بين الجمود والكارثة الإنسانية: مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة الى أين؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
الدوحة"أ.ف.ب": تتواصل في الدوحة منذ السادس من يوليو مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في مسعى من الوسطاء الدوليين لإنهاء حرب دخلت شهرها الحادي والعشرين، وسط أزمة إنسانية تتفاقم على وقع عمليات عسكرية متواصلة.
وتصطدم محاولات تحقيق وقف دائم لإطلاق النار بعقبات كبيرة في ظلّ تمسّك الطرفين بمواقفهما، ولم تصمد هدنتان سابقتان تمّ التوصل إليهما في نوفمبر 2024 و يناير الماضي.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية امس أن المبعوث ستيف ويتكوف سيتوجّه إلى الشرق الأوسط لعقد محادثات، "وأمله كبير بأن نطرح وقفا جديدا لإطلاق النار وممرا إنسانيا لدخول المساعدات".
وإذ تتأرجح المفاوضات الحالية بين التفاؤل والانهيار، يقف سكان غزة على أعتاب مجاعة في ظل تقييد إسرائيل دخول المساعدات منذ أشهر. وأكدت الأمم المتحدة أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية داخل القطاع المحاصر.
وفي ظل التدهور الحاد في الأوضاع الإنسانية، لا يزال السؤال نفسه مطروحا: -هل يرى الاتفاق بين الطرفين النور؟ ، وماذا يريد الطرفان؟ لا تزال الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار تراوح مكانها عمليا.
تستند المبادرة الحالية إلى اقتراح هدنة مؤقتة لمدة 60 يوما، يتخللها الإفراج بشكل تدريجي عن رهائن محتجزين في قطاع غزة، في مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
لكنّ الجانب الفلسطيني يؤكد أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تربط وقفا نهائيا للعمليات العسكرية بتفكيك البنية العسكرية لحماس.
وعطّلت هذه المواقف الجهود الجارية في الدوحة والتي باتت تتركّز حاليا بشكل أساسي على وضع إطار تفاوضي يقول الوسيط القطري إنها لا تزال في مراحلها الأولى قبل انطلاق المفاوضات الفعلية أصلا.
ويقول الباحث في معهد العلوم السياسية في باريس كريم بيطار لوكالة فرانس برس "الحقيقة القاسية والصادمة هي أنه لأسباب سياسية داخلية، لا يملك (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتانياهو ولا قادة حماس في غزة مصلحة في التوصل إلى نتيجة سريعة ووقف شامل لإطلاق النار، لأن كلا منهما سيضطر للإجابة على أسئلة جدية من جمهوره الداخلي".
- ماذا عن الواقع الميداني؟ - يعقّد الواقع الميداني المشهد التفاوضي بشكل كبير. إذ تواصل إسرائيل عملياتها في مناطق مختلفة من القطاع المحاصر.
ووسّع الجيش الإسرائيلي الاثنين عملياته إلى منطقة لم يسبق أن شهدت عمليات برية منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، غداة إصداره إنذارا للسكان بإخلائها.
ويساهم ذلك في تعقيد العراقيل اللوجستية بالنسبة لحماس. ويقول بيطار إن هناك "جوانب فنية يصعب تجاوزها، بسبب الانفصال المتزايد بين قيادة حماس في غزة والمفاوضين في الدوحة".
وذكرت تقارير إسرائيلية أن قادة حماس في الدوحة لم يتمكنوا حتى الآن من التواصل المباشر مع القيادة العسكرية في غزة للمصادقة على الخرائط والآليات التنفيذية للمقترح.
ورغم الجمود الظاهر، لم يعلن الوسطاء فشل المبادرة أو المحادثات عموما.
ويرى محلّل شؤون الشرق الأوسط في "كينغز كولدج لندن" أندرياس كريغ أن المحادثات "تتقدّم من الناحية التقنية، لكنها من الناحية العملية تقترب من طريق مسدود"، ذلك أن "ما هو مطروح حاليا على الطاولة هو عمليا صفقة تبادل أسرى جديدة، وليس اتفاقا حقيقيا لوقف إطلاق النار".
ويعتبر كريغ أن حماس تواجه ضغوطا شديدة. "فمن جهة، تحتاج إلى تحقيق مكاسب ملموسة، لا سيما منها وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي، لتبرير تقديم أي تنازلات". ومن جهة أخرى، "تواجه أوضاعا إنسانية متدهورة بشكل متسارع في غزة. وربما تنشغل القيادة بمناقشة مدى إمكانية القبول بتسوية لا تبدو كاستسلام سياسي".
- هل يغيّر الوضع الإنساني المسار؟ تتفاقم الكارثة الإنسانية بسرعة. وبات فلسطينيو القطاع المحاصر من إسرائيل الذين يتخطّى عددهم المليونين على شفا المجاعة بعد أكثر من 21 شهرا من الحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحماس على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر 2023.
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور محمد أبو سلمية امس الاول إن 21 طفلا توفوا بسبب سوء التغذية والمجاعة في مختلف مناطق قطاع غزة، وذلك مع بلوغ الكارثة الإنسانية مستويات غير مسبوقة من الجوع.
وقالت الأمم المتحدة امس الاول إن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات في غزة منذ نهاية مايو، غالبيتهم كانوا بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وحذّرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية الأربعاء من خطر تفشّي "مجاعة جماعية" في غزة، ودعت الى فتح كلّ المعابر البرية، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إليه.
ويرى كريغ أن حماس تواجه أيضا "ضغوطات متزايدة في صفوف السكان، ما قد يدفعها إلى قبول اتفاق مؤقت لتخفيف المعاناة".
لكن بيطار يرى أنه "ما لم تمارس الولايات المتحدة وقطر ضغطا كبيرا بشكل ملموس على إسرائيل، فأخشى أن هذه الجولة من المفاوضات ستفشل مثل الجولات السابقة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لإطلاق النار فی الدوحة حماس فی أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
ويتكوف يسحب الوفد الأمريكي من مفاوضات الدوحة.. سندرس خيارات بديلة لإعادة الأسرى
قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إنه قرر إعادة الفريق الأمريكي لإجراء مشاورات، بعد الرد الأخير من حركة حماس بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة.
وذكر ويتكوف في تصريحات له، الخميس، أنه "من المؤسف أن تتصرف حماس بهذه الطريقة الأنانية" حسب زعمه، مؤكدا أن واشنطن "ستدرس خيارات بديلة لإعادة الأسرى الإسرائيليين، ومحاولة تهيأة بيئة أكثر استقرارا لسكان غزة".
وأضاف: "حماس يبدو أنها غير منسقة ولا تبدي حسنة نية رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء (..)مصممون على إنهاء هذا الصراع وتحقيق سلام دائم في غزة".
خطوة إسرائيلية مماثلة
بالتزامن، أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بينامين نتنياهو أنه في أعقاب الرد الذي قدّمته حركة حماس صباح الخميس، تقرر إعادة فريق المفاوضات لإجراء مشاورات إضافية في "إسرائيل".
وقال المكتب في بيان مقتضب: "نحن نُقدّر جهود الوسطاء، قطر ومصر، وكذلك جهود المبعوث ويتكوف لدفع المحادثات".
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مصدر مشارك في المفاوضات، أن "المحادثات لم تنهار، بل هي خطوة منسقة بين جميع الأطراف.. هناك قرارات مصيرية يجب اتخاذها، ولذلك عاد الوفد لمواصلة المشاورات، ولا يزال الزخم إيجابيًا".
ما موقف حماس؟
ولم تعلق حماس بعد على ما صرح به ويتكوف، لكنها أعلنت الخميس أنها سلمت الوسطاء ردّها على مقترح إسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يوما، في إطار المفاوضات غير المباشرة الجارية بين الطرفين في قطر.
وقالت الحركة في بيان، إن "حركة حماس سلّمت قبل قليل، للإخوة الوسطاء، ردّها وردّ الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار”.
وفي وقت سابق نقلت رويترز عن مصدرين فلسطينيين مطلعين قولهما، إن حماس سلّمت الوسطاء ردّها على مقترح الهدنة وضمّنته تعديلات تشمل ضمانات لوقف إطلاق نار دائم مع الاحتلال.
وأضاف أحد المصدرين، أن "حماس سلمت وفصائل المقاومة اليوم للوسطاء الرد على المقترح المقدّم لها من الوسطاء مع تضمينه تعديلات للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم".
وأوضح، أن "رد حماس عالج بشكل رئيسي ملف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وخرائط الانسحاب العسكري الإسرائيلي من القطاع، وضمانات الوصول إلى وقف الحرب بشكل دائم".
كما قال مسؤول فلسطيني مطّلع على المفاوضات أن رد حماس كان إيجابيا مؤكدا مضمون كلام المصدر الأول.
وأوضح المسؤول أن رد حماس “يتضمّن أيضا المطالبة بتعديلات على خرائط الانسحاب الإسرائيلي”، مشيرا إلى أن الحركة طالبت بأن تنسحب القوات الإسرائيلية من التجمعات السكنية وطريق صلاح الدين (الواصل بين شمال القطاع وجنوبه)، مع بقاء قوات عسكرية كحد أقصى بعمق 800 متر في كافة المناطق الشرقية والشمالية الحدودية للقطاع.
كما طالبت حماس "بزيادة عدد المفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات المؤبدة والعالية مقابل كل جندي إسرائيلي حي"، وفق المسؤول نفسه.