تشهد المفاوضات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حالة من التعقيد المتزايد إثر قرار إسرائيل الانسحاب من المحادثات الجارية في الدوحة، وسط تصاعد الاتهامات المتبادلة حول مسؤولية تعثر المسار التفاوضي.

وبحسب المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية توماس ووريك فإن هذا الانسحاب تكتيك تفاوضي معتاد في المفاوضات رفيعة المستوى، حيث ينسحب أحد الأطراف لحين إبداء الطرف الآخر تنازلات.

وأكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر تنتظر من حماس تغيير موقفها، خاصة فيما يتعلق بعدد السجناء الفلسطينيين المطلوب إطلاق سراحهم وإصرار حماس على إنهاء الحرب.

ولفت المسؤول الأميركي السابق إلى أن إسرائيل لن تغير موقفها من ضرورة تخلي حماس عن موقعها القيادي في غزة وإلقاء سلاحها، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصر على هذا الموقف، في الوقت الذي تبدو المفاوضات كأنها لا تحقق أي تقدم حقيقي في الوقت الراهن.

ووجّه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف انتقادات إلى حماس متهما إياها بالأنانية، وعدم الرغبة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في القطاع.

وأضاف أن بلاده تدرس حاليا خيارات بديلة لإعادة الأسرى إلى ديارهم، وأنه تقرر إعادة فريق التفاوض الأميركي من الدوحة بعد رد حماس الأخير.

وفي السياق نفسه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية إنه لن يقبل من حماس أن تفرض شروط استسلام على إسرائيل.

وأعلن مكتب نتنياهو أن رد حركة حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة، قيد الدراسة حاليا، وأنه تقرر إعادة فريق المفاوضات الإسرائيلي من الدوحة للتشاور.

رفض الاتهامات الأميركية

ومن جهته، طرح الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد وجهة نظر مختلفة تماما، ترفض الاتهامات الأميركية الموجهة لحماس بعدم حسن النية وعدم التنسيق.

إعلان

واستشهد زياد بتصريح لأحد المطلعين على المفاوضات يؤكد أن حماس قدمت ردا إيجابيا ومرنا حول موضوع إعادة الانتشار وتبادل الأسرى، مشيرا إلى التناقض في التصريحات الأميركية.

واعتبر زياد أن هذا الاضطراب في التصريحات الأميركية يهدف إلى التهيئة لظروف سلبية قبيل زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى البيت الأبيض.

وأكد أن حماس أبدت مرونة كبيرة في عدة ملفات، بما في ذلك تنازلها عن 8 أسرى جنود في اليوم الأول وتقديم إيجابية أكبر في ملفات الانتشار والمساعدات ووقف إطلاق النار.

ومن زاوية أخرى، أشار الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إلى أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر -الذي يرأس الوفد الإسرائيلي المفاوض- شخص عاش معظم حياته في الولايات المتحدة ومتأثر باليمين الأميركي المحافظ.

وأوضح أن ديرمر لا يفهم التجربة الإسرائيلية التاريخية ويعتبر موضوع الأسرى الإسرائيليين في غزة أولوية ثانوية مقارنة بأهداف الحرب المركزية.

وكشف الخبير في الشأن الإسرائيلي أن عائلات الأسرى الإسرائيليين تحمل ديرمر المسؤولية عن تعثر المفاوضات، لأنه يركز على تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حكم حماس وليس على إنقاذ الأسرى، لافتا إلى أن نتنياهو أوكل لديرمر رئاسة الوفد بعدما كان رئيس الموساد هو المسؤول عن هذا الملف.

مأزق إسرائيل

ويرى زياد أن إسرائيل تواجه مأزقا حقيقيا ولا تملك خيارات بديلة فعالة، مؤكدا أنها جربت كل الوسائل العسكرية مع غزة دون تحقيق نتائج حاسمة، لافتا إلى أن إسرائيل ستضطر للعودة إلى طاولة المفاوضات لأنها لا تملك القدرة على كسر الإرادة الفلسطينية.

وفيما يتعلق بطول فترة بقاء الوفد الإسرائيلي في الدوحة، والتي بلغت 18 يوما، أوضح زياد أنها فترة غير مسبوقة في سلسلة المفاوضات منذ بداية الحرب، واعتبر أن هذا يدل على أن إسرائيل لا تملك أن تعلن انهيار المفاوضات، أمام مرونة حماس.

ويواجه نتنياهو مأزقا مزدوجا، فهو من جهة يريد صفقة لإنهاء الحرب لعدم وجود أفق عسكري واضح، ومن جهة أخرى يخاف من أن هذه الصفقة ستؤدي إلى انهيار حكومته، وفقا لمصطفى، خصوصا عقب تصاعد الخطاب الإسرائيلي حول التهجير في الأيام الأخيرة، معتبرا أن اليمين الإسرائيلي يحاول الضغط على نتنياهو.

ويجيب ووريك عن سؤال حول الخيارات البديلة للمفاوضات بأنه لا يعرف على وجه اليقين ما يدور في خاطر المسؤولين، لكنه يرجح أن تشمل عمليات عسكرية لإنقاذ الأسرى أو صفقات جانبية مع فصائل أخرى.

ويؤكد زياد أن حماس تواجه خيارين سيئين وليس خيارا حسنا وآخر سيئا، مشيرا إلى أن ما يُعرض على الحركة هو وصفة للانتحار والاستسلام، وحذر من أن معظم الشعب الفلسطيني في غزة يدرك أن الخريطة المعروضة تعني هلاكهم المحقق، ولذلك يفضلون الصمود رغم المأساة الشديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات أن إسرائیل فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل كان الانسحاب الأمريكي الإسرائيلي من مفاوضات غزة منسقا وما أهدافه؟

قال خبير في الشؤون الإسرائيلية، إن تصريحات المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بشأن إعادة الوفد الأمريكي من الدوحة، عقب خطوة إسرائيلية مماثلة، تمثل "مناورة سياسية" تهدف إلى التأثير على المفاوضات الجارية.

وأوضح سليمان بشارات أن الخطوة الأمريكية–الإسرائيلية، وإعادة وفديهما من مفاوضات الدوحة، منسقة أمريكيا وإسرائيليا وجاءت بعد لقاء المبعوث الأمريكي، ستيف وويتكوف، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر.

وشدد الخبير في حديث خاص لـ"عربي21" على أن أهدافا إسرائيلية أمريكية مشتركة وراء هذا الانسحاب، المنسق، والذي يستهدف ابتزاز المقاومة، منها:


"ابتزاز حماس"
أولا، أن إسرائيل والولايات المتحدة باتوا يعتقدون إن إدارة حماس والمقاومة للمفاوضات، إدارة لا يمكن المراوغة فيها، بمعنى أن كل ما طرح على طاولة المفاوضات من ضغوط ومن محاولة ابتزاز وضغط يمارس على المقاومة في الميدان سواء بعمليات القتل والإبادة أو عمليات التجويع لم تجعل المقاومة تذهب إلى القبول التام بما هو مطروح إسرائيليا وأمريكيا، ولم تفرض على المقاومة حالة من الاستسلام.

 وعليه، فإن قدرة المقاومة الفلسطينية على التفاوض تحت كل هذا الضغط وعدم الاستسلام أو القبول التام، دفع ويتكوف وحكومة نتنياهو للذهاب إلى مناورة من خلال سحب الوفد المفاوض، على اعتبار أن هذه الخطوة يمكن أن تشكل ضغطا يمارس من قبل الشارع الفلسطيني وحالة انتقاد للمقاومة، والتي يمكن أن تصبح في مربع حرج أمام الشعب الفلسطيني ويدفعها إلى تقديم مزيد من التنازلات. 

وتوقع بشارات أن يصاحب ذلك خلال الأيام المقبلة مزيدا من الضغط العسكري والاستهدافات وعمليات التجويع الإضافية داخل غزة، للضغط على المقاومة الفلسطينية. 

"عدم تحقيق صورة النصر"
ثانيا، إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يرون أن عدم قبول حركة حماس بشكل كامل بما هو مطروح على الطاولة الآن دون إبداء أي ملاحظات بمثابة هزيمة لـ"إسرائيل"، أو على أقل تقدير عدم تحقيق صورة النصر التي تبحث عنه حكومة نتنياهو وتدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي هذا الأمر يجعل "إسرائيل" بعد عامين من الحرب في حالة فشل استراتيجي خصوصا أنها استطاعت أن تقدم نموذجين لاتفاقيات مع حزب الله وإيران وكلاهما قدمتهما "إسرائيل" على أنهما انتصارا كاملا بغض النظر عن تفاصيلهما.

في المقابل، تبدو المقاومة متمترسة خلف شروط، نهاية الحرب، والانسحاب شبه الكامل من قطاع غزة، ووقف عمل المؤسسة الأمريكية الإسرائيلية للمساعدات لصالح عودة عمل المؤسسات الأممية، إضافة إلى اشتراط فتح معبر رفح الحدودي أمام حركة المسافرين في الاتجاهين، ومفاتيح عملية التبادل. كل ذلك يجعل "إسرائيل" تراوح في المربع الأول من الحرب، أي المقاومة باقية ولم يتم القضاء عليها.


"ضغط الوسطاء"
ثالثا، محاولة تفعيل أدوات الضغط من قبل الوسطاء، فالولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" تعتقدان أن حركة حماس والمقاومة الفلسطينية من شأنها أن تضعف أمام ضغوط قد تمارس عليها من الوسطاء، وسحب الوفدان يبدو أنه مرتبط بهذا الهدف أيضا.

في المقابل يرى بشارات أن سحب الوفد له ارتدادات داخلية إسرائيلية، فعائلات الأسرى وشريحة واسعة من الإسرائيليين انتقدوا هذه الخطوة، وأصبحوا يطالبون بصفقة كلية تعيد كافة الأسرى، حتى لو كانت على حساب نهاية الحرب في غزة.

وأضاف: " المجتمع الاسرائيلي والمؤسسة الأمنية والعسكرية وفئات أخرى في المجتمع الإسرائيلي باتت كلها تعبر عن عدم رغبتها باستمرارية الحرب.

وكانت حركة حماس، عبرت عن استغرابها من تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف السلبية من موقف الحركة.

وأشارت إلى أن تصريحات ويتكوف جاءت في الوقت الذي عبر فيه الوسطاء عن ترحيبهم وارتياحهم لموقفها "البناء والإيجابي".

وأوضحت أنها تعاملت منذ بداية المسار التفاوضي بكل مسؤولية وطنية ومرونة عالية في كل الملفات.
 
وأضافت في بيان، أنها حرصت على التوصل لاتفاق يوقف العدوان وينهي معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، مبينة أنها قدمت الرد الأخير بعد مشاورات موسعة مع الفصائل الفلسطينية والوسطاء والدول الصديقة.

وقالت في البيان، "تعاملنا بإيجابية مع كل الملاحظات التي تلقيناها بما يعكس التزاما صادقا بإنجاح جهود الوسطاء.

وأردفت، أن موقف الحركة الذي قدمناه للوسطاء يفتح الباب أمام الوصول إلى اتفاق كامل، مؤكدة أنها حرصت حرصنا على إكمال المفاوضات والانخراط فيها بما يذلل العقبات ويوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار الدائم.

وقال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إنه قرر إعادة الفريق الأمريكي لإجراء مشاورات، بعد الرد الأخير من حركة حماس بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة.

وذكر ويتكوف في تصريحات له، الخميس، أنه "من المؤسف أن تتصرف حماس بهذه الطريقة الأنانية" حسب زعمه، مؤكدا أن واشنطن "ستدرس خيارات بديلة لإعادة الأسرى الإسرائيليين، ومحاولة تهيأة بيئة أكثر استقرارا لسكان غزة".

بالتزامن، أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بينامين نتنياهو أنه في أعقاب الرد الذي قدّمته حركة حماس صباح الخميس، تقرر إعادة فريق المفاوضات لإجراء مشاورات إضافية في "إسرائيل".

وأكدت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مصدر مشارك في المفاوضات، أن "المحادثات لم تنهار، بل هي خطوة منسقة بين جميع الأطراف.. هناك قرارات مصيرية يجب اتخاذها، ولذلك عاد الوفد لمواصلة المشاورات، ولا يزال الزخم إيجابيا".

مقالات مشابهة

  • هل كان الانسحاب الأمريكي الإسرائيلي من مفاوضات غزة منسقا وما أهدافه؟
  • حماس والجهاد ينتقدان تصريحات ويتكوف ويؤكدان حرصهما على المفاوضات
  • هكذا رد نتنياهو على تصريح ماكرون بشأن الدولة الفلسطينية
  • نتنياهو : نعمل على انجاز صفقة لاستعادة الأسرى من غزة
  • ويتكوف يسحب الوفد الأمريكي من مفاوضات الدوحة.. سندرس خيارات بديلة لإعادة الأسرى
  • تعليق مفاوضات هدنة غزة.. ونتنياهو يستدعي المفاوضين
  • عودة الوفد الإسرائيلي لـالتشاور واتخاذ قرارات مصيرية بعد رد حماس
  • صحف عالمية: إسرائيل تواجه غضبا عالميا وترامب يظل ممتنعا عن استخدام نفوذه
  • غزة عاصمة الأوهام الإسرائيلية: حرب بلا نهاية؟