صدى البلد:
2025-12-01@05:18:58 GMT

منى أحمد تكتب: يونيو والثورة المليونية

تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT

يبقى المشهد الجماهيري في 30يونيو هو الملهم، فلم يتوقع أحد أن تقوم قائمة للمصريين بعد إنهاك دام سنتين أعقاب ثورة يناير2011، فآلية تغيير النظم في أدبيات التاريخ تستغرق عقودا طويلة بحساب الزمن، لكن بعد عام من تولي جماعة الإخوان حكم مصر بالالتفاف والخديعة أدرك المصريون خطورة المرحلة، فمصر صاحبة الحضارة المتأصلة بجذورها عبر آلاف السنين صانعة التاريخ تنسحب خارج نطاق التاريخ والجغرافيا، مما ولد شعور لدى عموم الشعب بالاِغتراب الحضاري والثقافي في وطنهم نتيجة ممارسات إخوانية بمفردات كانت غربية على مكونهم الحضاري والإنساني.


فقد جاء الأداء المفجع المتدني لحكم الجماعة في السنة القاتمة السواد، وما تبعه من إرهاب وتضيق للحريات وإقصاء كافة مكونات المشهد السياسي، لتفرزحالة ضبابية  أدت لمعارضة شديدة القوة سريعة الاِنتشار من كافة أطياف المجتمع المصري.
وجاء القرار الشعبي بتصحيح المسار، لاسترداد ما اِختطفته جماعة الإخوان الإرهابية الذين شكل وصولهم للحكم وضعا كارثيا ليس للمصر فحسب ولكن للمنطقة العربية، وتحمل المصريون بصبر وجلد تحديات وتضحيات فاتورة درء الخطر عن الوطن والإقليم بأكمله، فقد شكل 30 يونيو بداية العد التنازلي لإنهاء وجود الجماعات الأصولية والإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط قاطبة.
ورغم تعرض مصر لأشكال من الاحتلال والأزمات والحروب عبر تاريخها الطويل، إلا أن ما بين يناير 2011 ويونيو 2013 كانت الحقبة الأخطر في تاريخها، فوصول الإخوان كان من أكبر المخاطر التي مر بها الوطن، ويكفي بالنظر لواقعنا الحالي الذي يموج بتغيرات شديدة القوة والسرعة أن نفهم الوضع الكارثي الذي كان سيؤول إليه حال وطننا لو استمر حكم هذه الجماعة.
وساد شعورعام بالخوف على الوطن الذي تحكمه جماعة متأخونة ، قفزت على هويته الثقافية والتاريخية بالغة الثراء والتنوع ،مستهدفة تفكيك مفاصل الدولة وإسقاط مؤسساته الوطنية ونشر الفوضى وإثارة الفتن وكان لا بدَّ من الخروج من النفق المظلم. 
وجاءت ثورة 30يونيو بوعى جمعي، تحت شعار أرحل لتدوي في كل ميادين مصربأعدادا غفيرة، والجميع على قلب رجل واحد دون تنسيق أو ترتيب تحت حرارة الشمس الحارقة، كاسرين كل القيود، مخالفين جميع التوقعات متخطين كافة الحدود.
وكان للمشهد الثوري وجه آخر محفوف بالمخاطر، أهمه التخوف من حدوث أعمال عنف، وهو ماتصدت له المؤسسات العسكرية والأمنية بكل شجاعة وجسارة، وثانيها الموقف الدولي والإقليمي وتعقيداته، وثالثها موقف الاتحاد الأوروبي والدول الكبري خاصة الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لحكم الإخوان  في ذلك الوقت وتحديات كبيرة، تصدي لها الاندفاع الشعبي الذي تخطى كل التقديرات والتَأْيِيد العربي من الأشقاء .
وشكل الحشد المليونى مفاجأة غيرمتوقعة وكانت الصدمة مدوية لجماعة الإرهاب الأسود فهم لم يعيروا أي اهتمام للرفض الشعبي وحدث الإنكار العام. 
المشهد جلل والملحمة عظيمة دعمتها مؤسسات الدولة المختلفة على رأسها المؤسسة العسكرية، وهوانحياز ليس بالجديد على المؤسسة الوطنية وقادتها العظام ،ولا ننسى الدورالوطني للفريق عبد الفتاح السيسي آنذاك الذي تحمل مسؤلية الوصول بسفينة الوطن لبر الأمان ، وكان لوزراة الداخلية دورا بطوليا آخر في هذه الملحمة التاريخية وكان الثمن دماء خيرة الرجال.
وقدمت المحكمة الدستورية العليا ممثلة في المستشارالجليل عدلي منصور دورا كبيرا لن ينساه المصريون، وكانت المؤسسات الدينية حاضرة بقوة ممثلة في فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر دكتورأحمد الطيب، والكنسية ممثلة في قداسة البابا توضرواس بابا الإسكندرية وأدوار سجلها التاريخ في أنصع صفحاته.
وأمام مكونات المشهد المصري الفريد في الشوارع والميادين، وتحت راية الوطن ووحدة المصير، لم تستطع قوي الشر في الداخل والخارج أن تلتف حول الإرداة الشعبية والطوفان الكاسح، الذي كان بمثابة المخلص من سيناريو محفوف بالمخاطر ،وكانت نقطة مضيئة وسط الظلام الدامس المسمي بالربيع العربي في نسخته العربية ومشروع الشرق الأوسط الكبير في نسخته الإستعمارية.
وتظل 30يونيو ثورة الانتصار للهوية المصرية والدولة الوطنية المدنية.

طباعة شارك 30يونيو جماعة الإخوان المشهد السياسي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: 30يونيو جماعة الإخوان المشهد السياسي

إقرأ أيضاً:

جماعة الإخوان ومحاولة إعادة التواصل مع واشنطن.. هل ينجح التنظيم في استعادة نفوذه؟

مع كل تحرك جديد لجماعة الإخوان الإرهابية، يتجدد الجدل السياسي والإعلامي حول محاولات التنظيم لاستعادة مكانته التي فقدها بعد سقوطه في مصر عام 2013، و التحولات المتلاحقة في السياسة الدولية، خصوصًا فيما يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية من التنظيمات العابرة للحدود، تعيد الإخوان إلى الواجهة بين الحين والآخر، وهو ما يتضح في البيان الأخير الذي أصدرته الجماعة، وهذا البيان، الذي أثار العديد من التساؤلات، يُنظر إليه من قبل مراقبين كخطوة في محاولة لإعادة فتح قنوات التواصل مع واشنطن، علّها تستعيد الدور الإقليمي الذي تراجع منذ فترة طويلة.

إعادة تقديم الجماعة لنفسها

في هذا السياق، أشار ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الإسلام السياسي، إلى أن البيان الأخير هو بمثابة محاولة جادة من جماعة الإخوان لتقديم نفسها مجددًا للولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن الرسالة الضمنية التي تحاول الجماعة توجيهها هي: "كنا شركاء في الماضي، ونحن مستعدون لاستئناف هذا التعاون من جديد"، وهذه الرسالة لا تقتصر على كونها دعوة سياسية، بل هي محاولة لإعادة بناء الثقة مع واشنطن، حيث سعت الجماعة عبر السنوات الماضية إلى التأكيد على قدرتها على التأثير في المنطقة بما يتوافق مع المصالح الأمريكية، رغم تراجع نفوذها في بعض الدول العربية.

وأوضح فرغلي أن الحديث عن حظر جماعة الإخوان في الولايات المتحدة - الذي أُثير خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب  لم يكن موجهًا بالضرورة إلى الجماعة نفسها، بل كان بمثابة رسالة إلى القوى التي تشغّل التنظيم، والهدف كان تحفيز هذه القوى على تقليص نشاطات الجماعة في مناطق معينة، خاصة في الدول المجاورة لإسرائيل مثل مصر والأردن ولبنان، حيث يُعتقد أن التنظيمات الإخوانية قد تشكل تهديدًا لمصالح واشنطن الاستراتيجية.

خبير أمني: من المبكر تقييم قرار حظر جماعة الإخوان في أمريكا

الانتشار الدولي ومحدودية التأثير المحلي

أما عن تأثير الجماعة في الداخل المصري، فيؤكد فرغلي أن الجماعة عانت بشكل كبير على المستويين الأمني والشعبي خلال السنوات الماضية، وهو ما أدى إلى تراجع قدرتها على الحشد والتأثير في الداخل، على الرغم من ذلك، لم تختفِ الجماعة تمامًا من الساحة، بل نجحت في بناء شبكة معقدة من الأذرع التنظيمية المنتشرة في العديد من الدول حول العالم. هذه الأذرع، ومن أبرزها التنظيم الميداني في دول مثل تركيا وقطر، ما تزال تلعب دورًا مهمًا في تحركات الجماعة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويضيف فرغلي أن الجماعة كانت تقدم تقارير شهرية للولايات المتحدة عبر فروعها المنتشرة حول العالم، حيث كانت تلك التقارير تتناول أوضاع الدول التي تنشط فيها الجماعة. هذا الوجود الدولي منح الإخوان نوعًا من النفوذ الدولي، وساعدهم في التواجد ضمن دوائر صنع القرار في بعض العواصم الغربية، مما مكّنهم من التأثير على السياسات الدولية في بعض الأحيان.

باحث سياسي: جماعة الإخوان تقدم معلومات شهرية لأمريكا عن الدول الموجودين بها

ورغم المحاولات المتواصلة من الجماعة لاستعادة مكانتها، إلا أن الظروف الإقليمية والدولية الحالية تجعل من هذا المسعى أكثر صعوبة. التحولات السياسية الكبيرة في المنطقة، والصراع الدائر في عدة دول عربية، بالإضافة إلى التحولات في السياسة الأمريكية بشأن التعامل مع الجماعات ذات الطابع العابر للحدود، قد تحد من قدرة الجماعة على استعادة الدور الذي فقدته.

ويختتم فرغلي بالقول إن عودة الإخوان لمحاولة التواصل مع واشنطن تكشف إدراكهم لانحسار نفوذهم في المنطقة ورغبتهم في استعادة الدور الذي فقدوه، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات قد تواجه العديد من التحديات، ما يجعل من المستبعد أن تحقق الجماعة النجاح الذي تأمل فيه في ظل الظروف الحالية.


 

مقالات مشابهة

  • إلهام أبو الفتح تكتب: ما هو سر المتحوّر الجديد الذي يصيب الناس؟
  • قائد عام شرطة رأس الخيمة: تضحيات شهداء الوطن سيخلدها التاريخ
  • جماعة الإخوان ومحاولة إعادة التواصل مع واشنطن.. هل ينجح التنظيم في استعادة نفوذه؟
  • أحمد مراد: منى زكي ممثلة جبارة وننتظر عرض فيلم الست في مراكش
  • سيف بن زايد: في يوم الشهيد نستحضر أرواحاً ارتقت فخلّدها التاريخ عنواناً للشرف والوفاء والانتماء
  • «فتح»: الإخوان تسببوا في انقسام فلسطين وتفجير صراعات داخلية منذ 2007
  • باحث: التصعيد الغربي سيشل امتدادات الإخوان الاقتصادية والتنظيمية
  • كاتب إسرائيلي: الآن هو الوقت المناسب للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين
  • اللواء عادل عزب: من المبكر تقييم قرار حظر جماعة الإخوان في أمريكا
  • ماسياس: البرتغال تكتب التاريخ في «مونديال الناشئين»