مؤسس لينكد إن: الوظيفة من التاسعة إلى الخامسة ستنتهي عام 2034
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
اشتهر ريد هوفمان الشريك المؤسس لموقع "لينكد إن" بقدرته على توقع اتجاهات المستقبل، ففي أواخر التسعينيات توقع صعود الشبكات الاجتماعية قبل ظهور فيسبوك بوقت طويل، ثم تنبأ بانتشار اقتصاد العمل الحر فاستثمر في شركات مثل "إير بي إن بي" (Airbnb)، كما تحدث عن الذكاء الاصطناعي قبل أن يدرك معظم الناس إمكاناته، واليوم يتوقع هوفمان أنه بحلول عام 2034 سيصبح العمل المكتبي شيئا من الماضي وسوف تتراجع أهمية الوظائف التقليدية لأن تقنيات الذكاء الاصطناعي سوف تُغير طريقة كسب المال.
ويرى هوفمان أن نموذج الوظيفة المكتبية من التاسعة إلى الخامسة في طريقه للاندثار، ولن يبقى أكثر من نصف القوى العاملة الأميركية مرتبطة بالمكاتب، بل سيعملون عن بُعد كعاملين مستقلين أو في وظائف مرنة تتيح لهم اختيار وقت ومكان عملهم.
وهذا التغيير لا يقتصر على الراحة فحسب، بل إنه مدفوع بالتكنولوجيا التي تجعل العمل عن بعد ممكنا وسلسا، وبفضل مكالمات الفيديو والأدوات السحابية والذكاء الاصطناعي استغنت الشركات عن جمع موظفين في مكان واحد، كما أن الكثير من الموظفين يفضلون الحرية على التنقل اليومي.
ومن الأسباب الرئيسية الأخرى لهذا التحول هو الأتمتة، فالذكاء الاصطناعي بدأ يتولى المهام الروتينية مثل إدخال البيانات وجدولة المواعيد وخدمة العملاء بكفاءة وسرعة أكبر، ورغم أن ذلك قد يبدو تهديدا للوظائف، يعتقد هوفمان أنه سيدفع الناس نحو أعمال أكثر إبداعا وذات معنى تُركز على حل المشكلات والتفكير الإستراتيجي بدلا من الأعمال المتكررة، فالذكاء الاصطناعي -في رأيه- لن يُلغي الوظائف بل سيُعيد تشكيلها.
مستقبل الوظائف في رأي هوفمانيتنبأ هوفمان بتغيير طريقة التوظيف بشكل جذري، إذ إن الشركات لن تعتمد كثيرا على السيرة الذاتية أو الشهادة الجامعية، بل ستركز على الخبرة العملية والأعمال التي أنجزها الشخص وصورته المهنية على الإنترنت، ولن تهم الشهادة الجامعية بقدر أهمية المشاريع التي أنجزها الشخص أو المهارات التي يُظهرها عبر الإنترنت أو الشبكة التي بناها، وسيكون التوظيف من خلال أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُحلل الأعمال السابقة والحضور الرقمي بدلا من مجرد النظر إلى مسمى وظيفي أو مؤهل دراسي.
إعلانوفي الاقتصاد المستقبلي الجديد لن يكتفي معظم الناس بوظيفة واحدة، بل سيلجؤون إلى مصادر دخل متعددة، وظيفة جزئية- عمل حر- مشروع جانبي- استثمار، ولن يعتمد الشخص على مهنة واحدة، بل سينتقل بين أدوار مختلفة ويطور مهاراته حسب الفرص المتاحة، ورغم أن البعض قد يرى هذا التغيير مثيرا، فإن البعض الآخر قد يجدونه مُرهقا لغياب الاستقرار الوظيفي التقليدي.
ورغم كل الفرص المتاحة، فلن يكون المستقبل سهلا للجميع لأن الانتقال إلى عمل مرن عن بُعد يتطلب تعلما مستمرا، ومن دون هيكل المكتب يتحتم على الأفراد تنظيم وقتهم بأنفسهم وبناء علاقاتهم والحفاظ على التنافس في سوق متغير، والتوازن بين العمل والحياة قد يصبح أصعب حين تختفي الحدود بين البيت والعمل. البعض سيجد صعوبة في التأقلم، لكن من يستعد ويتبنى التغيير مبكرا سيكون له الأفضلية.
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل وظائف الخريجين الجدديقول هوفمان "أي وظيفة تتطلب من إنسان أن يتصرف كروبوت، فإن الروبوت سوف يتقنها في النهاية، وتُعد أدوار خدمة العملاء التي تعتمد على أداء مهام متكررة وموحدة مثال واضح، لذلك لا أستغرب أن نرى استبدال بعض هذه الوظائف بالذكاء الاصطناعي".
والمسألة الأكثر إثارة للاهتمام هي تراجع وظائف الهندسة بالنسبة للخريجين الجدد، ويعتقد هوفمان أن كل عمل معرفي بشري سيكون لديه مساعد برمجي، بدلا من مهندس مبتدئ، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يفهمون الحوسبة سيصبحون أكثر أهمية لا أقل، لكن طبيعة عملهم اليومي ستتحول من كتابة الأكواد إلى إدارة الوكلاء البرمجيين.
وكتب هوفمان في منشور على صفحته على "لينكد إن": "في هذه المرحلة المبكرة لم تتوصل العديد من الشركات بعد إلى طريقة لدمج المهندسين الجدد في سير العمل المبني على الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك ما زلت أؤمن أن الطلب على الأشخاص الذين يفكرون بطريقة تقنية سيكون غير محدود تقريبا". وأضاف "هذا لا يعني اختفاء الوظائف كليا، فعلى سبيل المثال مهنة المحاسبة، عندما ظهرت جداول البيانات خشي كثيرون أن تختفي مهنة المحاسب، لكن العمل تحول من عمليات جمع حسابية روتينية إلى تخطيط سيناريوهات ونمذجة مخاطر وتقديم استشارات، وهكذا فإن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل خدمة العملاء بطريقة مشابهة".
ومع ذلك، قد يبدو تراجع الوظائف للخريجين الجدد كابوسا، خصوصا لمن يدخلون سوق العمل للتو، لكنه بالمقابل يتيح فرصة فريدة لجيل مولع بالذكاء الاصطناعي، وإن كنت في بداية مسارك المهني اليوم فلديك ميزة خاصة، إذ يمكنك أن تنشأ على العمل مع "برمجيات الذكاء الاصطناعي المساعدة"، وتفهم القوة التي تمنحك إياها كموظف، وتساعد شركتك على دمج الذكاء الاصطناعي في أعمالها.
والاختبار الحقيقي هو "هل نتعامل مع هذه اللحظة كتحذير أم كفرصة؟"، إن انخفاض الوظائف للخريجين الجدد بنسبة 16% قد يشير إلى تآكل طويل الأمد في فرص الشباب، أو قد يكون صدمة مؤقتة تدفعنا لإعادة بناء، بل إعادة تصميم الدرجة الأولى في السلم الوظيفي بطرق أذكى وأكثر مرونة، النتيجة تعتمد بدرجة أقل على ما يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله، وأكثر على سرعة تكيف مؤسساتنا وشركاتنا ومساراتنا المهنية لواقع القوى العاملة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
لن يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على استبدال العمل المكتبي وحسب، إذ إن تغيير طريقة العمل سوف يتبعها تغييرات على المستوى الشخصي والمهني، سنذكر أهمها والأكثر احتمالا للحدوث:
إعلان زيادة الاستهلاك: زيادة كفاءة الذكاء الاصطناعي تعني زيادة في الأرباح على المدى القصير، ويتوقع هوفمان وآخرون أن الأسعار ستنخفض على المدى الطويل، وقد يؤدي هذا التحول إلى زيادة الاستهلاك، إذ سيجد المستهلكون أن لديهم قوة شرائية أكبر، وقد يترتب على ذلك ارتفاع مستوى المعيشة وإمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات كانت سابقا غير متاحة أو باهظة الثمن. قفزة هائلة في الإنتاج: تتوقع شركة "جي بي مورغان تشيس" (JP Morgan Chase) -وهي شركة مالية متعددة الجنسيات- زيادة كبيرة في الإنتاج لم نشهد مثلها منذ ظهور تقنيات مثل المحرك البخاري أو الكهرباء أو الحاسوب الشخصي. على سبيل المثال، استغرق المحرك البخاري 60 عاما لتحقيق أي نوع من المكاسب الإنتاجية على مستوى الاقتصاد، والحاسوب الشخصي استغرق 15 عاما، بينما الذكاء الاصطناعي يغير بالفعل طريقة إنجاز العمل، وهذا يعني أن تركيزك المهني يجب أن يتغير ويتكيف مع هذا الواقع. التحول نحو القيمة والجودة: مع تحسين الذكاء الاصطناعي للإنتاج وخفض التكاليف، من المتوقع أن تزداد القيمة والجودة بينما تميل التكلفة في الاتجاه المعاكس، وقد يُسهم توفر منتجات عالية الجودة بأسعار أقل في تحويل اهتمام المستهلكين نحو المتانة وسمعة العلامة التجارية بدلا من السعر.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی بدلا من
إقرأ أيضاً:
أوبن ايه آي تكشف ملامح جيل جديد من الذكاء الاصطناعي فيDevDay
شهدت مدينة سان فرانسيسكو انعقاد مؤتمر OpenAI DevDay 2025، الذي وصف بأنه الأكبر في تاريخ الشركة، بمشاركة كبيرة من المطوّرين والخبراء التقنيين. المؤتمر، الذي افتتحه الرئيس التنفيذي سام ألتمان، مثّل استعراضًا لقوة "أوبن ايه آي" المتصاعدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، وأطلق مجموعة من الإعلانات التي تُعد نقلة نوعية في علاقة المستخدمين والمطورين مع تقنيات الشركة.
GPT-5 Pro .. الجيل الأقوى من النماذج الذكية
أعلنت "أوبن ايه آي" عن إطلاق نموذجها الجديد GPT-5 Pro، الذي يمثل الجيل الأحدث في قدرات التفكير والاستدلال المنطقي. يتميز النموذج بسرعة استجابة أعلى، ودقة أكبر في فهم السياق وتوليد المحتوى، مع تحسين قدرات التحليل المتعدد الوسائط ليجمع بين النص والصوت والصورة والفيديو ضمن تجربة موحدة.
Sora 2 .. قفزة في الذكاء الاصطناعي للفيديو والصوت
من أبرز المفاجآت إطلاق Sora 2، النموذج المتقدم لتوليد الفيديوهات والمواد الصوتية. يتيح النظام دمج المشاهد والمقاطع الصوتية بسلاسة، مع الالتزام بقوانين الفيزياء بشكل واقعي غير مسبوق. وقد استعرضت الشركة مقاطع مذهلة تُظهر دقة الحركة وتفاعل الأجسام في بيئات متنوعة مثل الرياضة والأنشطة اليومية.
منصة التطبيقات الجديدة داخل ChatGPT
قدّمت "أوبن ايه آي" أيضًا ما وصفته بأنه "التحول الأكبر في ChatGPT"، إذ أصبح التطبيق منصة متكاملة للتطبيقات الذكية.
من خلال App SDK الجديد، يمكن للمطورين بناء تطبيقات داخل ChatGPT نفسه، بحيث يستطيع المستخدم مثلاً تشغيل Spotify أو استخدام Canva أو تصفح العقارات عبر Zillow من دون مغادرة المحادثة.
تفاصيل الميزة الجديدة
الميزة الجديدة التي تحمل اسم "أبس اس دي كاي"، تتيح لـ"تشات جي بي تي" التفاعل مع تطبيقات الموسيقى والبحث عن عقارات وحجوزات في الفنادق أو رحلات جوية وإنشاء ملصقات وغيرها من الخدمات.وبات "تشات جي بي تي" يتيح أيضا للمستخدمين وضع إعداداتهم المفضلة على التطبيق عبر تحديد مهارات حاسوبية أساسية، بما يكوّن لديهم نموذجا شبه مستقل قادرا على أداء مهام معقدة بمفرده تشمل تحليل البيانات واستنتاج عمليات بحث إضافية وبناء البرنامج لاستخدامها.
أدوات بناء الوكلاء الذكيين
كشفت"أوبن ايه آي" عن AgentKit، وهي مجموعة أدوات تتيح للمطورين إنشاء "وكلاء ذكيين" قادرين على تنفيذ مهام مؤتمتة وإدارة سير عمل معقّد. إلى جانبها، تم إطلاق ChatKit كأداة لتضمين واجهات دردشة تفاعلية داخل تطبيقات الشركات والمواقع، مما يسهّل دمج قدرات ChatGPT في أي بيئة رقمية بسهولة وسرعة.
شراكة استراتيجية مع AMD
أعلنت "أوبن ايه آي" عن شراكة تقنية جديدة مع شركة AMD لتوريد معالجات وشرائح حوسبة عالية الأداء، في خطوة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الضخمة للنماذج المستقبلية وتقليل الاعتماد على مورّد واحد، خاصة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على رقائق الذكاء الاصطناعي.
تعاون بين ألتمان وجوني آيف
في ختام المؤتمر، شارك المصمم الشهير جوني آيف، مصمم أجهزة Apple السابق، في جلسة حوارية مع سام ألتمان.
وأشار آيف إلى أن الفريق يعمل على تصميم جيل جديد من الأجهزة الذكية، لا يقتصر على الهواتف أو الحواسيب، بل يهدف إلى إنشاء أدوات تفاعلية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي كوسيط أساسي للتفاعل بين الإنسان والتقنية.
ملامح المرحلة المقبلة
أكدت "أوبن ايه آي" أن رؤيتها المستقبلية تتمثل في تحويل الذكاء الاصطناعي من أداة رقمية إلى رفيق تفاعلي في حياة الإنسان اليومية، في العمل، والتعليم، والإبداع، والترفيه.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان أمام حشد من المطورين في سان فرانسيسكو "هذا أفضل وقت في التاريخ للبناء؛ بات الانتقال من الفكرة إلى المنتج أسرع من أي وقت مضى".
هذا العرض التقديمي الذي شاهده أكثر من 30 ألف شخص مباشرةً، استهل يوما من العروض التوضيحية والمحاضرات لجمهور من المطورين تجمعوا في موقع على شواطئ خليج سان فرانسيسكو المشمس.
ويبدو أن DevDay 2025 لم يكن مجرد مؤتمر للمطورين، بل إعلانًا صريحًا عن دخول مرحلة جديدة من المنافسة بين عمالقة التقنية على قيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي.
لمياء الصديق (أبوظبي)