أزمة سعر الصرف تكشف هشاشة الاقتصاد الريعي أمام الضغوط الأميركية والإقليمية
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
16 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتسع أزمة سعر الصرف في العراق لتشكل مشهداً متشابكاً بين ضعف البنية المصرفية داخلياً والتقلبات العاصفة للدولار عالمياً، فالمعضلة ليست تقنية بحتة بقدر ما هي انعكاس لنظام اقتصادي مأزوم محكوم بمعادلات السياسة الإقليمية والضغوط الدولية.
ويبدو أن إصلاح النظام المصرفي العراقي لم يعد خياراً مؤجلاً بل ضرورة لحماية الاستقرار النقدي، بعدما كشف احتكار عدد محدود من المصارف لعمليات بيع الدولار عن هشاشة السوق وارتباطه المباشر بقرارات دولية وعقوبات تضيق الخناق على اللاعبين الرئيسيين.
وتتعمق المشكلة حين يتداخل ما هو محلي بما هو خارجي، إذ يبرز “السوق الموازي” كأداة لتلبية احتياجات التجارة مع دول خاضعة للعقوبات، من خلال شبكة غير رسمية من صغار التجار والمسافرين الذين ينقلون الدولار خارج القنوات النظامية.
وهذه الظاهرة ليست مجرد نشاط هامشي، بل تعبير عن فجوة هيكلية بين الاقتصاد الرسمي والاقتصاد الموازي، بما يعكس عجز الدولة عن ضبط حركة العملة وإدارتها وفق قواعد شفافة.
وتتزامن هذه الهشاشة مع واقع عالمي مضطرب للدولار نفسه، حيث الصراعات الجيوسياسية تعيد رسم خارطة الثقة بالعملة الأميركية، بينما الأسواق الناشئة تبحث عن بدائل نقدية أو آليات مقايضة تجارية تخفف من هيمنة العملة الخضراء.
ويبدو العراق أكثر عرضة للتأثر من غيره، لأن اقتصاده الريعي لم يُحصن بنيته النقدية بما يكفي، وليظل متأرجحاً بين ضغوط الداخل وتقلبات الخارج.
ويتضح أن أي تصعيد عسكري أو توترات إقليمية قد تفتح الباب أمام جولة جديدة من العقوبات أو الاستهدافات المباشرة للمصارف العراقية، ما يدفع المستثمرين إلى إعادة توجيه أموالهم نحو الملاذات الأكثر أماناً مثل العقار أو التجارة الداخلية، في مشهد يعكس اهتزاز الثقة بالنظام المصرفي ككل.
ومع توقف البنك المركزي عن بيع الدولار عبر المنصات بالسعر الرسمي، تراجع الطلب على العملة الأميركية محلياً، لكن التراجع ترافق مع قلق متصاعد من إمكانية فقدان الدولار لمركزيته أو ظهور عملة بديلة، وهو قلق يعكس غياب أفق واضح للسياسات النقدية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً: