في لحظة فارقة، تجاوز الكيان الصهيوني كل الخطوط الحمراء لقواعد الصراع. فلم تعد الحرب محصورة في أزقة غزة المحاصرة، بل امتد لهيبها ليطال قلب الدوحة، عاصمة الوساطة والدبلوماسية. الغارة الجوية التي شنها الكيان الصهيوني على قيادات من حركة حماس لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت رسالة دموية تعلن عن اغتيال المسار السياسي، وتضع المنطقة بأسرها أمام خيارين لا ثالث لهما: نهاية الحرب في غزة بأي طريقة، أو بداية مدمرة لحرب إقليمية شاملة.



تفاصيل العملية: دقة في التنفيذ وفشل استراتيجي

وفقا للمعلومات، نفذت طائرات حربية صهيونية، يرجح أنها من طراز F-35 الشبحية، هجوما بصواريخ بعيدة المدى أُطلقت من فوق مياه الخليج العربي حسب أرجح السيناريوهات. الهدف كان مقرا سكنيا يجتمع فيه وفد حماس برئاسة خليل الحية لمناقشة المقترح الأخير الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

المستهدف الحقيقي في هذا الهجوم هو دور قطر كقناة تواصل حيوية لا غنى عنها، فالهجوم الصهيوني على أراضيها يبعث برسالة واضحة مفادها أن الكيان الصهيوني لم يعد يحترم قواعد اللعبة الدبلوماسية أو حصانة الوسطاء
ورغم الدقة التكتيكية في إصابة الهدف، كانت النتيجة فشلا استراتيجيا مدويا للكيان الصهيوني. نجا الوفد المفاوض بأكمله، بينما استشهد نجل خليل الحية، همام، ومدير مكتبه جهاد لبد، بالإضافة إلى عنصر من قوة الأمن الداخلي القطرية. هذا الفشل يطرح سؤالا حتميا: هل كانت هناك معلومات استخباراتية دقيقة أنقذت الوفد في اللحظات الأخيرة، وحولت عملية الاغتيال إلى مجرد بيان بالنار؟

نظرية التحذير الغامض والضوء الأخضر الأمريكي

نجاة الوفد بكامله تعزز بقوة فرضية وجود تحذير استخباري عاجل. الأطراف المحتملة متعددة، بدءا من قطر نفسها التي لا يمكن أن تقبل بحدوث اغتيال سياسي على أراضيها، أو تركيا التي تشارك بقاعدة عسكرية في قطر ولها مصالحها الأمنية، أو حتى أجهزة استخبارات أخرى تسعى لمنع الانهيار الكامل الذي قد يضر بمصالحها.

لكن الرواية الأكثر إثارة للقلق، والتي تداولتها مصادر إعلامية صهيونية وأمريكية، تشير إلى أن الرئيس ترامب ربما أعطى "ضوءا أخضر" للعملية. إذا صحت هذه التقارير، فإن المقترح الأمريكي لم يكن سوى "طُعم" لاستدراج القادة إلى فخ الموت، مما يحول الولايات المتحدة من وسيط إلى شريك متواطئ في عملية الاغتيال.

اغتيال الوساطة: التأثير المدمر على المسار الدبلوماسي

كان المستهدف الحقيقي في هذا الهجوم هو دور قطر كقناة تواصل حيوية لا غنى عنها، فالهجوم الصهيوني على أراضيها يبعث برسالة واضحة مفادها أن الكيان الصهيوني لم يعد يحترم قواعد اللعبة الدبلوماسية أو حصانة الوسطاء، وهذا يؤدي لعدة نتائج:

- انهيار الثقة: لقد تحطمت الثقة، وهي حجر الزاوية في أي مفاوضات. من المستحيل الآن أن يشعر أي طرف بالأمان للتفاوض في ظل استباحة أراضي الدولة المضيفة.

- موقف قطر الحرج: أدانت الدوحة الهجوم بلهجة غير مسبوقة، واصفة إياه بـ"الاعتداء الإجرامي الجبان". وقطر الآن أمام اختبار تاريخي للحفاظ على هيبتها وسيادتها، وردها سيحدد مستقبل دورها الإقليمي.

- نهاية المسار التفاوضي: بالنسبة لحماس، تأكدت شكوكها بأن يد المفاوضات الأمريكية كانت غطاء لعملية غدر. من الآن فصاعدا، أي عودة للمفاوضات ستتطلب ضمانات دولية حقيقية وصعبة المنال، وهو ما يرفضه الكيان الصهيوني.

تداعيات مصيرية: سيناريوهات المستقبل بين الاحتواء والحرب

فشل عملية الاغتيال ونسف جهود الوساطة يدفع المنطقة نحو أحد سيناريوهين رئيسين، كلاهما محفوف بالمخاطر:

السيناريو الأول: محاولة الاحتواء الأمريكي لقطر
المنطقة الآن تقف على حافة الهاوية، والأيام القادمة ستكشف أي المسارين ستسلكهما: إما تسوية سياسية تفرضها موازين قوى دولية جديدة، أو مواجهة عسكرية واسعة النطاق تهدد بإحراق الشرق الأوسط بأكمله
قد تحاول إدارة ترامب احتواء الموقف عبر ممارسة ضغط على نتنياهو لتهدئة الغضب القطري، لكن هذا السيناريو يبدو ضعيفا في ظل شبهات التواطؤ الأمريكي. ولن يصبح هذا الضغط حقيقيا وفعالا إلا بشرط واحد: تشكيل جبهة سياسية واقتصادية عربية موحدة، مدعومة بقوة من القوى الشرقية الصاعدة (الصين وروسيا) والإقليمية الكبرى (تركيا وباكستان). مثل هذا التكتل يمكن أن يهدد المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة (أمن الطاقة، القواعد العسكرية، ممرات التجارة)، ويجبر واشنطن على كبح جماح حليفها لمنع خروج الوضع عن السيطرة تماما. بدون هذا الشرط، سيبقى الاحتواء مجرد مناورة دبلوماسية.

السيناريو الثاني: الانزلاق الحتمي نحو حرب إقليمية

هذا هو الاحتمال الأكثر خطورة ومنطقية، فبعد أن أغلق الكيان الصهيوني الباب أمام الدبلوماسية بالقوة، لم يعد أمام فصائل المقاومة في المنطقة خيار سوى الرد العسكري. انتهاك سيادة قطر هو بمثابة إعلان بأن أي عاصمة عربية يمكن أن تكون الهدف التالي، وهذا قد يدفع محور المقاومة، من حزب الله في لبنان، إلى الحوثيين في اليمن، والفصائل في العراق، إلى توحيد الجبهات وتنسيق رد استراتيجي. قد لا يكون الرد فوريا، بل قد يأتي في الزمان والمكان اللذين يختارونهما، بهدف استنزاف الكيان الصهيوني وحلفائه على عدة جبهات في آن واحد، وتحويل الحرب من صراع محلي إلى مواجهة إقليمية شاملة.

مفترق طرق تاريخي

عملية الدوحة ليست مجرد محاولة اغتيال فاشلة، بل هي نقطة تحول استراتيجية تعيد تعريف قواعد الصراع. لقد انتقلت الحرب من غزة المحاصرة إلى عاصمة عربية ذات سيادة، وتحولت من استهداف عسكري إلى اغتيال ممنهج للعملية السياسية برمتها. المنطقة الآن تقف على حافة الهاوية، والأيام القادمة ستكشف أي المسارين ستسلكهما: إما تسوية سياسية تفرضها موازين قوى دولية جديدة، أو مواجهة عسكرية واسعة النطاق تهدد بإحراق الشرق الأوسط بأكمله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة حماس القطرية إسرائيل حماس غزة قطر قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی

إقرأ أيضاً:

المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية حول:"حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة" ببيروت

 تنطلق غدًا من العاصمة اللبنانية بيروت فعاليات ورشة العمل الإقليمية حول: "حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في اقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" والتي تعقد بالتعاون فيما بين منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في الفترة 7-9 أكتوبر/تشرين الأول 2025

صرحت الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة بأن "هذه الورشة الإقليمية هي الثانية التي تنعقد في إطار سعي المنظمة وشركائها نحو إعداد خطة عمل إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، وفيما ركزت الورشة الأولى على حقوق واحتياجات الأطفال، تركز الورشة الثانية على حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، ويتوقع أن تسفر المناقشات عن توصيات عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع تدمج في خارطة الطريق الإقليمية للاقتصاد الرعائي".

 يشارك في ورشة العمل خبراء وخبيرات من عدة دول عربية هي: الأردن، وتونس، والسودان، والعراق، وعمان، وفلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، وموريتانيا، واليمن، كما يشارك ممثلو وممثلات الهيئات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام المشترك بموضوع الورشة.

وتتوزع أعمال الورشة، التي تمتد على مدار ثلاثة أيام،  على إحدى عشرة جلسة عمل، في الجلسة الأولى يتم تقديم لمحة عامة عن أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وكذا أوضاع المسنين في المنطقة العربية، كما تشهد الجلسة عرض نتائج الدراسة الإقليمية الصادرة عن منظمة المرأة العربية حول "أوضاع النساء والفتيات ذوات الإعاقة في المنطقة العربية".

 وتستعرض الجلسة الثانية (الأطر والاتفاقيات الدولية والإقليمية) ومنها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وخطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة، وغيرها.

 أما الجلسة الثالثة فتناقش (الإدماج الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن مع التركيز على قطاع الرعاية) في ضوء الخبرة الفعلية لمنظمات دولية ذات صلة مثل منظمة العمل الدولية وإسكوا. وتركز الجلسة الرابعة على (أوضاع كبار السن والأشخاص ذوي الاعاقة في أوقات النزاع والأزمات). 

وتتناول كل من الجلستين الخامسة والسادسة: السياسات الحكومية العربية لمعالجة احتياجات الرعاية لدى المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة. فيما تناقش الجلستان السابعة والثامنة: دور منظمات المجتمع المدني العربية للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.

 وتشهد الجلسة التاسعة مناقشات حول التمويل والاستدامة واحترافية العمل في مجال الرعاية بما في ذلك نظم التأمين على الرعاية طويلة الأمد والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والمهارات والتدريب وتطوير القوى العاملة. 

وتشهد الجلسة العاشرة تقسيم المشاركين إلى مجموعات عمل لوضع توصيات خاصة بخارطة الطريق الإقليمية.

وفي الجلسة الحادية عشرة يدور النقاش حول صياغة ركائز خارطة الطريق الإقليمية، ويتم تقديم عروض مجموعات العمل ودمجها في إطار عمل موحد.

مقالات مشابهة

  • اليمن صمام أمان المنطقة أمام أطماع الكيان الصهيوني
  • عامان من العدوان على غزة.. صدمة اقتصادية غير مسبوقة تضرب الكيان الصهيوني
  • أحزاب اللقاء المشترك: عملية طوفان الأقصى محطة تحول استراتيجية ومؤشر على نهاية الغطرسة الصهيونية
  • مدرب إيطاليا يدعم فلسطين أمام الكيان الصهيوني
  • أردوغان يبحث مع بوتين العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية وعالمية
  • جنى محمد زكي تسحق لاعبة الكيان الصهيوني في بطولة العالم للناشئين للشطرنج
  • شركة الخطوط الجوية الإيطالية تمدّد تعليق رحلاها إلى الكيان الصهيوني حتى نهاية 2025
  • أول عملية للمقاومة الوطنية في سوريا ضد الاحتلال الصهيوني
  • المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية حول:"حقوق واحتياجات كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة" ببيروت
  • غزة: نزوح بلا نهاية.. مئات الآلاف يتجهون جنوبًا هربًا من القصف ودون ملاذ آمن