قال العلماء إذا سها المصلي عن سجود السهو فانصرف من الصلاة دون سجود فإنه يعود إليه ويؤديه على التفصيل التالي:

فذهب الحنفية إلى أنه لا يسجد إن سلم بنية القطع مع التحول عن القبلة أو الكلام أو الخروج من المسجد، لكن إن سلم ناسيا السهو سجد ما دام في المسجد، لأن المسجد في حكم مكان واحد، ولذا صح الاقتداء فيه وإن كان بينهما فرجة، وأما إذا كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره أو يتقدم على موضع سترته أو سجوده سجد للسهو.

وأما المالكية: فقد فرقوا بين السجود القبلي والبعدي، فإن ترك السجود البعدي يقضيه متى ذكره، ولو بعد سنين، ولا يسقط بطول الزمان سواء تركه عمدا أو نسيانا، لأن المقصود «ترغيم الشيطان» كما في الحديث. وأما السجود القبلي فإنهم قيدوه بعدم خروجه من المسجد ولم يطل الزمان، وهو في مكانه أو قربه.

وقال الشافعية: إن سلم سهوا أو طال الفصل بحسب العرف فإن سجود السهو يسقط على المذهب الجديد لفوات المحل بالسلام وتعذر البناء بالطول.

وذهب الحنابلة إلى أنه إن نسي سجود السهو الذي قبل السلام أو بعده أتى به ولو تكلم، إلا بطول الفصل «ويرجع فيه إلى العادة والعرف من غير تقدير بمدة» أو بانتقاض الوضوء، أو بالخروج من المسجد، فإن حصل شيء من ذلك استأنف الصلاة، لأنها صلاة واحدة لم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل، كما لو انتقض وضوءه وإن سجد للسهو ثم شك هل سجد أم لا؟ فعند الحنفية يتحرى، ولكن لا يجب عليه السجود.

وذكر المالكية: إذا شك هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين بنى على اليقين وأتى بالثانية ولا سجود عليه ثانيا لهذا الشك. وكذلك لو شك هل سجد السجدتين أو لا، فيسجدهما ولا سهو عليه، وإليه ذهب الحنابلة والشافعية في وجه، والوجه الثاني وهو الأصح عندهم أنه لا يعيد. 

هل يشرع سجود السهو لمن يتعرض للوساوس أثناء الصلاة 

 قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء، إن الشخص الذي يتعرض للوسواس أثناء الصلاة لا يجب عليه أن يسجد سجودا ل السهو ولا أن يعيد ما يوسوس إليه الشيطان فيه.

وأوضح«عويضة»عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية على فيس بوك، ردا على سؤال: هل يشرع سجود السهو لمن يتعرض للوساوس أثناء الصلاة ؟ أن المصلي إذا استجاب ل وساوس الشيطان ولم يدافعها؛ يكون عرضة لأن يعيد صلاته كلها.

وأكد أن المصلي يجب عليه أن يكون ذا عزيمة ولا يستجيب لوساوس النفس والشيطان وأن يأخذ بالأسباب التي توصله إلى الخشوع في الصلاة.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سجود السهو الصلاة دار الإفتاء السجود

إقرأ أيضاً:

هل يجوز المسح على الأكمام بدلا من غسل اليدين في الوضوء؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم المسح على الأكمام في الوضوء بدلًا من غَسْل اليدين؟.

وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: إن غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يُجْزِئ المسح على ظاهر الأكمام؛ للنصوص الدالة على وجوب الغَسْل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه.

وأشارت إلى أنه فى حالة تعذَّر استعمال الماء في الوضوء تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا الترتيب والموالاة.

الوضوء شرط لصحة الصلاة

وأوضحت انه من المقرَّر شرعًا أنَّ الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وللحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».

وقال الإمام النووي الشافعي في "شرح صحيح مسلم" (3/ 103، ط. دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة] اهـ.

بيان فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها

أجمع الفقهاء على أنَّ الواجب في الوضوء: استيعابُ الوجه واليدين والرجلين بالغَسْل، مع مسح الرأس؛ عَمَلًا بالآية السابقة، وللأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها ما رُوي عن عطاء بن يزيد، عن حمران قال: رأيت عثمان رضي الله عنه توضَّأ فأفرغ على يديه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.

بيان أن غسل اليدين إلى المِرفقين من فرائض الوضوء

الواجب في اليدين هو استيعابهما بالغَسْل، ولا يُجزئ فيهما مجرد المسح؛ للآية والحديث السابقين، ولأنَّه لم يُؤْثَر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخصة في مسحهما، مع وجود الحاجة الشديدة إليه، كشدة البرد ونحوه، فرخَّص في المَسح على الخفِّ دون غيره.

قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (1/ 98، ط. دار الفكر): [(قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما] اهـ.

وقال العلامة المواق في "التاج والإكليل" (1/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (3/ 107، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 90، ط. مكتبة القاهرة): [وغسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]] اهـ.

حكم المسح على الأكمام في الوضوء

إذا كان -كما تقرَّر سابقًا- غَسْل اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، فإنَّه لا يجزئ المسح على ظاهر الثياب بدلًا منه؛ لما جاء في "الصحيحين" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: تخلَّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخلَّفت معه، فلما قضى حاجته قال: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟»، فأتيتُهُ بِمَطهرةٍ، فغسل كفَّيْه ووجهه، ثم ذهب يَحْسِرُ عن ذراعيه فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ، فأخرج يده من تحت الُجبَّةِ، وألقى الجُبَّة على مَنكِبَيْهِ، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه.

ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ المسح إِنما ورد فيما يُلبس على الرأس والرجلين فقط، فلو كان المسح جائزًا على غيرهما لمسح النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في مثل هذا الحال على كُمَّيهِ، خاصة مع ضيق الجبة الذي تعذَّر معه حسر الثوب عن يديه الشريفتين، فجعله يلقي الجبة عن منكبيه، على أنَّه لا يصحّ قياس المسح على الأكمام -بدلًا من غَسْل اليدين- على المسح على الخفين؛ لأنَّ المسح على الخفين رخصة، والرخصة استثناء لا يُقاس عليه؛ لأنَّه –أي: الاستثناء- خلاف الأصل؛ إذ الرُّخَص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، وهو أمر لا يجوز. ينظر: "شرح تنقيح الفصول" للإمام القرافي (ص: 416، ط. شركة الطباعة الفنية المتحدة).

فإن تعذَّر استعمال الماء في غَسْل اليدين، سواء كان لشدة برد يُخْشَى معه تلف العضو أو تضرره، ولم يجد ما يسخن به الماء، أو لمرضٍ، أو بطء بُرْءٍ، أو غير ذلك من الأعذار؛ تيمَّم بَدَلًا عن الوضوء، فإن كان يقدر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعض، فيَغسِل ما لا يتضرَّر بغسله ويتيمَّم لما سواه مراعيًا للترتيب والموالاة؛ عملًا بالقاعدة الفقهية "الميسور لا يسقط بالمعسور". ينظر: "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" للشرنبلالي (ص: 51، ط. المكتبة العصرية)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 149، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين وعمدة المفتين" للنووي (ص: 17، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 162، ط. دار الكتب العلمية).

طباعة شارك بيان فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها فرائض الوضوء حكم المسح على الأكمام في الوضوء

مقالات مشابهة

  • هل يجوز الاغتسال للجمعة من الليلة أم قبل الصلاة؟
  • "وايكم" توجه بترومسيلة بإستكمال إجراءات التسليم لـ "جنت هنت" لتشغيل القطاع النفطي5 في شبوة
  • درجات الحرارة العالمية لا تزال عند مستويات قياسية
  • ما دور علماء الأمة تجاه ما يحدث في غزة؟ الشيخ ولد الددو يجيب
  • بعد الموافقه عليه.. ننشر مواد مشروع قانون بشأن تنظيم إصدار الفتوى الشرعية
  • هل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء توضح
  • هل الصلاة بالمكياج صحيحة؟.. دار الإفتاء: يجوز ولكن بشرطين
  • حالات لا يجوز التصالح فيها بمخالفات البناء
  • الريسوني: يجوز تقديم ثمن الأضاحي دعما لأهلنا في غزة وفلسطين
  • هل يجوز المسح على الأكمام بدلا من غسل اليدين في الوضوء؟.. الإفتاء تجيب