قرار قضائي جديد ضد المتهمين في قضية منصة FBC
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
قررت المحكمة المختصة، اليوم الخميس، تأجيل نظر قضية النصب الإلكتروني المعروفة إعلاميًا بـ منصة FBC، والتي يُحاكم فيها عدد من المتهمين المصريين إلى جانب متهم صيني ومتهمة يابانية، وذلك لجلسة 28 أكتوبر للمرافعة.
وكلفت المحكمة النيابة العامة بندب مترجمين مختصين للمتهمين الأجانب، ضمانًا لحقهم في متابعة مجريات الجلسات وفهم الاتهامات الموجهة إليهم بشكل دقيق.
وقال أحمد بركة دفاع عدد من المجني عليهم في القضية، إن قرار المحكمة بندب مترجم خطوة إيجابية تعكس حرص الهيئة القضائية على تحقيق العدالة وإعطاء جميع الأطراف فرصة متكافئة للدفاع عن أنفسهم.
وأضاف أن وجود متهمين أجانب يتطلب إجراءات استثنائية لضمان سير المحاكمة بشكل منضبط وشفاف.
وأشار أن الضحايا يترقبون استرداد أموالهم التي جرى الاستيلاء عليها عبر المنصة الإلكترونية، مؤكدًا أن المتهمين استخدموا وسائل دعائية مضللة ووفروا وعودًا كاذبة بعوائد استثمارية ضخمة للإيقاع بالمواطنين.
وأوضح أن القضية تمثل جرس إنذار للمجتمع حول خطورة الانسياق وراء المنصات الوهمية التي تعمل خارج الأطر القانونية، مؤكدا أن فريق المحامين سيتقدم بطلبات للمحكمة لضمان حقوق المتضررين وتعويضهم عن الخسائر المالية الكبيرة التي لحقت بهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منصة FBC النيابة العامة النصب الالكتروني
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى… شرارة أعادت الوعي وأحيت القضية
يمانيون| بقلم: عبدالسلام جحاف
في زمنٍ خيّم عليه الصمت، وكادت فيه فلسطين أن تُختزل في نشرات الأخبار كخبرٍ عابر، جاء طوفان الأقصى كزلزالٍ أيقظ الضمائر، وصرخةٍ مدوّية في وجه النسيان، ليعيد للقضية الفلسطينية حضورها ومكانتها في وجدان الأمة والعالم. لم يكن الحدث مجرّد مواجهةٍ عسكرية، بل كان نقطة تحوّلٍ تاريخية أعادت تعريف الصراع وأظهرت وجه الحقيقة كما هو، لا كما أراد المحتل أن يصوّره للعالم.
لقد كان من أعظم آثار طوفان الأقصى أنه أعاد فلسطين إلى قلب العالم بعد أن كادت تُمحى من الذاكرة السياسية، فعادت راياتها ترفرف في كل ميدان، وعادت صور غزة والقدس لتملأ الشاشات، وارتفعت أصوات الشعوب تلهج باسمها، واشتعلت من جديد مشاعر الغضب والكرامة. لقد كان الطوفان بمثابة تذكيرٍ للعالم بأن هناك شعبًا ما زال حيًّا، يقاوم الاحتلال منذ أكثر من سبعين عامًا، وأن هذا الاحتلال مهما حاول أن يُجمّل وجهه، فإن جرائمه تفضحه أمام العيان.
وفي المقابل، أظهر طوفان الأقصى الوجه الحقيقي للاحتلال، فبمجرد أن ردّ على العملية، كشف للعالم أجمع أنه كيان قائم على البطش وسفك الدماء، لا يعرف للرحمة طريقًا. القصف العشوائي، تدمير البيوت، قتل الأطفال، وانتهاك حرمة المستشفيات والمساجد—all ذلك أعاد رسم المشهد بوضوح: الاحتلال هو الجاني، والشعب الفلسطيني هو الضحية. ومن رحم هذا الألم، ووسط أنقاض غزة، ودماء الأبرياء، وُلد وعي عالمي جديد لم يسبق له مثيل، فبدأت الشعوب الغربية قبل العربية ترى الصورة الحقيقية للصراع، وارتفعت أصوات الأحرار في الجامعات والساحات تندد بالظلم وتدافع عن الحق الفلسطيني.
كما أن الطوفان أعاد الوحدة إلى قلب الشعب الفلسطيني، فوصلت رسالته إلى كل بقعةٍ من فلسطين والشتات: أن القدس لا تخص فصيلًا أو جماعة، بل هي قضية الأمة كلها، وأن المقاومة ليست خيارًا حزبيًا بل قدرٌ شعبٍ أبيٍّ يرفض الذل. اجتمع الفلسطينيون حول هدفٍ واحد، وتلاشت الحدود المصطنعة بين الضفة وغزة والداخل، ليقولوا للعالم إنهم جسدٌ واحد، مهما اختلفت المواقع.
ومن أهم ما فعله الطوفان أنه بعث روح الكرامة والمقاومة في الأمة كلها، بعد أن ظنّ البعض أن الوعي قد تبلّد، وأن العزيمة قد خمدت، فإذا بالشعوب تنتفض من جديد، تهتف باسم الأقصى وتبكي على أطفال غزة، وتدرك أن فلسطين ليست قضية بعيدة بل امتحانٌ للكرامة الإنسانية والإيمان. لقد أيقظ الطوفان ضمائر الملايين، وأعاد للأمة إحساسها بواجبها تجاه قضيتها الأولى.
وفي الوقت ذاته، كشف الطوفان الأقنعة وأسقط الزيف، فأظهر من يقف مع الحق بصدق، ومن يختبئ خلف الشعارات، ومن يبرر للمحتل جرائمه باسم السياسة أو الواقعية. لقد انقسم المشهد بوضوح بين أحرارٍ ينصرون المظلومين، ومتخاذلين صمتوا أمام الدماء، فبان الصادق من المدّعي، وظهر المخلص من المزيّف.
ولم يقتصر أثر الطوفان على الجانب السياسي فحسب، بل كان له بعدٌ إنساني وأخلاقي عظيم، إذ جعل العالم يرى بعينه كيف يُقصف الأطفال في أحضان أمهاتهم، وكيف تُهدم البيوت على ساكنيها، وكيف يُحاصر مليونان من البشر في رقعةٍ صغيرة لا ماء فيها ولا دواء. وهنا تهاوت كثير من الروايات الزائفة التي طالما تذرّع بها الاحتلال، وتبدلت قلوب كثيرة حول العالم لتتعاطف مع الفلسطينيين وتناصر حقهم في الحرية.
ومن رحم هذا الصراع، تجلت حكمة الله في كشف العدو الحقيقي للأمة، ذلك الذي يتربص بها منذ عقود، فيسعى لإضعافها من الداخل بإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والحزبية، حتى يقتل المسلم أخاه المسلم باسم العقيدة، وينسى أن عدوه هو من يحتل الأرض ويدنس المقدسات. لقد استغل الأعداء خلافاتنا ليزرعوا الكراهية بيننا، لكن طوفان الأقصى جاء ليذكّرنا أن معركتنا ليست مع بعضنا، بل مع من يغتصب أرضنا ويقتل أبناءنا ويستهزئ بعقيدتنا.
إن القضية الفلسطينية اليوم أكثر حضورًا وقوة مما كانت عليه منذ عقود، بفضل التضحيات التي قدّمها أهل غزة وصمودهم الأسطوري، وبفضل ذلك الطوفان الذي هزّ العالم من أقصاه إلى أقصاه. نعم، الثمن كان غاليًا، ولكن الأمم لا تُبعث إلا من رمادها، ولا تنهض إلا حين تدفع ثمن حريتها بدمائها.
إن طوفان الأقصى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة وعي ونهضة، أكدت أن المقاومة ما زالت تنبض، وأن الحق لا يموت، وأن الاحتلال مهما طال عمره فإنه زائل لا محالة. سيذكر التاريخ أن هذا الطوفان أعاد للأمة بوصلة كانت قد تاهت، وأنه جدّد الإيمان بعد اليأس، وأثبت أن فلسطين ليست قضية جغرافية، بل عقيدة وكرامة وهوية.
وسيظل صوت غزة يعلو فوق كل صوت، يذكّر الأمة أن الأقصى أمانة، والحرية وعد الله للمظلومين، وأن الفجر مهما تأخر فإنه قادم لا محالة، لأن الله تعالى قال:
“وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” (الحج: 40)
فطوبى لمن وعى الرسالة، وثبت على الحق، وآمن أن الدماء الزكية التي سالت في أرض فلسطين ليست خسارة، بل هي بذور النصر القادم بإذن الله