السودان يواصل إعادة العالقين في الخارج ضمن برنامج العودة الطوعية
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
الخرطوم- بأنغامٍ نوبيةٍ قديمة، وخطوات مشتاقة لأرضِ الوطن، تقدمت سيدة سودانية تحمل في يدها علم السودان تلوِّح به أمام المنتظرين عند سُلّم الطائرة، تُبشِّر بمقدم مئات السودانيين العائدين من سلطنة عُمان ضمن برنامج العودة الطوعية الذي تتبناه الحكومة السودانية.
وحملت الرحلة القادمة من مطار مسقط إلى بورتسودان 120 من السودانيين العالقين هناك منذ أكثر من عام، بعد أن تقطعت بهم السُبل واستحالت ظروف إقامتهم هناك.
ينظر مهند أحمد بغرابةٍ إلى كل الوجوه المحتشدة بمطار بورتسودان، وكأن أقدامه تطأ أرض السودان للمرة الأولى، يشعر أن عامين من اغترابه في عُمان كأنها 20 سنة.
يغلبه الحديث تارة فيصمت محاولاً تهدئة مشاعره الهائجة، ثم يواصل مهند حديثه بغبطة "إن شعور العودة للسودان إحساس غامر بالمحبة، يسبقه الشوق للأهل والأصدقاء، وجلسات القهوة".
ويردف مهند بعيون مغرورقة "أروع شعور هو العودة للوطن". ثم يلملم حقائبه على عجل، وكأنما يحث خطاه للوصول إلى المنزل سريعا، ويستدرك: "أخبروني أن المغادرة خلال 12 ساعة فقط، لم يكن الوقت كافياً ولكني عُدت".
سيدة سودانية أخرى تسبقها ابتسامتها وهي بمطار بورتسودان، تلملم حقائبها، وتُعرِّف نفسها بأنها الطبيبة السودانية لمياء، وتقول: "في النهاية هي بلدنا، ونحن مَن نعمرها، كأطباء وأنتم كصحفيين، والعودة للسودان لم تكن قراراً سهلاً ولكن مع الاستخارة ارتحنا للعودة، ونحن اليوم هنا".
وتضيف لمياء، بينما تحاول ضم ابنيها الاثنين إليها "شعور السعادة يغمرنا بالعودة للسودان، وقد اُستجيبت دعواتنا"، مشيرة إلى أنها كانت تخاف من تعقيدات العودة الطوعية كونها عالقة في سلطنة عمان منذ عام ونصف عام برفقة أطفالها، إلا أن الأمر مضى بيسر.
وكانت الحكومة السودانية -حسب الإعلام السوداني الرسمي- أعلنت عن توجيه مجلس السيادة وإشراف منظومة الصناعات الدفاعية لإعادة نحو "3000 مواطن سوداني عالق في سلطنة عمان ضمن جهود طوعية لإعادتهم إلى أرض الوطن".
إعلانوقال مدير الخطوط الجوية السودانية، كابتن مازن العوض، في تصريح خاص للجزيرة نت، إن "مبادرة من وزارة المالية ووزارة النقل مع سودانيين كانت خيرا لكل مواطن سوداني عالق أراد العودة لبلاده".
وأشار إلى أن مبادرة العودة الطوعية تستهدف نحو "45 ألف" شخص عالق سوداني في العالم، وأن البداية كانت من إيران خلال الفترة الماضية، ثم مسقط تليها ليبيا ومع كل الدول حتى "إعادة آخر مواطن سوداني، وأن ذلك يُمثِّل الهدف الذي نعمل من أجله حالياً" لبناء سودان أفضل.
من جهته، قال وكيل وزارة النقل أبو بكر أبو القاسم، إن "مشروع العودة الطوعية للعالقين في عُمان يأتي بمبادرة من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء السودان كامل إدريس، وبدعم من وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم".
وأضاف في تصريح للجزيرة نت، "الرحلات ستتوالى من سلطنة عُمان إلى السودان خلال الأيام المقبلة لنقل كل السودانيين العالقين هناك"، ولفت إلى أن السودان استقبل، من قبل، السودانيين العائدين من دولة جنوب السودان بأكثر من 18 رحلة في إطار العودة الطوعية.
وأكد أبو القاسم أن "الحكومة السودانية مهتمة جداً بالسودانيين الموجودين بالخارج، وأن الجهود ستبذل لإعادة كافة العالقين من كل الدول"، وذلك بتعاون الجميع من مجلس السيادة ووزارة المالية ووزارة النقل مع الشعب السوداني.
من ناحيته، أكد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، معتصم أحمد صالح، أن رحلات العائدين إلى السودان تأتي في إطار التزام الدولة بدعم العودة الطوعية للبلاد، وأن مؤسسات الدولة تواصل جهودها بإعادة السودانيين إلى مسقط رؤوسهم في الولايات المختلفة.
ويقول للجزيرة نت، إن "وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ملتزمة بدعم العودة الطوعية؛ لأنها تعلم معاناة المواطنين السودانيين"، وأعلن أنه سيوجه كل الإدارات المختصة لدعم الأسر الفقيرة، وتعهد بالإسهام في عودة المواطنين إلى كل ولايات السودان".
أما سكرتير مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية، عبد اللطيف حسن آدم، فقال: إن الحكومة السودانية حرصت على الوقوف إلى جانب الشعب السوداني وعبر ناقلها الوطني استقبلوا الرحلة الثانية من سلطنة عُمان، وضمت 120عائدا، أغلبهم من العائلات، مشيرا إلى أنه تبقى 3 رحلات أخرى.
وأضاف للجزيرة نت، أن "وزير المالية السوداني رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية السودانية، وافق على إجلاء كل السودانيين العالقين في سلطنة عمان وكل الدول العربية ودول الجوار".
وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أعلنت -في وقت سابق- أن السودان قد شهد خلال 6 أشهر فقط، عودة أكثر من مليون سوداني، أغلبهم إلى ولايتي الجزيرة والخرطوم، وعاد من مصر وحدها ما يقارب "27 ألف" سوداني خلال يونيو/حزيران الماضي.
إعلان
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الحکومة السودانیة العودة الطوعیة وزارة النقل للجزیرة نت سلطنة عمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجنيه السوداني يتراجع إلى مستوى قياسي مع ارتفاع الواردات
سجّل الجنيه السوداني تراجعا قياسيا في السوق السوداء، وفق ما أفاد تجار الخميس، مع ارتفاع الواردات في البلد الذي يعاني الحرب وشح العملة الأجنبية.
وفي بورت سودان، أفاد تجار بتقلبات شديدة في أسعار العملة هذا الأسبوع، حيث انخفض الجنيه إلى 3000 مقابل الدولار الأميركي مقارنة ب2600 في بداية يوليو.
وقبل اندلاع القتال في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، كان سعر صرف الجنيه السوداني نحو 500 جنيه للدولار.
بدأ الانخفاض الأخير قبل نحو عشرة أيام، مدفوعا بما وصفه التجار بـ"ارتفاع حاد في الطلب على الدولار" لدفع ثمن الواردات الأساسية مثل الغذاء والوقود والأدوية.
ومع انهيار مؤسسات الدولة واستنزاف مصادر الدخل الرئيسية، يواجه السودان الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات، نقصا حادا في النقد الأجنبي.
وقال الخبير الاقتصادي هيثم فتحي لوكالة فرانس برس، "لقد جفّت المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية التي كانت تسهم في سد العجز بسبب الحرب".
وأشار إلى خسارة القروض الدولية والودائع الأجنبية وإيرادات نقل النفط والتحويلات المالية.
على الرغم من الحفاظ على سعر صرف رسمي عند 445 جنيها للدولار، فإن نفوذ البنك المركزي السوداني محدود في بلد انهار فيه جزء كبير من النظام المالي.
ومع شلل المصارف إلى حد كبير، يعتمد معظم السودانيين على الصرافين غير الرسميين.
وأدى الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه السوداني إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.
ومع بلوغ معدل التضخم رسميا 105 بالمئة والذي يرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير، أصبحت السلع الأساسية بعيدة المنال بالنسبة لمعظم السكان.
في ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، قالت الموظفة الحكومية آمنة حسن إن ميزانية أسرتها تتقلص أسبوعا بعد آخر.
وقالت لوكالة فرانس برس "في كل مرة يرتفع فيها الدولار، ترتفع الأسعار (...) حتى بالنسبة للسلع المنتجة محليا".
وأضافت "رواتبنا تفقد قيمتها. خسرنا كل شيء في هذه الحرب".
كان اقتصاد السودان هشّا أصلا قبل الحرب، معتمدا على رسوم عبور النفط من جنوب السودان، وصادرات محدودة ومساعدات خارجية. ومنذ اندلاع الحرب، انهارت حتى مصادر الدخل التقليدية.
وأجبر أكثر من 14 مليون سوداني على ترك منازلهم ودُمرت البنية التحتية وتعطلت الموانئ والمصارف والهيئات الحكومية.
في غضون ذلك، أُعلنت المجاعة في أجزاء من دارفور وجنوب السودان، حيث حذّرت وكالات الإغاثة من أن ملايين آخرين يواجهون خطر الجوع.