من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
اليوم ذهبت إلى المدرسة الجديدة، تسلمنا مع كتب الصف الأول الإعدادى طبلة.
سألت مسئول الكتب عن سبب استلامى لهذه الأداة الموسيقية؟
هل هى عوضا عن كتاب موسيقى لنستخدمها فى حصة الموسيقى؟
أوضح مسئول الكتب أنها مهمة لكل الحصص والمواد الدراسية.
وقف ناظر المدرسة فى طابور الصباح يرحب بالتلاميذ الجدد، تلاميذ الصف الأول الأعدادى.
- أبنائى الطلبة أهنئكم ببداية العام الدراسى الجديد وأدعوكم بالالتزام بالقواعد الاساسية للمدرسة، الزى المدرسى الكامل مع وضع الطبلة أسفل الإبط الأيسر، واستعمالها استعمالا جيدا عند الشروع فى الحديث مع المعلمين الأفاضل ومسئولي المدرسة.
كانت الحصة الأولى هرجًا ومرجًا، لم نفهم جميعا كيف نتحدث مع المعلم ونستخدم الطبلة فى آن واحد، إلا أنه فى فترات الفسحة بالمدرسة أظهر الطلبة المتقدمون فى الصفين الثانى والثالث الإعدادى تعاونا لا بأس به معنا، أعطونا أمثلة عديدة، فالطبلة يجب أن تكون افتتاحية أى حديث مع أى مسئول، ثم يتوالى استعمالها بين الجمل وفى فصلات الصمت.
بدورى سألت فى سذاجة أحد التلاميذ الكبار
- وما فائدة هذه الطبلة؟ ومزج عزفها بالحديث مع المعلمين؟
أجاب التلميذ الكبير:
- الطبلة تهيئ الجو المناسب للحوار مع الكبار، تلفت نظرهم لوجودك، تعطيك فرصة للتعبير عن نفسك بشكل أفضل.
- لكنها حمل يصعب اصطحابه فى كل وقت.
- لا عليك، هى حمل فى الأيام الأولى فقط، لكنك بعد شهر على الأكثر ستعتاد اصطحابها حتى أنك ستستنكر منظر من لا يحمل أسفل إبطه طبلة.
عاد صاحبنا إلى المنزل مشغولا بقصة الطبلة، فتحت له الخادمة الباب، قالت له فى منتهى الأدب:
- عنك الشنطة ياسيدى الصغير .
ولأول مرة يلاحظ أن "نبوية" تمتلك طبلة أسفل إبطها الأيسر، عزفت عزفا قصيرا ثم قالت:
- مش هاتدينى حلاوة أول يوم دراسة، ولا أستنى لآخر السنة والحساب يجمع.. عزف قصير .. وأكملت .. عموما أنا مش عايزه غير أنك تنجح وبس (عزف على الطبلة) .
اندهش صاحبنا لمهارة الخادمة فى العزف، قرر أن يسأل والده عن سر الطبله عند " نبوية ".
كان والده فى عصر ذلك اليوم يجلس فى غرفة الصالون يتحدث فى الهاتف إلى شخص ما.
دخل الولد وجلس فى أدب حتى ينهي والده المحادثة.
قال الأب عبر التليفون:
- معاليك تؤمر وما علينا سوى التنفيذ ياباشا.
تقهقر الولد للخلف فجأة، فما إن أنهى والده الجملة إلا وظهرت طبلة كبيرة كبيرة أسفل إبط الأب، ظل والده طوال المحادثة يعزف عزفا منفردا لا مثيل له، كان صوت الطبلة مرتفعا جدا، يتخلله أحيانا ضحك سخيف أصفر.
إذا سألتنى كيف عرف الولد فى عمره المبكر الضحك الأصفر فلن أخفيك سراً ..
نظرا لأننا فى قلب حكاية خيالية فسأقول لك كان لون الضحكه أصفر بينما باقى الغرفة أبيض وأسود .
ظل الولد متجمدا فى مكانه حتى أنهى والده المكالمة فدخلت الأم قائلة:
- ياسبعي ... (طبلة) مصروف البيت خلص والبت الشغاله عايزة تنزل تجيب طلبات ناقصة، إيدك ياجميل على أربعمائة جنيه.
دخلت "نبوية" قائلة:
- وفلوس الشهرية بتاعتى ياسيدى الغالى (طبلة) .
و لأمى أيضا طبلة!
تماما كطبلة نبوية!
تبادلت كلتاهما العزف وأبى منصت للعزف ومستمتع.
مرت أيام، بل سنوات وسنوات، شاب شعر رأسى وأنا مازلت أندهش من حاملى الطبل. أدركت خلال كل هذه السنوات أن للجميع طُبلًا أسفل الإبط، بعضهم أفضل من بعضهم فى العزف، الفاشل فى عزف الطبلة لا يحقق مكاسب محترمة فى المجتمع، والمتميز فى الطبلة يصل إلى أعلى المناصب، يظهرون بشكل دائم فى القنوات، تشاهدهم يقودون الحوار بمهارة، بلا أخطاء.
فى نشرات الأخبار ..تم برعاية سيادته (طبلة) افتتاح كوبرى (طبلة)
وطريق (طبلة)
ومحل كشرى(طبلة)
وكاتيدرائية (طبل )
وجامع (طبلة).
يزيد عزف الطبل فى الاحتفالات الرسمية والأغانى اللولبية، والقصائد الشعرية، والأفلام التسجيلية، والمسلسلات الجهنمية.
فى بلادى جميعنا نحترف الطبلة.
ربما فى صلاتنا ندخل بطبلة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الطبلة قطوف إبداعات الشباب
إقرأ أيضاً:
البيضاء.. شاب يقتل والده ويمثل بجثته
أقدم شاب يمني على قتل والده، ومثل بجثته، الجمعة، في جريمة هزت اليمن بمحافظة البيضاء (وسط اليمن) قبل أن يلقى مصرعه بطلقة نارية من بندقية شقيقه.
وقالت مصادر محلية إن شاباً قتل والده غدراً، في مديرية "العرش" غربي محافظة "البيضاء"، وفصل رأسه عن جسده، قبل أن يلوذ بالفرار، إلى أحد الجبال المحيطة.
وذكرت أن شقيق القاتل قام بملاحقته إلى أعلى الجبل، وباغته بإطلاق النار عليه من الخلف، لتفقد الأسرة في ظرف ساعات فقط، الأب والابن معًا.