موقع النيلين:
2025-08-06@22:47:24 GMT

(الدولة الأعمق) والفساد الأكبر

تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT

رجل أعمال وثروة، عاد إلى السودان بعد سنوات من الغياب، تنقّل خلالها بأنشطته المالية بين دول عربية وغربية.

فاجأني بمعلومة بدت لي غريبة وصادمة. قال: هل تُصدّق أن الأرباح التي نُحققها في السودان لا يمكن الوصول إليها في أي دولة أخرى؟! وأضاف: الأرباح في السودان قد تتجاوز ٢٠٠٪، وهي نسبة يصعب بلوغها في معظم دول العالم.


ورغم ارتفاع درجة المخاطر، إلا أن الأرباح المغرية تدفعنا للمجازفة.

حين توسعت في النقاش معه، اكتشفت أن خلف هذه المفارقة سببان رئيسيان، مفارقة أن يكون السودان، بلد المعاناة والضائقة العامة، هو ذاته سودان الثراء والثروات والفرص لفئة محدودة، متلونة، عابرة للأنظمة السياسية.

السببان هما:
أولًا: الفساد، وعلاقات المصالح السرية بين بعض المسؤولين وكبار الموظفين ورجال المال.
وثانيًا:ضعف المؤسسية، وانعدام الكفاءة، وسوء القوانين، وما يترتب على ذلك من ثغرات تُستغل من قبل (فهلوية السوق).

كثير من التعاقدات الحكومية الكبرى، خاصة في المشاريع ذات التكلفة المالية العالية، تسببت في خسائر فادحة على خزينة الدولة، إما بسبب الفساد في الجانب الحكومي، أو نتيجة ضعف كفاءة المفاوض ومستشاريه، أو كليهما.
لكن أكثر ما أضر بمصالح الوطن هو تسييس قضايا الفساد، وابتذالها في معارك تشويه الخصوم وتصفية الحسابات.

كل الأنظمة السياسية المتعاقبة استخدمت هذا السلاح ضد خصومها.
حتى الرئيس السابق عمر البشير، في أيامه الأخيرة، استعمل سلاح “تسييس الفساد” ضد مناوئي ترشيحه داخل حزبه، عبر حملة “اصطياد القطط السمان”.
والحكومة الانتقالية الحمدوكية، عبر لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، سارت على الدرب نفسه، وبالنهج ذاته.

الفساد الأكبر هو ما لا يُفتح له ملف، ولا يُثار عنه حديث، في أي من الأنظمة والعهود.
الفساد الأكبر هو ما تمارسه الدولة الأعمق منذ الاستقلال حتى اليوم.

الدولة الأعمق هي التي فرضت على السيدين المهدي والميرغني، في الديمقراطية الثالثة، إبعاد الوزير المرحوم محمد يوسف أبو حريرة.
أُبعد ذلك المحامي الجسور من وزارة التجارة، لانحيازه لمصالح الشعب ضد مطامع التجار.
وحين سُئل رئيس الوزراء الصادق المهدي عن سبب إبعاده، أجاب بجملته الشهيرة: “وجد في الجو شطة فعطس”.

يأتي نظام ويذهب آخر، وهم على أبواب مصالحهم واقفون، يستقبلون القادمين بالورود، ويودعون الراحلين باللعنات.
لهم في احتواء السياسيين، وإفساد كبار الموظفين والمصرفيين، أساليب مجرّبة وخبرات متراكمة.
الدولة الأعمق هي تحالف كبار التجار ورجال المال مع السياسيين والمصرفيين وكبار الموظفين في أجهزة الدولة.

القوانين تُفصل لخدمتهم، والقرارات تُطبخ في مكاتبهم وقصورهم ومزارعهم، والمعلومات تصل إلى آذانهم أولًا بأول.
من يُصدّق أن الحكومات المتعاقبة، بكل أجهزتها، لم تكن تعلم من يتلاعب بسوق الدولار، ويُسقط قيمة الجنيه؟

كانت تعرفهم بالأسماء والعناوين، لكنها لا تجرؤ على الاقتراب منهم، فتكتفي بملاحقة صبية “البرندات”.
ستبقى الدولة الأعمق، في كل نظام، تمارس فسادها الأكبر، محمية بشبكة المصالح.
لا يطالها قانون، ولا تُرهبها إجراءات الطوارئ.

وكما يقول المثل الأمريكي: “القوانين كخيوط العنكبوت، تقع فيها الطيور الصغيرة، وتعصف بها الطيور الكبيرة”.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الإدارة المحلية تستقبل الموظفين المفصولين بسبب الثورة بدءاً من 10 آب

دمشق-سانا

أعلنت وزارة الإدارة المحلية والبيئة السورية اليوم أنها ستبدأ باستقبال الموظفين الذين تم فصلهمخلال فترة الثورة والمدرجين ضمن القوائم المعتمدة في ملف وزارة التنمية الإدارية بدءاً من يوم الأحد الموافق 10 آب الجاري ولمدة 20 يوماً.

ودعت الوزارة في بيان تلقت سانا نسخة منه جميع الموظفين المعنيين إلى المراجعة خلال الفترة المحددة، مصطحبين كل الوثائق المطلوبة مع التأكيد على الالتزام بالمواعيد لضمان سرعة إنجاز الإجراءات، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي في سياق جهود الوزارة لإعادة حقوق المواطنين المفصولين عن عملهم بسبب مشاركتهم في الثورة السورية المباركة.

وأشار البيان إلى أنه يمكن الاطلاع على أسماء المعنيين من خلال معرفات وزارة التنمية الإدارية وقناتها على تلغرام.

الموظفين الذين تم فصلهم زارة الإدارة المحلية والبيئة 2025-08-04Belalسابق “لم يخرج السجن منهم بعد”… ندوة في ثقافي حمص تناقش معاناة الناجين من الاعتقال نفسياً واجتماعياًآخر الأخبار 2025-08-04الإدارة المحلية تستقبل الموظفين المفصولين بسبب الثورة بدءاً من 10 آب 2025-08-04النقل السورية تبحث مع السفارة الألمانية التعاون في مجالات النقل الذكي والمستدام 2025-08-04حملة “شفاء 2” تنطلق في حلب… أطباء سوريون مغتربون يجرون عمليات جراحية نوعية 2025-08-04وزيرا الطاقة والمالية يبحثان تعديل تعرفة الكهرباء في سوريا 2025-08-04الصحة السورية تبحث مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع تعزيز التعاون 2025-08-04مترو دمشق على خط التنفيذ… مباحثات سورية إماراتية لإحياء المشروع الإستراتيجي 2025-08-04استئناف حركة دخول المواطنين إلى السويداء وخروجهم منها عبر بصرى الشام 2025-08-04وزارة الاقتصاد والصناعة السورية: السماح بتصدير الرصاص يدعم استمرار عمل مصانع الصهر 2025-08-04مشفى الكلية الجراحي بدمشق يتسلم 15 جهاز غسيل كلية متطوراً-فيديو 2025-08-04الوفد التقني لوزارة الخارجية والمغتربين يلتقي عضو المجلس الرئاسي في دولة ليبيا الشقيقة

صور من سورية منوعات واتساب يطلق ميزة تحديثات الحالة للمجموعات 2025-08-04 روبوت يلتحق ببرنامج دراسات عليا في الصين 2025-08-04
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • أكاذيب «سلطة بورتسودان».. محاولات يائسة لتغطية الإخفاقات الداخلية
  • السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!
  • السودان وإيران يتفقان.. مصائب الاستهداف تجميع المصابين
  • خلاف القوانين يعصف بجلسة اليوم.. عدد الحاضرين لا يكمل النصاب
  • النساء والأطفال يدفعون الثمن الأكبر.. تقرير دولي يوثق تدهور الوضع الصحي في السودان
  • بعد تشكيل حكومة حميدتي في دارفور.. هل بدأ التقسيم الفعلي للسودان؟
  • الإدارة المحلية تستقبل الموظفين المفصولين بسبب الثورة بدءاً من 10 آب
  • ستوسع العجز المالي.. تحذيرات من تداعيات أوامر ترفيعات وعلاوات الموظفين
  • الدبيبة: منظومة «راتبك لحظي» خطوة وطنية لحماية المال العام وإنصاف الموظفين الفعليين