دور المجموعات يكشف ملامح المنافسة في بطولة غرب آسيا للكرة الطائرة

كتب - وليد أمبوسعيدي

أسدل الستار على دور المجموعات في بطولة غرب آسيا للكرة الطائرة للرجال، المقامة في مملكة البحرين، وسط مشهد تنافسي اشتعل منذ صافرة البداية حتى اللحظات الأخيرة من الجولة الثالثة. ثمانية منتخبات خاضت مشوارها في مجموعتين، شهدتا أداء متباينا بين المنتخبات الكبرى والصاعدة، وحملت معها الكثير من الدروس الفنية، والتحولات الذهنية والسيناريوهات غير المتوقعة، والتكتيك المتقلب الذي جعل البطولة مفتوحة على جميع الاحتمالات.

ورغم أن نظام البطولة يسمح بتأهل جميع المنتخبات إلى ربع النهائي، فإن ترتيب كل فريق داخل مجموعته شكل مفتاحا حساسا لمصيره القادم، حيث يتقابل متصدر المجموعة الأولى مع رابع المجموعة الثانية، والثاني مع الثالث، في نظام عبور يمنح الأفضلية لأصحاب الأداء الثابت في التمهيدي.

فوز المنتخب على الإمارات

حسم منتخبنا الوطني للكرة الطائرة مواجهته في ربع نهائي بطولة غرب آسيا بفوز مستحق على نظيره الإماراتي بثلاثة أشواط دون رد، جاءت نتائجها (25-19، 25-18، 25-16)، ليواصل مشواره بثبات نحو نصف النهائي، حيث سيواجه المنتخب القطري مساء اليوم عند الرابعة عصراً.

بدأ منتخبنا اللقاء بتشكيلة ضمت كل محمود السعدي وعبدالله المقبالي ويونس العامري وإسماعيل الحيدي وأدم الجلبوبي، إلى جانب صانع اللعب سعود المعمري. وقدّم الأحمر بداية قوية في الشوط الأول بتركيز ذهني عالي وأداء هجومي متنوع، تألق خلاله محمود السعدي وأدم الجلبوبي، مستغلين أخطاء الإرسال الإماراتية، لينتهي الشوط بنتيجة 25-19. وفي الشوط الثاني، واصل المنتخب تفوقه عبر حائط صد ناجح وضرب متقن، وسط ارتباك في صفوف الإمارات، وانتهى الشوط الثاني بنتيجة 25-18 لصالح الأحمر. أما الشوط الثالث، فشهد سيطرة عمانية كاملة وروحاً قتالية من جميع اللاعبين، في ظل غياب أي ردة فعل من الجانب الإماراتي، ليُنهي منتخبنا الشوط بنتيجة 25-16، ويحسم اللقاء بثلاثية نظيفة. وسيلتقي منتخبنا اليوم بنظيره القطري في مواجهة حاسمة على بطاقة النهائي، بعد أن تأهل الأخير على حساب الكويتي بثلاثة أشواط دون رد.

رؤية رقمية

استطلعت "عُمان" الرؤية الرقمية للدور التمهيدي من بطولة غرب آسيا للكرة الطائرة، حيث أظهرت أن منتخب البحرين لم يفقد أي شوط خلال مبارياته الثلاث بالعلامة الكاملة في المجموعة الأولى، ما منح لاعبي منتخب البحرين أبطال آسيا الذين توجوا بها في يونيو الماضي على حساب منتخب باكستان، ثقة كبيرة قبل خوض المواجهات الإقصائية، وكذلك بالنسبة لمنتخب قطر؛ فقد أنهى الدور الثاني بالنتيجة نفسها 3 انتصارات مع خسارة شوط واحد أمام منتخبنا الوطني وشوطين في مواجهة دراماتيكية أمام المنتخب الكويتي، مما يشير إلى ثغرة تكتيكية بسيطة ظهرت عليه في مباراتيه الأخيرتين رغم الأداء القوي وكون أحد أبرز المرشحين للفوز بالبطولة بجانب المنتخب البحريني. أما مفاجأة البطولة فكان المنتخب الإماراتي؛ الذي فاجأ الجميع بفوزه مرتين على منتخبي الأردن ولبنان، وخسارته مرة أمام البحرين، مما أكسبه احترام المنافسين، وكذلك المنتخب الكويتي الذي برز بأداء هجومي مرن وذكاء تكتيكي لدرجة أن مباراته مع قطر امتدت إلى خمس أشواط رغم خسارته. في المقابل، حل منتخبنا الوطني في المركز الثالث بعد فوز على الكويت في المباراة الافتتاحية وخسارتين أمام قطر والسعودية، ورغم عدم التأهل كأول أو ثاني المجموعة، فإن منتخبنا تصدر إحصاء النقاط الإجمالية في مجموعته، مما يدل على القدرة التهديفية الجيدة مقابل ضعف التنظيم الدفاعي والحسم في النقاط الحرجة.

تحليل فني

ومن زاوية فنية، تجاوز المنتخب البحريني مجرد الإحصائيات، فقد كان الأكثر انتظاما في التشكيلة، وتنوع الهجوم بين الأطراف والضرب من المركز الرابع، مما دفعه لتصدر المجموعة دون عناء، وكذلك منتخب قطر أظهر اتزانا في الدفاع والهجوم، مع وجود مرونة تكتيكية واضحة خصوصا في المباراة التي استغرقت خمسة أشواط أمام الكويت. في المقابل، الأردن فرض أرقامه الخاصة بقوة تحركات البدلاء وجودة التغطية وتألق لاعبه الخطيب في تسجيل عدد كبير من النقاط، ما جعله منافسا قويا رغم فقدان الخبرة، والكويت رغم فوزه مرة واحدة فقط، استعرض نضجا فنيا بأداء متماسك وكتل هجومية وضعت قطر تحت ضغط شديد. أما منتخبنا فقد قدم عرضا هجوميا مميزا في كل مباراة، لكنه لم ينجح في الترجمة التكتيكية في اللحظات الحاسمة، وكان في الإمكان السيطرة على النقاط الحاسمة لكن ضعف الاستقرار في التغطية الدفاعية والاستقبال أعاق توازنه، ما جعل الأخطاء الصغيرة تنتقل إلى أخطاء كبرى، ويضاف إلى ذلك استغلال الفرق المنافسة نقاط الضعف في الإرسال لتسجل نقاطا مباشرة سهلة.

راشد عنبر أفضل مسجل

شهدت مرحلة دور المجموعات من البطولة تألقًا لافتًا لعدد من أبرز المهاجمين على مستوى المنتخبات، حيث برزوا كأكثر اللاعبين تسجيلا للنقاط، وكان لهم دور محوري في نتائج فرقهم خلال هذه المرحلة التنافسية الحاسمة، وتصدر القائمة النجم الكويتي راشد عنبر الذي فرض نفسه بقوة في الخط الأمامي، مسجلا 68 نقطة، ليعتلي صدارة أفضل المهاجمين بفارق مريح عن أقرب منافسيه، مؤكدا حضوره القوي كأحد أبرز نجوم البطولة حتى الآن.

وفي المركز الثاني جاء الإماراتي محمد السويدي برصيد 57 نقطة، مظهرا كفاءة هجومية كبيرة، خصوصا في الكرات السريعة والضربات الساحقة من مركز 4، بينما حل ثالثا السعودي مروان هوساوي برصيد 51 نقطة، بعدما قدم أداء متزنا جمع بين المهارة والقوة البدنية، وكان أحد أعمدة الأخضر السعودي في تخطي المباريات الصعبة. أما المركزان الرابع والخامس فكانا من نصيب كل من يوسف أوجلاف من قطر وإسماعيل الحيدي لاعب منتخبنا الوطني، إذ سجل كل منهما 47 نقطة، ليبرهنا على قيمتهما الهجومية العالية.

ومن جانب إحصائيات حائط الصد، فرض النجم القطري بلال أبونبوت نفسه كأفضل اللاعبين في دور المجموعات بعدما تصدر قائمة "أفضل حائط صد" بـرصيد 16 تصديا ناجحا، في أداء يعكس مستواه العالي وتمركزه الدقيق فوق الشبكة، وجاء في المركز الثاني الكويتي عبدالعزيز نجم بـ11 تصديا ناجحا، أما المركز الثالث فكان من نصيب اللبناني هادي إتر بـ10 تصيدات، واحتل المركز الرابع الكويتي يوسف الفاضلي بـ9 تصيدات ناجحة، مواصلًا وجوده بين نخبة اللاعبين الذين قدموا مردودا قويا على مستوى الإغلاق الدفاعي، في حين جاء السعودي محمد عادل خامسا بـ8 تصيدات ناجحة، وكان أحد أبرز ركائز الدفاع في المنتخب السعودي.

البحرين الأكثر في تسجيل نقاط إرسال

برز منتخب البحرين كأقوى المنتخبات على مستوى الإرسال في دور المجموعات من البطولة بعدما تصدر قائمة أكثر الفرق تحقيقًا لنقاط مباشرة من الإرسال برصيد لافت بلغ 22 نقطة، ويعد هذا الرقم دليلا واضحا على الفاعلية الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو البحرين في تنفيذ الإرسال الساحق والدقيق، والذي كان أحد أبرز الأسلحة التي استخدمها المنتخب في فرض ضغط مباشر على الفرق المنافسة، وتحقيق أسبقية مبكرة في العديد من الأشواط. ويعود هذا التميز إلى تنوع أساليب الإرسال لدى المنتخب البحريني، ما بين الإرسال القوي من فوق الرأس والإرسال الموجه القصير، إلى جانب قدرة اللاعبين على الاستفادة من الثغرات الدفاعية للخصم واستهداف أضعف مستقبل في صفوفهم، وقد ساهم ذلك في تحقيق العديد من النقاط المباشرة التي أرهقت خطوط الاستقبال لدى الخصوم ومنحت البحرين أفضلية معنوية وفنية في مجريات اللعب. وفي المركز الثاني جاء منتخب السعودية برصيد 9 نقاط إرسال، متفوقا بفارق ضئيل على منتخبي الكويت ولبنان اللذين حصلا على 8 نقاط لكل منهما، ما يشير إلى تقارب نسبي في مستوى القوة الضاربة للإرسال بين هذه المنتخبات، وإن كانت دون مستوى البحرين الذي تفوق بفارق واضح، أما منتخب الأردن فحل خامسا برصيد 6 نقاط من الإرسال، في مؤشر على أهمية تطوير هذا الجانب التكتيكي الحاسم في المباريات.

المصدر: لجريدة عمان