخرى.
اقرأ ايضاًوبحسب رويترز، فإن معدل البطالة الرسمي في الصين ظل حول 5%، لكن معدلات "البطالة المقنّعة" تتفاقم، إذ لا يتم احتساب تقليص ساعات العمل أو الإجازات غير المدفوعة في الإحصاءات الرسمية.
وفي ظل هذه الاجراءات القاسية يلجأ عدد متزايد من أصحاب المصانع إلى العمالة المؤقتة لتلبية الطلبيات الجديدة ثم الاستغناء عنهم عند تراجع الطلب.
هذه الضغوط تؤدي، وفق خبراء، إلى مزيد من الانكماش في إنفاق المستهلكين، إذ تراجعت مبيعات التجزئة، واستقرت معدلات التضخم عند الصفر في يوليو/تموز.
هذه الشهادات، التي أوردتها رويترز، تكشف جانبا مظلما من أثر الرسوم الأميركية على الاقتصاد الصيني، حيث لا يظهر الأثر كاملا في مؤشرات النمو أو التجارة، بل يتجلى في تراجع دخل الأفراد، وتآكل قدرتهم الشرائية، وتزايد هشاشة سوق العمل.
المصدر: رويترز
كلمات دالة:تداعيات رسوم ترامب على المصانع الصينيةالصينرسومجمارك© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن