عربي21:
2025-07-26@01:39:33 GMT

الجوع في غزة يهدد عرش السيسي

تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT

ليست مبالغة، إذا اعتبرنا تجويع الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، هو أخطر ما يهدد عرش الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في هذه الآونة، رغم تراكم الأزمات الداخلية، بين سياسية تتعلق بالحريات وارتفاع أعداد المعتقلين، واقتصادية، تتعلق بارتفاع أسعار السلع، وصعوبة الحياة عموماً، واجتماعية، حيث انخفاض مستوى الأمان، نتيجة ارتفاع مستويات العنف والبلطجة من جهة، وانتشار المخدرات بين الشباب من جهة أخرى، وغيرها كثير، إلا أن استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، وما يرافقها حالياً من حرب تجويع، تصدرت المشهد المصري بجدارة، وخسر معها السيسي الكثير.



لا جدال في أن المسؤولية الأولى عن الجوع الحاصل في القطاع تقع، بعد كيان الاحتلال بالطبع، على عاتق مصر، بحكم أنها تمثل الحدود البرية الوحيدة هناك، خصوصاً بعدما رأينا مؤخراً قوات الاحتلال تجتاز الحدود السورية، بزعم إنقاذ الطائفة الدرزية، ما جعل الشارع المصري يطرح على الفور تساؤلاً مهماً هو: ألم يكن الأَولى بقواتنا المسلحة اجتياز الحدود مع القطاع لإنقاذ شعب غزة من الجوع والإبادة، في الوقت الذي بدا فيه توافق دولي- عربي، حول استمرار الإبادة والتجويع، نزولاً على تفاهمات بنيامين نتنياهو، مع دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة.

طوابير الشاحنات المحملة بالأغذية، المتوقفة منذ بضعة أشهر أمام معبر رفح في الأراضي المصرية، شاهد عيان، على تواطؤ المجتمع الدولي، وتمثل في الوقت نفسه مأزقاً أخلاقياً وإنسانياً مصرياً، تجاه الأشقاء الفلسطينيين، ناهيك من كونها أزمة دينية وعروبية، خصمت من رصيد السيسي لدى أنصاره بشكل خاص، ناهيك من خصومه الذين وجدوا الفرصة سانحة، لتصعيد القضية لدى الرأي العام، سواء من خلال «السوشيال ميديا»، أو القنوات التلفزيونية التي تبث من الخارج، ما يضع النظام في موقف حرج، لم تعد تجدي معه تبريرات غير مقنعة، أو وعود دون المستوى، خصوصاً بعد حجب بيان الأزهر الأخير في هذا الشأن.

وربما كان هذا المأزق، بمثابة مبرر كاف، للرأي العام، حين استقبل بالسخرية والتكذيب، بيان وزارة الداخلية، حول الإجهاز على خلية إرهابية، تحت اسم (حسم)، كانت تستهدف مسؤولين بالاغتيال، قال البيان إن إعداد الخطط والتوجيهات بشأنها، صدرت من قيادات إخوانية في تركيا، خصوصاً أن البيان جاء بعد أكثر من عشرة أيام من العملية، ما يشير – كما رأى المراقبون- إلى أن النظام يبحث عن اختلاق قضايا، تهدف إلى التشويش على قضية الإبادة والجوع في غزة، حتى لو استدعى الأمر قضايا من شأنها التأثير على السياحة والاستثمار والأمن وغيره. على الجانب الآخر، إذا كان هناك من بين فصائل «الإخوان المسلمون» من قرر العودة إلى العنف والاغتيالات في هذا التوقيت، فإن التفسير الطبيعي، هو أنهم استغلوا حالة الضجر والاستياء الشعبي من الموقف الرسمي تجاه غزة، لتنفيذ مخططاتهم، ظناً منهم أنهم سيكسبون تعاطف الرأي العام، وهي ظنون أساءت التقدير، ذلك أن الرأي العام في مصر، يرفض تماماً العودة إلى العنف أو الإرهاب.

رغم ذلك، فاستمرار رهان الرئيس المصري، على حالة الوعي الشعبي هذه، رهان في غير محله، ذلك أن حالة الرفض للموقف الرسمي تتصاعد يومياً، في ضوء تزايد حالات القتل، والموت جوعاً في القطاع، ما كان يحتم اتخاذ مواقف على مستوى المسؤولية، تعيد مصر إلى حجمها الطبيعي التاريخي، وثقلها السياسي بالمنطقة، بعد انسحابها، لحساب أدوار ناشئة، كان من المهم أن تظل ثانوية، حتى لا تعبث بشؤون الأمة العربية، إلى الحد الذي تخلت معه عن أهم قضية في تاريخها، التي كانت قضية العرب الأولى ذات يوم، لما لها من خصوصية دينية وثقافية وتاريخية، ناهيك من كونها قضية إنسانية وأخلاقية.. ويمكن توصيف الخيارات أمام الموقف المصري الرسمي في الآتي:

أولاً: منذ أكتوبر 2023 مع بدء عملية طوفان الأقصى، وما بدا من نية كيان الاحتلال نحو الإبادة، تجاه الأشقاء الفلسطينيين، كان يمكن قطع العلاقات تماماً مع الكيان، الدبلوماسية منها، والاقتصادية، والأمنية، وإغلاق الحدود أمام آلاف النازحين الإسرائيليين تجاه مصر، هرباً من الحرب، أو بهدف السياحة، أو أي شيء آخر.

ثانياً: الأرقام تؤكد ارتفاع نسبة الصادرات المصرية إلى الكيان بنسبة 95.6% منذ بدء الحرب، بسبب تعطل ميناء إيلات على البحر الأحمر، نتيجة قصف الحوثيين، إضافة إلى توقف العمل بمطار بن غوريون في أوقات عديدة للسبب نفسه، بما يعني أن الصادرات المصرية أصبحت طوق نجاة لكيان الاحتلال، ما كان يوجب اتخاذ موقف مغاير.

ثالثاً: جاء تشغيل الخط البري، المتجه إلى الكيان، على مدار الساعة، الإمارات-السعودية – الأردن، كطوق إنقاذ آخر، كان على مصر الاعتراض عليه، على اعتبار أنها الأكثر استهدافاً من مخطط تغيير خريطة الشرق الأوسط، الذي يؤكد عليه رئيس حكومة الكيان طوال الوقت، والذي يبدأ من الإصرار على تهجير أبناء غزة إلى سيناء، مروراً بالأطماع الصهيونية فيها، وغيرها كثير.

رابعاً: كان على مصر عدم السماح باحتلال محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على امتداد الحدود مع القطاع، إعمالاً للاتفاقيات المبرمة بين البلدين من جهة، وحماية للشعب الفلسطيني في رفح من جهة أخرى، إضافة إلى رفض سيطرة قوات الاحتلال على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، الأمر الذي كان سيحد من جبروت الاحتلال في أنحاء القطاع .

خامساً: يجب الوضع في الاعتبار أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، رفض الخضوع للمطالب الأمريكية- الإسرائيلية، بإغلاق الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة، وقال في أكثر من مناسبة علناً: كيف نغلقها وليس أمامهم أية وسيلة للحصول على الطعام سوى الأنفاق، إلا أن إصرار السيسي على إغلاق الأنفاق، وإقامة أكثر من سياج على الحدود، وغمرها بمياه البحر، جاءت جميعها بمثابة طعنات للشعب الفلسطيني والمقاومة في آن واحد.

سادساً: تبقى قضية الغذاء والماء والدواء والوقود، المكدسة، ما بين طوابير شاحنات في رفح المصرية، ومستودعات تابعة لـ»الأونروا» في مدينة العريش، لتضيف إلى علامات الاستفهام على الموقف المصري، رغم حالة الجوع غير المسبوقة في التاريخ، التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، ما كان يستدعي موقفًا مصرياً على مستوى المسؤولية، أياً كانت النتائج، وأياً كانت التكلفة، حتى لو استدعى الأمر مواجهة مباشرة مع كيان الاحتلال، لأننا نتحدث عن شعب واحد، بالمصاهرة والنسب والقبيلة والعشيرة، والمستقبل الواحد أيضاً، مع الوضع في الاعتبار أن الموقف السياسي المصري في حد ذاته، كان سيغير الكثير على أرض الواقع دون مواجهات.

سابعاً: إغلاق الحدود المصرية أمام متطوعين من أنحاء العالم، لمناصرة الشعب الفلسطيني، كما في الحالة الأفغانية خلال سنوات الاحتلال السوفييتي، والحالة الروسية الأوكرانية حالياً، وإغلاقها أيضاً أمام استنفار شعبي وعشائري مصري، يجعل الموقف المصري مناصراً ومؤيداً، بل حامياً لكيان الاحتلال، الأمر الذي لن يغفره التاريخ، في الحاضر أو المستقبل.

أعتقد أن النظام السياسي في مصر، يعيش أزمة أخلاقية، أكثر من كونها أزمة سياسية، جعلت الاتهامات تحوم حوله، بالكثير من الشبهات، التي كان في غنى عنها، خصوصاً بعد أن تحطمت أسطورة جيش الاحتلال، على أيدي مجموعات من الشباب، لم تحصل على دراسات عسكرية بأعتى الكليات، ولم تتلق تدريبات بأفضل المعسكرات، ولم تحصل على أسلحة من أحدث المصانع، ولا تمتلك تكنولوجيا العصر، وهو ما قدم خدمة جليلة للموقف المصري، كان عليه استغلالها، خصوصاً إذا علمنا أن الكيان الغاصب، سيظل يمثل تهديداً للمنطقة ككل، ومصر بشكل خاص، مادام استمر في أرض مغتصبة.

أصبح واضحاً أن النظام السياسي في مصر، استنفد كل سبل الالتفاف الشعبي، بدءاً من الوعود بالحياة الأفضل، بعد عامين أو شهرين أو أسبوعين، كما كان يعد دائماً، أو الوعود بالقوة الرادعة، كما كان يردد دائماً، الخط الأحمر في ليبيا، والحقوق في النيل مع إثيوبيا، أو الكرامة والسيادة مع إسرائيل، في الوقت الذي دبت فيه خلافات الأمن القومي والزعامة، مع كل من السعودية والإمارات، وأخرى مع الولايات المتحدة لأسباب مختلفة، إضافة إلى الاتهامات الأخيرة لتركيا برعاية الإرهابيين، إلا أن أزمة غزة، جاءت بمثابة القشة التي يمكن أن تقصم ظهر البعير، ممثلاً في عرش السيسي، وعلى العكس تماماً، يمكنها أن تعيد الالتفاف والاصطفاف، إن أحسن التعامل معها، نزولاً على رغبة الشارع.. فماذا تحمل الأسابيع القليلة المقبلة؟

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة المصري الاحتلال معبر رفح مصر غزة الاحتلال معبر رفح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من ما کان من جهة

إقرأ أيضاً:

"الخارجية" تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري العظيم بمناسبة ذكرى ثورة ٢٣ يوليو المجيدة

تقدمت وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، اليوم الأربعاء، بخالص التهاني إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وإلى الشعب المصري العظيم بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لثورة ٢٣ يوليو المجيدة.

وأعربت وزارة الخارجية عن اعتزازها بهذه المناسبة الوطنية الخالدة التي مثّلت محطة تاريخية فارقة أعادت رسم ملامح الدولة المصرية، ومهّدت الطريق نحو بناء وطن يقوم على قيم الكرامة والعدالة والاستقلال الوطني.

وبهذه المناسبة، نظّمت السفارات والقنصليات المصرية في الخارج سلسلة من الفعاليات والأنشطة لإحياء ذكرى ثورة يوليو، في أجواء تعكس الفخر الوطني والانتماء الراسخ للوطن.

وشارك في هذه الفعاليات عدد من كبار المسؤولين في دول الاعتماد، وأعضاء السلك الدبلوماسي، إلى جانب أبناء الجاليات المصرية، الذين حرصوا على التعبير عن تقديرهم العميق لما تمثله هذه الثورة من رمزية وطنية وتاريخية في مسيرة مصر الحديثة.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تنسحب من مفاوضات غزة وترامب يهدد حماس بالـموت
  • المجلس الوطني الفلسطيني يؤكد ثقته بالدور الريادي لمصر بقيادة الرئيس السيسي
  • نائبة: مصر دائما بالصفوف الأمامية لدعم الشعب الفلسطيني
  • الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان يبحثان الأوضاع في ليبيا وترسيم الحدود البحرية وحماية المقدسات
  • وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدد مجددا: سنفتح أبواب الجحيم على غزة إذا لم تبرم صفقة
  • نقيب المحامين يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو
  • وزير التعليم يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو
  • "الخارجية" تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري العظيم بمناسبة ذكرى ثورة ٢٣ يوليو المجيدة
  • وزارة الخارجية تهنئ الشعب المصري والرئيس السيسي بثورة 23 يوليو