صراحة نيوز-بقلم: عاطف أبو حجر
ليست السيارة كما قد يظن البعض مجرّد وسيلة تنقّل، بل هي شاهدٌ على الرحلة، ورفيقة دربٍ شاركتنا الفرح والتعب، وحفظت أسرار أيامنا. في عالمنا، لا تُشترى السيارة بالنقود فقط، بل تُقتنى بالتعب والكدّ و”جمعيات” العمر. وهذه حكايتي… حكاية رجل بسيط، حمل طموحه بين يديه، وسار به على أربع عجلات، وسط دروب الحياة المتقلبة.
وبدأت الرحلة بأول سيارة اشتريتها، كانت من نوع “فيات” موديل 74، لونها أخضر، وكنتُ يومها في خضم فترة طفر وغلاء بأسعار السيارات.
دفعت ثمنها 4000 دينار نقدًا، وبعد شهر فقط، بعتها لرجل آخر، لأكتشف لاحقًا أنه المالك الأول لنفس السيارة، وما زال قلبه معلّقًا بها. باعها للشخص الذي باعني إياها، ثم اشتراها مني بسعر 3800 دينار، بخسارة بسيطة تحملتها برضا.
بعدها، اشتريت سيارتي الثانية: “فولكس فاجن” برازيلي، لون برتقالي، موديل 1982، من أحد الأصدقاء الطيبين، بـ 2000 دينار. وأجزم أنها كانت أنظف فولكس في الأردن في تلك الفترة. تساهل معي صديقي، واتفقنا على دفعة أولى 1000 دينار، والباقي أقساط شهرية، كل شهر 100 دينار.
بقيت معي “الفولكس” ما يقارب 7 سنوات، وكانت أكثر من مجرد سيارة. خدمت كل من في الحارة: حملنا بها الأهل والأحبة، فرحنا بها مع الجيران، ورافقنا بها في الأفراح والأتراح. أسعفنا بها مرضى، ونقلنا طلاب المدارس، بل حتى التيس الشامي للهداد.
تدرّب عليها أكثر من قريب وصديق على السواقة. حملنا بها أسطوانات الغاز، وجريكنات الكاز، وشوالات الزيتون، وحتى شوالات الإسمنت والطوب! حتى إنني في إحدى المرات، نقلت على سقفها كنبًا ثلاثي المقاعد لبيت أختي “أم صدام”،
ومع مرور الأيام ونزول أسعار السيارات، قررنا تغيير السيارة، رغم أننا لا نملك من سعر الجديدة ولو دينارًا واحدًا. عرض عليّ النسيب العزيز “أبو المؤمن” أن أشتري سيارة “كيا سيفيا” من أحد الأشخاص. كانت مرهونة لأحد البنوك، وطلب البائع 3300 دينار نقدًا، على أن نُقَسِّط الباقي مع البنك.
صار استنفار داخل البيت، باعت زوجتي آخر إسوارة عندها، وأخذنا قرضًا من البنك بـ 3000 دينار، وأعطاني الأولاد حصالاتهم الصغيرة. من يومها صارت السيارة تُعرف عندنا بـ “سيارة الجمعية”.
بقيت الكيا معنا حتى يومنا هذا، سيارة خدمتنا بإخلاص.
وفي عام 2015، اشتريت سيارة “ميتسوبيشي” “فراشة” حديثة لأول مرة، وأيضًا… أخذنا قرضًا. لكن يبدو أن بعض أصحاب العيون الفارغة والحسّاد استكثروا علينا نفرح. السيارة تعرضت لأكثر من 8 حوادث متتالية، وعرفت يومها أن “ما إلي حظ بالحديد”، وبعتها بخسارة 2000 دينار.
ولا زلنا، والحمد لله، مبسوطين بسيارتنا “الكيا سيفيا”، رفيقتنا، سيارة الجمعية… التي ما زالت تخدمنا بكل طاقتها،
وبنظرنا وقناعتنا، هي أفضل من سيارات البابا والماما، “الجي كلاس” و”التسلا”، التي تقف أمام فلل لا يعرف أصحابها “جمعيات” آخر الشهر، ولا “صندوق المرأة”، ولا “أقساط البنوك”.
لقد غدت سيارتنا “الكيا سيفيا” أكثر من مجرد مركبة، بل أصبحت رمزًا لرحلتنا، وصورةً ناطقةً لصبرنا وكرامتنا. قد لا تحمل في داخلها رفاهية السيارات الحديثة، ولا تتباهى بشاشات ذكية أو أنظمة متطورة، لكنها تحمل ما هو أثمن من ذلك: ذكريات، وتعب سنين، ورضا قلوب تعلّمت أن تفرح بالقليل. هي سيارتنا… “سيارة الجمعية”، لكنها – في نظرنا – أغلى من كنوز الفارهين، لأنها جاءت “من قرضٍ بنكيٍّ يمتدّ همّه لسنوات، وجمعيةٍ شهريةٍ مُربِكة، وتحويشة حصّالات الأولاد التي جُمعت في كلّ المناسبات.”لا من وفرة الحسابات.سيارتنا خبيرة بمحطات الوقود، لا تدخلها إلا حين تقتضي الظروف،ويُتاح المصروف. على فكرة: أستطيع أن أجزم بأن سيارتنا “الكيا سيفيا” تعرف الشوارع أكثر من GPS… بينما لم تطأ عجلات سيارات غيرنا حتى حدود طريق المنطقة الصناعية.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام سیارة الجمعیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
بيان صادر عن الجمعية التعاونية لتنمية التجمعات الريفية في قرى الحمايدة
صراحة نيوز- في ضوء تطورات القضية التي أثارت اهتمام الرأي العام خلال اليومين الماضيين، والمتعلقة بحادثة الاعتداء على أحد الأشخاص، والتي وجهت فيها أصابع الاتهام لرجل دولة قضى ما يقارب 18 عاماً في خدمة وطنه، تعلن الجمعية التعاونية في قرى الحمايدة، ممثلة برئيسها وأعضاء هيئتيها العامة والإدارية، وقوفها الكامل ودعمها الثابت لمعالي المهندس خالد الحنيفات، وزير الزراعة.
معالي الوزير الذي لم يسعَ يوماً إلى الأضواء، بل كرّس جهوده لزرع الأمل في أراضٍ عطشى، وبناء منظومة زراعية متكاملة تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.
إننا لا ندافع عن شخص بعينه فقط، بل ندافع عن قيمة وطنية تجسدت في رجل خدم الأردن بإخلاص وشفافية على مدار سنوات طويلة شهد القطاع الزراعي في عهد معاليه تحولات نوعية مهمة، وأصبح قطاع الزراعة ركيزة أساسية في التنمية الوطنية. ورغم هذه النجاحات، ظهرت محاولات لتشويه صورة الوزير، إما بدوافع أو مصالح ضيقة، ونحن نؤكد أن من يعمل يُنتقد، ومن يُنجز يُستهدف، لكن الحقيقة لا تُطمس، والإنجاز لا يُمحى، والضمير الحي لا يُشترى.
نرفض بشدة أي محاولات تستند إلى معلومات غير مؤكدة أو شائعات تهدف إلى المساس بسمعة شخصية وطنية ذات مكانة مرموقة، ونؤكد على ضرورة احترام مبدأ قرينة البراءة حتى تثبت الأدلة خلاف ذلك. كما نثمن عالياً الجهود الكبيرة التي بذلتها الأجهزة الأمنية والقضائية في كشف ملابسات الحادثة والقبض على المتورطين، مما يعكس مدى كفاءة مؤسساتنا الأمنية ويعزز ثقة المجتمع في سيادة القانون.
ونهيب بكافة وسائل الإعلام ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الالتزام بأعلى معايير المهنية والموضوعية، وتجنب نشر أو تداول أي معلومات غير موثقة قد تؤدي إلى تشويه الحقائق أو الإضرار بالأفراد والمؤسسات.
ختاماً، تؤكد الجمعية التعاونية في قرى الحمايدة، دعمها الكامل لكل من يسعى لخدمة الوطن بإخلاص ونزاهة، وتدعو إلى احترام سير العدالة وعدم المساس بسمعة أي مواطن دون أدلة واضحة. إننا على ثقة بأن الأردن بقيادته الحكيمة ومؤسساته الوطنية سيظل منارة للعدالة والشفافية.
حفظ الله الأردن وقيادته، ودامت مؤسساتنا الوطنية رمزاً للنزاهة والإنصاف.
الجمعية التعاونية لتنمية التجمعات الريفية في قرى الحمايدة.
رئيس الجمعية: صقر الفقرا